Preview مكدونالدز اسرائيل

ماكدونالدز إسرائيل
هل أبطلت 6 أشهر من المقاطعة امتيازاً عمره ثلاثين عاماً؟

تأثّرت أعمال ماكدونالدز كثيراً بالمقاطعة، لا سيما في البلدان العربية والإسلامية، على خلفية الدعم الذي قدّمته الشركة الإسرائيلية «ألونيال»، صاحبة حق الامتياز، للجيش الاسرائيلي في الحرب التي يشنّها على سكان قطاع غزّة منذ 6 أشهر، ما طبع هذه العلامة التجارية بطابع حرب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. لذلك، قرّرت الشركة الأم شراء عمليات الشركة الإسرائيلية وإدارة فروعها مباشرة، خلافاً لنموذج الأعمال القائم على تأجير حقوق الامتياز لشركات محلّية.

بعد 30 عاماً من تشغيل مطاعم ماكدونالدز في إسرائيل، تعيد شركة ألونيال حق الامتياز إلى الشركة العالمية الأم. تمتلك الشركة الإسرائيلية 225 فرعاً في دولة الاحتلال، يعمل فيها أكثر من 5 آلاف شخص، وتقدّر إيراداتها بنحو 2 مليار شيكل. وعلى الرغم من التكتم على المبلغ الذي بيع فيه حق الامتياز، وشروط الصفقة عموماً، والامتناع عن التعليق بشأن الدوافع من ورائها، لا يخفى على أحد أنها أتت بعد نصف سنة من حملات المقاطعة في العديد من بلدان العالم، إثر إعلان ماكدونالدز إسرائيل أنها ستتبرّع بوجبات مجّانية للجيش الإسرائيلي مع بدأ حرب الإبادة على قطاع غزة.

ما يثير الاهتمام حقاً أن هذا الإعلان يأتي مخالفاً لسياسة الإفراط في منح حقوق الامتياز، التي تعد الآلية الأساس التي تستخدمها ماكدونالدز للتوسّع في العالم، حيث تدير الشركة الأم مباشرة 5% فقط من كل مطاعم ماكدونالدز، بينما يدير أصحاب الامتيازات الـ 95% الباقية، ما أدّى بالبعض إلى اعتبار ماكدونالدز شركة تؤجّر عقارات بدلاً من كونها شركة تقدّم وجبات سريعة، ما يثير أسئلة عمّا إذا كانت الشركة ستُبقى على الامتياز الإسرائيلي في عهدتها أم أنها ستهبه لطرف جديد.

تسبّب الامتياز الإسرائيلي الممنوح لعمري بادان في إثارة الجدل والفضائح في خلال سنوات عمله. على سبيل المثال، رفض فتح فرع وراء الخطّ الأخضر، ومنع النقابات العمّالية، وحتى بيع منتجات غير الكوشر خلافاً لممارسة السلاسل المحلية الإسرائيلية. ولكن كل ذلك يبقى قابلاً للحل والمساومة بالنسبة لشركة ماكدونالدز العالمية إذا ما قورن بما سمّاه رئيسها التنفيذي بالـ«تأثير الملموس في الأعمال» الذي تسبّبت به حملات المقاطعة، في الشرق الأوسط بالذات، إثر الإبادة التي تُقدم عليها إسرائيل في غزة، وقد تجلّى ذلك في التقرير الربع الأخير من العام 2023، ففي الفرع الذي يشمل المبيعات في الشرق الأوسط والصين والهند، بلغ نمو المبيعات 0.7%، وهو أقل بكثير من توقعات السوق.

تجلّى هذا الثقل الملقى على مطاعم ماكدونالدز في الشرق الأوسط، بإصدار فروع ماكدونالدز في الخليج، وكذلك في الأردن وتركيا بيانات تنأى بنفسها عن نظيرتها الإسرائيلية وتتعهّد بتقديم المساعدات لغزّة، علماً أن الضرر لم ينحصر بمطاعم ماكدونالدز في الدول العربية أو دول الشرق الأوسط أو الدول المسلمة، بل شمل كثيراً من مطاعم ماكدونالدز في العالم، ونرى أن العديد من فروع ماكدونالدز ينتابها القلق من أفعال بسيطة جداً تدعم القضية الفلسطينية، وتهدّد مبيعات المطاعم، وهو أكثر ممّا تحتمله آلية عملها المعتمدة على السرعة في تلبية الطلبات. ونذكر كمثال اضطرار ماكدونالدز سكوتلاندا مؤخراً إلى التصريح عن أنها لم تنشر إشعاراً يهنِّئ الجيش الإسرائيلي على مقتل آلاف المدنيين في غزّة، كما ورد في منشورات تم تناقلها على وسائل التواصل الاجتماعي تعرض صورة للملصق الذي يحمل تلك الرسالة وشعار الشركة.

يلقي هذا الوضع بثقله على الشركة الأم التي بلغت عائداتها السنوية من المطاعم الممنوحة حق امتياز أكثر من 14 مليار دولار في العام 2022. ويبدو أنه يضعها في موقع التفضيل ما بين امتيازها الإسرائيلي والامتيازات الممنوحة في المنطقة. فبحسب أرقام العام 2022، يوجد 1,022 فرعاً في الدول العربية (2.5% من كل مطاعم ماكدونالدز)، هذا فضلاً عن فروع في دول أخرى في المنطقة أو دول مسلمة عموماً، كتركيا (243 فرعاً)، وإندونيسيا (279 فرعاً)، وباكستان (75 فرعاً).