Preview الكوارث الطبيعية

موت أكثر من 80 ألف شخص وخسائر بأكثر من 200 مليار دولار
339 كارثة طبيعية في العام 2023

لا توجد قارة «مُحصّنة» من الكوارث الطبيعية  التي يؤجِّجها تغيّر المناخ، ولن تسلم بقعة جغرافية من فيضان أو حريق أو زلزال دون أخرى، لكنّ الثمن البشري والمادي سوف يختلف حُكماً مع اختلاف إمكانيات الدول ومدى استعداداتها لمواجهة هذا النوع من الأزمات. على الأقل، هذا ما تعيد تأكيده أرقام  قاعدة بيانات الأحداث الطارئة التابعة لمركز البحوث في علم أوبئة الكوارث، مُشيرةً إلى أن العام 2023 شهد 399 كارثة طبيعية، أودت بحياة نحو 86.5 مليون شخصاً، وكبّدت خسائر اقتصادية بقيمة 202.7 مليار دولار أميركي. 

صحيح أن هذه الكوارث توزّعت على مواقع جغرافية مختلفة، لكن العدد الأعلى من ضحايا الكوارث الطبيعية سُجّل في البلدان النامية، وبمعزل من تصدّر تركيا لائحة البلدان التي سجّلت المعدّل الأعلى من الوفيات بسبب الزلزال الذي ضربها العام الماضي وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص، تحتل دول نامية مثل سوريا وجمهورية الكونغو الديموقراطية وأفغانستان والهند لائحة الدول العشر الأوائل من حيث معدلات الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية. 

في المُقابل، وعلى الرغم من أن قارة أوروبا شهدت العام الماضي نحو 61 كارثة طبيعية، إلا أن أياً من الدول الأوروبية تندرج ضمن لوائح الدول الأكثر تأثراً بالكوارث الطبيعية من حيث معدلات الوفيات أو من حيث نسب التهجير والأمراض وغيرها من تبعات الكوارث. كذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية مثلاً، فعلى الرغم من أنها شهدت في العام 2023 نحو 25 كارثة طبيعية إلا أنها لم تندرج ضمن الدول الأكثر تأثراً بالكوارث، فيما تمكّنت إندونيسيا بسبب موجة جفاف واحدة تصدر لائحة الدول من حيث أعداد المتأثّرين بالكارثة، إذ تضرّر أكثر من 18.8 مليون شخصاً تم شريدهم أو تعرّضوا لجروح وغيرها من الآثار.

الكوارث الطبيعية

آثار سنة من الكوارث تتجاوز معدّلات 20 عاماً!

يبلغ المتوسّط السنوي لعدد الكوارث المُسجّلة بين عامي 2003 و2022 نحو 369 كارثة، فيما سجّل العام 2023 وحده 399 كارثة. 

ويتبيّن أن آثار هذه الكوارث البشرية والمادية تتجاوز بدورها أيضاً متوسّط آثار الأعوام العشرين الماضية المنصرمة. على سبيل المثال، يبلغ المتوسط السنوي للتكلفة الإقتصادية للكوارث المسجّلة بين عامي 2003 و2022 نحو 193.3 مليار دولار، وهي أقّل من كلفة الخسائر المُسجلة في العام  2023 والتي قدّرتها قاعدة البيانات بنحو 202.7 مليار دولار.

كذلك الأمر بالنسبة لأعداد الوفيات الناجمة عن الكوارث، إذ يبلغ المتوسّط السنوي للوفيات المتأثّرة بالكوارث بين عامي 2003-2022 نحو 64,148 شخصاً، وهو أقل من المتوسط الذي سجّل في العام 2023 وبلغ نحو 86,473 شخصاً. 

أمّا بالنسبة للمتضرّرين من الكوارث، فقد سجّل العام الماضي تأثر نحو 93.1 مليون شخصاً، وهو أقل من المتوسط السنوي لأعداد المتأثرين في خلال الفترة الممتدة بين عامي 2003 و2022. 

وبحسب البيانات، فإن العام المنصرم شهد وحده 32 زلزالاً فيما بلغ المتوسط السنوي للزلازل في خلال الأعوام العشرين الماضية نحو 27 زلزالاً، كذلك الأمر بالنسبة لأعداد العواصف، حيث شهد العام 2023 نحو 139 عاصفة مقارنة مع متوسط سنوي يقدّر بنحو 104 عواصف في الفترة الممتدّة بين عامي 2003 و2022.

