Preview البريك

البريكس: ما له وما عليه

الإعلان الصادر عن قمّة دول البريكس الخامسة عشرة، حمل طموحاً لبناء نظام عالمي جديد مُحتمل، ينطوي على «تمثيل أكبر للأسواق الناشئة والدول النامية في المنظّمات الدوليّة والمنتديات المتعدّدة الأطراف، التي تؤدّي هذه البلدان فيها دوراً مهمّاً». كذلك شملت مخرجات القمّة دعوة ستّ دول للانضمام إلى التكتّل بعضويّة كاملة، وهي الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة. وقد يشمل التوسّع المقبل بلداناً مثل الجزائر وإندونيسيا وكازاخستان ونيجيريا وباكستان وفيتنام وتركيا. فهل نشهد انقلاباً في موازين القوّة لترجّح مصلحة قوى لم يكن الزمن مُنصفاً بحقّها، أم أنّ هذا احتمال صعب المنال؟ نستعين في إعداد هذا التقرير بآراء الدبلوماسي السابق ماركو كارنيلوس والاقتصادي برانكو ميلانوفيتش والاقتصادي والمدوِّن مايكل روبرتس.

البريك

ما هو البريكس؟

تعود فكرة البريكس إلى كبير الاقتصاديين في غولدمان ساكس، جيم أونيل، الذي ذكرها في دراسة أجريت في العام 2001 بعنوان «بناء بريك اقتصاديّة عالميّة أفضل»، وقد استخدم أونيل مصطلح البريك لوصف الأسواق الناشئة في البرازيل وروسيا والهند والصين. وبات تصنيف البريك فئةً تحليليّة في الأوساط الاقتصادية والمالية والتجارية والأكاديمية والإعلامية. وفي العام 2006، أدّى هذا المفهوم بحدّ ذاته إلى ظهور نواة «التكتّل»، الذي أُدرج ضمن السياسة الخارجية للبرازيل وروسيا والهند والصين. وفي العام 2011، لمناسبة انعقاد القمّة الثالثة، أصبحت جنوب أفريقيا جزءاً من هذا التكتّل، الذي اعتمد الاسم المختصر «بريكس»، وهو جمع للحروف الأولى لكلّ من البلدان الأعضاء في التكتّل الناشئ.

بحسب موقع Economic Times، روسيا هي التي بدأت إنشاء مجموعة البريكس. في 20 أيلول/سبتمبر 2006، عُقِد الاجتماع الوزاري الأوَّل لدول البريكس، الذي اقترحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على هامش جلسة الجمعية العامّة للأمم المتّحدة في نيويورك. وشارك فيه وزراء خارجية روسيا والصين والبرازيل ووزير الدفاع الهندي. وكانت كلّ هذه البلدان مهتمّة بتوسيع التعاون المُتعدِّد الأطراف في ما بينها.

بمبادرة من روسيا، في 16 أيار/مايو 2008، استضافت البلاد اجتماعاً لوزراء خارجيّة دول البريكس في مدينة يكاترينبورغ انتهى بإصدار بيانٍ مشترك عن المواقف المُشتركة بشأن التنمية العالمية. وفي 16 حزيران/يونيو 2009 استضافت روسيا قمّة البريكس الأولى في مدينة يكاترينبورغ، صدر على إثرها بيان مشترك من قادة دول البريكس يحدِّد أهداف التكتّل.

انطوى البيان على تعهّد بتعزيز التعاون والحوار بين دول البريكس على نحو متزايد واستباقي وفي إطار من الشفافية والانفتاح. كذلك ذكر البيان أنّ التعاون بين دول التكتّل سوف يخدم المصالح المُشتركة للبلدان النامية واقتصادات الأسواق الناشئة. وأشار أيضاً أنّه بالإضافة إلى الفوائد الاقتصاديّة، سوف يسهم التعاون والحوار بين دول البريكس في بناء عالم يسوده الوئام والسلام والرخاء المُشترك. فضلاً عن ذلك، طرح البيان المُشترك خطوطاً عريضة مفصّلة للتعامل مع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.

