الاقتصاد السياسي لحرب السودان
يمرُّ السودان منذ 15 نيسان/ أبريل 2023 بصراع مُسلّح بين ميليشيا الدعم السريع والقوّات المسلّحة، ما أدّى إلى وقوع آلاف القتلى والجرحى، ونزوح ما لا يقل عن 6 ملايين شخص إلى الخارج أو داخلياً (UNHCR, 2023)، وذلك قبل أحداث ولاية الجزيرة.1 لا يمكن النقاش في رؤية للحرب من منظور الاقتصاد السياسي من دون البحث الجاد في الروابط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين الحرب الحالية والتاريخ الطويل للسودان في الحروب والنزاعات المسلّحة.
توجد أهمّية بالغة لديناميّات الصراع الطبقي التاريخية في صياغة معالم الواقع الاجتماعي. فقد أرسيت هياكل التبعية الهيكلية للبلاد عن طريق تشكيل طبقة برجوازية تجارية وزراعية من إعادة توزيع الأراضي، وإدماج التكوينات الاجتماعية التقليدية (من قبائل وعشائر وطرق صوفية) في الجهاز الإداري الخاص بجهاز الدولة التابع (Qaddal, 2018). كما أن نمط الإنتاج التابع، بتشكيله هياكل جهاز الدولة والمجتمع لتلبية حاجات التراكم الرأسمالي، عمل على تعميق التفاوتات الاجتماعية والطبقية والجغرافية والإثنية والتفاوت بين الريف والمدينة.
الاتجاه الاستعماري لدمج البلاد في اقتصاد السوق الحرّ، تمّ عبر تسليع الاقتصاد المعيشي وربطه بقوى السوق، وعبر تسليع الأرض وتحويل أنماط الملكية المجتمعية والقبلية إلى ملكية خاصة بواسطة نزع الأراضي أو ما سمّاه ماركس بالتراكم بالنزع (Marx, 1976; Qaddal, 2018). كانت النتيجة المباشرة للتراكم البدائي تراكم فائض أو جيش احتياطي من العاطلين عن العمل، وازدياد البطالة والفقر والهجرة من الريف إلى أطراف المدن، وتشكيل القطاع غير المنظّم. كما أن الإشكالات البيئية التي لازمت الرسملة الزراعية من إزالة الغابات والغطاء النباتي، والاستخدام الزائد للمبيدات والمواد الكيميائية عموماً، ودور الزراعة الأحادية الذي يعتمد على زراعة محصول نقدي واحد… كلّ ذلك فاقم الإشكالات البيئية مثل الجفاف والتصحّر، ما فاقم بدوره الوضع الاجتماعي والتقسيم الطبقي في الريف.
تمت إعادة التبعية البنيوية بواسطة البرجوازية التابعة عبر ما سمّي بـ«السودنة»، التي تعد في جوهرها إعادة إنتاج للبنية الاجتماعية وهياكل جهاز الدولة الاستعماري مع استبدال بيروقراطي جهاز الدولة البريطانيين والمصريين بالسودانيين. وحتى تسكين البيروقراطية في مواقع الخدمة المدنية كان خاضعاً للامتيازات الاستعمارية والحفاظ على التفاوت الجغرافي الذي خلقه الاستعمار، ما تسبّب في نواة أول عمل عسكري مُسلّح مع بدايات الترتيبات لإعلان الاستقلال. من ضمن مؤسّسات جهاز الدولة التي خضعت للسودنة هي أجهزة الدولة الطبقية، وتحديداً القوّات المسلّحة، التي تشكّلت كقوّة دفاع السودان بواسطة الاستعمار، ولم تخضع لإعادة هيكلة أو إعادة تكوين بما يتوافق مع طبيعة المرحلة الجديدة شأنها شأن بقية أجهزة الدولة التي احتفظت بجوهرها الاستعماري، وهذا لا يعني أن تاريخ القوات المسلّحة كان ساكناً ومتجانساً، ولم يتأثر بمحاولات التحويل الثوري وقطع طريق التبعية البنيوية كما حدث في تموز/ يوليو 1971. 2
كما سارت كل الحكومات المتعاقبة على النهج الاستعماري نفسه مع اختلاف الآليات والتكتيكات حسب المراحل المختلفة التي مرّ بها النظام الرأسمالي العالمي.
الحرب كتعبير مباشر عن أزمة الهيمنة الطبقية
لا يمكن تجاوز حراك كانون الأول/ديسمبر 2018 الثوري3 عند تحليل أسباب حرب 15 نيسان/أبريل 2023. لأن هذه الحرب هي تعبير مباشر عن أزمة الهيمنة الطبقية داخل الطبقة المسيطرة التي نجحت، عبر حلفائها الدوليين من الإمبريالية العالمية وحلفائها الإقليميين، في قطع طريق التغيير الثوري عبر الانقلاب الأول، الذي استنسخ التجربة المصرية عبر تكوين المجلس العسكري وإعادة إنتاج هياكل جهاز الدولة الاستعماري مع تغيير غير جوهري في طبيعة التحالف الطبقي المسيطر، وقد ضمّ بالإضافة إلى كبار الجنرالات من اللجنة الأمنية والبرجوازية التجارية المتمثّلة في قيادات أحزاب قوى الحرية والتغيير، صعود القوى الاجتماعية التي تمثّل المشروع الأميركي في البلاد من القوى النيوليبرالية العولمية الجديدة، التي صعدت كقيادات في المنظّمات المموّلة دولياً والشركات العابرة للقارات والمؤسّسات المالية الدولية، وتم تسويقهم كقيادات مُحايدة أيديولوجياً (تكنوقراط). ويجب ألا ننسى أن العامل الحاسم في تغيير مجرى الصراع الاجتماعي والطبقي في اتجاهات إعادة إنتاج جهاز الدولة القديم هو القبول بمبدأ التفاوض بدلاً من التغيير الجذري.
الآلية الثانية التي ساهمت في تشكيل وإعادة إنتاج التحالف الطبقي المسيطر في السلطة هي مجزرة القيادة العامة،4 التي أدّت إلى تقويض آلية الرقابة الشعبية المباشرة (نواة الديمقراطية المباشرة) على التحالف الطبقي الذي كان يقود الحراك الثوري حتى لا ينحرف عن مطالب الشارع الثوري.
وتمثّلت الآلية الثالثة في التوقيع على الوثيقة الدستورية5 ومن قبلها الإعلان السياسي الذي شكّل هياكل السلطة الانتقالية، وشكّلت عملياً إعادة إنتاج النظام التابع وتحوّل التحالف الطبقي المُسيطر إلى تحالف يعمل على إعادة إنتاج السيطرة الطبقية تحت هيمنة كبار الجنرالات عبر سيطرتهم على الأجهزة الأيديولوجية وسيطرتهم على 80% من اقتصاد البلاد. لذا عبّرت الوثيقة الدستورية على هيمنة كبار الجنرالات على السلطة ما أدى إلى تفاقم السخط والمقاومة من التنظيمات القاعدية. مع زيادة الحراك المقاوم للشارع الثوري، وعدم قدرة قوى الحرية والتغيير من احتواء حراك الشارع عبر آليات الهيمنة التي كانت تمارسها إبان قيادتها للحراك الثوري، زادت مطامع كبار الجنرالات في الانفراد بالهيمنة على السلطة مع الاحتفاظ بالغطاء المدني الذي يرضي المجتمع الدولي ويحفظ المصالح الأميركية في البلاد عبر وكلائها المباشرين، ما أدّى إلى انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021.6 في المقابل، أدّى هذا الانقلاب إلى اكتمال تشكّل لجان المقاومة كمقاومة قاعدية (المواثيق) وتوحّدها لإسقاط الانقلاب واعتباره قطع لطريق الحراك الثوري.
لتوضيح أزمة الهيمنة الطبقية، التي أدّت إلى قيام الحرب، لا بد من تحليل التحوّلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتاريخية التي أدّت إلى تشكّل كبار الجنرالات كفئة مُهيمنة على التحالف الطبقي المسيطر، وارتباطات هذه القوى والمؤسّسات بالإمبريالية الإقليمية والعالمية.
