معاينة gaza starvation

كل سكان غزّة في حال طوارىء غذائية

1 من كل 5 فلسطينيين في قطاع غزّة يعاني من المجاعة وفق برنامج الأغذية العالمي، وهناك احتمال وفاة أكثر من 14 ألف رضيع بسبب الجوع في خلال أيام معدودة، بعد نفاد المواد الغذائية واستمرار الحصار المطبق على القطاع، بحسب رئيس الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر. 

تسليح الغذاء: غول التضخّم في غزة

تستخدم إسرائيل التجويع وتسليح الغذاء كوسيلة من وسائل الابادة الجماعية. وفي حين تشير التقارير إلى أنّ القطاع يحتاج إلى ما لا يقل عن 44 ألف شاحنة مساعدات لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان الأساسية، تمارس الدول الأجنبية ضغوطاً لإدخال المساعدات إليه، فيما تتبع إسرائيل سياسة المماطلة لاستكمال حربها الإبادية. وعليه بات كامل قطاع غزة في حالة طوارئ غذائية بحسب برنامج الغذاء العالمي، خصوصاً بعد أن أغلقت إسرائيل جميع المعابر منذ 2 آذار/مارس، بهدف منع وصول المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، وعزل القطاع تماماً عن العالم الخارجي، واستكمال التدمير الممنهج لمصادر الغذاء والمياه المحلية.

لقد تسبّب الحصار المطبق وتعطّل الأسواق في ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية والطاقة، إذ اختفت السلع الأساسية مثل الأغذية المعلبة والمجمّدة والبيض من الأسواق، وارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل الزيت والدقيق والسكر والخضروات بشكل كبير، وبلغت مستويات تعجز الاكثرية الساحقة من سكان غزّة على تحمّلها.

ويشهد مؤشر أسعار المستهلك ارتفاعاً متسارعاً منذ بداية الحرب، بلغت نسبته 178% بالمقارنة مع ما قبل الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وسجلت الأسعار ارتفاعاً بنسبة 43% في آذار/مارس بالمقارنة مع شباط/فبراير.

يأتي ذلك فيما الغالبية الساحقة من الأسر في غزة تعيش حالياً تحت خط الفقر، و80% منها تعتمد على المساعدات الغذائية الشحيحة، خصوصاً بعد أن باتت فرص العمل محدودة للغاية ومحصورة في عدد ضئيل من الوظائف لدى منظّمات غير حكومية أو في التجارة غير الرسمية. كما تأتي فيما يعاني قطاع غزّة من تداعيات حرب الإبادة المتواصلة منذ 19 شهراً، إذ انكمش الناتج المحلي بنسبة 83% مقارنة بالعام 2023. وبحسب البنك الدولي يُعدّ هذا الانهيار من بين أشدّ الانكماشات الاقتصادية في التاريخ الحديث، مع توقعات تشير إلى أن غزة ستحتاج إلى 13 عاماً لاستعادة الناتج المحلي الحقيقي إلى مستويات ما قبل الحرب. حالياً، يعاني أكثر من 90% من الأسر من ضائقة مالية حادّة، وتُعدّ ندرة السيولة النقدية العائق الأكبر أمام شراء الغذاء في حال كان متوافراً. وفي الوقت نفسه، لا تزال أسعار المواد الغذائية مرتفعة بشكل حاد، مع تأكيد أكثر من 60% من الأسر عدم قدرتها على تحمّل كلفة شراء الاحتياجات الأساسية. 

قبل وقف إطلاق النار، كانت الأسر في غزة تعاني من انعدام حاد في الأمن الغذائي، وكانت تعتمد بشكل شبه حصري على الحبوب والبقوليات، في ظل انقطاع شبه تام للخضروات الطازجة ومنتجات الألبان واللحوم نتيجة انهيار سلاسل التوريد التجارية وارتفاع الأسعار. لقد أدّت الوجبات الغذائية المحدودة إلى نقص حاد في العناصر الغذائية الأساسية والتنوع الغذائي المغذي، وبات السكان يعانون من مستويات شديدة الخطورة من ضعف التنوع الغذائي الذي يؤثّر على قدراتهم الجسدية وصحتهم. 

ألحق الحصار الطويل ضرراً بالغاً بتنوّع النظام الغذائي، ليصل إلى واحدة من أسوأ المراحل منذ بداية النزاع. وبحلول أيار/مايو 2025، تراجع استهلاك منتجات الألبان بشكل شبه تام، من متوسط منخفض أصلاً يبلغ يوماً واحداً في الأسبوع في خلال نيسان/أبريل إلى ما يقارب الصفر — مقارنة بمتوسط 4 أيام أسبوعياً قبل الحرب. كما تراجع استهلاك الخضروات من يوم واحد إلى نصف يوم فقط أسبوعياً، مقارنة بمتوسط 6 أيام قبل الحرب. أما الفواكه، فلا تزال غائبة تماماً عن النظام الغذائي، بعد أن كانت تُستهلك يومين أسبوعياً قبل الحرب. كما اختفت الأطعمة الغنية بالبروتين كلياً من وجبات الأسر — في انهيار مدمّر مقارنة بمتوسط 3 أيام في الأسبوع قبل الحرب. لم تبقَ سوى البقوليات والخبز كمصادر غذائية محدودة؛ فقد ارتفع استهلاك البقوليات قليلاً نظراً لانخفاض ثمنها النسبي بالمقارنة مع الاغذية الأخرى، ليبلغ متوسط 4.4 أيام أسبوعياً (مقارنة بنحو 4 أيام قبل الحرب)، بينما يُستهلك الخبز في المتوسط 6 أيام في الأسبوع، أي أقل من معدل 7 أيام قبل الحرب. وبشكل عام، أصبح النظام الغذائي للسكان غير متوازن وخالياً من العناصر الغذائية الأساسية بشكل خطير.