خدعة صندوق النقد الدولي

لا تلجأ الدول إلى صندوق النقد الدولي إلّا صاغرة وعلى الرمق الأخير، ولذلك يجري تقديمه على أنّه المُنقِذ الوحيد، القادر على فرض "الإصلاح" المنشود، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. إلّا أنّ برامج الصندوق لا تنجح غالباً، والشروط التي تتضمّنها تفرضها النُخب المحلّية المُسيطرة لمصلحتها وهي لا تُنفّذ كلّها، وما يُنفّذ منها يخلق مشاكل أكثر من الحلول، وأكثريّة الدول التي خضعت لبرامج الصندوق المشروطة وقعت في فخّ الاتكال على قروضه لفترات طويلة. يتضمّن هذا الملف مقالات لمحمد زبيب، هشام صفي الدين، نبيل عبدو، أحمد الشولي، وأسامة دياب، تُسلِّط الضوء على ماهيّة صندوق النقد، وطبيعة برامجه وتجاربه، ونتائج أعماله.

طفرة أوهام الغاز

اكتشاف المزيد من مكامن الغاز في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسّط، على تخوم المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، لا سيّما قبالة السواحل الفلسطينية المُحتلّة والقبرصيّة، أطلق موجة جديدة من أوهام الثراء والوعود الزائفة، وخلط الأحلام بالحقائق لخدمة أهداف قصيرة النظر. لا شكّ أن اكتشاف كمّيات تجارية من الغاز القابل للاستخراج يشكّل تحوّلاً مهمّاً وبارقة أمل في ظل واحدة من أكثر الأزمات حدّة وخطورة، إلّا أن الأمور ليست بالبساطة التي يجري تصويرها عليها، فالأسئلة الحرجة لم تُطرَح بعد، ليس على صعيد إدارة هذه العمليّة المُعقّدة فحسب، بل على صعيد الخيارات والسياسات والمؤسّسات التي تحتاج إليها، للتوصّل إلى توافق داخلي أوّلاً، والإبحار في عواصف شرق المتوسّط العاتية.

عوارض الهجرة وتحويلاتها

لا يخفي البعض دهشته من صمود بعض المظاهر الاستهلاكية في لبنان أو في مصر وغيرهما من البلاد، في ظلّ أزماتٍ اقتصادية وموجاتٍ تضخّمية وانهيارات في سعر العملة المحلّية وانزلاق المزيد من الأسر المتوسِّطة الدخل إلى الفقر. تُمثِّل تحويلات المهاجرين أحد العناصر الرئيسة في تحليل هذه المفارقة، فلبنان، على سبيل المثال، هو ثاني أكبر بلد متلقّي للتحويلات في العالم كنسبة من ناتجه المحلي الإجمالي (37.8%). أمّا مصر فهي خامس أكبر بلد متلقّي للتحويلات في العالم كقيمة (32.3 مليار دولار). هذا الوزن الكبير للتحويلات يخلق ما يمكن تسميته بالاقتصاد المزدوج: فالاستهلاك المموَّل بتحويلات المهاجرين ليس مرتبطاً بالاقتصاد الداخلي وإنّما بالاقتصاد الخارجي.