الكوارث الطبيعية

الكوارث لا تستثني قارة: الفاتورة الأعلى للأكثر فقراً

من دون استثناء، شهدت جميع القارات كوارث طبيعية في خلال العام الماضي. وكان لقارة آسيا النصيب الأكبر منها حيث شهدت 163 كارثة، تلتها الأميركيتين اللتين سجّلتا 98 كارثة، ومن ثم أوروبا (61 كارثة)، وأفريقيا (60 كارثة)، وأوقيانوسيا (17 كارثة).

حصدت آسيا المركز الأول من حيث أعداد الوفيات الناجمة عن الكوارث، إذ شكّلت الوفيات فيها نحو 73.4% من إجمالي الوفيات، تلتها أفريقيا (24.6%) التي فاقت نسبة الوفيات في كلّ من الأميركيتين (1.8%)، وأوروبا (0.2%)، على الرغم من أن القارة السمراء شهدت عدداً أقل من الكوارث منهما.الأمر نفسه ينطبق على نسب الضحايا المتأثِّرين بالكوارث، حيث كانت النسبة الأكبر من هؤلاء في آسيا  (71.4%)، تلتها أفريقيا (13.5%) التي فاقت نسبة أعداد المتأثرين بالكوارث فيها تلك  المُسجّلة في كل من  الأميركتين (11.7%) وأوروبا (2.4%).

الكوارث الطبيعية

أمّا بالنسبة للخسائر الاقتصادية التي تسبّبت بها الكوارث، فإن النسب تختلف؛ إذ تكبّدت الأميركيتان النسبة الأعلى من إجمالي الخسائر الناجمة عن الكوراث (43.9%)، تلتها آسيا (37.5%)، فيما تجاوزت نسبة الخسائر التي تسبّبت بها الكوارث في أوروبا (7.4%) تلك التي سُجِّلت في أفريقيا (6.8%).

الكوارث الطبيعية

من حيث العدد، تفوق الكوارث التي شهدتها الولايات المتحدة الأميركية (25 كارثة)، تلك التي شهدتها كونغو الديموقراطية (7 كوارث)، والهند (17 كارثة)، وباكستان (13 كارثة)، وأندونيسيا (15 كارثة)، والفلبين (15 كارثة).

كذلك ومن حيث العدد، تتساوى فرنسا وإيطاليا، على سبيل المثال، مع الكونغو الديموقراطية من حيث أعداد الكوارث. ولكن يتبيّن أن أعلى معدّلات الوفيات والتأثّر بالكوارث سُجِّل في البلدان الأكثر فقراً. وصحيح أن تركيا تصدّر لائحة معدّلات الوفيات (50 ألف ضحية) بسبب الزلزال الضخم الذي ضربها، لكن لائحة الدول التسعة الباقية الأعلى من حيث معدّلات الوفيات تشمل دولاً نامية مثل أفغانستان (2,455 ضحية بسبب زلزال) ونيجيريا (275 ضحية بسبب فيضان) وملاوي (1,209 بسبب عاصفة استوائية).

كذلك الأمر بالنسبة لأعداد المتأثرين بالكوارث التي سُجلت في الدول النامية بشكل لافت، إذ بلغ عدد الضحايا في إندونيسيا بسبب موجة الجفاف نحو 18.8 مليون شخصاً، وفي فيضان الهند (10.2 مليون شخصاً). 

هذا الواقع إن دلّ على شيء، فعلى أن البلدان النامية تدفع حكماً الفاتورة البشرية الأغلى بسبب غياب الإمكانيات والاستعدادات اللازمة لاحتواء الكوارث بهدف الحفاظ على أرواح المُقيمين فيها، فيما يتبيّن أن الدول الغنية تدفع أكلافاً مادية أعلى من غيرها. إذ تتصدّر الولايات المتحدة الأميركية قائمة الدول الأكثر تكبّداً للخسائر المادية بسبب الكوارث، إذ بلغت قيمة الخسائر الاقتصادية لموجة الجفاف في الولايات المتحدة الأميركية لوحدها نحو 14.5 مليار دولار، فضلاً عن تكبدها خسائر بقيمة 6 مليارات دولار بسبب عاصفة، و5.5 مليار دولار بسبب كوارث الحرائق. وهذا الواقع ينطبق على إيطاليا التي أُدرجت ضمن اللائحة نفسها بسبب تكبّدها نحو 9.8 مليار دولار بسبب الفيضانات التي شهدتها في العام الماضي، وهي أكلاف تفوق الخسائر التي تكبّدتها سوريا التي شهدت زلزالاً ضخماً وقدرت خسائره بنحو 8.9 مليار دولار.