ألحق الغرب العالمي بالبشرية حروباً طويلة تناقض القانون الدولي، وفرض عقوبات أحادية الجانب، فضلاً عن عسكرة الدولار، وخطط التكيّف الاقتصادي الكلّي المنافقة، وقواعد «التحوّل الأخضر» الرنّانة التي تُطبّق وفق معايير مزدوجة سافرة

اتفقت دول البريكس، في الفترة من 2009 إلى 2014، على القضايا الاقتصادية والمالية، بما في ذلك إصلاحات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. كذلك اتفقت على اتخاذ إجراءات لحشد الموارد الكفيلة بتمكين صندوق النقد الدولي من التصدّي لجميع أنواع الأزمات. وأنشأ التكتل آليّة تعاون بين بنوك دول البريكس توفّر تسهيلات ائتمانية موسّعة بالعملة المحلية. فضلاً عن ذلك، قدّم تكتّل البريكس فرصة لتوسّع الشركات خارج السوق المحلية وتحقيق عوائد صلبة للمستثمرين. كذلك أظهر التكتّل اهتماماً ببعض القضايا الإقليمية، بما في ذلك المشاكل المُتعلّقة بليبيا وسوريا وأفغانستان وإيران. وشرعت دول البريكس بالتنسيق معاً للتعامل مع النزاعات وإصلاحات صندوق النقد الدولي ومكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدّرات والحاجة إلى تكنولوجيات المعلومات والاتصالات واستخدامها وتطويرها. وسعت دول البريكس أيضاً إلى تأمين ظروف مؤاتية للتجارة الخالية من العوائق.

تستند الشراكات بين دول التكتّل إلى ميثاق الأمم المتّحدة. فيتّبع التكتّل المبادئ المعترف بها وكذلك قواعد القانون الدولي. وقد وافقت جميع الدول الأعضاء في قمّتها في العام 2011 على المبادئ التالية: التكافل والانفتاح والبراغماتية والحياد (في ما يتعلّق بأي أطراف ثالثة) وعلى أن التكتّل لا يمثّل كتلة.

سبب نشأته

للغرب العالمي يد في نشأة البريكس. يقول الدبلوماسي السابق ماركو كارنيلوس لو لم تهدر واشنطن وحلفاؤها الأساسيون النصر الاستثنائي الذي تحقّق مع نهاية الحرب الباردة وتفكُّك الاتحاد السوفياتي، ولولا أنهم أساءوا استخدام مواقعهم، فمن المرجّح أن البريكس لم يكن ليولد أصلاً.

وأضاف كارنيلوس، لا ريب أنّه في خلال العقود الثلاثة الماضية، قد ألحق الغرب العالمي بالبشرية حروباً طويلة تناقض القانون الدولي، وفرض عقوبات أحادية الجانب، فضلاً عن عسكرة الدولار، وخطط التكيّف الاقتصادي الكلّي المنافقة، وقواعد «التحوّل الأخضر» الرنّانة التي تُطبّق وفق معايير مزدوجة سافرة. وآخر مثال على ذلك هو اليابان، التي بدأت، في ظل صمت مُطبق من شركائها في مجموعة السبع، تصرّف 1.3 مليون طن متري من المياه المُشعّة من محطّة فوكوشيما النووية في المحيط الهادئ.

إن نشأة تكتّل البريكس ترجمة للقلق المتزايد في أجزاء كبيرة من العالم غير الغربي إزاء سياسات الغرب العالمي على مدى العقود القليلة الماضية، يشير كارنيلوس، مضيفاً أن توسيعه دليل على أن ردّ الفعل هذا سوف يستمرّ. وليس من المفاجئ أن ردّ الفعل هذا قد صدر بالفعل عن البلدان خارج الغرب العالمي، بل أن إصداره استغرقها كلّ هذه المدّة. في رأي كارنيلوس، من الخطأ تفسير هذا الاتجاه على أنه مسعى أعمى مناهض للغرب، تغذّيه مظالم قديمة تتعلّق بالسياسات الاستعمارية السابقة أو الإجراءات الأحادية الجانب التي اتّخذتها واشنطن حين تربّعت عرش الساحة العالمية. 

كذلك قال كارنيلوس إن الغرب العالمي يروِّج لفكرة غير صحيحة مفادها أنّ النظام العالمي قد وصل إلى نقطة انعطاف جذرية تتّسم بالمواجهة بين النظم الديمقراطية وتلك الاستبدادية، استناداً إلى المنطق العصي عن التغيير: «إمّا معنا أو ضدّنا». فيبدو أن قادة الغرب العالمي عاجزون اليوم على تصوّر السياسة العالمية خارج عقلية الحرب الباردة الشطرية.

