
شركات الطاقة النظيفة تخسر بفوز ترامب
خسائر كبيرة تلقتها أسهم شركات الطاقة النظيفة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، إثر إعلان فوز ترامب في الانتخابات الأميركية. وشهد لاعبين كبار في مجال الطاقة الرياحية، كأوستريد وصانعة توربينات الرياح فيستاس، تراجعاً في أسهمها بنسبة 14% و12% في أقل من يوم واحد، بينما انخفضت أسهم شركة First Solar لصناعة الألواح الشمسية بنسبة 14%، وشركة تكنولوجيا الطاقة الشمسية Enphase بنسبة 13.2%، وشركة الطاقة المتجددة NextEra Energy بنسبة 5.3% في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر، بحسب موقع بارونز.
بدأت أسهم شركات الطاقة النظيفة تتحرك بشكل ملحوظ ما إن أعلنت وكالة أسوشيتد برس أن الولايات المتأرجحة الرئيسية مثل نورث كارولينا وجورجيا وبنسلفانيا قد صوتت لصالح ترامب. فحاملي أسهم شركات الطاقة لم يحتاجوا إلى أكثر من هذه الإشارة ليعلموا أن أسهمهم أصبحت معرضة للخطر، فترامب الذي سيجلس على الكرسي الرئاسي للدولة الأقوى في العالم، يعتبر التغيّر المناخي «خدعة»، وخلال ولايته السابقة أضعف أو ألغى أكثر من 125 قاعدة وسياسة بيئية تمس كل شيء من المواد الكيميائية السامة إلى الأنواع المهددة بالانقراض، فضلاً عن تودده إلى المديرين التنفيذيين لشركات النفط، طوال حملته الانتخابية.
بحسب خبراء من المتوقع أن يستهدف ترامب على الفور اتفاق باريس للمناخ، والذي تمت صياغته في العام 2015 لتعزيز الاستجابة العالمية للتهديد المتزايد لتغير المناخ، بل من الممكن أن ينسحب منه كما فعل في ولايته الأولى. سيكون الأمر ضربة رمزية ومادية للجهود الدولية لمكافحة التغيّر المناخي، نظراً لمكانة أميركا باعتبارها أكبر مصدر تاريخي للتلوث الذي يؤدي إلى الاحتباس الحراري الكوكبي.
يأتي ذلك في وقت لا يستطيع فيه العالم تضييع الوقت، فبموجب السياسات المعمول بها اليوم، من المتوقع بالفعل أن ترتفع درجة حرارة الكوكب بأكثر من 3 درجات مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة في العقود المقبلة. في الواقع، يمكن لإدارة ترامب الثانية أن تعمل على زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة بمقدار 4 مليارات طن حتى عام 2030 وحده، وفقاً لتحليل سابق أجراه موقع «كاربون بريف»، ووجد أن ذلك سيؤدي إلى تفاقم مخاطر موجات الحر والفيضانات وحرائق الغابات والجفاف والمجاعة وزيادة الوفيات والأمراض الناجمة عن تلوث الهواء، ما قد يؤدي إلى خسائر مناخية تبلغ قيمتها نحو 900 مليون دولار في جميع أنحاء العالم.
أيضاً، يتوقع الخبراء أن يستهدف ترامب قانون المناخ الذي أصدره بايدن، والمسىمى «قانون الحد من التضخم»، فقد وصف ترامب هذا القانون مراراً وتكراراً بأنه «عملية احتيال خضراء جديدة». وقع بايدن قانون الحد من التضخم في العام 2022، واستثمر بنحو 369 مليار دولار، وأقر حوافز وإعفاءات ضريبية بهدف التقليل انبعاثات الكربون بنسبة 40% بحلول عام 2030.
قبل الانتخابات، انتقد ترامب قانون الحد من التضخم باعتباره مكلفاً للغاية، ووعد بإلغاء جميع الأموال غير المنفقة المخصصة بموجب القانون، وقد أوضح ترامب أنه سيسعى جاهداً لإلغاء أكبر عدد ممكن من هذه الأحكام.