من المعروف أن السودان بدأ تطبيق المشروع النيوليبرالي منذ العام 1978، أي بعد عام من المصالحة الوطنية،7 التي كانت شرطاً من شروط تطبيق المشروع بعد المعارضة السياسية التي واجهها في بلدان عدّة (Ali, 1990). وعلى الرغم من أن نتائج تطبيق سياسات التكيّف الهيكلي هي التي قادت إلى انتفاضة شعبية بين شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل 1985 على خلفية رفع الأسعار، وأطاحت بالرئيس السوداني جعفر النميري بعد 16 سنة على حكمه، تبنّت الحكومة الانتقالية للانتفاضة المشروع النيوليبرالي تحت الإشراف المباشر لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي (Ali, 1990). لتأتي المحاولة الثالثة لتطبيق المشروع النيوليبرالي بعد انقلاب الجبهة الإسلامية مباشرة،8 وتجلّت في بروز الدولة النيوليبرالية أو الدولة غير المسؤولة، وذلك بانسحاب الدولة من إدارة الاقتصاد وتقديم الخدمات الاجتماعية، والتخلّص من أصول الدولة، وتقليص العمالة في القطاع العام وميزانية القطاع العام، بالإضافة إلى انسحاب الدولة من تنظيم سوق العمل، إلخ. ما يعني توسّع آليات السوق ويد السوق الخفية في إدارة هذه القطاعات، وتتمحور وظيفة الدولة في تهيئة الأجواء للاستثمار، أي في تهيئة الظروف الملائمة لآليات السوق لكي تعمل لمراكمة الأرباح وانتزاع الفوائض (Harvey, 2005).
لكي تتمكّن الدولة من فرض الأصولية الرأسمالية، كان لابد من الحفاظ على نزعة التجييش الملازمة لهذا النظام على الدوام (Lovering, 1987). فمثلاً نجد أن الولايات المتّحدة الأميركية أنفقت على منظومتها الدفاعية نحو 734.34 مليار دولار في العام 2019، و778.4 ملياراً في العام 2020، ونحو 806.2 ملياراً في العام 2021، بالإضافة إلى 876.94 مليار دولار في العام 2022، أي بزيادة نسبتها 6% في العام 2020، و3.6% في العام 2021، و9% في العام 2022. وعندما نقارن الإنفاق على التجييش بين عامي 2019 و2022، نجد أن ميزانية التجييش زادت بنسبة 19% (Bank, 2023). لذا كان نظام الجبهة الإسلامية يوجّه 80% من موازنة البلاد إلى القطاعات الأمنية الرسمية وغير الرسمية، مثل مليشيا الدفاع الشعبي، وكتائب الظل، والأمن الشعبي وغيرها. بل عملت الجبهة الإسلامية على تحويل حتى الأجهزة الأيديولوجية الرسمية إلى أجهزة شبه رسمية عبر سياسة التمكين، وإلى مؤسّسات أقرب للميليشيات الإسلامية منها لمؤسّسات قومية. وكجزء من سياسات الخصخصة والمشروع النيوليبرالي، قامت بتجيير جزء من واجبات أجهزة الدولة الأيديولوجية إلى الميليشيات الإسلامية. كما أن العامل السياسي كان حاضراً في تكوين الميليشيات وهو حماية النظام من إمكانية استخدام الأجهزة الأيدولوجية الرسمية ضدّ الإسلاميين عبر انقلاب عسكري. تمّ توجيه الميزانيات الضخمة التي خصِّصت للمؤسّسات الأيدولوجية من أجل بناء الإمبراطورية الاقتصادية للمؤسّسات الأمنية (شركة جياد، زادنا..إلخ) حتى أصبحت تسيطر على 80% من اقتصاد البلاد. قبل بداية الحرب كان الجيش يسيطر على بعض مناجم تعدين الذهب ويشرف على بيع حقوق التنقيب فيها إلى الشركات المختلفة (صلاح، 2023).
تاريخ «الدعم السريع»
يرجع تاريخ الدعم السريع إلى بدايات الألفية مع تصاعد الصراع في دارفور، حيث تمّ تكوين قوّة حرس الحدود، ومن ثمّ الجنجويد، عبر تسليح القبائل العربية لكي تساند قوّات الجبهة الإسلامية في حرب دارفور، كنموذج حي عن خصخصة احتكار الدولة للعنف لصالح تنظيمات اجتماعية أخرى (Carey & Mitchell, 2017). ارتكبت ميليشيا الجنجويد جرائم إبادة جماعية في دارفور وغيّرت التركيبة السكانية في دارفور. في العام 2013، تم تغيير اسم الجنجويد إلى قوّات الدعم السريع. وفي العام 2017 تمّت إجازة قانون الدعم السريع بواسطة برلمان الجبهة الإسلامية لتصبح قوّة مستقلة تتبع إلى القوّات المسلّحة (الجزيرة, 2023). في العام 2019، شرعنت الوثيقة الدستورية مليشيا الدعم السريع كقوّات نظامية مستقلة عن أجهزة الدولة الأيديولوجية الأخرى.
شاركت قوات الدعم السريع في عمليات الخرطوم، التي نظّمها الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث تلقت تدريباً من الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تمويل بقيمة 1.8 مليار دولار (الجزيرة، 2023). بالإضافة إلى الدعم السياسي والمالي من الجبهة الإسلامية، تمّ امتصاص فائض العمالة من جيش احتياطي العاطلين عن العمل نتيجة انتزاع الأراضي من صغار المزارعين في تشكيل ميليشيا الدعم السريع. كما أن التدريب والتمويل الذي تلقّاه كجزء من عملية الخرطوم ساهم في رفع أسهم ميليشيا الدعم السريع على المستوى الإقليمي.
من العوامل التي ساهمت في تشكيل الإمبراطورية المالية للدعم السريع وقائده لورد الحرب محمد حمدان دقلو (حميدتي)، هي سيطرته على مناجم الذهب في دارفور مثل جبل عامر وثلاثة مواقع تعدينية أخرى، وتشكيل شبكات تهريب موازية للذهب (محمد صلاح، 2023). حيث سيطر أيضاً على منح حقوق الامتياز للشركات العاملة في التنقيب على الذهب. كما كوّن شركة الجنيد، التي يديرها أحد أشقاء حميدتي، وتنشط هذه الشركة في التنقيب على الذهب وفي التجارة وتحديداً في قطاع الصادرات مثل الماشية وغيرها. كما أن السلطة الانتقالية عوّضت شركة الجنيد بنحو 200 مليون دولار و33% من الأسهم في شركة سودامين الحكومية مقابل التنازل عن جبل عامر للحكومة (محمد صلاح، 2023). كذلك شارك الدعم السريع في عهد الجبهة الإسلامية في حرب اليمن مقابل الدعم المالي السخي من الإمارات والمملكة العربية السعودية، إذ تم إيداع مليار دولار في حساب بنك السودان مقابل مشاركة هذه القوّات في حرب اليمن (تودمان، 2018).
استفادت أرستقراطية أل دقلو من شرعنة وضعية ميليشيا الدعم السريع في الفترة الانتقالية في بناء الإمبراطورية العسكرية والاقتصادية. توضح مجريات الصراع العسكري منذ 15 نيسان/أبريل أن الميليشيا كانت تستعد وتعمل بجد من خلال بناء أسطولها العسكري على مستوى التسليح المتقدّم والتجهيزات الاستخباراتية. بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، نشرت وسائل إعلامية عدّة نقلاً عن صحيفة هارتس الإسرائيلية حصول ميليشيا الدعم السريع على أجهزة تجسّس متطوّرة من شركة إسرائيلية (دبنقا، 2022).
