Preview مصرف لبنان

ملخص تقارير التدقيق المالي والمحاسبي في مصرف لبنان
فنون التزوير والسحر الأسود

كلّفت الحكومة اللبنانية شركتي Oliver Wyman وKPMG في حزيران/يونيو 2020 بإجراء تدقيق مالي ومحاسبي في حسابات مصرف لبنان. توثّق القراءات التي أجريت على ميزانية مصرف لبنان المُدقّقة لعام 2018 (KPMG) وميزانيّته في نهاية آذار/مارس 2021 (Oliver Wyman) ما كان يُردّد منذ أعوام: ميزانية مصرف لبنان غير موثوقة، وتنطوي على بنود لا تعكس وضعيّته المالية الحقيقيّة منذ ما قبل الأزمة. وهو واقع استمرّ بعدها.

عمليّات المصرف المركزي المُسجّلة في الميزانية يصعب فهمها دائماً، وتحوم إشكاليات حول المبادئ المحاسبية التي يتبعها المصرف المركزي، لا سيما أن بعضها مُصمّم لإخفاء وضعيّته السلبيةوبحسب التقارير التي سلّمتها وزارة المالية إلى مجلس الوزراء في مطلع آب/أغسطس الحالي، فإن عمليّات المصرف المركزي المُسجّلة في الميزانية يصعب فهمها دائماً، وتحوم إشكاليات حول المبادئ المحاسبية التي يتبعها المصرف المركزي، لا سيما أن بعضها مُصمّم لإخفاء وضعيّته السلبية. وتخلص إلى أن مصرف لبنان، ومن أجل التكيّف مع وضعيات صعبة مدفوعة بعوامل خارجة عن سيطرته، انحرف عن الممارسات المحاسبية المُتبعة في المصارف المركزية في العالم، وبالتالي هناك حاجة لإعادة النظر في ميزانيته لكي تعكس فهماً واضحاً للاقتصاد اللبناني ووضعيّته الحقيقية.

توثيق المؤكّد

لا يختلف تشخيص شركات التدقيق للأسباب التي أدّت إلى مراكمة الخسائر في المصرف المركزي عن الأسباب التي يجري الإضاءة عليها منذ ما قبل انفجار الأزمة في العام 2019.

تعتبر شركة KPMG من خلال قراءتها لميزانية مصرف لبنان المدقّقة لعام 2018 أن العمليات النقديّة التي نفّذها المصرف المركزي طوال سنوات من أجل زيادة احتياطاته بالعملات الأجنبية وتغذية القاعدة الرأسمالية للمصارف ودعم ميزان المدفوعات رتّبت عليه مخاطر جمّة. وهي سردية تعزّزها قراءة Oliver Wyman لأرقام ميزانية المصرف المركزي حتى نهاية آذار/مارس 2021، إذ تشير إلى أن التزامه بدعم تثبيت سعر الصرف، دفعه إلى البحث عن مصادر وموارد بالعملات الأجنبية بشكل دائم، خصوصاً في ظلّ معاناة الاقتصاد اللبناني من عجوزات دائمة وكبيرة في المالية العامة والحساب الجاري.

وتتابع Oliver Wyman بأن مصرف لبنان استخدم أداة الفائدة لتحفيز المصارف التجارية على جذب العملات الأجنبية، وبالتالي تكوين مخزون كافٍ منها لمواجهة الصدمات الخارجية والاستمرار في تثبيت سعر الصرف، على الرغم من الأثر السلبي الذي حملته زيادة معدّلات الفائدة على الاقتصاد اللبناني وتقويض تنافسيّته ومساهمتها في تسريع وتحويل الأزمة إلى طرق أخرى. لكن منذ العام 2014-2015، انهارت أسس الاستراتيجية النقدية لمصرف لبنان، وباتت عملية جذب العملات الأجنبية صعبة، فلجأ إلى ما سمّاه «هندسات مالية»، منح بموجبها المصارف المحلّية فوائد أعلى من المُعتاد وقروض ميسّرة لقاء الودائع وشهادات الإيداع التي وضعتها لديه، فضلاً عن قيامه بعمليات «سواب» قضت بتبديل سندات خزينة بالليرة اللبنانية يحملها في محفظته بسندات يوروبوند أصدرتها وزارة المالية، وقام ببيعها للمصارف لقاء الحصول على عملات نقدية دعم فيها احتياطاته. جرت هذه العمليات بأسعار مختلفة عن سعر الفائدة في السوق، وقد سمحت بنقل مالي من مصرف لبنان إلى المصارف التجارية. 

