
كل ما يُمكن تسييله قد يذوب في الهواء
تحولات كبرى في سوق الطاقة
عندما غزت روسيا أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، وجدت الصناعة الأوروبية نفسها، وخصوصاً الألمانية، في وضع حرج. استدعى الأمر استبدال الجزء الأكبر من 150 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المستورد من روسيا كل عام بطاقة من مصادر أخرى بسرعة. استُخدِمت جميع الموارد المتاحة: أُعيد تشغيل محطات الطاقة النووية والفحمية، وزادت الموافقات على مشاريع توليد الطاقة من الشمس والرياح بشكل كبير، مع بناء سريع وتوسيع كبير لمحطات استيراد الغاز الطبيعي المسال. وبموجب خطة REPowerEU لخفض اعتماد القارة على الغاز الروسي، أُنشئت سعة تصل إلى نحو 80 مليار متر مكعب من محطات استيراد الغاز الطبيعي المسال في أوروبا على مدار السنوات الثلاث الماضية. ومن المتوقع أن تُضاف 80 مليار متر مكعب أخرى بحلول العام 2030.
أتت زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال في أوروبا مباشرة على حساب الدول الأفقر مثل باكستان وبنغلاديش، حيث حُوِّلت شحنات الغاز الطبيعي المسال المتعاقد عليها في العام 2022 إلى شركات الطاقة الأوروبية التي كانت مستعدة لدفع أسعار أعلى بكثير. وإذا نظرنا إلى الوراء، نلاحظ أن وتيرة هذا التوسّع كانت جامحة: وعلى الرغم من زيادة القدرة الاستيعابية، أُلغيت مشاريع عدّة، وانخفض معدل استخدام المحطات الجديدة إلى أقل من النصف بكثير. ويُقدّر المحلّلون أن حجم الاستثمار المفرط في بناء وتوسيع محطات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا يعادل حجم الطلب السنوي الكلّي على الغاز في ألمانيا وفرنسا وبولندا معاً.
في العام 2019، عند الإعلان عن زيادة تراخيص تصدير الغاز الطبيعي المسال من مصنع فريبورت في تكساس، أعلن مسؤول في وزارة الطاقة الأميركية في إدارة ترامب أن الحكومة فخورة بتصدير «جزيئات الحرية الأميركية» إلى العالم. وبعد 6 سنوات، بدءاً من الحرب الروسية في أوكرانيا، ومروراً بتعطّل التجارة بين دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي بسبب هجمات الحوثيين، ووصولاً إلى استخدام مبيعات الغاز الطبيعي المسال كورقة تفاوض في الحرب التجارية الأميركية، نجد أنفسنا مغمورين في قصص متنوّعة عن أزمة أمن الطاقة المعتمدة على الوقود الأحفوري. وفي صميم كل ذلك، يوجد السوق العالمي متعدد الرؤوس للغاز الطبيعي المسال.
تنامي سوق الغاز الطبيعي المسال
زاد استخدام الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم بأكثر من الضعف منذ العام 2009. وقد حدث هذا الإقبال الكبير بعد حملة منسقة وفعالة من داعمي هذه الصناعة. من المؤكد أن الغاز يتميز بالسرعة والمرونة وتعدد الاستخدامات. وقد يُساهم استخدامه في خفض ملحوظ لتلوث الهواء الناجم عن الطاقة الفحمية وحرق الأخشاب في الأماكن المغلقة، ما يسبب وفاة ملايين الأشخاص سنوياً. ويمكن استخدامه لتوليد الكهرباء والطاقة الصناعية. وعند تبريده إلى 162 درجة مئوية تحت الصفر، يتحوّل إلى سائل كثيف يُنقل حول العالم في ناقلات متخصصة، ثم يُسخن إلى غاز يُحرق كوقود.