يمكن الاستخلاص مما سبق، أن الصراع للسيطرة على الموارد وفي مقدّمها الذهب، والسيطرة على الأراضي الزراعية الخصبة ومصادر المياه، والصراع الجيوسياسي للسيطرة على التجارة والموانئ، يعتبر من الأسباب الأساسية لاندلاع حرب 15 نيسان/أبريل، وفي تفاقم أزمة الهيمنة الطبقية، التي تجلّت في الموقف من دمج قوّات الدعم السريع في القوّات المسلّحة كأحد مطلوبات إعادة هيكلة القوّات النظامية كقوّات قومية ومهنية. والدليل على ذلك أن الدعم السريع قام بالسيطرة على كل مناجم الذهب بالبلاد وعلى مصفاة الذهب بعد اندلاع الحرب مباشرة (محمد صلاح، 2023).
حرب 15 نيسان/أبريل كتعبير عن الصراع الطبقي على المستويين الإقليمي والعالمي
يحتدم الصراع الطبقي على المستويين الإقليمي والدولي للسيطرة على الموارد في السودان، حيث كان يمثل أطراف التحالف الطبقي المسيطر من المدنيين والعسكريين في السلطة الانتقالية قبل أن تنهار مصالح إقليمية ودولية متناقضة، إذ يرتبط الدعم السريع بالمصالح الإماراتية والسعودية ومطامعهما بالسيطرة على منطقة القرن الأفريقي، واستنزاف الفوائض الاقتصادية لهذه المنطقة عبر السيطرة على ثلاث قطاعات هامة:
- الصراع من أجل السيطرة على مناجم الذهب،
- الصراع من أجل السيطرة على التجارة والموانئ،
- الصراع من أجل السيطرة على الأراضي الخصبة (قضية الأمن الغذائي).
كما ترتبط الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بالتحالف الإمبريالي العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، حيث تعمل مؤسّسات عابرة للقوميات على توحيد الإمبريالية العالمية حول مصالحها الإقليمية والدولية وإدارة التناقضات الثانوية، ومن ضمن هذه المؤسّسات المجلس الأطلنطي الذي تعتبر الإمارات العربية المتحدة من أبرز مموّليه (ويكيبديا، 2023).
عملت الإمارات العربية المتّحدة على توفير الدعم العسكري المباشر لمييلشيا الدعم السريع، كما أشار تقرير صادر في صحيفة «وول ستريت» الأميركية (Nicholas Bariyo, 2023). كما أن التعاون العسكري المشترك بين الإمارات العربية المتّحدة وتشاد، الذي شهد تدريبات عسكرية مشتركة سمِّيت بـ«السيف القاطع»، من المرجّح أن يكون تغطية لإمدادات السلاح والإمداد اللوجستي للميليشيا عبر الحدود الغربية (الخليج، 2023).
في الجانب الآخر، يوجد التحالف التركي والقطري الذي ينطلق من تنظيم الأخوان المسلمين العالمي ويعمل على التنسيق مع روسيا في صراع المصالح في القرن الأفريقي. أيضاً تعتبر الصين وإيران من الدول التي لها وجود مهمّ في أفريقيا، وتنسّق فيما بينها ضدّ المصالح الأميركية والخليجية على الترتيب. يرتبط كبار الجنرالات بالقوّات المسلّحة والحركات المسلّحة المتحالفة معهم بالمحور التركي والقطري. بالإضافة إلى ذلك، فإن جمهورية مصر لها أيضاً ارتباطات مؤثّرة بالجيش السوداني.
ارتباط المصالح يعبر عنه بالتبعية حيث تعمل القوى الإمبريالية الإقليمية على السيطرة على بلدان العالم الثالث، وتحديداً بلدان أفريقيا، سياسياً واقتصادياً، عبر إخضاع بنياتها الاجتماعية وهياكلها لمتطلّبات التراكم الرأسمالي عند برجوازية هذه الدول. والتي بدورها تخضع لمتطلّبات التراكم الرأسمالي على الصعيد العالمي. وتخضع هذه التراتبية للتقسيم العالمي للعمل الذي يحكم العالم بعد صعود النيوليبرالية، حيث تعمل دول الجنوب على تصدير المواد الخام، بينما تتخصّص دول العالم الثاني كمراكز صناعية، وتحوّل العالم الأول إلى مراكز مالية تعمل على امتصاص الفوائض التي يتم إنتاجها في بلدان الجنوب والمراكز الصناعية (Harvey, 2005). هذا التقسيم لا ينفي وجود استقلالية لهذه الدول في التحرّك وفقاً لمصالحها، والتي قد تتضارب أحياناً مع مصالح دول العالم الأول، وفقاً للتناقضات الثانوية التي تحكم هذه التحالفات والارتباطات. وأحياناً تتأرجّح المراكز الامبريالية الإقليمية بين المراكز الإمبريالية العالمية المختلفة.
الصراع على الذهب: الإمبريالية الاستخراجية
معظم إنتاج الذهب في القارة الأفريقية يتم عبر القطاع التقليدي، ويتم تهريب الذهب عبر شبكة من التجّار يمثّلون مساراً موازياً يربط المصافي المحلية بالمعابر الحدودية، إلى أن يتم تأمين وصول الكمّيات المهرّبة إلى مركز تجميع الذهب المهرّب في دبي في الإمارات العربية المتحدة، ومن هناك تتمّ إعادة تصفيته وخلطه بأنواع مختلفة من الذهب الخام وتصديره إلى السوق العالمية (Smith, 2020). مثلاً في مقاطعة كيفو، وهي إحدى المقاطعات التعدينية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يتمّ تهريب 300 كيلوغرام من الذهب شهرياً عبر شبكات التهريب، بينما الأرقام الرسمية التي تعكس الناتج الشهري من الذهب في المقاطعة تقول بأنه يوازي 5 كيلوغرامات فقط (Smith, 2020). في تموز/يوليو 2023، تم الكشف عن اتفاق بين الإمارات العربية المّتحدة وحكومة الكونغو الديمقراطية لإنشاء 4 مصانع تعدينية في مقاطعتي كيفو ومانيما بقيمة 1.9 مليار دولار. وسبق توقيع هذا الاتفاق حصول الإمارات العربية المتحدة على الحق الحصري (احتكار) لتصدير المعادن التي يتم استخراجها من التعدين الأهلي بالكونغو الديمقراطية لمدة 25 عاماً (Aljazeera, 2023). بالإضافة إلى ذلك، توجد مصفاة الذهب الأفريقية (AGR) بسعة 219 طناً في العام في يوغندا، ومصفاة الدانجو في رواندا التي تعالج 73 طناً من الذهب في السنة. والمصفاتان مملوكتان لعائلة بلجيكية متخصّصة بتجارة الذهب، وينتهي المطاف بواردات الذهب من المصفاتين بشركة PGR Gold Trading المملوكة للأسرة نفسها ومقرها في دبي في الإمارات العربية المتّحدة (Smith, 2020).
في العام 2018، حسب تصريح وزير المعادن، أنتج السودان 93 طناً من الذهب، ما جعله ثالث أكبر دولة منتجة للذهب في أفريقيا بعد غانا وجنوب أفريقيا. بين عامي 2014 و2018، تم تسجيل إيرادات بقيمة 8.6 مليار دولار، في حين أن واردات الذهب إلى الإمارات العربية المتحدة في الفترة نفسها، سجّلت 12.7 مليار دولار، أي أن ما قيمته 4.1 مليار دولار من الذهب تمّ تهريبه إلى الإمارات العربية المتحدة في هذه الفترة (Smith, 2020). في العام 2017، أوضحت السجلات الرسمية للدولة إنتاج 104 أطنان من الذهب، بينما أكّد وزير الصناعة والتجارة إن إنتاج الذهب في العام نفسه بلغ 250 طناً، ما يعني أن 146 طناً من الذهب في العام 2017 فقط تم تهريبه إلى الخارج (محمد صلاح، 2023).
تعدّ روسيا من الدول التي لها وجود في صراع الذهب في السودان، إذ باتت تسيطر على مناطق تعدين في جبل عامر عبر شركة (M. Invest)، وتحديداً عبر فرعها الذي ينشط في السودان باسم مروي غولد (Euronews, 2022) (محمد صلاح، 2023). كما تنشط مصر في النشاط الاستخراجي للذهب في السودان، وتسيطر هي الأخرى على شبكات تهريب تديرها القوّات المسلّحة ومنسوبيها، ما أدّى إلى زيادة احتياطي مصر من الذهب بنحو 44 طناً منذ بداية العام 2022، وزيادة احتياطي البنك المركزي بنسبة 54% (محمد صلاح، 2023).
