
10 دول تقود سباق التسلّح العالمي في العام 2024
في العام 2024، ارتفع الإنفاق العسكري العالمي من 2.48 تريليون دولار إلى 2.72 تريليون دولار، مسجلاً زيادة بنسبة 9.4%، وهي أعلى نسبة نمو سنوي منذ العام 1988 على الأقل، بحسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. يُعد هذا العام العاشر على التوالي الذي يشهد فيه الإنفاق العسكري ارتفاعاً مستمراً، إلا أن الزيادة التي حدثت في العام الماضي تعادل نحو 3 أو 4 أضعاف متوسط الزيادة السنوية بين عامي 2015 و2023. وبالقيمة المطلقة، تبلغ الزيادة السنوية الأخيرة 234 مليار دولار أميركي أي أكبر قليلاً من اقتصاد قطر أو أصغر قليلاً من اقتصاد اليونان أو العراق أو الجزائر.
لفهم الدافع وراء هذا الارتفاع المهول في الإنفاق العسكري العالمي في خلال العام الماضي، من المهم أن نُدرك أنه نتاج مساهمات عدد محدود جداً من الدول، على الرغم من النزاعات والتوترات المنتشرة في جميع أنحاء العالم. فمن أصل كل دولار أُضيف إلى الإنفاق العسكري في العام 2024 مقارنة بالعام 2023، كانت الولايات المتحدة وراء 23 سنتاً منه. كما أن 5 دول فقط – الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وإسرائيل – ساهمت مجتمعة بنسبة 66% من الزيادة الأخيرة في الإنفاق العسكري، في حين كانت 10 دول فقط مسؤولة عن 80% من هذه الزيادة. ما هي هذه الدول العشرة؟ ولماذا زادت إنفاقها العسكري بشكل كبير؟
الولايات المتحدة الأميركية تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 54 مليار دولار
احتفظت الولايات المتحدة بموقعها كأكبر منفق عسكري في العالم بفارق كبير، إذ استحوذت على 37% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي في العام 2024، وأنفقت ما يعادل 3.2 ضعف ما أنفقته الصين، ثاني أكبر منفق عسكري في العالم. بلغ الإنفاق الأميركي العسكري 997 مليار دولار، مسجّلاً زيادة بنسبة 5.7% مقارنة بالعام 2023، أي زيادة مقدارها 54 مليار دولار بالقيمة المطلقة، علماً أنه لو ازداد الإنفاق العسكري الأميركي بنسبة 1% فقط، لظلت الولايات المتحدة تحتل مكاناً في قائمة العشر الأوائل.
جاءت أولويات الإنفاق العسكري الأميركي لعام 2024 منسجمة مع استراتيجية الدفاع الوطني الصادرة في العام 2022، التي تركز على تعزيز قدرات الردع تجاه روسيا في المدى القريب، والصين على المدى البعيد. ولتحقيق هذا الهدف، خصّصت الولايات المتحدة 37.7 مليار دولار لتحديث الأسلحة النووية و29.8 مليار دولار للدفاع الصاروخي. وفي إطار تعزيز قدراتها الجوية والبحرية، أنفقت 61.1 مليار دولار على أنظمة تسليح لمقاتلات F-35، و48.1 مليار دولار على بناء سفن بحرية جديدة.
في العام 2024، جاء نحو 7% من إجمالي الإنفاق العسكري الأميركي على شكل نفقات تكميلية خارج الميزانية الأصلية لوزارة الدفاع، وشملت 48.4 مليار دولار مخصّصة لأوكرانيا، بالإضافة إلى 10.6 مليار دولار لدعم الاحتلال الإسرائيلي والإبادة الجماعية للفلسطينيين. كما خصّصت الوزارة مبالغ كبيرة لمواجهة التحديات الصينية وتعزيز التحالفات الأمنية العالمية، منها 2.6 مليار دولار لتعزيز القدرات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ (بما في ذلك 1.9 مليار دولار لمساعدة تايوان عسكرياً)، و3.3 مليار دولار لدعم القاعدة الصناعية للغواصات ضمن تحالف أوكوس (مع استراليا وبريطانيا)، و5.4 مليار دولار لتعزيز الجاهزية العسكرية والتفوق الاستراتيجي.