لطالما وُصف غاز الميثان بأنه «وقود انتقالي». وبصفته أنظف من الفحم، صُنّف كخيار مرحلي سهل في طريق الانتقال إلى الطاقة النظيفة، بدلاً من أن يكون هدفاً بحد ذاته. بدأت هذه السردية في الولايات المتحدة على يد صناعة الغاز في الثمانينيات من القرن الماضي، وعزّزتها المجموعات البيئية الكبيرة ومسؤولو الحزب الديمقراطي في أواخر العقد الأول من القرن الحالي وأوائل العقد الثاني منه، حيث أدى ازدهار التكسير الهيدروليكي (التصديع المائي) إلى انخفاض أسعار الغاز. وقد أظهرت الأبحاث والمتابعة منذ ذلك الحين أن الميزة المناخية للغاز مقارنة بالفحم ليست واسعة كما كان يُعتقد. وأعلنت صناعات الغاز الطبيعي مؤخراً أن الغاز لم يعد مجرد «وقود انتقالي»، بل مصدراً دائماً لطاقة «الحِمل الأساسي»1، مؤكدةً بذلك المخاوف من أن توسيع البنية التحتية للغاز من المحتمل أن يؤدي ببساطة إلى زيادة احتراق الوقود الأحفوري الذي يساهم في تسخين كوكب الأرض.
كان النفط أهم منتجات الطاقة في العصر الحديث، وربما في كل العصور. وقد أدّت السيطرة على احتياطات النفط وطرق النقل وتكلفة استخراجه ونقله وتكريره والتغير في مرونة الطلب عليه دوراً كبيراً في السياسة العالمية لأكثر من قرن. أما مسار الفحم فقد كان مختلفاً، حيث كان وفيراً وسهل النقل نسبياً إلى المراكز الصناعية، وكان أول وقود أحفوري يُستخدم على نطاق واسع. وعلى الرغم من أنه أصبح من السلع الأكثر تداولاً مثل النفط، إلا أنه غالباً ما يُستهلك محلياً في البلد الذي يُستخرج منه، حيث يتم تداول أقل من 17% من الفحم في السوق العالمية، وبقيمة أقل من 10% من قيمة سوق النفط التي تزيد قيمتها عن تريليون دولار، فهو أقل أهمية بكثير بالنسبة للاقتصاد العالمي.
قبل الحرب العالمية الثانية، كانت هناك صناعة شحن للنفط معقّدة ومتجذّرة، بينما لم تنطلق تجارة الغاز الطبيعي المسال إلا في منتصف ستينيات القرن الماضي، مع بدء التصدير إلى بريطانيا من حقل غاز جزائري اكتُشف حديثاً آنذاك. كانت تكلفة المعدات المتخصصة لتجميد الغاز الطبيعي المسال وشحنه وإعادة تحويله إلى غاز قابل للاحتراق في البداية تحدُّ من جاذبيته أمام الفحم أو خطوط أنابيب الغاز. لكن أدى انخفاض أسعار المعدات المصنّعة في الصين وكوريا الجنوبية، والتقدم التكنولوجي في العقد الأول من الألفية، إلى خفض التكاليف، على الرغم من استمرار تلك الأسعار بالتقلّب بشكل حادّ في خلال الدورات التقليدية للبنية التحتية للسلع الأساسية، حيث يمكن أن يتحوّل النقص في المعدات والعمالة الماهرة بسرعة إلى نقاط اختناق.
سهّلت محطات الغاز الطبيعي المسال العائمة، التي بدأ استخدامها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تحويل الغاز من الحقول البحرية إلى سائل قابل للنقل. كما سهّلت عمليات الاستيراد والتخزين. عندما سعت ألمانيا إلى إيقاف اعتمادها على الغاز الروسي بشكل عاجل في العام 2022، تفاخر المستشار أولاف شولتس آنذاك بأن المحطات العائمة الجديدة – في موانئ فيلهلمسهافن وبرونسبوتل ولوبمين – قد تم تشييدها في وقت قياسي؛ إذ استغرق بناء أول محطة أقل من 10 أشهر. ومنذ ذلك الحين، تعهّد المستشار الجديد فريدريش ميرتس «ببناء 50 محطة طاقة تعمل بالغاز في ألمانيا في أسرع وقتٍ ممكن، والتي سيتم ربطها بالشبكة فوراً». لا تزال ألمانيا تستورد الغاز الطبيعي المسال الروسي عبر «أساطيل الظل».2
مع نمو الطلب على النفط بشكل مؤكد، فإن سوق الغاز الطبيعي المسال – الذي تبلغ قيمته السنوية نحو ربع تريليون دولار – يتمتع بهالة تبدو وكأنها قيمة جيوسياسية جديدة. في أوائل العام 2025، بدا الأمر لفترة وجيزة كما لو أن الالتزام بشراء الغاز الطبيعي المسال الأميركي قد يكون وسيلة لكسب رضا إدارة ترامب؛ لكن الإشارات الأولية من المفوضية الأوروبية والهند واليابان تلاشت منذ أن اتضح في شباط/فبراير 2025 أن العلاقات الدولية الأميركية متقلبة ومضطربة بقدر ما هي تبادلية.
