إسرائيل تخسر الحرب على جبهة «تيك توك»
يعدّ #StandWithPalestine الأكثر رواجاً على «تيك توك» بين الوسومات المرتبطة بالحرب الإسرائيلية على غزّة، وقد حظي بأكثر من مليار مشاهدة حتى السابع من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي وفق قاعدة بيانات «تيك توك»، في مقابل 290 مليون مشاهدة لـ #StandWithIsrael. ما يجعل المحتوى الداعم لفلسطين المنشور تحت هذا الوسم - وهو واحد من بين عشرات الوسومات المتداولة - يتجاوز بمشاهداته المحتوى الداعم لإسرائيل بأكثر من 3 أضعاف.
المحتوى الداعم لفلسطين يتجاوز بمشاهداته المحتوى الداعم لإسرائيل بأكثر من 3 أضعاف.
تستخدم جهات يمينية وداعمة لإسرائيل هذه النتائج لتجديد دعوات قديمة لحجب تطبيق «تيك توك» في الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي، ولا سيما في البلدان الرافضة لوقف إطلاق النار وإنهاء حرب الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها الفلسطينيون في غزّة، والتي تشهد مظاهرات شعبية حاشدة مناهضة لمواقف بلادها الداعمة لإسرائيل، وتحرّكات عمّالية في الموانئ التي تخرج منها شحنات السلاح المتّجهة إلى إسرائيل. وتتذرّع تلك الجهات بأن التطبيق الصيني يستخدم خوارزميات تدفع المحتوى الداعم لفلسطين وتحجب المحتوى الآخر. إلا أن البيانات التي يتيحها «تيك توك» ضمن قاعدة بياناته تدحض هذه الحجج، فمن غير المفاجئ أن ينال المحتوى الداعم لفلسطين هذا العدد من المشاهدات نظراً لوجود أعداد أكبر تنشره، إذ تحت وسم #StandWithPalestine نُشِر أكثر من 318,000 منشور بمعدّل 3,150 مشاهدة لكلّ واحد منه، فيما جمع وسم #StandWithIsrael نحو 29,000 منشور بمعدّل 10,000 مشاهدة لكلّ منه. ما يعني أن المحتوى الإسرائيلي الواحد يحظى بمعدّل مشاهدات يتجاوز ثلاثة أضعاف ما يحظى به المنشور الداعم لفلسطين، إلا أن عدد المستخدمين المتضامنين مع فلسطين ويقفون ضد الحرب التي تشنّها إسرائيل يتجاوز عدد مؤيدي الصهيونية والمتأثرين بدعايتها السياسية والأيديولوجية.
وصل عدد المحتوى المحذوف إلى أكثر من 925,000 فيديو وأكثر من 14,000 بث مباشر، كما أزالت «تيك توك» أكثر من 24 مليون حساباً تقول إنها حسابات مزيّفة
إلى ذلك، يفيد العديد من مستخدمي «تيك توك» أنهم لاحظوا بروزاً لافتاً في المحتوى الإسرائيلي منذ أسبوعين، بالتوازي مع رسالة تلقّاها تشو زي، المدير التنفيذي للتطبيق، من المفوّض الأوروبي تييري بروتون، في 12 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يحذّره فيها من «تعرّض التطبيق للعقوبات في حال لم يلتزم بمعايير الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالإشراف على المحتوى، والاستجابة لهذه التحذيرات في غضون 24 ساعة». علماً أنها الرسالة نفسها التي وجّهها أيضاً لكلّ من منصّة «إكس» (تويتر سابقاً) وشركة «ميتا» التي تملك وتدير مجموعة من وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها «فايسبوك» و«إنستغرام».
وبالفعل أصدرت «تيك توك» بياناً بعد ثلاثة أيام من تلقيها الرسالة، أكّدت فيه «وقوفها ضدّ الإرهاب» وعبّرت عن صدمتها «من الأعمال الإرهابية التي تعرّضت لها إسرائيل» وعن «حزنها العميق من اشتداد حدّة الأزمة الإنسانية في غزّة». كما شرحت بالتفصيل الخطوات التي ستتبعها للإشراف على المحتوى والحرص على خلوه من أي محتوى يهدّد «سلامة المجتمع العالمي»، وأعلنت أنها حتّى تاريخ صدور البيان (15/10/2023) حذفت أكثر من 500,000 فيديو نُشِر منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر وأغلقت نحو 8,000 بث مباشر رأت أنها تخرق شروط النشر الخاصة بها. وبتاريخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، وصل عدد المحتوى المحذوف إلى أكثر من 925,000 فيديو وأكثر من 14,000 بث مباشر، كما أزالت «تيك توك» أكثر من 24 مليون حساباً تقول إنها حسابات مزيّفة.
أظهرت قاعدة بيانات «تيك توك» أن 82% من الذين شاهدوا المحتوى الداعم لفلسطين على وسم #StandWithPalestine لا تتجاوز أعمارهم 34 عاماً
يبدو واضحاً رضوخ التطبيق الصيني لمعايير الغرب فيما يتعلّق بـ«حرية التعبير» وتصنيفه «للإرهاب» و«الممارسات العنصرية والتمييزية ضد عرق معين أو قومية معينة»، لكن ما يثير «ذعر» الدول الغربية، ربما، هو أن «تيك توك» يُعدُّ التطبيق الأكثر استخداماً من الشباب. فهو يضمّ أكثر من 1,5 مليار مستخدم، نحو 37,3% منهم ضمن الفئة العمرية التي لم تنهِ مرحلة الدراسة الثانوية والجامعية (18-24)، و70,2% منهم لم يتجاوزوا سن الـ35. وهذا بالفعل ما عبّر عنه العديد من دعاة حجب «تيك توك» في الولايات المتّحدة، باعتبار أن انتشار المحتوى الداعم لفلسطين يسهم بتعبئة طلاب المدارس والجامعات وتكوين وجهات نظرهم وآرائهم بما يتعارض مع السياسة الأميركية والأيديولوجيا الصهيونية.
يوجد في الولايات المتّحدة نحو 74 مليون مستخدم لتطبيق «تيك توك»، ونحو 23,4 مليون في بريطانيا، و20.6 مليون في ألمانيا، بالإضافة إلى 19,7 مليون في فرنسا، علماً أن أكثر من ثلثيهم تقل أعمارهم عن 34 عاماً. وقد أظهرت قاعدة بيانات «تيك توك» أن 82% من الذين شاهدوا المحتوى الداعم لفلسطين على وسم #StandWithPalestine لا تتجاوز أعمارهم 34 عاماً، وهو ما يخاطر بتكوين رأي عام ناقد للرواية الإسرائيلية ومتعاطف مع القضية الفلسطينية، وهذا ما لا يريده داعمو حرب إبادة الفلسطينيين.