مصرف لبنان نجح في تحقيق هدفه بتثبيت سعر الصرف، إنّما على حساب توسيع حجم عمليّاته النقدية، وبالتالي خسائره، وعلى حساب سلامة القطاع المصرفي أيضاًلم تكن هذه العمليّات من دون كلفة، بل نتجت عنها الخسائر التي راكمها مصرف لبنان في ميزانيّته، بحيث بات مكشوفاً كدائن سيادي ومكشوفاً بالعملات الأجنبية. وبنتيجة توسّعه في تمويل المصارف بشروط ميسّرة مقابل وضع عملاتها الأجنبية لديه، انكشفت هي أيضاً أمام مخاطره. ويخلص التقرير إلى أن مصرف لبنان نجح في تحقيق هدفه بتثبيت سعر الصرف، إنّما على حساب توسيع حجم عمليّاته النقدية، وبالتالي خسائره، وعلى حساب سلامة القطاع المصرفي أيضاً.

وضعية سلبية منذ العام 2018

بالاستناد إلى المعلومات الكمّية والنوعية التي قدّمها مصرف لبنان، يتبيّن أن فجوة العملات الأجنبية في حسابات المصرف المركزي، وهي الفارق بين أصوله والمطلوبات المُترتبة عليه بالعملات الأجنبية، برزت منذ أواخر العام 2018، ووصلت إلى 29.5 مليار دولار في نهاية العام 2018 بحسب KPMG، واستمرّت بالتوسّع وصولاً إلى 37.2 مليار دولار في آذار/ مارس 2021.

ميزانية مصرف لبنان

مع ذلك، لا تعبِّر هذه الأرقام المُستخرجة من ميزانية المصرف المركزي عن الصورة الشاملة لوضعيّته الفعلية. فبحسب تحليل Oliver Wyman قد تنخفض الفجوة إلى 35,7 مليار دولار أو ترتفع إلى 55,6 مليار دولار بحسب السيناريوهات المُحتملة لما قد تفضي إليه إعادة هيكلة الدَّيْن العام، خصوصاً أن مصرف لبنان يحمل في محفظته سندات يوروبوند بقيمة 5.1 مليار دولار، ويزعم أنه له في ذمّة الحكومة مبلغ بقيمة 15.7 مليار دولار، سبق أن باعها المركزي للحكومة وقبض ثمنها، ولكن في سياق تبرير خسائره وتوزيعها يزعم أنها لا تزال مترتبة على الدولة ويجب تسديدها بالدولار. وهناك خلاف مع الحكومة حول دفعها بالدولار.

ويضاف إلى ذلك، نحو 86 تريليون ليرة (أي أكثر من 57 مليار دولار على سعر الصرف الرسمي الثابت حينها البالغ 1507.50 ليرة للدولار)، هي عبارة عن خسائر تكبّدها المصرف المركزي جرّاء العمليات النقدية التي نفّذها على مدار سنوات، وإنّما عمل على إخفائها عبر تسجيلها ضمن أصوله بوصفها أرباحاً ناتجة عن طبع العملة. وفي حين، تعتبر Oliver Wyman أن منظور مصرف لبنان لهذا البند لا يتوافق مع المفهوم التقليدي لطبع العملة وخلق النقد والأرباح الناتجة عنه، والمعمول به في معظم المصارف المركزية في العالم، تقول إنه ابتكره لضرورات محاسبية من أجل إخفاء خسائره، وتشير أيضاً إلى عدم وجود أي دليل حسّي أو مادي يضمن تعويض هذه الخسائر من خلال أرباح مستقبلية على المدى المتوسّط. وهذا ما يفترض بالتالي إعادة تصنيف هذه الأصول وفق المعايير المحاسبية المُتبعة في البنوك المركزية، ممّا سوف يكشف خسائر إضافية ويزيد الفجوة المالية بالعملات الأجنبية، والتي قد تتوسّع أكثر وأكثر مع استمرار تراجع العملات الأجنبية في البلاد بالتوازي مع تدهور سعر الصرف.