أيضاً تم تهريب الذهب من غانا وجنوب أفريقيا وساحل العاج والنيجر، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الذهب الأفريقي من مجمل الذهب الذي يصل إلى دبي، من 16% إلى 50% بين عامي 2006 و2016. وبالتالي، ارتفعت حصيلة التجارة غير النفطية بين أفريقيا والإمارات العربية المتحدة إلى 252 مليار دولار بين عامي 2011 و2018، ما يعني أن إيرادات تجارة الذهب أصبحت تمثّل 20% من مجمل إيرادات الاقتصاد الإماراتي (Smith, 2020). في العام 2018، كانت الإمارات العربية المتّحدة رابع أكبر دولة من ناحية صافي واردات الذهب في العالم، وتشير التقارير إلى أن كمّية الذهب المهرّب من أدغال أفريقيا وتمت إعادة تدويره وتصديره إلى الأسواق العالمية بلغت 208,075 كيلوغراماً في العام 2018 (Whitehouse, 2020).
يتم تأمين شبكات تهريب الذهب عبر الميليشيات المتعدّدة التي تشرف على تكوينها وإدارتها الإمارات العربية المتحدة، وفي مقدمتها الدعم السريع الذي سيؤدّي دوراً محورياً في رعاية المصالح الجيواستراتيجية للإمارات العربية المتحدة في أفريقيا. والآلية الثانية لضمان وصول الذهب المهرّب إلى دبي هي رشوة القيادات السياسية لهذه البلدان، خصوصاً في البلدان التي ليس بها حروب أو لا توجد بها ميليشيات مسلّحة. والنتيجة أن إيرادات الذهب لا تدخل إلى الخزينة المركزية لهذه الدول، ولا يتم تحصيل الضرائب ولا الجمارك، ما يؤدّي إلى خفض تكلفة الذهب الخام بنسبة كبيرة، وبالتالي تتمكّن الإمارات من انتزاع فوائض ضخمة من خلال الإمبريالية الاستخراجية التي تتم على دماء الشعوب الأفريقية وجماجمهم.
الصراع من أجل السيطرة على التجارة والموانئ
يعدّ الاستثمار في الموانئ من الاستثمارات المحورية، إذ يشمل الاستثمار في رفع القدرات اللوجستية للدول الإمبريالية، ويمكّنها من بناء شبكات تجارية تربط أماكن نفوذها الإمبريالي في السوق العالمية، وبالتالي خفض تكلفة انتزاع الفوائض الاقتصادية وتعظيم الأرباح.
يمثل الوجود الصيني في السودان مصدر قلق للولايات المتّحدة، ليس بسبب سيطرة الصين على قطاع النفط فحسب، بل بسبب الموقع الاستراتيجي للسودان، الذي يمكّن الصين من التوغل والسيطرة على أفريقيا بأكملها (كوريبو، 2018). وكان الديكتاتور المعزول عمر البشير قد عقد اتفاقاً مع الرئيس الروسي لبناء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر لمدة 25 عاماً مع إمكانية التجديد لمدة 10 أعوام. كما دعا روسيا في العام 2017 لبناء سكك حديدية تربط السودان ببقية أفريقيا، وبالتالي إحكام القبضة الروسية على الموارد والتجارة الأفريقية. بعد تشكيل السلطة الإنتقالية، تمّ الإعلان عن تجميد الاتفاق الذي عقدته الجبهة الإسلامية مع روسيا، حتى تبعث رسائل اطمئنان لحلفائها من الإمبريالية الأميركية والإمبرياليات الإقليمية (Euronews, 2022). امتدّ الوجود الروسي في أفريقيا إلى عدد من الدول عبر توقيع الاتفاقات الدفاعية مثل ليبيا وأفريقيا الوسطى ومالي وموزمبيق (Euronews, 2022). شاركت روسيا في تدريب القوّات المسلّحة في أفريقيا الوسطى، وفي إعادة بناء الجيش هناك عبر وساطة حكومة السودان في عهد الجبهة الإسلامية (كوريبو، 2018).
تعتبر تركيا من الدول التي تصارع من أجل السيطرة على السواحل السودانية الممتدّة لأكثر من 700 كيلومتر على البحر الأحمر، حيث قامت حكومة أردوغان بتوقيع اتفاق مع حكومة الجبهة الإسلامية في العام 2017 قضى بسيطرتها على ميناء سواكن (كوريبو، 2018). وقامت قطر المتحالفة مع تركيا بالتوقيع على اتفاق مع حكومة الجبهة الإسلامية قبل بداية الحراك الثوري قضى بتملكها حقوق إدارة ميناء على البحر الأحمر بقيمة 4 مليارات دولار (تودمان، 2018).
في المقابل، يستخدم التحالف الإماراتي-السعودي في قيادة مجلس التعاون الخليجي ثلاث وسائل أساسية للتدخل في أفريقيا من أجل حماية مصالحهم الاقتصادية المتنامية، وهي التدخل الدبلوماسي عبر جهود الوساطة التي تقودها الدولتان لإنهاء الصراعات الدامية في الدول الأفريقية، والتي تندلع أصلاً بسبب السياسات الإمبريالية التي تنتهجها دول المركز الإمبريالي وحلفاؤها الإقليميون. وقد وجدت الدولتان موطئ قدم لهما في إثيوبيا وإريتريا عبر التوسّط لإنهاء الصراع الإثيوبي الإريتري الذي بدأ في العام 1998. تم ذلك في المملكة العربية السعودية فيما عرف باتفاق سلام جدة (تودمان، 2018). أما الوسيلة الثانية فهي بناء القواعد العسكرية ودعم وإنشاء الميليشيات والمجموعات المسلّحة التي تحافظ على استقرار الأنظمة التي تدعم المصالح والسياسات الخليجية، بينما تطيح الأنظمة التي تعرض هذه المصالح، وبالتالي تحافظ على استمرارية البيئة السياسية والأمنية المواتية لاستمرار النشاطات الإمبريالية لهاتين الدولتين في أفريقيا. تعتبر الوسيلة الثالثة مهمّة للغاية في تمكين الإمبريالية الخليجية من التوغل في أفريقيا، وهي العمل الخيري والتبشيري عبر المنظّمات الإسلامية مثل هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية (السعودية) ووكالة المسلمين الأفارقة (الكويتية) التي تعتمد على الإرث الثقافي المشترك مع الشعوب المسلمة في أفريقيا لخلق سمعة وإرث ثقافي للإمبريالية الخليجية (تودمان، 2018).
بلغت الاستثمارات الإماراتية في أفريقيا نحو 11 مليار دولار، بينما بلغت الاستثمارات السعودية 16 مليار دولار في العام 2018. المدخل الأساسي للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية للسيطرة على الموانئ والمنافذ البحرية، وبالتالي حركة التجارة عبر شركة موانئ دبي العالمية، والتي قامت بتوقيع عقد لإنشاء محطّة شحن داخلية للحاويات في دولة مالي بقيمة 50 مليون دولار في العام 2018 (تودمان، 2018). أدّت الاستثمارات اللوجستية والسيطرة على الموانئ إلى زيادات كبيرة في تدفقات الواردات الأفريقية إلى الإمارات العربية المتحدة من 5 مليارات دولار بين عامي 2010 و2015 إلى 23.9 مليار دولار في 2016 وتضاعفت هذه القيمة 4 مرّات بين عامي 2016 و2022 (تودمان، 2018).