نظرة متفائلة
يشكك تقرير نشرته رويترز أن يؤدي فوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية إلى تباطؤ كبير في طفرة الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، فتفكيك قانون الحد من التضخّم سيتطلب من المشرعين التصويت لصالح إلغاءه، بما في ذلك أولئك الذين استفادت ولاياتهم من الاستثمارات المرتبطة بقانون الحد من التضخم مثل مصانع الألواح الشمسية ومزارع الرياح وغيرها من المشاريع. بينما يعتقد المحللون أنه من غير المرجح أن يحاول الجمهوريون إلغاء قانون بايدن لخفض التضخم، فإن مزارع الرياح البحرية، التي تتطلب موافقات فيدرالية، معرضة بشكل خاص للإجراءات التنفيذية، ولا يزال من الممكن أن تتوسع صناعة الطاقة المتجددة بشكل كبير في عهد ترامب، كما حدث خلال فترة ولايته الأولى.
في تناغم مع هذا الرأي، ظلت شركات مثل أورستد وفيستاس، لصناعة الطاقة الرياحية، متفائلة بشأن النمو في الولايات المتحدة على المدى الطويل، على الرغم من تراجع السوق. قد صرحت الشركتان قبل الانتخابات أنهما تتوقعان استمرار الطلب الأميركي على الطاقة النظيفة بغض النظر عن نتيجة الانتخابات. ودافع أنجيلو ميدا، رئيس قسم الأسهم في شركة Banor SIM في ميلانو، عن الانخفاض الحاد في سعر سهم أورستد باعتباره «رد فعل مبالغ فيه»، موضحاً أن التحول نحو الطاقة الخضراء من غير المرجح أن يتم عكسه بالكامل. وأضاف أنه يرى في الانخفاض فرصة شراء.
لكن جهات أخرى لا زالت خائفة على المستقبل، بحسب مقال في MIT Techonology Review، فإن «فوز ترامب يعد خسارة مأساوية للتقدم المناخي. إن عودته إلى البيت الأبيض تضع ثاني أكبر ملوث للمناخ في العالم على مسار انبعاثات لا يمكننا تحمله»، وأشار المقال أن هذه المرة سوف تمتلئ إدارته بعدد أكبر من الموالين والعقائديين، الذين وضعوا بالفعل خططاً للتحكم بموظفي الخدمة المدنية من ذوي الخبرة والتجربة في الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك وكالة حماية البيئة. سوف يحظى بدعم المحكمة العليا التي تحركت بشكل كبير نحو اليمين، والتي قوضت بالفعل المبادئ البيئية التاريخية وأضعفت الوكالات التنظيمية الفيدرالية. أيضاً، علينا أن لا ننسى لأن الولايات المتحدة تمكنت أخيراً من إقرار سياسة حقيقية موضوعية بشأن المناخ، من خلال هامش ضئيل للغاية في الكونغرس.
انتصار لشركات النفط
خلال خطاب فوزه، أكد دونالد ترامب مرة أخرى على خططه لزيادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، على الرغم من أن كلاهما عند مستويات قياسية حالياً. وأكد ترامب أن الولايات المتحدة لديها «ذهب سائل» أكثر من الدول الأخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وروسيا.
سيتولى ترامب منصبه في وقت تنتج فيه الولايات المتحدة بالفعل كميات من النفط والغاز أكبر من أي دولة أخرى على الإطلاق. خلال عشاء في شهر نيسان/ أبريل، طلب ترامب من المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط توجيه مليار دولار لحملته في مقابل وعد بتخفيف القيود على القطاع.
استجاب قطاع النفط بالتبرع بعشرات الملايين من الدولارات لحملته وصياغة قواعد اللعبة للإدارة الجديدة. تتضمن الخطط أوامر تنفيذية من شأنها إنهاء القيود المفروضة على الحفر في الأراضي العامة وتحويل أولويات وزارة الداخلية بعيدًا عن حماية الأنواع والنظم البيئية المعرضة للخطر.
استطاعت هذه الشركات الفوز على شركات الطاقة النظيفة بجعل ترامب يفوز في الانتخابات الأميركية، المتوقّع الآن ان تشهد عصراً من الإيرادات الكثيفة والعالم يشهد نكسات بيئية جديدة.