معاينة Syria Lebanon Crossing

أكثر من 30 غارة لقطع الطرق بين لبنان وسوريا

منذ أن بدأت إسرائيل هجماتها الوحشية على لبنان، استهدفت المعابر الشرعية وغير الشرعية ومناطق حدودية بين لبنان وسوريا 32 مرّة حتى 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وشملت الاستهدافات ضربتين على معبر المصنع، الشريان الأساس لحركة الناس والبضائع بين البلدين، بالإضافة إلى معبريْ جوسية ومطربا الرسميين، فضلاً عن معابر غير شرعية كتلك الموجودة في حوش السيد علي بالقرب من منطقة ريف القصير. 

بحجة استهدافها مصالح حزب الله وقدراته اللوجستية، استهدفت إسرائيل حركة التجارة بين البلدين المقدّرة بمئات ملايين الدولارات، وهدّدت حركة عبور الأفراد، ولا سيما الهاربين من أتون الحرب في لبنان إلى أماكن أكثر أماناً في سوريا والعراق، وأضرّت بشكل خاص أهالي القرى الحدودية المستفيدين من حركة البضائع المهرّبة أو الشرعية بين لبنان وسوريا.

Map bombed crossings

المعابر الرسمية هدف لإسرائيل

يوجد 6 معابر رسمية فقط بين سوريا ولبنان، وهي معابر المصنع والقاع-جوسية والعبودية والعريضة وتلكلخ ومطربا، منها ما هو مخصّص لتنقّل الناس والبضائع، ومنها ما هو مخصّص لحركة المسافرين فقط.

المصنع - جديدة يابوس: في 5 تشرين الأول/أكتوبر، نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي بعد منتصف ليل الخميس – الجمعة غارات جوية استهدفت معبر المصنع – جديدة يابوس في ريف دمشق عند الحدود السورية – اللبنانية، ما أدّى إلى أضرار كبيرة وقطع طريق دمشق – بيروت، ثم أعاد جيش الاحتلال الكرّة في 22 تشرين الأول/أكتوبر، وشنّ غارة جوية على المعبر من دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.

ويعتبر هذا المعبر أهم المعابر الشرعية بين البلدين، وقد عبر منه عشرات آلاف النازحين من لبنان بسبب تصعيد الحرب الإسرائيلية، ويقدّر العابرون من هذا المعبر بنحو 52% من النازحين عبر الحدود، الذين بلغ عددهم أكثر من 472 ألفاً حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر بحسب مفوّضية اللاجئين لدى الأمم المتحدة، التي أفادت أن الضربات الإسرائيلية لم تردع حتى الآن أولئك الذين يعتزمون العبور إلى سوريا، إذ شهد معبر المصنع بالفعل ارتفاعاً طفيفاً في عدد العابرين الجُدد.

المصنع هو أهم معبر تجاري بين لبنان وسوريا، فقد دخل إلى لبنان عبره نحو 344 مليون دولار من الواردات في العام 2023، وصدّر لبنان عبره بضائع بقيمة 176 مليون دولار في السنة نفسها. أي أن حركة التجارة عبره تساوي نحو 2% أو 3% من الناتج المحلي للبنان (2022)، و5% إلى 6% من الناتج المحلي لسوريا (2021). ومن أهم ما دخل إلى لبنان من بوابة المصنع في العام 2023، هناك الأجهزة الكهربائية بحوالي 65 مليون دولار، وعربات السيارات بنحو 60 مليون دولار، فضلاً عن مصنوعات اللدائن والألمنيوم. أما أهم ما صدّره لبنان عبر المصنع فهي الفواكه والثمار بقيمة تبلغ نحو 29 مليون دولار في العام 2023.

جوسية: في 25 تشرين الأول/أكتوبر، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة جوّية استهدفت نقطة تابعة للمخابرات العسكرية السورية قرب مبنى الهجرة والجوازات في معبر جوسية الذي يربط الأراضي اللبنانية بمنطقة ريف القصير جنوب غربي حمص، ما أدّى إلى مقتل 3 عناصر من المخابرات العسكرية، كما أدى الاستهداف إلى خروج المعبر عن الخدمة بشكل كامل، وأعادت إسرائيل استهداف المعبر بعد ثلاث أيام في 28 تشرين الأول/أكتوبر، ما تسبّب بأضرار كبيرة من دون ورود معلومات عن وقوع خسائر بشرية. 

بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن معبر جوسية الحدودي استأنف عمله في 29 تشرين الأول/أكتوبر، لكن مع عدد قليل جداً من العابرين. لكن، في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، استهدفت طائرات إسرائيلية المعبر بغارتين جوّيتين، وأعلن وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية أن الضربة الإسرائيلية الجديدة على المعبر الحدودي بين لبنان وسوريا أغلقته مجدداً بعد إعادة فتحه جزئياً. وقال فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتّحدة السامي لشؤون اللاجئين إن غارة جوية إسرائيلية جديدة ضربت معبر جوسية الحدودي، الذي يستخدمه الكثير من اللبنانيين والسوريين للعبور من لبنان إلى سوريا. وأفاد غراندي بقصف منشآت إنسانية أيضاً، وأضاف في تغريدة له على منصة إكس: «حتى الفرار والاهتمام بالفارين أصبح أمراً صعباً وخطيراً مع استمرار الحرب».

يعتبر معبر جوسية بوابة رئيسة بين البقاع الشمالي اللبناني وريف حمص، بل يوصف بأنه «رئة لبنان» الأساسية لجهة البقاع الشمالي، إذ لا تفصله عن حمص سوى مسافة 40 كيلومتراً. أتاح معبر جوسية للبنانيين الوصول إلى مدينة حمص التي تعدّ حاضرة تجارية وإدارية مهمّة، ويعدّ المعبر بالنسبة إلى اللبنانيين نقطة رئيسة لنقل البضائع وتسهيل المواصلات بين البلدين، كما يستخدم لتهريب المواد الغذائية والمحروقات في المناطق التي طالها الحصار في خلال الحرب السورية.

في أواخر العام 2012، أغلق المعبر بشكل كامل على خلفية المعارك التي دارت في منطقة القصير، ليعاد افتتاحه في العام 2017 من الجانبين السوري واللبناني. في خلال الافتتاح لفت مدير عام الأمن اللبناني في حينها عباس إبراهيم إلى أنّ «أهمية هذا المعبر الحدودي تكمن في موقعه الجيوسياسي، في بلدة القاع الملاصقة للحدود السورية، وهي آخر بلدة لبنانية على خط بعلبك – حمص، وبهذا المعنى شكّلت ممرّاً وبوابة عبور على مدى التاريخ». 

مطربا: في 26 أيلول/سبتمبر، نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي، غارة جوية استهدفت معبر مطربا الذي يربط منطقة القصير من الجهة السورية بالأراضي اللبنانية. وبعدها بيوم في 27 أيلول/سبتمبر، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة جوية على المعبر طالته بصواريخ عدّة، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة إثر تعرّضه لأضرار مادية كبيرة. وبعد شهر كامل في 26 تشرين الأول/أكتوبر، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة جوية على المعبر فتعرض لأضرار مادية كبيرة.

معبر مطربا هو معبر جديد افتتح في العام 2022، يصل بين منطقة القصير بريف حمص الجنوبي الغربي ومنطقة الهرمل في لبنان، وقبل إنشائه كان سكان الهرمل يعانون بشكل يومي أثناء الذهاب إلى سوريا عبر معبري القاع والمصنع، وكان الهدف من افتتاح المعبر هو تسهيل حركة التنقل بتكلفة أقل لأهالي المنطقة سواء بهدف العلاج أو زيارة الأقارب أو غيره، وهدف الافتتاح كذلك إلى زيادة الحركة التجارية والسياحية بين سوريا ولبنان.

