السكن الإيجاري في بيروت: الفقراء يدفعون أكثر من الأغنياء

تشكِّل كلفة تأمين الخدمات الأساسية عبئاً إضافياً على جميع سكّان مدينة بيروت بمعزل عن قيمة مدخولهم والطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها، إلّا أن ثقلها يزيد بالنسبة للطبقات الأفقر والضعيفة، حيث تستحوذ كلفة هذه الخدمات على كامل مداخيلهم. 

تُظهر منصَّة «مدينة مستأجرين» التي طوَّرها مختبر المدن في الجامعة الأميركية في بيروت وترتكز إلى بيانات عينية جُمِعت من السكّان في مختلف أحياء بيروت، نسباً شبه متساوية في ​​كلفة خدمات السكن في جميع أحياء المدينة، والتي تشمل إشتراك المولِّد ومياه الاستخدام المنزلي وتنظيف الأقسام المُشتركة وحراستها.

في الواقع، تتراوح كلفة هذه الخدمات بين 60 و150 دولاراً أميركياً، إلّا أن هذه النسب المتساوية تلقي أعباءً غير متناسبة، ولا سيّما على محدودي الدخل، إذ تفوق قيمتها في معظم الأحيان قيمة الإيجار، ممّا يزيد من هشاشة هذه الفئة وتردِّي أوضاعها المعيشية والسكنية، إذ يصبح هؤلاء السكّان أكثر عرضة للتخلّي عن هذه الخدمات الأساسية بعد ارتفاع قيمتها، وتحديداً خدمات الكهرباء والمياه النظيفة وخدمات التنظيف، وبالتالي يصبحون أكثر عرضة للأمراض الناجمة عن تردّي هذه الخدمات أو غيابها، فيما تتعمّق التفاوتات الاجتماعية وتصبح أكثر تجذّراً ضمن المدينة الواحدة.

85%
هي النسبة التي تستحوذ عليها تكاليف الإيجار وخدمات السكن من مجمل دخل الأسر المقيمة في بيروت والتي شملها المسح، وتصل إلى 100% في الأحياء الفقيرة.

47%
من الأسر التي شملها المسح تعتمد على المساعدات من الجمعيّات أو الدعم من الأقارب لتأمين كلفة الإيجار و الخدمات، وترتفع هذه النسبة إلى 76% في الأحياء الفقيرة مثل حيّْ الخضر.جغرافياً، يتجلّى هذا التفاوت عند مقارنة منطقة الحمرا بحيّْ الخُضِر في منطقة الكرنتينا، فعلى الرغم من تدنّي متوسِّط قيمة الإيجار في حيّْ الخضر (40 دولاراً أميركياً) بالمقارنة مع متوسّط قيمة​​ الإيجار في منطقة الحمرا (280 دولاراً أميركياً)، إلّا أنَّ أعباء تأمين الخدمات الرئيسية متساوية تقريباً بين المنطقتين: ففي حيّْ الخضر، الذي تقيم فيه طبقات اجتماعية فقيرة ومُهمّشة يفوق متوسّط ​​كلفة الخدمات (60 دولاراً أميركياً) متوسّط قيمة الإيجار (40 دولاراً أميركياً). أمّا في منطقة الحمرا، الذي تسكن فيها فئات أعلى على السلم الاجتماعي، فيشكِّل متوسّط ​​قيمة الخدمات (82 دولاراً أميركياً) ثلث متوسّط قيمة الإيجار (280 دولاراً أميركياً).

ممّا يُبين بوضوح أن الأعباء التي تتحمّلها راهناً الطبقات الأفقر لناحية تكاليف خدمات السكن هي ثقيلة للغاية، وتستحوذ على كامل دخلها، ممّا يجعلها أكثر اعتماداً على المساعدات والأعمال الخيرية في ظلّ الغياب الكامل للدولة ودورها الاجتماعي تجاه المقيمين فيها.

تُنشر صحيفة الوقائع حول ظروف السكن الإيجاري في بيروت بالاستناد إلى بيانات مختبر المدن في الجامعة الأميركية.