ميزانية مصرف لبنان

ميزانية ما قبل الانهيار

ركّز تقرير KPMG الذي حلّل الميزانية المدقّقة لمصرف لبنان لعام 2018 على وجود اختلافات في تقييم الأصول والمطلوبات، بحيث سُجِّل بعضها بقيمها الاسمية الأولية، وبعضها الآخر بقيمها الفعلية عند إنجاز الميزانية. وهذا ما يعني أن الأصول والمطلوبات التي سجّلت بقيمها الاسمية لم تعكس وضعيّتها الفعلية وما قد ترتب عليها من انخفاض في قيمتها عند إنجاز الميزانية. 

عدم وجود أي دليل حسّي أو مادي يضمن تعويض هذه الخسائر من خلال أرباح مستقبلية على المدى المتوسّطوهذا يعبّر عن رفع وهمي لقيمة هذه البنود لإخفاء وضعيّتها الفعلية، وقد شملت هذه البنود غالبية أصول المصرف المركزي ومطلوباته بما فيها سندات اليوروبوندز وسندات الخزينة وودائع المصارف والقروض والتسهيلات الممنوحة للقطاع المالي، وغيرها، باستثناء الذهب واستثمارات المصرف المركزي في الشركات المملوكة منه (أي شركة طيران الشرق الأوسط، وشركة إنترا، وميدكلير، وإنديبندانس بلازا).

إلى ذلك، تكشف بعض بنود الموازنة طبيعة العمليات التي كان يقوم بها المصرف المركزي قبل الانهيار، والتي نتجت عنها الخسائر المُتراكمة في ميزانيته، ومن ضمنها وفق الميزانية لعام 2018: 

  • قروض بالليرة اللبنانية للمصارف اللبنانية بقيمة 41.9 تريليون ليرة. هدفت في العام 2017 إلى شراء سندات خزينة ودعم إقراض الحكومة. أما في العام 2018، فقد كانت لقاء وضع ودائع بالعملات الأجنبية وشهادات إيداع لديه أو شراء سندات يوروبوندز، بهدف زيادة احتياطي العملات الأجنبية. بلغت الفائدة على هذه القروض نحو 2%. 
  • توظيفات في مصارف خارجية إمّا على شكل ودائع قصيرة الأجل تمتد من يوم واحد إلى ثلاثة شهور بقيمة 8.7 تريليون ليرة، أو على شكل عمليات إعادة شراء (Repo) بقيمة 958 مليار ليرة، بالإضافة إلى نحو 36 تريليون ليرة كودائع لأجل بفائدة.
  • أصول مدعومة بأسهم المصارف أو بجزء من رساميله أو ائتمانات يكون دفع أصلها والفوائد عليها مربوط بأداء سندات اليوروبوندز اللبنانية، وقد بلغت قيمتها تريليون ليرة.
  • قروض للمصارف والمؤسّسات المالية بقيمة 10,1 تريليون ليرة، علماً أن 76,1% منها بالليرة و20.5% بالدولار بآجال قصيرة، وجميعها مضمونة بسندات خزينة أو ودائع وشهادات إيداع محجوزة.
  • قروض ميسرة بقيمة 658 مليار ليرة منحت للمصارف المحلّية للقيام بعمليات الدمج. 
  • أصول ناجمة عن طبع العملة بقيمة 40 تريليون ليرة.
  • في المقابل، بلغت ودائع المصارف والمؤسسات المالية المودعة لدى المصرف المركزي نحو 201 تريليون ليرة (50.5% منها بالدولار)، من ضمنها 3.2 تريليون ليرة فوائد مستحقّة. علماً أن 27.5% من هذه الودائع مرتبطة بالقروض التي منحت لقاء تحويل المصارف ودائعها بالعملات الأجنبية إلى مصرف لبنان، و11% منها هي شهادات إيداع بآجال استحقاق تصل إلى العام 2048.
  • كما سجّل مصرف لبنان ضمن ميزانيته أرباحاً غير مُحقّقة بقيمة 9 تريليون ليرة، تضمّ فروقات إعادة تقييم الذهب، وكلفة عمليات تبديل سندات الخزينة باليوروبوندز. وكذلك سجّل خسائر مؤجّلة بقيمة 15,8 تريليون ليرة ناتجة بشكل رئيسي عن كلفة شهادات الإيداع والفوائد التي عليه دفعها.

