Preview ميزانية مصرف لبنان

ميزانية مصرف لبنان: لم يتغيّر شيء

بعد انقطاعٍ عن النشر لمدة شهر كامل خلافاً للمادّة 117 من قانون النقد والتسليف، نشر مصرف لبنان ميزانيّته العمومية المؤقّتة نصف الشهرية، ولكنّه اكتفى بنشر الأرقام كما كانت في 15/8/2023 وليس كما هي في 31/8/2023، وفق ما تمليه الأصول المتبعة. وهذه هي المرّة الأولى التي تُنشر فيها هذه الميزانية منذ نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في 31/7/2023.

لم يتغيّر شيءٌ في الميزانية المنشورة، سوى الإكثار من الهوامش التي ينطبق عليها المثل القائل: «فسّر الماء بالماء»، إذ تمّ الاعتماد على الأرقام المزوَّرة نفسها، التي دأب رياض سلامة على نشرها لإخفاء الخسائر والألاعيب المحاسبية والاختلاسات، ولكن مع تذييلها بعبارة عمومية تقول أنّ «مصرف لبنان يعمل حالياً على تغيير السياسة المحاسبية لتتناسب مع الممارسات العالمية».

لا تزال الميزانية النصف الشهرية تتضمّن الكثير من المخالفات المحاسبية وأساليب التزوير، التي جرى توثيقها في التدقيقين المالي والمحاسبي المُنجزين من قبل شركتي Oliver Wyman وKPMG، وكذلك في التدقيق الجنائي الأولي الذي أعدّته شركة Alvarez and Marsal. وبالتالي، لم تعكس هذه الميزانية وعود حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري باعتماد الشفافية.

لم يجرِ أي تصحيح من أي نوع كان لبنود ميزانية مصرف لبنان المزوّرة، بل إن الهوامش المُرفقة مع الميزانية تتبنَّى مزاعم حاكم مصرف لبنان السابق، بل وتنسب بعضها إلى مواد قانونية وقرارات صادرة عن «المجلس المركزي»، ولا سيّما لجهة:

  • تحميل الدولة اللبنانية قروضاً بقيمة 16.6 مليار دولار، فيما هي عبارة عن دولارات اشترتها الحكومة اللبنانية منذ العام 2007، وسدّدت قيمتها كاملة بالليرة.
  • وبقي نحو 41.9 مليار دولار مُسجّلة في الميزانية كخسائر ناجمة عن تعديل سعر الصرف يقول المصرف المركزي أنه يتوجّب على الخزينة العامّة تسديدها، فيما هي خسائر مُتراكمة في حسابات المصرف المركزي نتيجة عمليّاته و«هندساته المالية» التي أجراها مع المصارف.
  • وبقي أيضاً نحو 8 مليار دولار مُسجّلة في الميزانية ضمن بند «أصول أخرى» و«أصول ناجمة عن عمليات تبديل الأدوات المالية وتكاليف فوائد مؤجّلة»، علماً أنها جزءٌ من خسائره أيضاً وفق ما بينته عمليات التدقيق المُنجزة.
ميزانية مصرف لبنان

ما تغيّر هو أمر وحيد، إذ دأب حاكم مصرف لبنان بالإنابة على نشر بيان مُنفصل عن الميزانية نصف الشهرية، يبيِّن قيمة الموجودات الخارجية السائلة بالعملات الأجنبية، أي الدولارات المتبقية بالفعل وليس على الدفاتر، إذ بلغت في 15/8/2023 نحو 8.5 مليار دولار، يقابلها مطلوبات خارجية سائلة (أي متوجبة السداد) بقيمة 1.3 مليار دولار، ما يعني أن صافي الموجودات الخارجية القابلة للاستعمال تبلغ نحو 7.2 مليار دولار، وهي أدنى بكثير من قيمة الودائع الإلزامية التي يدّعي منصوري عدم المساس بها.

ميزانية مصرف لبنان