روسيا تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 41 مليار دولار
بلغ الإنفاق العسكري الروسي في العام 2024 نحو 149 مليار دولار، مسجلاً زيادة بنسبة 38% بالمقارنة مع العام 2023، ما يجعلها صاحبة ثاني أكبر زيادة نسبية في 2024 بعد إسرائيل. مع العلم أن ميزانية روسيا العسكرية أصبحت أكثر غموضاً منذ بدء الغزو الشامل لأوكرانيا في أوائل 2022، حيث تم تصنيف حوالي 30% من الإنفاق ضمن بنود سرية في العام 2024، ومن الممكن أن يكون الإنفاق الفعلي أكبر.
في العام 2024، خُصِّص جزء كبير من الإنفاق العسكري الروسي لصناعة الأسلحة المستخدمة في حرب أوكرانيا، بالإضافة إلى دعم بعض شركات تصنيع الأسلحة التي كانت على وشك الإفلاس. كما شكّل الدعم الاجتماعي، بما في ذلك الرواتب المدفوعة للعسكريين، بنداً رئيساً من النفقات، إذ تجاوز الإنفاق عليه 9.4 مليار دولار بحلول أكتوبر 2024.
الصين تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 21 مليار دولار
خصّصت الصين، التي تعد ثاني أكبر منفق عسكري في العالم، نحو 314 مليار دولار لإنفاقها العسكري في العام 2024، مسجلة زيادة بنسبة 59% خلال الفترة الممتدّة من 2015 حتى 2024، وارتفاعاً بنسبة 7% مقارنة بالعام 2023، وتمثل أكبر زيادة سنوية نسبية في الإنفاق العسكري للصين منذ العام 2015، كما أنها تمثّل العام الـ 30 على التوالي من النمو المستمر — وهي أطول فترة نمو متواصل مسجلة لأي دولة في قاعدة بيانات الإنفاق العسكري لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
يُعزى ارتفاع الإنفاق العسكري في الصين بشكل رئيس إلى سعيها لتحقيق هدفها الاستراتيجي طويل الأمد المتمثل في تحديث قواتها المسلحة بحلول العام 2035. في 2024، أعلنت الصين عن قدرات متطورة عدة، منها مقاتلات شبح جديدة وطائرات ومركبات بحرية غير مأهولة. كما واصلت الصين توسيع ترسانتها النووية بسرعة، وعزّزت قدراتها في مجالات الحرب الإلكترونية والفضاء، إلى جانب إنشاء قوات مستقلة للفضاء السيبراني والفضاء في العام نفسه.
أثّر التوسع العسكري الصيني بشكل مباشر على سياسات الدفاع لدى الدول المجاورة، ما دفع عدداً منها، مثل تايوان واليابان والفلبين، إلى رفع ميزانيات الإنفاق العسكري الخاصة بها.
ألمانيا تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 19 مليار دولار
في العام 2024، واصل الإنفاق العسكري الألماني ارتفاعه للعام الثالث على التوالي، ليبلغ 88.5 مليار دولار، مسجلاً زيادة بنسبة 28%. هذا النمو وضع ألمانيا في المرتبة الرابعة عالمياً من حيث حجم الإنفاق العسكري، والأولى في أوروبا الوسطى والغربية للمرة الأولى منذ إعادة توحيد البلاد.
عموماً، أدت الحرب الروسية–الأوكرانية، المستمرة منذ العام 2022، إلى دفع الإنفاق العسكري في أوروبا إلى مستويات غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة، حيث زادت جميع الدول الأوروبية من ميزانياتها العسكرية في 2024 باستثناء مالطا.
بُعيد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أنشأت ألمانيا صندوقاً لتعزيز القدرات العسكرية بقيمة 100 مليار يورو (105 مليارات دولار في 2022) ولا يزال العمل به جارياً. في العام 2024، وافق البرلمان الألماني على صفقات تسليح جديدة وتمويل مشاريع بحث وتطوير عسكري، جزئياً من خلال هذا الصندوق. كما قدمت ألمانيا مساعدات عسكرية مالية لأوكرانيا بقيمة 7.7 مليار دولار، لتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة لجهة حجم الدعم المقدم لكييف خلال العام.
إسرائيل تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 18 مليار دولار
ارتفع الإنفاق العسكري الإسرائيلي بنسبة 65% في العام 2024، ليصل إلى 46.5 مليار دولار، مسجلاً أكبر زيادة سنوية في الإنفاق العسكري منذ حرب العام 1967، وأعلى نسبة نمو في الإنفاق العسكري بين جميع دول العالم في خلال العام الماضي. كما ارتفعت حصة الإنفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي من 5.4% في العام 2023 إلى 8.8% في العام 2024، ما وضع إسرائيل في المرتبة الثانية عالمياً من حيث العبء العسكري بعد أوكرانيا. وكان هذا نتاج حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة والحرب التي شنّتها على لبنان.
