أصوات من جامعات أميركية
تشهد جامعات أميركية عديدة حركة طالبية متضامنة مع الشعب الفلسطيني، تصاعدت مع اشتداد حرب الإبادة على قطاع غزّة، وتطوّرت كمّاً ونوعاً في الأسابيع الأخيرة.
مطلع الحرب، ظهرت هذه الحركة على شكل مظاهرات وتجمّعات وندوات تضامنية في كثير من الجامعات خصوصاً في المناطق والمدن الليبرالية. واستتبع ذلك أن تستدعي لجنة التعليم في الكونغرس مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي رئيسات جامعات هارفرد وبنسلفانيا ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا للاستماع إلى شهادتهن حول الشعارات والنشاطات التي تشهدها تلك الجامعات. استدعى أداء الرئيسات الثلاث ردّة فعل سلبية مؤيدة لإسرائيل من شخصيات وجهات أكاديمية ورأسمالية مثل بيل آكمان، وضغوط على إدارات هذه الجامعات ومجالس أمنائها أفضت إلى استقالة اثنتين من الرئيسات الثلاثة. استمرّ الحراك الطالبي، خفّ زخمه لاحقاً.
لكن في أواسط شهر نيسان/أبريل استدعى الكونغرس رئيسة جامعة كولومبيا، الأميركية من أصول مصرية، نعمت شفيق التي كانت نبرتها اعتذارية لأعضاء الكونغرس. استفزّ سلوكها طلاب الجامعة الذين بدأوا بنصب خيامهم في حرم الجامعة في الليلة نفسها. لاحقاً اقتحمت شرطة نيويورك حرم جامعة كولومبيا، بطلب من شفيق نفسها، واعتقلت ما يقارب 100 طالب وطالبة أثناء محاولتها إزالة المخيّم الطالبي. كان ذلك بمثابة الشرارة التي أشعلت حراكاً طلابياً مُتصاعداً توسّع في غضون أسبوعين ليشمل مخيّمات طالبية في أكثر من 50 جامعة في أكثر من 20 ولاية أميركية.
المطالب الأساسية للحركة الطالبية مُحدّدة وموحّدة بشكل عابر للجامعات والولايات، وهي تتمحور حول وقف إطلاق النار في غزة، ومقاطعة إسرائيل، وسحب استثمارات احتياطات الجامعات (الـendowments) والصناديق التقاعدية لنقابات الطلاب والعمّال والأساتذة في هذه الجامعات من المصالح الاقتصادية الإسرائيلية، كسندات الخزينة، والشركات التي تبيع أسلحة لإسرائيل. في هذا السياق، جال موقع «صفر» على عدد من المخيّمات الطالبية في مدينة نيويورك، وقابل أشخاصاً متعدّدين ومتنوعين مُنخرطين لحد بعيد في هذا الحراك الجاري.
في الخلفيّات والدوافع
بالنسبة لكثير من المشاركين في الحراك الطالبي الأميركي، لا ينفصل النضال الفلسطيني عن نضال الطبقة العاملة في الولايات المتّحدة ولا بل يعتبرونه محوراً لنضال الطبقة العاملة العالمية. ويتحدّث هؤلاء أيضاً عن ربط بين القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وبين قضايا أميركية داخلية وقضايا عالمية.
أورين شفايتزر هو شاب في مطلع العشرين تخرّج حديثاً من جامعة يال حيث درس التاريخ، يهودي أميركي وعضو في قطاع الشباب لتنظيم «الاشتراكيون الديمقراطيون في أميركا». بدأ نضاله من أجل التحرّر الفلسطيني في الجامعة. يقول شفايتزر: «لقد ترعرعتُ وسط شكل من أشكال اليهوديّة يتمحور حول العدالة الاجتماعية. وكانت تلك القيم أحد دوافع اتخاذي موقفاً مُعادياً للاحتلال والفصل العنصري في إسرائيل عندما بدأت أعرف أكثر عنهما. جدي كان لاجئاً من الهولوكوست، وأرى أوجه تشابه بين تجربته الخاصّة وتجربة الفلسطينيين اليوم. وبالتأكيد أنني كمواطن أميركي، وكشخص من هذا العالم، من المجتمع الدولي، من الناس العاملين والمضطهدين، أرى النضال الفلسطيني محوراً لنضال الطبقة العاملة العالمية. لذلك من الطبيعي أن أناضل ضد الفصل العنصري والاحتلال والإبادة الجماعية من منطلقات أخلاقية وتضامنية. ولكن الأمر لا يتوقف هنا».