اتجهت الدول الخليجية، وفي مقدّمتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، لإنشاء القواعد العسكرية من أجل حماية استثماراتها ومصالحها الاقتصادية في أفريقيا. وفي تجربة شبيهة بتجربة ميليشيا الدعم السريع، دعمت الإمارات العربية المتحدة مرتزقة في بورتلاند بقيمة 50 مليون دولار، وهي مرتزقة تطالب بانفصال منطقة بورتلاند الواقعة شمال شرق الصومال (تودمان، 2018). كما بدأت دول مجلس التعاون الخليجي في إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي لاستخدامها كمنصّة انطلاق جويّة في حرب اليمن، قبل أن يؤدّي الخلاف السياسي مع حكومة جيبوتي إلى إنهاء العمل في القاعدة والانسحاب منها. لكن الإمارات العربية المتحدة لم تستغرق وقتاً طويلاً لإيجاد البديل المناسب في إريتريا، وهو ميناء عصب الذي تستخدمه الإمارات العربية المتحدة كقاعدة عسكرية، وفي المقابل قامت بصيانة الميناء للحكومة الإريترية للاستخدام التجاري (تودمان، 2018). ومن ثم توجّهت الإمارات العربية المتحدة إلى أرض الصومال (صومال لاند)، وهي إحدى مقاطعات الصومال، التي أعلنت استقلالها ولم يتم الاعتراف بها من المجتمع الدولي، لبناء قاعدة بربرة العسكرية بصفقة بلغت قيمتها 442 مليون دولار، وذلك عقب انهيار الحكومة الصومالية المركزية إلى مجموعة دويلات. في العام 2017، قامت المملكة العربية السعودية ببناء أول قاعدة عسكرية لها في جيبوتي لحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة، وإيجاد موطئ قدم لها في حرب السيطرة على التجارة الدولية عبر البحر الأحمر (تودمان، 2018).
كما شملت التدخلات العسكرية لدول الخليج بناء الشراكات العسكرية، مثلاً الشراكة بين الإمارات العربية المتحدة وحكومة الصومال من أجل تدريب القوّات الصومالية بين عامي 2014 و2018، وكانت الشراكة برعاية الاتحاد الأفريقي لإنهاء التطرّف الإسلامي في الصومال (تودمان، 2018). في العام 2016، تمّ تكوين التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب بمبادرة من المملكة العربية السعودية بغرض التعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أكثر من 20 دولة أفريقية في جنوب الصحراء (تودمان، 2018).
علي صعيد التدخلات الدبلوماسية لحماية المصالح الاقتصادية، قامت كل من قطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت بافتتاح عدد من السفارات في أفريقيا بين عامي 2010 و2018: 11 سفارة قطرية، و9 سفارات إماراتية، و6 سفارات سعودية، وسفارتين كويتيتين (تودمان، 2018). وللتدليل على العلاقة الوثيقة بين التدخّلات الدبلوماسية وتعزيز وحماية المصالح الاقتصادية، قامت قطر بشراء أراضي زراعية في السودان (طبعاً بثمن بخس وبضمانات كبيرة) لتأمين أمنها الغذائي، وذلك عقب توسّطها بين الحكومة السودانية في عهد الجبهة الإسلامية وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وأسفرت الوساطة عن توقيع اتفاقية الدوحة للسلام (تودمان، 2018). أيضاً ترافقت جهود توقيع اتفاق جدّة للسلام بين إثيوبيا وإريتريا مع تقديم مساعدات مالية وإغراءات اقتصادية بقيمة 3 مليارات دولار. وسرعان ما ظهرت الدوافع الحقيقية للمجهودات الدبلوماسية والمساعدات الاقتصادية التي تمثّلت في بناء خط أنابيب نفط بين إثيوبيا وإريتريا لإيجاد منافذ إضافية للنفط الإماراتي على السوق العالمية (تودمان، 2018). استخدمت السعودية التكتيك الدبلوماسي نفسه المصحوب بالرشوة السياسية السخية من أجل التوسّط بين الحكومتين السودانية والتشادية، وضمّهما للنفوذ الخليجي الإماراتي السعودي في المنطقة منذ العام 2007. واصلت المملكة العربية السعودية في جهودها الاقتصادية تجاه السودان وقامت بإيداع مبلغ مليار دولار في حسابات بنك السودان المركزي لمساعدة حكومة الجبهة الإسلامية على مواجهة أزمتها الاقتصادية مقابل تجفيف علاقاتها الدبلوماسية والسياسية بإيران (تودمان، 2018).
في العام 2017 عندما حدث الصراع القطري-السعودي-الإماراتي بسبب صراع الهيمنة داخل مجلس التعاون الخليجي، أعلنت دول جزر القمر وموريتانيا وموريشيوس والسنغال وإريتريا مساندتها للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتسلّمت مساعدات مالية واستثمارية مباشرة مقابل قطع كامل علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. كما قامت دول جيبوتي والنيجر وتشاد بتخفيض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع قطر (تودمان، 2018). على الفور قامت وكالة سلمان للإغاثة بإرسال مساعدات للاجئين في جيبوتي بلغت نحو 250 مليون دولار في العام 2017. ووقعت حكومة المملكة العربية السعودية اتفاقات لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري مع موريشيوس. كما قدّم صندوق أبو ظبي للتنمية مساعدات لتشاد وجزر القمر بقيمة 50 مليون دولار و10 ملايين دولار لدعم الاستثمار والكهرباء على التوالي (تودمان، 2018).
كما يحاول التحالف السعودي-الإماراتي مواجهة النفوذ التركي في أفريقيا، فتركيا مثلاً زادت تجارتها مع أفريقيا بين عامي 2003 و2022 6 أضعاف لتصل إلى 17.9 مليار دولار، كما توسّع نفوذها السياسي والدبلوماسي والأمني الضروري لحماية مصالحها الاقتصادية بافتتاح 29 سفارة جديدة في الفترة نفسها وإنشاء أول قاعدة عسكرية لها في الصومال (تودمان، 2018).
الصراع من أجل السيطرة على الأراضي الخصبة (Land grabbing)
أقبلت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على استئجار الأراضي الخصبة لفترات زمنية طويلة وبأثمان بخسة، وذلك عبر الرشوة السياسية لقيادات البلدان المستهدفة، بهدف خفض تكلفة الاستيراد العالية للمواد الغذائية، إذ تستورد دول التعاون الخليجي 90% من احتياجاتها الغذائية (Henderson, 2021). تنطوي عملية السيطرة على الأراضي الزراعية على فصل المنتجات الزراعية عن سلاسل السلع المحلّية Commodity chain وإلحاقها بسلاسل سلع البلدان الإمبريالية، وتمكّن هذه العملية ليس من انتزاع الفوائض الاقتصادية فقط، بل انتزاع مخزون هذه الشعوب من المياه الصالحة للزراعة ومغذّيات التربة (Soil nutrients)، ما يؤدّي إلى تبادل إيكولوجي غير متكافئ يتجاوز مجرد انتزاع الفوائض الاقتصادية إلى استنزاف الموارد الطبيعية التي لا يمكن تعويضها بوسائل وآليات رأس المال عبر التغيير التكنولوجي وتكثيف العمل (Henderson, 2021). وتؤدّي عمليات انتزاع الأراضي إلى اغتراب سكّان الريف عن وسائل إنتاجهم والطبيعة، وإلى تغييرات كبيرة في طرق إنتاج الغذاء، كما فطن لذلك ماركس مبكراً في رأس المال (Marx, 1976).
اتجهت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى إنتاج الغذاء في الثمانينيات عبر المشاريع الزراعية التي تعتمد على رأس المال المكثف وأحدث التقنيات، وبإشراف متخصّصين من الولايات المتحدة الأميركية. بين عامي 1980 و1993، ارتفع إنتاج المملكة العربية السعودية من القمح من 267 ألف طن إلى 5 ملايين طن (Henderson, 2021)، وزاد إنتاجها للبرسيم من 388 ألف طن إلى 2.4 مليون طن. لكن تكلفة هذه المشاريع كانت عالية جداً، فقد استهلكت ثلثي مخزون السعودية من المياه الجوفية (Henderson, 2021). التجربة نفسها تكرّرت في الإمارات العربية المتحدة التي بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي في إنتاج الغذاء بالتركيز على الخضروات والتمر وعلف الماشية. وفي بداية الألفيات، توقفت هذه التجربة بسبب التكلفة العالية واستهلاك مخزون البلدين من المياه الجوفية.