دفع الصعود السريع للغاز الطبيعي المسال إلى إجراء مقارنات مع مسار النفط، وعلى الرغم من وجود بعض نقاط التشابه – إذ أصبح الغاز أكثر أهمية لأنظمة الطاقة والاعتبارات الجيوسياسية – إلا أن هناك بعض الفروقات المهمة. وعلى الرغم من أن انتشار الغاز الطبيعي المسال جعله قابلاً للتداول والاستبدال عالمياً، ولكن استثمار دول بأكملها في البنية التحتية المطلوبة لاستخدامه (مع الأخذ في الاعتبار تكلفة الفرصة البديلة من حيث إهمال الخيارات الأخرى) يتطلب الاستعداد والقدرة على تجاوز التقلبات الحتمية – بدءاً من دورات الاستثمار والحروب ووصولاً إلى فترات تعطل الشحن. لو كان الفحم والنفط البديلين الحقيقيين الوحيدين للغاز، لكانت هذه العقبات ثمناً معقولاً مقابل زيادة الاعتماد عليه.
لكن ظهور الغاز الطبيعي المسال تزامن مع صعود الطاقة المتجددة وطرق تخزينها، وهو تلاقٍ يُغيّر جذرياً ما وصفته الباحثة ليز ثوربورن3 بـ «إدارة الطاقة». فالطاقة الشمسية بشكلٍ خاص أصبحت رخيصة بما فيه الكفاية، بحيث أصبح تعزيز الإمدادات بالبطاريات (التي أصبحت أرخص أيضاً) أكثر جاذبيةً على أساس السعر فقط؛ وحتى أكثر إغراءً أيضاً حين يتعلق الأمر بتقليل الاعتماد على السلع المستوردة مثل الغاز. وهذا يعني أن اتجاه الغاز الطبيعي المسال لتأدية دورٍ يُضاهي دور النفط، أو حتى لتلبية توقعات الصناعة باستمرار نموه حتى أربعينيات القرن الحادي والعشرين، ما زال غير مضمون.
إدارة الطاقة في اليابان
أستراليا والولايات المتحدة وقطر هم أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم. ومع ذلك، فإن اليابان التي تعاني من النقص في موارد الطاقة، تُعدُّ بمثابة حوتٍ في صناعة الغاز الطبيعي المسال – حيث حقّقت أرباحاً بلغت 14 مليار دولار في العام 2023. وعلى الرغم من افتقارها إلى موارد الغاز نفسها، فإنها تُعتبر موطناً لأكثر شركات توربينات الغاز ربحية وأكبر الشركات التجارية. كما تمتلك عدداً من سفن الغاز الطبيعي المسال يفوق ما تملكه أي دولة أخرى، وانخرطت شركاتها في الاستثمار في كل مرحلة من مراحل صناعة الغاز الطبيعي المسال، من الاستخراج إلى التسييل، إلى إعادة التحويل إلى الغاز، إلى توربينات الطاقة التي تعمل بالغاز. وتُعد الشركات اليابانية من أكبر المستثمرين في حقول الغاز خارج اليابان، بالإضافة إلى محطات تصدير واستيراد الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم، من الولايات المتحدة وأستراليا إلى جنوب شرق آسيا. استثمرت المؤسسات المالية العامة في اليابان 56 مليار دولار في الغاز الأجنبي في العقد الذي سبق العام 2023. فأستراليا، على سبيل المثال، التي تُنتِج 20% من الغاز الطبيعي المسال في العالم، تبيع الغالبية العظمى من إمداداتها إلى اليابان، حيث يُباع أكثر من نصفها بعد ذلك إلى دول أخرى. (بعد فشلها في تخصيص كميات كافية من الغاز الطبيعي المسال للاستخدام المحلي، تواجه منطقة جنوب شرق أستراليا المكتظة بالسكان الآن احتمالاً محرجاً يتمثل في اضطرارها إلى استيراد الغاز الذي صدّرته إلى اليابان من جديد – والذي تشتريه بأسعار السوق).