البريكس هو المكان الوحيد الذي يمكن أن تلجأ إليه البلدان التي لا ترغب بالانخراط في الحرب الباردة الجديدة، أو حتّى في حرب ساخنة مُحتملة بين القوى العظمى، لئلّا تضطر إلى الاصطفاف مع أحد الجانبين

فضلاً عمّا سبق، يمثّل البريكس أيضاً ردّ فعل على عولمة منظّمة حلف شمال الأطلسي، في رأي الاقتصادي برانكو ميلانوفيتش. والسبب هو أنّه المكان الوحيد الذي يمكن أن تلجأ إليه البلدان التي لا ترغب بالانخراط في الحرب الباردة الجديدة، أو حتّى في حرب ساخنة مُحتملة بين القوى العظمى، لئلّا تضطر إلى الاصطفاف مع أحد الجانبين.

إن فهم تكتّل البريكس يستوجب ألّا نبحث عن قواسم مشتركة بين الأعضاء، أشار ميلانوفيتش، ومن سوء الفهم التغاضي عن التكتّل عندما لا نعثر عليها، مبرّراً أنّه عندما تشكّلت حركة عدم الانحياز في أواخر الخمسينيّات وأوائل الستينيّات، أو في وقت لاحق مجموعة الـ77، لم يجمع الأعضاء قواسم مشتركة سوى رغبتهم بعدم الانحياز مع أحد الجانبين في الحرب الباردة بين الغرب والشرق. فأرادوا النأي بالنفس. ولم يستطع الكثير من الناس فهم منطق عدم الانحياز، وذلك تحديداً لأنّهم لم يستطيعوا فهم أنّه يمكنك إنشاء منظّمة تتألّف من بلدان غير متجانسة قد تختلف على مسائل كثيرة، لكنّها لمست فائدة، لأسباب جيوسياسيّة، في أن تجتمع معاً في إطار منظّمة فضفاضة. وفي الواقع، انتهت حركة عدم الانحياز إبّان انتهاء الحرب الباردة. لكن اليوم، على حدّ قول ميلانوفيتش، مع تجلّي بوادر حرب باردة جديدة، من الطبيعي أن الحاجة عادت إلى منظّمة تضمّ البلدان التي لا ترغب في المشاركة فيها، بالطبع إلى جانب بلدان تخوض حرباً أو صراعاً مع الغرب وحلف شمال الأطلسي، وبالتالي كان البريكس.

المواقف تجاه التكتّل

يرى الاقتصادي والمدوِّن مايكل روبرتس أن الغرب العالمي ووسائل الإعلام الأساسية التابعة له أظهرت تهاوناً تجاه تكتّل البريكس، فضلاً عن التركيز على عيوبه وما فيه من توتّرات داخلية. وفي أحسن الأحوال، اعتبره الغرب ووسائل إعلامه نادياً اقتصادياً ضعيفاً وهشّاً يفتقر إلى التنسيق. أمّا في أسوأ الأحوال، فنُظر إليه كمجموعة واهمة وغير مُتجانسة من البلدان التي أخذت على عاتقها إطلاق نظام حكم عالمي بديل غير كفؤ. أو بكلام آخر، اعتُبر البريكس محاولةً خرقاء ساذجة للانتقال من النظام العالمي القائم على القواعد بقيادة الولايات المتّحدة إلى نظام متعدّد الأطراف غير محدّد ولا يمكن التنبّؤ به.

هذه الاتّهامات مبرّرة إلى حدّ ما، يقول الدبلوماسي السابق ماركو كارنيلوس، مشيراً إلى أنّ تكتّل البريكس لا يستطيع أن يتباهى بآليّات راسخة للتفاعل والتشاور والعمل، وهي الآليّات التي ظلّت لفترة طويلة حكراً على الغرب العالمي عبر مجموعة السبع، وحلف شمال الأطلسي، والاتحاد الأوروبي، ومنظّمة أوكوس، وغيرها من المنتديات. ففي خلاصة الأمر، يقول كارنيلوس، دخلت دول البريكس لعبة الحوكمة العالمية متأخّرة، بعد أن كانت هذه اللعبة، من ابتكار الولايات المتّحدة وقيادتها، امتيازاً غربياً طوال عقود من الزمن. ومع ذلك، أشار الدبلوماسي السابق إنّ مثل هذه الاتهامات الموجزة تؤكّد ظاهرة خطرة، وهي كم أن أعضاء الغرب العالمي بعيدون عن الواقع.