استفادت الدولتان من القدرات اللوجستية والأمنية والسياسية الواسعة التي تم بناؤها في أفريقيا من خلال إنشاء القواعد العسكرية، والتدخلات السياسية والأمنية عبر إنشاء أو تمويل الميليشيات، وتغيير الأنظمة، والتدخلات الدبلوماسية للحصول على الأراضي الزراعية الخصبة بميزات استثمارية ساعدت في تخفيض تكلفة الاستثمار ونقل المنتجات وربطها بسلاسل السلع الخاصة بالدولتين بحيث تمكّنهما من انتزاع فوائض مهولة.
اتجهت الدولتان للاستيلاء على الأراضي الخصبة في أفريقيا تحديداً، لأنها تحتوي على 60% من الأراضي الخصبة في العالم (تودمان، 2018). تستهدف المملكة العربية السعودية من الاستيلاء على الأراضي الخصبة توفير العلف وخصوصاً البرسيم تلبية لحاجات إمبراطوريتها الضخمة لصناعات منتجات الألبان. حيث تساهم صناعة منتجات الألبان في المملكة بنحو 12% في الناتج الإجمالي القومي (GDP). كما أن استهلاك منتجات الألبان زادت بنسبة 50% في دول الخليج بين عامي 2007 و2012 (Henderson, 2021).
تشير التقديرات إلى أن الإمارات العربية المتحدة تعتبر رابع دولة في العالم من حيث السيطرة على الأراضي الخصبة في العالم بعد المملكة المتحدة، الولايات المتّحدة، والصين، وقبل إسرائيل التي تعتبر خامس دولة من حيث السيطرة على الأراضي الخصبة. (OAKLAND, 2013) تسيطر الإمارات العربية المتحدة على نحو 6.5 مليون فدان من الأراضي الخصبة حول العالم. (OAKLAND, 2013)
يتركز النشاط الاستخراجي في القطاع الزراعي للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وفي أفريقيا، تتركّز هذه النشاطات بشكل أكبر في السودان وأثيوبيا ومصر (Henderson, 2021). كما تنشط الدولتان أيضاً في السيطرة على الأراضي الخصبة خارج هذه الدول المذكورة في أفريقيا، فمثلاً قامت بشراء مليون و235 ألف فدان من الأراضي الخصبة في تنزانيا في العام 2009 (تودمان، 2018). كما قامت قطر بمحاولة استئجار نحو 100 ألف فدان من الأراضي الخصبة في دلتا تانا في كينيا في العام نفسه، ولكنها واجهت مقاومة شرسة من المجتمعات المحلّية (تودمان، 2018).
تشير بعض التقديرات إلى أن السودان يحتل المرتبة الثامنة في العالم من حيث حجم الأراضي المزروعة التي تمت السيطرة عليها من رأس المال الأجنبي. يسيطر رأس المال الأجنبي على أكثر من 20% من مجمل الأراضي المزروعة (OAKLAND, 2013)، إلا أن تقديراتنا تشير إلى أن مجمل الأراضي التي يسيطر عليها رأس المال الأجنبي أكبر بكثير من الأرقام التي تظهر في الإحصائيات والدراسات بسبب الطبيعة السرّية لهذه الصفقات التي تتم بطرق غير مشروعة وعبر الرشوة السياسية.
بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تنشط دول عدّة للسيطرة على الأراضي الزراعية في السودان، مثل قطر، وتركيا، والصين، وكوريا الجنوبية، والأردن، ومصر، والمغرب وصربيا (Yasin Elhadary, 2016). من الأرقام التي حصلنا عليها والتي لا تعكس بالضرورة كل الواقع، تسيطر الشركات الزراعية الإماراتية العملاقة (Agribusiness) على 2.388 مليون فدان، وتسيطر شركة أمطار الإماراتية وحدها على أكثر من 1.400.000 فدان (Yasin Elhadary, 2016). بينما تسيطر الشركات السعودية على 745.339 ألف فدان، ومن أبرز هذه الشركات شركة الراجحي الزراعية (Yasin Elhadary, 2016).
من الرأسماليين الذين لهم شراكات مع الشركات والمؤسّسات الإماراتية والسعودية أسامة داوود، الذي ذكر في اللقاء السري الذي عقده مع القنصل الأميركي وتم تسريبه ضمن «ويكليلكس» أنه وقع اتفاقاً مع مستثمر سعودي لزراعة 100 ألف فدان في شمال السودان، بالإضافة إلى شراكاته مع الهيئة العربية للاستثمار والتنمية التي تتخذ من الإمارات العربية المتّحدة مقراً لها. كما ذكر بأن شركته تحوّلت للتعاملات المالية مع بنك أبو ظبي الوطني بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان (ويكليكس، 2007).
تعتبر الشركات الزراعية المصرية أيضاً من الدول التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة، ومن أبرز هذه الشركات شركة سيتادل (Citadel) التي تعمل في السودان عبر شركة تُسمّى وفرة أنشئت في العام 2007 (Dixon, 2014). تضم شركة الوفرة ثلاث شركات زراعية مثل شركة سابينا الزراعية التي تمتلك عقد إيجار لمدة 30 عاماً لنحو 254 ألف فدان من الأراضي المروية قرب مدينة كوستي، بالإضافة إلى شركة النهضة الزراعية التي تمتلك أيضاً عقد إيجار لمدة 30 عاماً لنحو 60 ألف فدان قرب مدينة الدويم بالنيل الأبيض (Dixon, 2014). تقوم هذه المشاريع بزراعة المحاصيل النقدية مثل القمح، والأرز، والذرة والحبوب الزيتية (Dixon, 2014). تقوم شركة سيتادل أيضا بنشاطات اقتصادية أخرى في قطاع التعدين (الذهب) وصناعة الأسمنت. وتنشط أيضاً في دولة جنوب السودان وأثيوبيا (Bush, 2011) .
تساعد التحوّلات الاقتصادية نحو النيوليبرالية وأصولية السوق الحرّة التي تنفذ في السودان منذ 1978 على جذب رؤوس الأموال الأجنبية، لما توفره الدولة النيوليبرالية من ضمانات وتسهيلات تبدأ من انتزاع الأراضي باستخدام قوة الأجهزة الأيدولوجية وتمليكها أو إيجارها بأسعار رمزية (مع ضمان مبالغ طائلة في شكل رشاوى سياسية)، بالإضافة إلى التسهيلات الأخرى مثل الإعفاءات الجمركية والضريبية وغيرها. كما أن قانون تشجيع الاستثمار لعام 2013 وقانون الاستثمار لعام 2019 في عهد السلطة الانتقالية، ذهبا في الاتجاهات نفسها التي تجعل من دور الدولة ينحصر فقط في تهيئة الأجواء للاستثمار وضمان حرية حركة رؤوس الأموال والحركة العكسية للفوائض الاقتصادية.
إلا أن هذه التوجهات لها تكلفة اجتماعية باهظة، تمثّلت في زيادة نسبة الفقر وتمركز الثروات والسيطرة على الأراضي في يد البرجوازية، مع زيادة نسبة البطالة والهجرة من الريف إلى المدن. حسب تقديرات الفاو في العام 2022، فإن 11.7 مليون من سكّان السودان مهدّدين بالجوع الحاد، بالإضافة إلى معاناة أكثر من 3 ملايين طفل من سوء التغذية الحاد (FAO, 2022) (Unicef, 2023).
تسبّبت هذه السياسات التي تجعل الأراضي الخصبة في البلاد في يد رأس المال الأجنبي وتربط منتوج هذه المشاريع بسلاسل السلع الأجنبية التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي لشعوبها وتلبية حاجات السوق العالمية. بالإضافة إلى ربط القطاع الزراعي بالبلاد بمجمله بالسوق العالمي عبر فرض زراعة المحاصيل النقدية بدلاً من المحاصيل التي تعتمد عليها المجتمعات المحلية في الغذاء إلى إغراق البلاد ومجمل بلدان الجنوب في أزمات نقص حاد للغذاء (Mbilinyi, 2016) (Weis, 2019).