اليابان تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 9.6 مليار دولار
أنفقت اليابان 55.3 مليار دولار في العام 2024 على قطاعها العسكري، بزيادة قدرها 21% بالمقارنة مع العام 2023، وهي أكبر زيادة سنوية منذ العام 1952، ما رفع العبء العسكري إلى 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى في اليابان منذ العام 1958.
تأتي هذه الزيادة ضمن خطة اليابان لتعزيز قدراتها العسكرية للفترة 2022–2027، في ظل تصاعد التوترات الأمنية مع جيرانها: الصين وروسيا وكوريا الشمالية، مع تركيز خاص على تطوير قدرات الضربات بعيدة المدى وأنظمة الدفاع الجوّي. وخصّصت اليابان 13 مليار دولار في العام الماضي لهذا النوع من الأنظمة، من بينها صواريخ هجومية بعيدة المدى من صنع أميركي.
بولندا تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 9 مليار دولار
سجّل الإنفاق العسكري في بولندا زيادة بنسبة 31% في العام 2024، ليبلغ 38 مليار دولار. ساهم صندوق خاص خارج إطار الموازنة، أُنشئ عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، في تمويل جزء من هذا الإنفاق. وباعتبارها دولة كانت جزءاً من الكتلة السوفياتية وتقع بمحاذاة كل من إقليم كالينينغراد الروسي، وأوكرانيا، وبيلاروسيا الحليفة المقربة لروسيا، كثفت بولندا من استثماراتها في المجال الدفاعي، إذ ضاعفت إنفاقها العسكري، متصدرة بذلك دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) من حيث نسبة الإنفاق الدفاعي إلى الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزة حتى الولايات المتحدة.
هولندا تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 6 مليار دولار
في العام 2024، ارتفع الإنفاق العسكري في هولندا بنسبة 35% ليتجاوز 23 مليار دولار أميركي. وعلى الرغم من أن هذا الرقم يبقى متواضعاً مقارنة بإنفاق دول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين، إلا أنه يعادل الناتج الاقتصادي لدول مثل سوريا ولبنان.
منذ اندلاع الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، شرعت هولندا في رفع إنفاقها العسكري، بعد فترة طويلة من التقشف التي قلّصت قدرات قواتها المسلحة بشكل ملحوظ. كما أدّت دوراً بارزاً في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، وكانت من أوائل الدول التي زوّدتها بطائرات مقاتلة من طراز F-16 في العام 2024.
المكسيك تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 4.7 مليار دولار
تضاعف الإنفاق العسكري في أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي بين عامي 2015 و2024 (+111%). ففي العام 2024 وحده، ارتفع الإنفاق العسكري بنسبة 31% ليصل إلى 19.8 مليار دولار. ويرجع هذا إلى زيادة الإنفاق العسكري في المكسيك بنسبة 39% ليصل إلى 16.7 مليار دولار في 2024.
جاء هذا التوجه نتيجة تعزيز المكسيك لميزانية الحرس الوطني والبحرية. ويُذكر أن مخصصات الحرس الوطني — القوة شبه العسكرية التي تم تأسيسها في العام 2019 لمكافحة الجريمة المنظمة — تتزايد بشكل مستمر، ما يعكس توجه الحكومة المتصاعد نحو عسكرة مواجهة الجريمة المنظمة.
فرنسا تزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 3.7 مليار دولار
في العام 2024، شهد الإنفاق العسكري في فرنسا زيادة بنسبة 6.1% ليبلغ 64.7 مليار دولار. ويأتي هذا الارتفاع تماشياً مع قانون التخطيط العسكري للفترة 2024–2030، الذي يهدف إلى تعزيز الاستقلال الاستراتيجي لفرنسا وتطوير صناعتها العسكرية لتتماشى مع «اقتصاد الحرب» المدعوم بالابتكار الصناعي، بعد أكثر من ربع قرن من تقليص الإنفاق وتقليل حجم القوات المسلحة. وفي شباط/فبراير 2024، أبرمت فرنسا وأوكرانيا اتفاقاً ثنائياً يشمل تقديم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا تصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار.