
ما هو عدد المساكن المتضرّرة في الحرب على لبنان؟
جهاد البناء VS البنك الدولي
حتى الآن، لم تجر الدولة اللبنانية مسحاً شاملاً بالأضرار التي تسبّبت بها الحرب الإسرائيلية على لبنان، ويتم الاعتماد على تقديرات وضعها البنك الدولي في تقرير «التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في لبنان لعام 2025»، إلا أن المعلومات التي تجمّعت لدى مؤسسة «جهاد البناء»، من جراء عمليات المسح والمعاينة التي تجريها فرق حزب الله، تكشف عن تفاوت كبير في تقدير عدد الوحدات السكنية المدمّرة والمتضرّرة. ففي حين يقدّره البنك الدولي بنحو 162,900 وحدة، تقدّره مؤسسة «جهاد البناء» بأكثر من الضعف، بنحو 348,028 وحدة، أي بفارق 185,128 وحدة، وهو فارق غير مقبول إحصائياً.
يشير البنك الدولي إلى وجود 1.65 مليون وحدة سكنية في لبنان في العام 2024، وهذا يعني أن الحرب الإسرائيلية تسبّبت بأضرار في 10% من المخزون السكني في لبنان، بحسب تقديرات البنك، أما إذا كانت تقديرات «جهاد البناء» هي الأكثر دقة، فإن حجم الضرر يصبح أكبر بكثير، ويصيب نحو 21% من المخزون السكني.
هذا الفارق الكبير في تقدير الأضرار السكنية يحتاج إلى تفسير.
بداية، يجب التنويه أن تقديرات البنك الدولي للأضرار اعتمدت على تحليلات لصور الأقمار الاصطناعية ومعلومات المراصد، في حين أن المعلومات التي وفّرتها مؤسسة «جهاد البناء» تستند إلى معاينات ميدانية، ولذلك يظهر التباين في التقديرات بينهما. تتضمن معلومات «جهاد البناء» أضراراً لم يلحظها البنك الدولي، مثل الأضرار التي أصابت الوحدات السكنية من جراء عصف الإنفجارات والشظايا وتحطيم الزجاج وخلع النوافذ والأبواب وإتلاف أثاث وتجهيزات.
لا تتوافر معلومات عن حصّة هذا النوع من الأضرار الطفيفة من مجمل الأضرار التي أصابت المخزون السكني، ولكن يمكن التكهّن بأنها تفسّر جزءاً مهماً من التباين في التقديرات.
كذلك، تدمج مؤسسة «جهاد البناء» المحلات التجارية الواقعة ضمن المباني السكنية في احتساب الوحدات السكنية المتضررة، إلا أن تأثير هذا العنصر محدود، إذ يقدّر البنك الدولي تضرر حوالي 9,194 مؤسسة أعمال، سواء كانت داخل المباني السكنية المتضررة أم لا. وعند إضافة هذا الرقم إلى تقديرات البنك للوحدات السكنية المتضررة (162,900 وحدة)، فإن المجموع يصل إلى 172,094 وحدة متضررة، ولا يزال هذا الرقم يساوي 49% فقط من تقديرات جهاد البناء.
ماذا عن الكلفة؟
على الرغم من أن تقديرات البنك الدولي لعدد الوحدات السكنية المتضررة أقل بكثير من تقديرات «جهاد البناء»، إلا أن تقديراته لقيمة الأضرار أعلى.
يقدّر البنك الدولي قيمة الأضرار المباشرة في الحرب بنحو 6.8 مليار دولار، منها 4.6 مليار دولار في قطاع الاسكان، أي 67% من مجمل الأضرار. يوضح رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق عبد الحليم فضل الله أن المركز قام قُبيل نهاية الحرب بتقدير كلفة استبدال الأضرار المادية المباشرة، بما فيها السكن، بنحو 4.5 مليار دولار، ولذلك يظهر الفارق في تقديرات الكلفة أقل حدّة من الفارق في تقديرات عدد الوحدات السكنية المتضررة.
ولا يرجح فضل الله وجود دوافع سياسية وراء اختلاف تقديرات كلفة إعادة الإعمار، كونها لا تتباين كثيراً، بعكس ما حصل بعد حرب تموز/يوليو 2006. إلا أنه يشير إلى وجود ميل لدى البنك الدولي للمبالغة في تقدير كلفة الإدارة والدراسات في مشاريع إعادة الإعمار، وتقدير الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية. يقول فضل الله إن تقديرات مركزة لكلفة إعادة الإعمار والتعافي بعد الحرب تحتاج ما بين 7 مليار و 7.5 مليار دولار، في حين أن البنك الدولي يقدّرها بنحو 11 مليار دولار.