الدور الاقتصادي للحرب
كما أن الحرب قد تندلع لأسباب اقتصادية تتمحور حول الصراع الطبقي والتنافس بين فئات البرجوازية المختلفة داخل الحدود الوطنية أو في مرحلة الاستعمار والإمبريالية بين البرجوازيات المختلفة بحثاً عن الأسواق والمواد الخام الرخيصة (Jonathan Nitzan, 2006)، فإن للحروب تبعات اقتصادية في غاية الأهمّية. لتوضيح ذلك سنتحدّث قليلاً عن نظرية فائض القيمة التي أرسى دعائمها كارل ماركس. تستولي الطبقة البرجوازية على فائض القيمة من خلال نظام العمل المأجور الذي يتكوّن من يوم العمل. حيث ينقسم يوم العمل حسب افتراض ماركس إلى زمن العمل الضروري وهو الزمن اللازم لإنتاج ما يوازي القيمة الضرورية لإعادة إنتاج قوة العمل (ضروريات الحياة التي تتمثل في الأجر)، بالإضافة إلى زمن العمل الفائض أو فائض العمل وهو الزمن الذي يقوم فيه العامل بعمل إضافي بعد أن استوفى شروط التعاقد الذي تم بينه وبين الرأسمالي، أي يعمل بالمجان لصالح الرأسمالي، ما يؤدّي لإنتاج الفائض الذي ينتزعه الرأسمالي (Tendency, 2006) (Marx, 1976). كما أوضح ماركس أنه في دورة الإنتاج، يتم إنتاج فائض القيمة باستخدام رأس المال الثابت (المباني، الآلات، إلخ)، ورأس المال المتغيّر الذي يتمثّل في قوّة العمل من أجل تحقيق الأرباح (غاية النظام الرأسمالي). ويمكن حساب معدل الربح بالمعادلة الآتية:
معدل الربح = فائض القيمة ÷ رأس المال الثابت + رأس المال المتغيّر
من التناقضات الأساسية، أي القوانين التي تتحكّم في حركة النظام الرأسمالي وتطوّره، قانون الميل الدائم لمعدل الربح للهبوط. بمعنى أن معدل الربح في النظام الرأسمالي نتيجة التنافس بين فئات الرأسمالية لانتزاع أكبر قدر من الأرباح، يلجأ الرأسماليون إلى الزيادة المستمرة في إنتاجية العمل عبر التطوير التكنولوجي والتحديث المستمر للتكنولوجيا ما يؤدّي بالمقابل إلى التقليص المستمر في الطبقة العاملة. بمعنى أن معدل رأس المال الثابت إلى المتغيّر سوف يرتفع باستمرار مع زيادة إنتاجية العمل والتحديث التكنولوجي، وهو ما سمّاه ماركس بالتغيير في التركيب العضوي لرأس المال (Organic composition of capital) (Roberts, 2016). عندما يرتفع معدل رأس المال الثابت/رأس المال المتغير مع ثبات معدل فائض القيمة بالنسبة لرأس المال الثابت، يؤدّي ذلك إلى انخفاض معدّل الربح (Roberts, 2016). ومع هبوط معدل الربح، فإن التثمين المستمر لرأس المال مع كل دورة إنتاجية أيضاً يهبط، بمعنى الجزء الذي يتحوّل من الفائض المنتج إلى رأس مال يتقلّص أيضاً، ويؤدّي إلى انخفاض التراكم الرأسمالي والدخول في أزمة، وهي عملية مستمرة تتكرّر باستمرار في ظل النظام الرأسمالي (Roberts, 2016). تلعب الأزمات التي تمرّ بها الرأسمالية والتدخّل دوراً في حلّ مأزق التراكم الرأسمالي إمّا من خلال تخفيض قيمة رأس المال الثابت أو زيادة معدل فائض القيمة (Tendency, 2006). يتم الحل الأول عبر حالات الإفلاس الواسعة التي يتم فيها شطب قيم رأس المال وتخفيض قيمة الأصول بشكل كبير، أما الحل الثاني فيتم عبر تخفيض العمالة وتقليصها وتخفيض الأجور والتنازل عن المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة (التأمين الاجتماعي والصحة المهنية، إلخ). كما تعمل عملية التجييش المصاحبة للرأسمالية عبر الزيادات المستمرة في الصرف على المنظومة الأمنية على توفير منافذ لاستمرار عملية التراكم الرأسمالي وتأخير انفجار أزمة ميل معدل الربح للهبوط (Coulomb & Bellais, 2008).
في حالة فشل الأزمة (Crisis) في استعادة وتيرة التراكم الرأسمالي تتدخل الحروب في إحداث تغيير في التركيبة العضوية لرأس المال، بحيث يؤدّي إلى استعادة الارتفاع في معدل الربح عبر تدمير رأس المال الثابت وتخفيض قيمته بشكل كبير، ما يؤدّي إلى تمركز الربح في يد رأس المال المتبقي، وبالتالي زيادة الربحية وارتفاع معدّل الربح. بالإضافة إلى ذلك فإن التطور التقني الذي يعقب الحروب تحت بند إعادة التأهيل (Reconstruction) يؤدّي إلى استعادة وتيرة عالية للتراكم الرأسمالي لأن الحروب أيضاً تؤدي إلى تخفيض غير مسبوق لقيمة قوة العمل بسبب البطالة الكبيرة التي تحدث أثناء الحروب. وهذا ما يفسّر الإقدام المستمر لميليشيا الدعم السريع على إتلاف المصانع والمؤسسات ورؤوس الأموال بعد نهب محتوياتها، بالإضافة إلى التدمير الهائل لرؤوس الأموال بفعل الحرب بشكل مباشر، فضلاً عن ازدهار اقتصاديات الحرب الكلاسيكية من تجارة السلاح والخدمات اللوجستية التي تسهل حركة السلاح ورؤوس الأموال.
تعتبر عملية إعادة التأهيل من مداخل التغيير الأساسية لتغيير تركيبة الطبقة الرأسمالية وتغيير التركيبة الاقتصادية برمتها. من المتوقع أن تسيطر رؤوس الأموال الإماراتية والخليجية عبر التحالف مع إمبراطورية ال دقلو على مفاصل الاقتصاد، بالإضافة إلى استمرار حلفاء الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة من الرأسماليين القدامى مثل أسامة داوود ودخول قوى عولمية جديدة إلى الملعب من أمثال مو إبراهيم وغيرهم الذين طال انتظارهم لفتح أسواق البلاد بالكامل للقوى النيوليبرالية العولمية. سيتم ذلك عبر الشروط التي يتم وضعها لعملية إعادة التأهيل وهي في مجملها تطبيق ما تبقى من حزم التكيّف الهيكلي على المستوى الاقتصادي، والتطبيع مع إسرائيل على المستوى السياسي. فمثال لبنان حاضر ويوضح كيف أن إعادة التأهيل ما بعد الحرب بعد توقيع اتفاق الطائف في السعودية أدّت إلى تعزيز الاقتصاد الريعي وتراجع التصنيع وتعزيز التوجّهات النيوليبرالية في البلاد (Daher, 2022).
تعتبر التبعات الاقتصادية والاجتماعية للحرب كارثية بكل المقاييس، فحسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في آب/أغسطس 2023، تضاعف عدد السودانيين الذين يعانون من الجوع الحاد ليصل إلى 20.3 مليون، أي ما يعادل 42% من سكّان السودان (FAO, 2023). كما أضافت منظمة اليونيسف أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد قد ازداد بعد اندلاع الحرب من 3 ملايين إلى 3.400 مليون (Unicef, 2023).
تشير تقديرات المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية إلى فقدان السودان نحو 15 مليار دولار بحلول نهاية العام 2023، أي ما يعادل 48% من الناتج الإجمالي القومي بسبب الحرب. ما يعني تقلّص مساهمة قطاعات الصناعة والخدمات والزراعة في الناتج الإجمالي القومي بما يعادل 70% و49% و21% على التوالي. بالإضافة إلى فقدان نصف القوى العاملة بالبلاد (5.2 مليون) وظائفهم، حيث يتوزع فقدان الوظائف بين قطاعات الخدمات والصناعة والزراعة بمعدل 2.700 مليون، و2 مليون و400 ألف على التوالي. بالإضافة إلى ذلك سيصل انخفاض دخل الأسر الحضرية إلى 51%، بينما سينخفض دخل الأسر الريفية بنسبة 44%. وسينخفض الدخل بشكل عام بنسبة 48.3% بالمقارنة مع العام 2021. كما سيرتفع معدل الفقر من 61.1% في العام 2021 أي ما يعادل 26.4 مليون، إلى 65.6% في نهاية 2023، ما يعني دخول مليوني شخص إلى دائرة الفقر وارتفاع العدد الكلي إلى 28.4 مليون (Siddig Khalid; Raouf, 2023).
