معاينة التعافي البطيء في الأسواق اللبنانية

التعافي البطيء في الأسواق اللبنانية

على الرغم من مرور 4 أشهر على وقف إطلاق النار، لم تعد الأسواق التجارية في محافظات الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك-الهرمل، التي تعد الأكثر تأثراً بالعدوان الإسرائيلي، إلى حالتها قبل الحرب كمؤشر على بطء إعادة الإعمار والقيود المفروضة عليها. وبحسب مؤشر كفاءة السوق الصادر عن برنامج الأغذية العالمي، سجّلت هذه المحافظات 6.3 نقطة من أصل 10 نقاط، كنتيجة لعدم القدرة على التنبؤ بأسعار المنتجات الغذائية واستمرار تقلّبها.

يُعدّ مؤشر كفاءة السوق التابع لبرنامج الأغذية العالمي مقياساً كمياً لمدى كفاءة الأسواق، ويستند إلى مسوح تُجرى دورياً مع التجّار. يمنح المؤشر السوق درجة تتراوح بين صفر (كفاءة ضعيفة) و10 (كفاءة عالية)، ويتكوَّن من 4 أبعاد هي بُعد التنوع الذي يُشير إلى مدى توفر مجموعة متنوّعة من السلع الأساسية في السوق. وبُعد التوافر الذي يتتبع مدى الندرة أو خطر نفاد هذه السلع، بالإضافة إلى بُعد الأسعار الذي يُقيّم اتجاهات الأسعار ومدى قابلية التنبؤ بها، فضلاً عن بُعد المرونة الذي يُقيّم قدرة السوق على الاستجابة للصدمات من خلال سرعة التسليم، وكذلك مدى ضعف سلاسل الإمداد من خلال تغطية المخزون. وقد أعاده البرنامج ضعف كفاءة السوق في المحافظات المذكورة إلى تقلّبات أسعار المواد الغذائية.

التعافي البطيء في الأسواق اللبنانية

أجرى برنامج الأغذية العالمي استطلاعا شمل عينة من 640 تاجراً على مستوى البلاد في خلال الفترة الممتدّة بين 1 إلى 28 شباط/فبراير 2025، وتبين أن 12% من المتاجر كانت لا تزال غير عاملة. علماً أن النسبة الأكبر سجّلت في النبطية (82%)، تليها الجنوب (66%)، بعلبك الهرمل (39%)، البقاع (17%)، جبل لبنان (14%)، بيروت (13%)، والشمال وعكار (6%).

يعيد التجار أسباب الإغلاق إلى مجموعة من العوامل التي تعبّر عن بطء عملية إعادة الإعمار والخوف من المستقبل. والواقع، استمرت القيود المالية باعتبارها السبب الرئيس لعدم التشغيل منذ كانون الأول/ديسمبر 2024، إذ أشار 36% من أصحاب المتاجر غير العاملة إلى محدودية التدفقات النقدية وتقلّب التكاليف وتراجع الطلب كأسباب رئيسة لبقاء متاجرهم مغلقة في شباط/فبراير 2025. كما ظلّ الضرر المادي أو التدمير عاملاً مهماً في توقف المتاجر، خصوصاً في المناطق المتأثرة بالنزاع، حيث أفاد 23% أصحاب المتاجر غير العاملة أن الضرر المادي هو سبب الإغلاق. أيضاً أفاد 8% من التجار أن التأثيرات غير المباشر للنزاع، مثل الوضع الأمني العام، ونقص الزبائن بسبب النزوح، أو صعوبة الوصول إلى المتجر، هي من الأسباب المعيقة لفتح متاجرهم، كما عبّر 28% من المتاجر عن أسباب أخرى معيقة مثل تغيير النشاط التجاري، أو بيع المتجر، أو التقاعد. 

التعافي البطيء في الأسواق اللبنانية

ويعود التقلّب في أسعار السلع والمواد إلى 3 عوامل رئيسة وهي ضعف سلاسل الإمداد، والوصول إلى السوق، وتغطية المخزون واضطرابات الغذاء.

1. ضعف سلاسل الإمداد. في شباط/فبراير 2025، بقي تركّز المورّدين جغرافياً مرتفعاً في القسم الأكبر من المحافظات ما رفع من هشاشتها أمام اضطرابات سلاسل التوريد وبالتالي احتمال تعرّضها لصدمات محلية. ففي محافظتيْ بعلبك – الهرمل والجنوب، أفاد 60% من التجار عن اعتمادهم على مجموعة محدودة من المورّدين، في مقابل 72% في البقاع. أيضاً، أظهر التجار في محافظتيْ الجنوب (27%) والنبطية (30%) اعتماداً مرتفعاً على مورد واحد، ما يجعلهما أكثر عرضة لنقص الإمدادات في حال تعرض الموردين الرئيسيين لأي اضطراب.

2. الوصول إلى السوق. بحلول فبراير 2025، بلغت نسبة المتاجر التي أبلغت عن وصول مقيّد إلى السوق 31% في النبطية، و11% في الجنوب، و9% في جبل لبنان و4% في بعلبك الهرمل. أمّا بالنسبة إلى تسليم، فقد أفاد 14% من التجار في بعلبك-الهرمل والبقاع، و11% في جبل لبنان إلى اضطرارهم إلى التوجّه بأنفسهم إلى الموردين للحصول على البضائع كإشارة إلى استمرار التحدّيات اللوجستية وعدم قدرة المورّدين على تسليم السلع الأساسية، فيما ترتفع النسبة إلى 22% في الجنوب و28%في النبطية.

3. تغطية المخزون واضطرابات الغذاء. لا تزال مخاطر النقص الكبير في المخزون قائمة، خصوصاً في النبطية (33%)، والجنوب (26%)، والبقاع (19%). كما تم تسجيل نسب ملحوظة تتراوح بين 13-14% في عكار، وبعلبك-الهرمل، وجبل لبنان، والشمال. وفي الوقت نفسه، بقيت مخاطر النقص المعتدل في المخزون مرتفعة في بيروت (72%)، وجبل لبنان (45%)، والشمال (57%).

أيضاً سجّلت نسب مرتفعة في اضطرابات الحصول على المنتجات الغذائية الأساسية، ووصلت إلى 33% في النبطية، و24%في الجنوب، تليهما البقاع (14%)، والشمال (14%)، وجبل لبنان (13%).