ميزانية ما بعد الانهيار

تركت سياسات مصرف لبنان النقدية وعمليّاته آثاراً واضحة في ميزانيته. بحسب تقرير Oliver Wyman الذي حلّل أرقام ميزانية المصرف المركزي حتى آذار/مارس 2021، فقد توسّعت الميزانية بنحو 5 مرّات في خلال 15 عاماً، وارتفعت من 43,6 تريليون ليرة إلى 224 تريليون ليرة بين عامي 2005 و2020، أي بنحو 12% سنوياً، مدفوعة بالتدابير والعمليات التي نفّذها للحفاظ على تثبيت سعر الصرف. ووصلت قيمتها في آذار/ مارس 2021 إلى 229.5 تريليون ليرة.

وفي حين يشكّك تقرير Oliver Wyman بصدقية الحسابات والتقارير المُقدّمة، ينصح بإجراء تدقيق جنائي للتحقّق من عمليّات مصرف لبنان، ولا سيما ما يُطلِق عليها «هندسات مالية»، وبيان التشابك مع ميزانيات المصارف وفهمه في أي عملية إعادة هيكلة.

يشكّك تقرير Oliver Wyman بصدقية الحسابات والتقارير المُقدّمة، ينصح بإجراء تدقيق جنائي للتحقّق من عمليّات مصرف لبنان، ولا سيما ما يُطلِق عليها «هندسات مالية»تضمّ ميزانية مصرف لبنان بنوداً مرتبطة بعمله كسلطة نقدية مثل الذهب وسندات الخزينة، وتبرز أصول أخرى أيضاً غير مرتبطة بمهامه الرئيسية مثل حيازاته العقارية وامتلاكه شركة طيران الشرق الأوسط. لكن تبقى البنود المُرتبطة بصلاحيّاته الرئيسة كسلطة نقدية هي الأكثر تأثيراً على ميزانيّته. وهذا ما ركّز عليه التقرير. 

لناحية الأصول، يعتبر التقرير أن أصول المصرف المركزي بالعملات الأجنبية والذهب هما البندين الأهمّ في تنفيذ عملياته النقدية. وقد بلغت قيمة أصوله الأجنبية في نهاية آذار/مارس 2021 نحو 22.2 مليار دولار، والذهب نحو 15.5 مليار دولار. تليها محفظة سنداته السيادية والتي بلغت 61,4 تريليون ليرة علماً أن معظمها سندات بالليرة اللبنانية وتبيّن حجم دوره في تمويل الحكومة. ومن ثمّ القروض الممنوحة للقطاع المصرفي التي تبلغ نحو 21,7 تريليون ليرة، ويشير التقرير إلى ضرورة التعامل معها ربطاً بالودائع الموجودة لدى مصرف لبنان، وبالتالي فهم التشابك بين الميزانيتين. إلى ذلك، تبرز الأصول الأخرى التي تضخّمت بشكل كبير منذ العام 2017، وهي تضمّ أصولاً يزعم المصرف المركزي أنها أرباح ناتجة عن طبع العملة، فيما هي خسائر مخفية في ميزانيته، وقد بلغت نحو 86 تريليون ليرة لبنانية.

أيضاً أوجد مصرف لبنان بنداً يتضمّن الأرباح/الخسائر المستقبلية غير المحقّقة من فروقات سعر الصرف وأسعار الذهب وعمليات بيع اليوروبوند وتبديل سندات الخزينة، وقد شكّلت نحو 10% من مجمل ميزانيّته. وفي حين اعتبر التقرير أن وجود بند مماثل هو أمر شائع في جميع ميزانيات المصارف المركزية من أجل تجنّب التعامل مع الخسائر والأرباح الناتجة عن تقلّبات سعر الصرف على المدى القصير، فإنه في الحالة اللبنانية يشكّك بمدى كفاءة هذه المعالجة المحاسبية للتعامل مع خسائر ناتجة عن مشكلات بنيوية لا يمكن تعويضها في المدى المنظور.