يؤكد أورين أمراً يتكرّر لدى مختلف الأشخاص والشعارات والتحرّكات، وهو أن هذه التحركات ليست بدافع التضامن الأخلاقي والإنساني مع الشعب الفلسطيني حصراً. يربط كثير من المشاركين بين القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وبين قضايا أميركية داخلية وقضايا عالمية. على سبيل المثال، «يطوّر الجيش الإسرائيلي أحدث التقنيات العسكرية ويعيد تصديرها إلى الجيش الأميركي ليستخدمها في جميع أنحاء العالم. الجيش الإسرائيلي يدرّب فرقاً من شرطة مدينة نيويورك على تكتيكات تستخدمها في معاملتها الوحشية للمتظاهرين هنا. في خلال احتجاجات Black Lives Matter في العام 2020، اتضح أن شرطة نيويورك تستخدم التكتيكات التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي للتسلل إلى المساجد في غزة، بهدف التسلّل إلى المناضلين من المجتمع الأسود هنا في الولايات المتحدة. لذلك فإنني أرى نضالاتنا مترابطة. أموالنا التي ندفعها كضرائب تذهب إلى إسرائيل من أجل الحرب والأسلحة هناك لا من أجل الصحة والتعليم هنا».
إلى ذلك، يروي ألكسندر سوريا، وهو طالب دكتوراه في مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك ويعلّم في إحدى كلّياتها، عن بدايات تعرفه إلى القضية الفلسطينية من خلال أستاذه أيام الجامعة، أمييل ألكالاي، الشاعر والأكاديمي اليهودي من أصول صربية والذي منه تعرّف إلى محمود درويش. كان ألكسندر يذهب رفقة أستاذه ألكالاي إلى مظاهرات وتحركات حول القضية الفلسطينية. وبدأ حينها انخراطه في النضال الفلسطيني وهو اليوم عضو في مجموعة «CUNY for Palestine» وكان مشاركاً في المخيم الطالبي في جامعته، ومن الذين تم اعتقالهم عند اقتحام الشرطة للمخيم. دوافع مشاركته متعددة. فهو يريد الوقوف إلى جانب طلّابه المشاركين ليس لحمايتهم وحسب بل أملاً بأن يشكل مثلاً ونموذجاً لهم. ويدفعه لتحركه احتلال، أو بالأحرى استعادة، الجامعة بوصفها مكاناً لإنتاج المعرفة. وهو يرد على من يستهجن احتلال الطلاب لحرم الجامعة بدعوتهم للنظر إلى قطاع غزة الذي لم يتبقُّ فيه جامعات بعد أن دمّرها الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى دافع الدفاع عن حرية التعبير التي يفترض أنها من القيم الأميركية على حد تعبيره.
ولا يخفي ألكسندر دافعاً آخر شخصياً لتحركه هو التناقض الداخلي الذي يعيشه كمواطن أميركي، بين قناعاته السياسية وتضامنه مع الشعب الفلسطيني وبين كون بلده هو الذي يسمح لكل ما يجري أن يحصل. يقول ألكسندر «يتحدث الكثيرون عن نزع الاستعمار، ويبني البعض مساراً مهنياً من هذه الأدبيات وعلى ظهر تضحيات الشعب الفلسطيني، ولكنهم يستخدمونها بما يشبه أدوات جمالية في أعمالهم. أنا أرفض ذلك. أرفض ألّا أقدم بدوري بعض التضحيات في سبيل هذه القضية ولو اقتصر الأمر على وجودي إلى جانب طلابي وزملائي ورفاقي في مخيّم طلابي خصوصاً وسط المكارثية الجديدة التي نعيشها. أنا لستُ من الشرق الأوسط ولكني أشعر أن هؤلاء (الشعب الفلسطيني) هم الذين يجب أن أقف إلى جانبهم وأشعر، كمواطن أميركي، أني مسؤول».
أما كورينا وهي أستاذة في «جامعة جون جاي للعدالة الجنائية» وعضو في مجموعة «CUNY for Palestine»، وكذلك في نقابة الطلاب والعمال والأساتذة في الجامعة، فتتحدّث عن بعدٍ آخر لانخراطها. تقول إن «الإبادة الحالية مرتبطة بالإمبريالية الغربية وحركة رأس المال واستدامة هيمنة الإمبريالية الأميركية» وتتابع: «أنا أشعر بالأمل. إن انتفاضة الطلاب لا تقود الطريق من أجل التحرر الفلسطيني وإنهاء الإبادة وحسب، بل أيضاً لإنهاء تواطؤ الجامعات الأميركية والانخراط الفعلي للولايات المتحدة في هذه الحرب عبر دعم إسرائيل بواسطة أموال ضرائبنا. الطلاب يفهمون هذا الترابط. وهم اليوم الذين ينظّمون ويناضلون بشجاعة لا من أجل دعم الفلسطينيين كضحايا فقط، بل من أجل دعم مقاومة الشعب الفلسطيني أيضاً، ودعم الفلسطينيين بوصفهم القيّمين الفعليّين على عملية تحرّرهم. عملية تحررهم العادل الذي يكفله لهم القانون الدولي».
درب النضال... طويل
ليست الحركة الطالبية الحالية هي الأكبر إذا ما قورنت بتلك المناهضة لحربَي فيتنام والعراق أو الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أو حركات مثل Black Lives Matter أو Occupy Wall Street. بيد أن ما يميّز هذه الحركة هو أنها ربما الأوسع داخل الأحرام الجامعية، وكذلك تتميّز عن بعض الحركات السابقة بمطالبها الواضحة والمحدّدة والقوى المنظّمة المشاركة فيها. وهي حركة طالبية في أميركا مناهضة لحرب لا تخوضها الولايات المتحدة بنفسها، على الأقل رسمياً. ولا يمكن النظر إلى هذه الحركة بمعزل عن كونها محطة على مسار نضالي طويل متنوّع القضايا والأشكال.
وإن كان التطور الأخير في الحركة الطالبية بدأ مع أحداث جامعة كولومبيا، فإن تلك الأخيرة لم تأتِ من عدم. يذكر أورين أن «منظّمي المخيم الطالبي في جامعة كولومبيا قد تمرّسوا لسنوات في النضال الاجتماعي في الحرم الجامعي. طلاب السنة الثالثة في كولومبيا اليوم عندما كانوا في سنتهم الأولى خاضوا إضراباً حول الرسوم الدراسية شمل ألف طالب. وعندما كانوا في السنة الثانية انخرطوا في إضراب لطلاب الدراسات العليا وإضراب اتحاد الطلاب الجامعيين وأدّوا أدواراً مهمة في التضامن مع نقابات الحرم الجامعي. وفي العام الماضي تنظّم الطلاب المشرفون على مساكن الطلبة في نقابات. لذلك اكتسب عدد من الناشطين والمناضلين خبرات ومهارات جديدة».
نسرين هي فلسطينية أميركية، وُلدت وترعرعت في الولايات المتحدة، وخرّيجة لجامعة كولومبيا وعضو في «حركة الشباب الفلسطيني» الفاعلة في النضال الفلسطيني في الولايات المتحدة. وهي تؤكد أيضاً أن الحراك، الذي كانت مشاركة فاعلة فيه، يستند إلى تاريخ نضالي للطلاب في الجامعة. فهي تستذكر نضال مجموعتين في جامعة كولومبيا هما «الصوت اليهودي من أجل السلام» ومجموعة «طلّاب من أجل العدالة في فلسطين» في العام 2016 بهدف الضغط لسحب استثمارات الجامعة من المصالح الاسرائيلية أو تلك الداعمة للاحتلال. وقد تخلل الحراك محاولة إجراء استفتاء للطلاب في سياق الضغط على إدارة الجامعة.
وتربط نسرين بين سحب الاستثمارات من إسرائيل وحركات أخرى مشابهة. فهي تقارن الحركة الحالية بأخرى مشابهة. في العام 2015، سحبت جامعة كولومبيا استثماراتها من الشركات المشغّلة للسجون الخاصة في الولايات المتحدة. وتبرز تقاطعية القضايا في كون إحدى تلك الشركات مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي أيضاً. وفي العام 2017، سحبت جامعة كولومبيا استثماراتها كذلك من شركات الفحم الحراري بعدما خاضت مجموعة في الجامعة، تُعنى بالتغير المناخي، حراكاً تضمن احتلال أحد مباني الجامعة أفضى إلى إجبار إدارة الجامعة على إبرام اتفاق مع الطلاب.
كذلك كورينا، لدى الحديث معها عن عملها السياسي، لا تبدأ الحديث بالحرب الحالية. تعود كورينا إلى حرب العام 2021 على قطاع غزة وأحداث حي الشيخ جرّاح في القدس. وتستذكر القرار الذي صادقت عليه نقابة الطلاب والعمّال والأساتذة في جامعتها والذي يدعو أقسام النقابة وفروعها في 25 حرماً جامعياً تضم حوالي 300 ألف طالب لمناقشة مقاطعة إسرائيل وحملة الـ BDS. تقول كورينا إن «استراتيجيتنا قائمة على نسج التحالفات والتقاطعات السياسية حول فلسطين والفلبين وبويرتو ريكو وقضايا المجتمع الأسود وكذلك قضايا العنصرية في الولايات المتحدة ومحاربة عنف الشرطة وحرية العمل الأكاديمي وتحسين ظروف العمل وغيرها».
تتنوع القوى المشاركة في الحراك الحالي وهي تتضمن اتحادات ونقابات الطلاب والعمال والأساتذة في الجامعات وتنظيمات فلسطينية مثل «حركة الشباب الفلسطيني» وتنظيمات يسارية مثل تنظيم «الاشتراكيون الديموقراطيون في أميركا» ونقابات عمالية بالإضافة إلى مجموعات اليسار الهوياتي والحركات النسوية والليبرالية ومجتمعات الميم-عين وجموع عربية وإسلامية.
ساعدت التنظيمات الطالبية والنقابية واليسارية على إبعاد الحراك عن العفوية والعبثية. وساعدت الأطر الديموقراطية القائمة بالفعل لدى هذه القوى على تحديد آليات اتخاذ القرار، وانتداب الفرق المفاوضة مع إدارات الجامعات، وتحديد المطالب والتكتيكات والسقف السياسي. وتبرز أهمية هذا الأمر عند عقد المقارنة مع حركة Black Lives Matter حيث كان هناك زخم شعبي قلّ نظيره في العقود الأخيرة في الولايات المتحدة إنما من دون تنظيم متبلور ولا مطالب محددة.
هجومٌ ودفاع في جامعات أميركا
تعتقد نسرين أن أحد محرّكات الحركة الطالبية يرتبط بإحساس الشباب الأميركي بالاغتراب عن المؤسسات الكبيرة والقوية، حتى تلك المنتخبة ديموقراطياً أحياناً. هم يشعرون بالعجز في مكان العمل أو إزاء الكونغرس الأميركي مثلاً، إلا أن ما يميز الجامعات كميدان للنضال بحسب نسرين «على الرغم من كونها مؤسسات كبيرة وقوية وثريّة وباتت تُدار كما الشركات الخاصة الربحية ويغرق الطلاب فيها بالديون، هو أن الطلاب ما زالوا يعتقدون أنهم يتمتعون بالقدرة على الضغط على إدارتها وانتزاع التنازلات منها». وتعتبر نسرين أن إرغام إدارة الجامعة على التفاوض مع الحركة الطالبية الحالية هو نصرٌ كبير. وقد أبدت إدارة كولومبيا استعدادها لتقديم منح إنسانية لفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة إضافة إلى نقل مركزها، المزمع بناؤه في إسرائيل، من تل أبيب إلى حيفا مقابل أن يفكّك الطلاب مخيمهم. وهي «تنازلات» لم تكن مقنعة للطلاب الذين اعتبروا المنح مثلاً أشبه برشوة لضحايا الاحتلال والإبادة التي تتواطأ الجامعة نفسها فيها بواسطة استثماراتها.