البريكس اليوم

وفقاً لمايكل روبرتس، تمثّل دول البريكس الآن ما يقرب من نصف سكّان العالم ونحو نصف إنتاج العالم من النفط أيضاً. ويتقدّم التكتّل بسرعة مقارنةً بنظيرته مجموعة السبع، التي تتألّف من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتّحدة.

ومع التوسّع الأخير، أشار ماركو كارنيلوس، بات البريكس يضمّ الآن ثلاث قوى نووية عسكرية (روسيا والصين والهند)، وثلاثة من أكبر مُنتجي موارد الطاقة في الشرق الأوسط (المملكة العربية السعودية وإيران والإمارات العربية المتّحدة)، ودولة أفريقية وأخرى عربية تتمتّعان بالأهمية وبموقعيْن استراتيجييْن (إثيوبيا ومصر)، فضلاً عن الأرجنتين، الدولة اللاتينية ذات الأهمّية التاريخية.

كذلك رجّح كارنيلوس أن التوسّع المقبل من المُمكن أن يشمل دولاً أخرى، ما يعني قوّة أكبر على مستويات الطاقة، والسكّان، ونمو الناتج المحلّي الإجمالي، والقدرات النووية العسكرية، والمركز، والموقع الجغرافي الاستراتيجي. وإبّان التوسّع، قد يصبح تكتّل البريكس قريباً شبيهاً بمجموعة العشرين لكن من دون دول غربية.

مع ذلك، يرى روبرتس أنّ دول البريكس لا تزال مُتخلّفة كثيراً عن مجموعة السبع بالقيمة الاسمية للدولار. وشرح أن الناتج المحلّي الإجمالي لدول البريكس مجتمعةً بلغ 26 تريليون دولار أميركي في العام 2022، أي ما يعادل الناتج المحلّي الإجمالي للولايات المتّحدة وحدها تقريباً. أمّا الناتج المحلّي الإجمالي للفرد في البريكس، فليس بشيء يُذكر. وحتّى بالدولار الدولي وفقاً لتعادل القوّة الشرائية، فإن نصيب الفرد من الناتج المحلّي الإجمالي في الولايات المتّحدة يبلغ 80,035 دولاراً، أي ثلاثة أضعاف نصيب الفرد من الناتج المحلّي الإجمالي في الصين، الذي يبلغ 23,382 دولاراً.

تمثّل دول البريكس الآن ما يقرب من نصف سكّان العالم ونحو نصف إنتاج العالم من النفط أيضاً. ويتقدّم التكتّل بسرعة مقارنةً بنظيرته مجموعة السبع، التي تتألّف من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتّحدة

على الرغم من دعوة ستّ دول للانضمام إلى البريكس، فإن التكتّل سيظل قوّة اقتصاديّة أصغر وأضعف بكثير من الكتلة الإمبريالية لمجموعة السبع، بحسب روبرتس، الذي أضاف أن دول البريكس متنوّعة جدّاً من ناحية عدد السكّان، ونصيب الفرد من الناتج المحلّي الإجمالي، وكذلك جغرافياً وعلى مستوى التكوين التجاري. وكثيراً ما تكون النخب الحاكمة في هذه البلدان على خلاف (الصين ضدّ الهند؛ والبرازيل ضدّ روسيا).

لذلك، في رأي روبرتس، على عكس مجموعة السبع، التي لديها أهداف اقتصادية مُتجانسة بشكل متزايد تحت هيمنة الولايات المتّحدة، فإن في تكتّل البريكس تفاوت في الثروة والدخل، فضلاً عن أنّه لا يملك أي أهداف اقتصادية موحّدة سوى محاولة الابتعاد عن الهيمنة الاقتصادية للولايات المتّحدة وعن استخدام الدولار الأميركي على وجه الخصوص. ويرى روبرتس أن حتّى هذا الهدف صعب المنال. فعلى الرغم من التراجع النسبي في الهيمنة الاقتصادية الأميركية على مستوى العالم وفي هيمنة الدولار، يظل الأخير العملة الأكثر أهميّة على الإطلاق على صعد التجارة والاستثمار والاحتياطيات الوطنية.