عند افتتاح المركز الحدودي للمعبر، أكّد المدير العام للأمن العام في حينها عباس ابراهيم أنّه «بمجرد بدء العمل في المعبر، نكون عمليّاً أقفلنا 18 معبراً غير شرعياً، كان يضطر أن ينتقل عبرها اللبنانيون المقيمون داخل الأراضي السوريّة إلى لبنان». وأشار إلى أنّه تمّ إعادة ربط 25 بلدة، يقطن فيها نحو 10 آلاف نسمة، بالوطن الأم، بعدما كانوا يتكبّدون مشقّة الانتقال ويقطعون أكثر من 40 كيلومتراً للوصول إلى معبر جوسيه – القاع - الهرمل، بينما الآن صارت المسافة لا تتجاوز الـ 5 كيلومترات، حيث يتمّ الدخول بطريقة شرعية وبتسهيلات بعيداً من أيّ تعقيد». 

إسرائيل تقطع المسالك الطبيعية بين القرى

 إلى جانب هذه المعابر، توجد معابر أخرى توصم بأنها «غير شرعية»، علماً أنها في نظر أهل القرى المجاورة ممرات حقيقية، وليس لخطوط وهمية بين سوريا ولبنان أن تنقّص من وجودها البديهي الواضح أمامهم، فقد أمدتهم الطبيعية بها لتبادل المنتجات والسلع والبضائع، وتنقل أولادهم إلى المدارس والمزارعين إلى الحقول بين الجانبين، علماً أن في حالات محدّدة، تبدو هذه المعابر طرقاً ضمن ما كان يوماً بلدة واحدة قسّمتها خرائط الحدود.

استهدفت إسرائيل منطقة حوش السيد علي ومعابرها 8 مرات، كان أولها في 26 أيلول/سبتمبر وآخرها في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، في هذه المنطقة لا يمكن التمييز بين الأراضي اللبنانية والأراضي السورية إلا من خلال ساقية المياه التي أقام عليها سكان منطقة حوش السيد علي جسوراً فردية تنقلهم من سوريا إلى لبنان وبالعكس. كانت هذه قرية واحدة، لكن رسم الحدود بين البلدين في القرن الماضي ترك نحو 4 آلاف دونم في لبنان، ومنحت سوريا نحو ألف دونم.

بحسب مقال المفكرة القانونية، فإن «أهل الحوش كانوا ينشطون بالزراعة على الجانب اللبناني في سهل المسطاح، وفي سوريا، في زراعة الحبوب كالقمح والفول والبازيلاء، فضلاً عن الأشجار المثمرة التي تطغى على بساتينها على الضفتين». أيضاً كان الحوش ينشط بالتجارة بين البلدين، إلا أنه بعد قانون قيصر الذي حرم السوريين من معظم الاحتياجات بما فيها المازوت والبنزين، أصبح اتجاه الحركة الأساسي في الحوش من لبنان إلى سوريا وطال كلّ السلع الغذائية بما فيها الدواجن والأبقار الحلوب.

بالإضافة الى الحوش، شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات جوية في 3 تشرين الأول/أكتوبر، استهدفت معبر جنتا «غير الشرعي» الذي يصل الأراضي السورية من جهة ريف دمشق مع جرود النبي شيت.

في 10 تشرين الأول/أكتوبر، قصفت إسرائيل معبراً في بلدة القصر قرب مدينة القصير بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية. وكان المجلس السوري اللبناني الأعلى، قد أطلق في العام 2021 مبادرة تقضي بفتح معبر في منطقة القصر لتسهيل عبور السيارات الزراعية والطلاب وتنقل أهالي المناطق الحدودية المحاذية، وتسويق محاصيلهم الزراعية، وكان يسكن في المنطقة الحدودية التي تم طلب فتح المعبر فيها وفي مناطق تابعة لمحافظة حمص السورية أكثر من 30 ألف نسمة من اللبنانيين.

شملت الضربات الإسرائيلية معابر أخرى غير رسمية مثل معبر في بلدة القصر، ومعبر جرود سرغايا في الريف الشمالي الغربي لدمشق، ومعبر جرماش قلد السبع على الحدود الشمالية الغربية للهرمل مع سوريا. وتطول قائمة المعابر إلى أكثر من 15 معبراً وقرية حدودية، واستهدافات تفوق الثلاثين استهدافاً وذلك في غضون شهر ونصف الشهر فقط.