Preview إيلون ماسك في إسرائيل

تزايد ضغوط المعلنين على X
إيلون ماسك في «بيت الطاعة»

تستمرّ موجة سحب الإعلانات عن منصّة «أكس»، وقد سُجِّل آخرها في نهاية الأسبوع الماضي، مع إعلان شركة Walmart توقّفها عن نشر إعلاناتها على المنصّة التي يملكها إيلون ماسك. يأتي قرار Walmart في سياق قرارات أخرى اتخذها العديد من عمالقة التكنولوجيا والترفيه والإعلام وقضت بتعليق إعلاناتهم على منصّة «أكس» بشكل مؤقت، على خلفية ردّ على تغريدة كتبه ماسك في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، واتُهم بسببه أنه يروّج لمعاداة السامية. ومن ضمن تلك الشركات، «Disney» و«Apple» و«Paramount» و«Warner Brothers» و«Comcast» و«Discovery» و«Lionsgate» و«NBCUniversal»، وهي بمعظمها حرصت على إدانة حماس في بداية الحرب، وأعلنت غالبيّتها عن تبرّعات مالية لصالح إسرائيل. 

من المعروف أن «أكس» حرصت منذ بدء الحرب على عدم حجب أي محتوى سواء كان داعماً للقضية الفلسطينية أو مؤيّداً للسياسات الإجرامية الإسرائيلية ومتماهياً معها. ففي حين بادرت شركة «ميتا» مالكة موقعي «فايسبوك» و«إنستغرام» إلى حجب المحتوى الداعم لفلسطين منذ بداية الحرب، ومن ثمّ لحقهما تطبيق «تيك توك» بعد التلويح بعصا العقوبات والتهديد بحجبه في الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي، لم تنصاع «أكس»، وقد عُدّها المستخدمون المنصّة الأكثر حيادية فيما يتعلّق بترك المجال أمام الجميع للتعبير عن آرائهم. 

يحاول إيلون ماسك دائماً تظهير نفسه بصورة الرجل الذي لا ينصاع، لكن يبدو أن تعليق شركات كبيرة إعلاناتها على المنصّة، مصحوباً بضغوط كثيفة مارستها الإدارة الأميركية وإسرائيل ومجموعات الضغط، كانت كافية لإيصال رسالة إلى أغنى رجل في العالم، وإجباره على التراجع عمّا كتبه سابقاً، والاعتذار عنه باعتباره «أسخف تصريحاته على الإطلاق»، كما قال. وقام بزيارة خصّ بها دولة الاحتلال في الأسبوع الماضي، حيث جال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مستوطنات غلاف غزّة، وأبرم اتفاقاً مع الحكومة الإسرائيلية يلتزم فيه بعدم إمداد غزّة بخدمات الاتصالات عبر «ستارلينك»، التي يمتلكها أيضاً، إلا بموافقة إسرائيل. 

في الواقع، لم تبدأ مشاكل منصّة «أكس» (تويتر سابقاً) مع الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزّة، فهي تواجه أوضاعاً مالية سيئة حتى قبل الاستحواذ عليها من إيلون ماسك في تشرين الأول/ أكتوبر 2022. هذه الشركة مثقلة بالديون ولم تحقّق أرباحاً منذ حزيران/يونيو 2022 بحسب شركة Guideline لتحليل الإعلانات، عدا أن الملياردير الجنوب أفريقي كان في طور التخلّي عن شرائها لولا الدعوى القضائية التي رفعت ضدّة وأجبرته على إتمام الصفقة بنحو 44 مليار دولار. وفي آذار/مارس الماضي، أخبر ماسك الموظّفين أن قيمة «إكس» انخفضت بأكثر من النصف إلى 20 مليار دولار. وفي يوليو/تموز، قال إن الشركة لا تزال تعاني من تدفق نقدي سلبي.

نتائج تويتر

تظهر بيانات Sensor Tower أن حجم الإعلانات تراجع بنسبة 54% على «أكس» بين تشرين الأول/أكتوبر 2022 وحتّى آب/أغسطس 2023، بسبب هجرة العديد من المُعلنيين الكبار ومن ضمنهم «Coca Cola» و«Amazon» و«Airbnb»، خوفاً من قرارات ماسك المتعلّقة بالإشراف على المحتوى وكيفية إدارة المنصّة، ويقدِّر المحلّلون وصول نسبة انخفاض إيرادات الإعلانات إلى 60% في نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي. إلى ذلك، ومنذ استحواذه على المنصّة، ألغى الملايين من المستخدمين حساباتهم ومن ضمنهم العديد من المشاهير، وفي نهاية أيلول/سبتمبر 2023، سجّل عدد المستخدمين النشطين انخفاضاً بنسبة 15% شهرياً، و18% في الولايات المتّحدة التي تتصدّر دول العالم لناحية عدد مستخدمي التطبيق.

حاول ماسك إنقاذ الاستثمار الذي كلّفه 44 مليار دولار، من خلال تعويض تراجع الإعلانات التي كانت تشكّل 90% من عائدات الشركة، وذلك بتنويع مصادر دخلها وتحويل عدد من خدماتها المجّانية إلى مدفوعة الثمن، عدا عن تقليل نفقاتها وخفض عدد الموظّفين بنسبة 80%. مع ذلك، لم تنفع أي من استراتيجيّاته وسياساته في إنقاذ الوضع، وترجّح بعض التحاليل أن تصل إيرادات «أكس» من الإعلانات إلى نحو 2,9 مليار دولار في نهاية العام بالمقارنة مع 4,1 مليار دولار في نهاية 2022، أي بتراجع قيمته 1,2 مليار دولار.

قد تكون قيمة الإعلانات التي سيخسرها ماسك من توقيف هذه الإعلانات مجرّد فتات أمام ثروته التي تقدّر بنحو 220 مليار دولار، لكن الحقيقة أن أي انتكاسة جديدة في الإيرادات سوف تراكم خسائر فوق الخسائر، وهذا ما لن يتحمّله ماسك ويضع المنصّة برمّتها أمام أزمة وجودية.