أفادت بلومبرغ في تقرير لها أن المنظمة اليابانية لأمن المعادن والطاقة (JOGMEC) المملوكة للدولة، تستضيف الآن «اجتماعات دورية للمسؤولين الحكوميين من الاقتصادات الناشئة». وأضافت: «يتضمن البرنامج دورةً مكثفة في أساسيات الغاز الطبيعي المسال، بالإضافة إلى جولةٍ سياحية في كيوتو». تضاهي أرباح الشركات اليابانية الكبرى من الغاز الطبيعي أرباح قطاع الإلكترونيات الاستهلاكية الياباني الضخم. ومن خلال تنويع الموردين، والاستثمار في العمليات التي تبدأ من المصدر، وتسهيل إنشاء المحطات، ساهمت المنظمة في تحفيز التوسع الكبير للغاز الطبيعي المسال.
ديناميات السوق
مع ازدهار سوق الغاز الطبيعي المسال، تغيرت طرق شرائه وبيعه بشكل جذري. كانت العقود طويلة الأجل من المشترين هي المعيار في السابق. وقد ساعدت هذه الالتزامات في تمويل نفقات استخراج الغاز من الأرض وبناء منشآت كبيرة لتجميده، بالإضافة إلى السفن اللازمة لنقله. أكثر من 80% من شحنات الغاز الطبيعي المسال في العام 2009 كانت بموجب مثل هذه العقود طويلة الأجل؛ وبحلول العام 2021، انخفضت النسبة إلى أقل من 66% واستمرت بالتراجع. وقد نما عدد الوسطاء الماليين أو «مستثمري المحفظة»4، حيث يتجنبون بشكل متزايد الكميات المتعاقد عليها من الغاز الطبيعي المسال لصالح السوق الفورية5؛ فحوالي 50% من التزاماتهم مفتوحة بدلاً من أن تكون مغطاة بعقد بيع. وهذا يؤدي إلى زيادة في مرونة الغاز الطبيعي المسال بالنسبة للمشترين، ولكنه يترافق أيضاً مع المزيد من المخاطر مثل ارتفاع الأسعار في حالات الكوارث والحروب وفترات تعطّل الشحن.
يتميز الغاز الطبيعي المسال الذي تنتجه الولايات المتحدة غالباً بـ «المرونة» من جهة المصبّ (الأسواق وشبكات التوزيع). هذا يعني أنه قد يترك البائعين دون مشترين. تخطط قطر لمضاعفة طاقتها التصديرية تقريباً بحلول العام 2030، وهي تقوم بتشييد بنيتها التحتية الإنتاجية مع عدد قليل جداً من المبيعات المضمونة والمتعاقد عليها. وعلى ما يبدو، فإن الرهان الاستراتيجي يعتمد على احتمال انخفاض أحجام الصادرات من المُصدِّرين الآخرين (مثل أستراليا) أو مواجهة درجات متفاوتة من عدم اليقين (مثل الولايات المتحدة وموزمبيق) – ولكن سيبقى الطلب مرتفعاً، بخاصة من دول شرق آسيا، ما عدا اليابان، التي تشهد تراجعاً في معدلات الاستهلاك المحلي. عندما أصرّ الحوثيون على إقفال مضيق باب المندب، اضطرت ناقلات الغاز القطرية المتوجهة نحو أوروبا إلى عبور الطريق الطويل حول إفريقيا.
