
انتشار الأمراض في لبنان بسبب الحرب والأزمات
لا يزال سكان لبنان معرّضون لخطر متزايد من تفشّي الأمراض، ولا سيما الأمراض المنقولة عبر المياه والغذاء، وكذلك الأمراض التي يمكن الوقاية منها عبر اللقاحات. لقد تسبّبت الحرب الإسرائيلية على لبنان بتدهور المؤشرات الصحّية، إلا أن الأزمة الصحّية تشكّلت قبل الحرب بكثير، بسبب انهيار أنظمة الضمان الصحي والخدمات العامّة.
بحسب تقرير «أزمة لبنان - التحليل الظرفي كانون الثاني/يناير 2025»، الصادر عن شبكة المنظّمات غير الحكومية H2H والمنظمة العالمية «داتا فرندلي سبايس»، وبالاستناد إلى بيانات وزارة الصحة العامة في لبنان، سجّل عدد الإصابات بأمراض مثل حمى التيفوئيد والنكاف والتهاب الكبد الفيروسي A والحصبة الألمانية ارتفاعاً يتراوح بين 6 أضعاف و11 ضعفاً بين عامي 2021 و2024. وفي العام الماضي، عاد داء الليشمانيا وداء الكلب ومرض الكزاز (التيتانوس) للظهور بعد أن كانوا معدومين تماماً في العام 2021. وكذلك تضاعفت حالات الإصابة بأمراض التهاب الكبد الفيروسي B وC، والسعال الديكي، والزحار، والتسمم الغذائي، والحمى المالطية بأكثر من 3 مرّات في هذه الفترة.
قبل اندلاع الحرب في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان نظام الرعاية الصحية في البلاد على وشك الانهيار بسبب سنوات من الأزمات المتداخلة. أدّت الأزمة النقدية والمصرفية في العام 2019 إلى خفض الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحّية بنسبة 40% بين عامي 2018 و2022، ما أدّى إلى انخفاض عمليات المستشفيات وعدد الأسرّة التي توفّرها. وفي ظل هذه الظروف، اندلعت الحرب في العام 2024، ما ساهم في انتشار الكثير من الأمراض التي ترصدها وزارة الصحّة في العام 2024 بالمقارنة مع العام 2021. وتم الإبلاغ عن 1,921 حالة إسهال مائي حاد، بالإضافة إلى حالتين شلل حاد، و3 حالات حصبة، و11 حالة التهاب سحايا في كانون الثاني/يناير 2025، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وحذرت منظمة World Vision الإنسانية، في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2024، من أن أكثر من 88,400 طفل - استناداً إلى تقديرات متحفّظة - بحاجة ماسة إلى دعم الصحة العقلية بعد عام على الحرب. مع العلم أن احتياجات الصحة العقلية في لبنان كانت في ارتفاع بالفعل قبل العدوان الإسرائيلي مدفوعة بالانهيار الاقتصادي، وجائحة كوفيد-19، وانفجار مرفأ بيروت. تركت هذه التحديات المركبة، إلى جانب ضعف البنية التحتية للخدمات الصحية، الكثير من احتياجات الصحة من دون تلبية. تشير البيانات التي جمعتها اليونيسف في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، إلى أن أكثر من ثلث السكان الذين تم تقييمهم قالوا إن أطفالهم قلقون، وقال ما يقرب من ربعهم إنهم مكتئبون، وتشهد هذه الأرقام ارتفاعاً حاداً في محافظة الجنوب وبين الأسر الفلسطينية.