إلى ذلك، يدرج التقرير سندات اليوروبوند التي يحملها المصرف المركزي ضمن ميزانيته، ولكنه لا يحتسبها ضمن أصول البلد بالعملات الأجنبية وكذلك السحوبات المكشوفة لصالح الدولة (overdraft). ويعتبر أن الترابط بين المصرف المركزي والحكومة أمرٌ طبيعي، ويرى أنه في حال استحقّت هذه المطلوبات المتوجبة على الدولة ولم تتمكّن من إعادة تمويلها من الأسواق، فيمكنها أن تطلب من مصرف لبنان تمويلها من احتياطاته، ولذلك لا يمكن اعتبارها أصولاً بالعملات الأجنبية للبلد ومطلوبات عليه في الوقت نفسه.

لناحية المطلوبات، تُعدُّ الودائع العنصر الأكبر ضمن المطلوبات، وهي تتضمّن ودائع المصارف التجارية وودائع القطاع العام والمؤسّسات المالية. يشار إلى أن ودائع المصارف لديه تشكّل 87% من مجمل هذه الودائع، ونحو 64% من مجمل مطلوبات مصرف لبنان في آذار/مارس 2021، وقد بلغت قيمتها نحو 147,9 تريليون ليرة. أمّا العنصر الثاني ضمن المطلوبات فهو حجم النقد في التداول الذي ارتفع بنحو 546% منذ العام 2017 وبات يشكّل في حينه نحو 16% من مجمل المطلوبات وبقيمة 36.5 تريليون ليرة.

وفي حين يعتبر التقرير أن استحواذ هذين البندين على الحصّة الأكبر ضمن مطلوبات المصرف المركزي ليس بالأمر الغريب، يرى أن الزيادة المُسجّلة في حجم النقد في التداول ليست إلا مؤشّراً على الضغوط التضخّمية، التي يرجّح أن تستمرّ مع استمرار تدهور سعر الصرف. 

بما أن قدرة الحكومة على توليد عملات أجنبية محدود ولا يكفي لسدّ الفجوة، يتطلّب الأمر تخفيض حجم مطلوبات القطاع المصرفي تجاه القطاع العام، بما فيه المصرف المركزي، وشطب جزء من هذه المطلوبات وتعديل شروطها وتمديد آجال استحقاقهاويخلص التقرير إلى أن أكثر من نصف مطلوبات المصرف المركزي هي بالعملات الأجنبية، وتقابلها أصول بالعملات الأجنبية بنسبة 27% من مجمل أصوله، بحيث بلغت الفجوة المالية بالعملات الأجنبية نحو 37.2 مليار دولار في آذار/مارس 2021. وهذا يعني أن المصرف المركزي لا يملك أي قدرة لإحياء نظام سعر الصرف الثابت. كما يعتبر أن الإقرار بالتدهور الكبير الطارئ على سعر الصرف وتطبيقه على ميزانية مصرف لبنان، سوف يؤدّي إلى تسجيل خسائر كبيرة، تضاف إلى الخسائر الضمنية المُسجّلة كأصول ناتجة عن أرباح طبع العملة، والأرجح أن تتجاوزها.

ووفق التقرير، يستوجب هذا الواقع التعامل مع هذه الفجوة بما يضمن حماية القطاع المالي من جهة، والحفاظ على قدرة المصرف المركزي على تنفيذ سياسات نقدية من جهة أخرى. وبما أن قدرة الحكومة على توليد عملات أجنبية محدود ولا يكفي لسدّ الفجوة، يتطلّب الأمر تخفيض حجم مطلوبات القطاع المصرفي تجاه القطاع العام، بما فيه المصرف المركزي، وشطب جزء من هذه المطلوبات وتعديل شروطها وتمديد آجال استحقاقها.