إلا أن إدارة كولومبيا أوقفت المفاوضات مع الطلاب قبيل دعوتها قوات الشرطة لدخول الحرم الجامعي وفضّ المخيم. وفي الليلة نفسها كانت كورينا تقف وسط جموع المتظاهرين والمخيّمين في جامعة City College ترد بشجاعة على نائب رئيس جامعة مدينة نيويورك فيما هو يبلغها في اتصال معها - كونها مسؤولة التواصل في المخيم - بأن القرار قد اتخذ وأن شرطة مدينة نيويورك ستبدأ بفضّ المخيم واعتقال المتواجدين بعد 25 دقيقة. انتهت تلك الليلة باعتقال قرابة 300 طالب وطالبة في الجامعتين. وفي صباح اليوم التالي أقام طلاب جامعة فوردهام القريبة من الجامعتين مخيّماً طلابياً جديداً.
كورينا هي أستاذة جامعية غير مثبّتة وأمّ لولدين، ولذا لدى سؤالها عن المخاطر التي يعتريها نضالها السياسي تجيب: «إنها لحظة لكي يكون المرء شجاعاً، ملهماً بشجاعة الطلاب. هذا أقلّ ما يمكن فعله لدعمهم. ثم إن كل ما أقوم به لا شيء مقارنة بالمأساة التي يتعرض لها الفلسطينيون بواسطة أموال الضرائب التي أدفعها أنا. لقد واجهنا عنف الشرطة الفاشيّ، وكان ذلك مخيفاً. لكن إدارة الجامعة هي التي سهّلت إجراء ذلك العنف. لم يعد لدي أي ولاء لإدارة الجامعة. لقد كانوا سعيدين بتعرض الطلاب والأساتذة لذلك العنف. ولائي هو للطلاب. واجبي كأستاذة هو أخذ تلك المخاطرة. الأساتذة لديهم واجب بأخذ المخاطرة التي يأخذها الطلاب على الأقل».
تفاؤل الإرادة
تمثل هذه الآراء جزءاً رئيساً من مكونات وأدبيات الحركة الطلابية التي تنشط في الجامعات الأميركية اليوم وهي على الأمل وأهمية التنظيم. يعتقد أورين أن الحركات الجماهيرية للطبقة العاملة والطلاب والفئات المهمشة هي التي تمتلك القدرة على تغيير هذا العالم للأفضل وليس مجموعات صغيرة من الراديكاليين أو النخبويين. لذلك فهو يرى أن المهمة الآن هي الوصول إلى مزيد من الطلاب والعمال وتنظيمهم سواء في الحرم الجامعي أو في مكان العمل.
أما كورينا فتقول: «أنا أشعر بالأمل. مع أن الواقع مرعب. أزمة الرأسمالية تفتح أمامنا مسارين محتملين. المسار الأول هو الفاشية. فاشية الطبقة الحاكمة. ونحن نرى ذلك. خطاب بايدن وخطاب آدمز (عمدة نيويورك إريك آدامز) خطابان فاشيّان. إنها عودة جديدة للمكارثية. ولكن هناك مسار ثانٍ هو مسار الثورة. وذلك بالتنظيم الاشتراكي للناس. علينا أن نكون مستعدين. النضال الفلسطيني هو رأس حربة النضال العالمي. الجنوب العالمي، الأكثرية العالمية هي في حالة صعود. الثورة تبدأ في الجنوب العالمي ولكن نحن هنا علينا أن نكون مستعدين للتفاعل معها والإسهام فيها لإنهاء اضطهاد الطبقة العاملة والفئات المهمشة».
تعبّر نسرين عن الأمل والفرح الذين يعتريانها إزاء الحركة الحالية. فهي تقول أنه لطالما كان يصطدم من ينخرط في النضال السياسي بـ«الاستثناء الفلسطيني» في الولايات المتحدة ومجتمعها المدني وهي تعني بذلك حدة القمع والمحظورات والمحاذير التي تظهر فجأة لحظة الاقتراب من المسألة الفلسطينية. إلا أن هذا يبدو أنه يتغيّر الآن برأيها. وتقول، كونها تخرجت من الجامعة منذ سنوات، «لقد جاء طلاب بعدي حملوا وخاضوا هذا النضال بشكل لم أكن لأتخيله يوم كنت في الجامعة».