تفترض مجموعات الصناعة، على نحوٍ دائم، أن الطلب على الغاز الطبيعي المسال سيستمر في النمو حتى أربعينيات القرن الحادي والعشرين. وقد حددت شركة «شل»، التي كانت من أوائل وأقوى الداعمين للغاز الطبيعي المسال، الصين وكذلك «دول شرق آسيا النامية» كمناطق رئيسة للنمو. في جنوب آسيا، انتقلت باكستان من الطفرة إلى التخمة في الغاز الطبيعي المسال. فبعد أن تعرضت لانقطاعات كارثية في التيار الكهربائي، أعاقت الوحدات السكنية والمصانع في العام 2022 (عندما عرض الأوروبيون أسعاراً أعلى على السفن التي تحمل الإمدادات المتعاقد عليها مع الدولة الجنوب آسيوية)، اتخذت الحكومة إجراءات لتشجيع الأسر والشركات على تركيب الألواح الشمسية المنتجة في الصين بأسعار هي الأرخص على الإطلاق. وقد أدى ذلك إلى حدوث طفرة استثنائية في إنتاج الطاقة الشمسية – حيث تدفَّق ما يقرب من 30 غيغاوات من الألواح الشمسية إلى البلاد منذ العام 2020 – مما ساهم في انهيار الطلب على الغاز الطبيعي المسال.
يحاول كبار المستوردين، مثل الهند، زيادة استخدامهم للغاز الطبيعي المسال، لكنهم لا يتشددون في تأمين المزيد من الإمدادات، وبدلاً من ذلك يختارون بين العقود والاعتماد على السوق الفورية، لأن الأخيرة غالباً ما تكون أقل كلفة. ستشهد العقود المبرمة للغاز الطبيعي المسال في الهند انخفاضاً حاداً بعد العام 2028، ولكن هذا يتزامن مع التوسع المخطط له في قطر، والتوسع المحتمل في الولايات المتحدة، والانخفاض غير المتوقع في شهية باكستان والصين.
الآفاق الوجودية
إن بناء اعتماد سيادي على السلع التجارية المتقلبة يُعتبر مجازفة. فالبلدان المُصدِّرة التي تعتمد بشكل كبير على أي سلعة مُحدَّدة ستشهد صعوداً وهبوطاً في ثرواتها بالتوازي مع تحركات السوق التي لا يملك معظمها سيطرةً تُذكر عليها (المكسيك هي المُصدِّر الوحيد للنفط الذي نجح في التحوّط من تعرّضه السيادي لتقلبات الأسعار؛ بينما تتجاهل منظمة «أوبك بلس» بشكل متزايد، بل وتُلحِق الضرر بأعضائها الأصغر عند تحديد حصص الإنتاج). أما بالنسبة للمستوردين، فإن اعتمادهم على هذه السلع المتقلبة لتلبية احتياجات حيوية يُشكِّل نقطة ضعفٍ استراتيجية، ويزيد من مخاطر التضخم – كما حدث في أوروبا الغربية العام 2022.
الغاز متقلب، متعدد الاستخدامات، ويتواجد في كل مكان في آنٍ واحد. لكن التقلبات الهيكلية في سوق الغاز الطبيعي المسال، والمخاطر الأمنية في ظل التوترات الجيوسياسية الشديدة، تعني أنه قد يكون قد اتخذ مساراً انحدارياً وقد يلعب دوراً هامشياً في مزيج الطاقة المستقبلي أكثر بكثير مما قد يوحي به داعموه. لا يوجد مُصدِّر في مأمن من انخفاض الطلب على النفط والغاز؛ وقد يتعرض عبور السفن من باب المندب إلى قناة بنما للحظر؛ ويجب على الدول النفطية والمشترين التفكير ملياً قبل المشاركة في استثمارات وتشييد بنى تحتية جديدة. فكل ما يُمكن تسييله، يمكن أيضاً أن يذوب في الهواء.
نُشِر هذا المقال في Phenomenal World في 28 آذار/مارس 2025، وتُرجِم إلى العربية ونُشِر في موقع «صفر» بموجب تفاهم مع الجهة الناشرة.