فضلاً عن ذلك، يقول روبرتس، ما يقرب من نصف التجارة العالمية تتم بالدولار، وبالكاد تسجّل هذه الحصّة أي تغيير. كذلك يدخل الدولار الأميركي في نحو 90% من معاملات تداول العملات الأجنبيّة العالميّة، ما يجعله العملة الأكثر تداولاً في سوق العملات الأجنبيّة. وما يقارب نصف القروض عبر الحدود، وسندات الدين الدوليّة، والفواتير التجاريّة مقوّمة بالدولار الأميركي، وكذلك هي الحال لنحو 40% من رسائل نظام التحويلات الماليّة المصرفيّة و60% من احتياطيات النقد الأجنبي العالميّة. 

يستمر اليوان الصيني في تحقيق مكاسب تدريجيّة، يقول روبرتس، مضيفاً أنّ حصّة الرنمينبي في حجم تداول العملات الأجنبيّة على مستوى العالم قد سجّلت ارتفاعاً من أقل من 1% قبل عشرين عاماً إلى أكثر من 7% الآن. لكن العملة الصينية لا تزال تمثّل 3% فقط من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية، مقارنة بـ1% في العام 2017. وحتّى أن الصين «المناهضة للولايات المتّحدة»، يشير روبرتس، لا تزال تعتمد الدولار الأميركي إلى حدّ كبير في احتياطياتها من النقد الأجنبي. وقد أعلنت الصين أنّها خفّضت حصّة الدولار في احتياطياتها من 79% إلى 58% بين عامي 2005 و2014. لكن يبدو أنها لم تغيّر حصّة الدولار في احتياطياتها في الأعوام العشرة الأخيرة.

مفترق طرق

قال ماركو كارنيلوس إنّ البريكس وأعضاءه الجُدد قد وصلوا إلى مفترق طرق دقيق في ما يتعلّق بتجارة موارد الطاقة وأنظمة السداد، ما قد يؤدّي مع الوقت إلى عقد مؤتمر بريتون وودز ثالث، يعيد تشكيل السياسات العالمية المُتعلّقة بالطاقة والمال. وسيتّحد جميع الأعضاء الحاليين والمحتملين في المستقبل في تكتّل البريكس على هدف مشترك هو الخروج من قبضة الدولار الأميركي المهيمن. وقد يترتّب على ذلك عواقب ضخمة، ولا سيّما إذا أدّت الترتيبات الخاصّة بتداول العملات المحلّية إلى إنشاء تكتّلات تجارية إقليمية مُحدّدة.

أمّا مايكل روبرتس فيقول إنّه مع تراجع ربحية رأس المال في الاقتصادات الكبرى في العقدين الأوّلين من هذا القرن، احتدم السعي في الاقتصادات الرأسمالية الكبرى من أجل تحقيق فائض القيمة، ما يؤدّي إلى تفتيت القوّة الاقتصادية. لكن مع ذلك، لا شكّ في أن الدولار الأميركي لن يفقد قيمته بين ليلة وضحاها، بيد أنه ينبغي على واشنطن أن تنتبه لهذه التطوّرات. ومن الآن فصاعداً، عليها توخّي حذر أكبر قبل عسكرة عملتها، كما فعلت على مدى عقود من الزمن. كذلك لا يمكن تجاهل أنّ عدداً متزايداً من البلدان ترغب في الانضمام إلى تكتّل البريكس ولا الاستخفاف بذلك. فيعني ذلك أن رفض البريكس المشاركة في عملية تجارة عالمية جديدة أو حروب بالوكالة أو حروب فعلية قد يجعل نشوب هذه الحروب أقل احتمالاً. فضلاً عن ذلك، قد يسهم النفوذ الاقتصادي لتكتّل البريكس في الحدّ من بعض التفاوتات الاقتصادية الصارخة بين الدول الغنيّة والمتوسّطة الدخل والفقيرة في جميع أنحاء العالم.