أما التبعات السياسية فتتمثل في مصادرة العمل السياسي والثوري وإعلاء صوت السلاح والدمار، مع الاستهداف الممنهج للقوى الثورية عبر الاعتقالات والمطاردات الأمنية. لأن من أهداف الحرب تجفيف منابع العمل الثوري القاعدية وضربها بالكامل بعد أن فشلت كل محاولات العنف والتنكيل في المواكب، وفضّ الاعتصامات ومجزرة الاغتيالات السياسية والإخفاء القسري في إخماد جذوة الحراك الثوري.
ما العمل؟
تحقق دراسة الأبعاد الاقتصادية والسياسية للحرب إمكانية امتلاك معرفة موسّعة وعميقة لكل الجوانب المحيطة بالحرب والتصنيف الطبقي لأطرافها، الأسباب الاقتصادية والتاريخية التي أدّت إلى نشوبها، كما يمكن التنبوء بتبعاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية حتى تتمكن القوى الثورية من وضع التكتيكات والاستراتيجيات المناسبة للتعامل معها (Lenin, 1964). كما يمكننا الآن فهم أسباب ودوافع القوى المختلفة (إيقاد،9 الاتحاد الأفريقي والوساطة الأثيوبية) التي تدخّلت في مسار حراك كانون الأول/ديسمبر الثوري، وعملت على فرض التفاوض على قوى الحراك الثوري، بل فرض شروط التحالف الطبقي المعادي للحراك الثوري ضمن بنود الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية، حتى تتمكن من إعادة إنتاج التبعية البنيوية وقطع طريق التغيير الثوري. كما يتضح بكل وضوح الدور الذي تقوم به منظمة إيقاد تحت رئاسة دولة جيبوتي من جهود لاستئناف التفاوض وعقد اجتماع للمنظمة بحضور ممثل للإمارات العربية المتّحدة!
أيضاً يقوم المجتمع الدولي والقوى الإمبريالية عبر الواجهات الإمبريالية والأمنية مثل المجلس الأطلسي الذي تقوده القيادات الأمنية للولايات المتحدة الأميركية (قيادات الـ CIA والمستشارين الأمنيين لرؤساء الولايات المتحدة في الحقب المختلفة)، بالإضافة إلى شاتام هاوس وغيرها من المؤسسات التي تعمل على توحيد الإمبريالية الأميركية والأطلسية مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والتحالف المعادي للتغيير الثوري (كبار الجنرالات والبرجوازية التجارية وممثلي القوى العولمية الجديدة) على وضع التكتيكات المناسبة وتحديد السياسات لمرحلة ما بعد الحرب.
تعتبر شاتام هاوس من مراكز البحوث التي أنشئت بعد الحرب العالمية الأولى، في زمن شهد تصاعد حركة الطبقة العاملة والمدّ الديمقراطي والاشتراكي في العالم. (Inderjeet Parmar, 2020) كان الزعم أن الغرض من تكوين المركز إضفاء الطابع الديمقراطي على صنع السياسات الخارجية للمملكة المتحدة، لكنه عمل على تكريس التدخلات الإمبريالية عبر إدارة الحراكات الثورية والسخط الشعبي في اتجاهات إعادة إنتاج النظام الرأسمالي والنموذج النيوليبرالي (Inderjeet Parmar, 2020). يعمل شتام هاوس على التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق الأهداف الإمبريالية بعد تراجع الدور الإمبريالي المنفصل للمملكة المتحدة، حتى أنه تحوّل إلى فرع بريطاني لمعهد أنغلو أميركي للشؤون الدولية (Inderjeet Parmar, 2020). ما يعني أن شاتام هاوس والمجلس الأطلنطي يعملان على توحيد الإمبريالية الأميركية والأوروبية لتحقيق أهداف الاستعمار الحديث والسيطرة على الحراكات الثورية وتوجيهها بما يحقق أهداف الاستعمار الحديث. حيث تؤدّى هذه المراكز دوراً محورياً في صياغة السياسات التدخلية للقوى الإمبريالية لإعادة هيكلة الاقتصاديات والسيطرة على الموارد. والدليل على ذلك الدور الكبير الذي لعبه شاتام هاوس والمجلس الأطلنطي في عقد الورش التي صاغت التوجهات السياسية النيوليبرالية للسلطة الانتقالية وصياغة خطة التعامل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعادة إنتاج التبعية البنيوية.
قبل شهر، عُقد اجتماع سري بين شاتام هاوس وممثلين من تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) بنيروبي، وكان من ضمن المشاركين في الاجتماع كل من الأستاذ خالد عمر (سلك)، الدكتور عبد الله حمدوك (رئيس الوزراء السابق)، والدكتور إبراهيم البدوي (وزير الاقتصاد في الحكومة الإنتقالية الأولى). ناقش الاجتماع ترتيبات ما بعد الحرب في السودان، وكالعادة تكفل شاتام هاوس بصياغة الأوراق ومقترحات خارطة الطريق، التي سوف تتبنّاها تقدّم لقيادة مرحلة وقف الحرب وتأسيس مرحلة ما بعد الحرب التي سوف تتركز على إعادة إنتاج التبعية البنيوية.
سيواصل المركزان وعبر النفوذ الإماراتي على مجلس إيقاد والاتحاد الأفريقي ودول الجوار على هندسة مرحلة ما بعد الحرب في السودان. حيث تعتمد الخطة الإمبريالية على التفاوض كمدخل للوصول إلى صيغة شراكة جديدة، تشرعن النفوذ السياسي للتحالف السياسي للميليشيا (الحرية والتغيير/تقدم) وسيطرته على السلطة الانتقالية بشكل مباشر أو عبر تكتيك التكنوقراط المعاد، وتحقق أطماع المركز الإمبريالي في فتح السودان للشركات العابرة للقوميات كسوق جديد زاخر بالمواد الخام والمعادن والأراضي. وتدافع عن المصالح الإماراتية والخليجية بالبلاد والمنطقة بأسرها عبر شرعنة الوجود المستقل للميليشيا كإمبراطورية عسكرية تحرس المصالح الاستخراجية للإمارات العربية المتحدة في المنطقة بأسرها. من ناحية أخرى، ما يتم من تحشيد وتجييش قبلي باسم المقاومة الشعبية التي تعمل على إفراغ المقاومة من محتواها ستتجه إما في اتجاه تعزيز الموقف التفاوضي لكبار الجنرالات، أو توسيع دائرة الحرب وتحويلها لحرب أهلية شاملة.
في المقابل، يتوجب على قوى الحراك الثوري البناء على العمل القاعدي الذي تم وما زال حول إحياء قيم التكاتف والتعاضد المجتمعي مع مزيد من التنظيم لهذه المبادرات التي أثبتت فعاليتها في المشاركة المجتمعية وتخفيف تأثيرات الحرب مثل مبادرة شمبات10 ومبادرة سنار بيتك11 وغيرها من المبادرات. بالإضافة إلى المبادرات التي انتظمت لتبادل المعلومات وتوفير الاحتياجات من أدوية وطعام وغيرها من المعينات. والأهم من كل ما ذكرته العمل القاعدي الذي تم بواسطة لجان الطوارئ في حماية المواطنين وعلاج الجرحى وتوفير الخدمات والاحتياجات المختلفة.
يتوجب على كل القوى الثورية العمل على استعادة الثقة في العمل الثوري وآليات التغيير الثوري التي تعمل الحرب على مصادرتها ومصادرة قناعة الجماهير بمدى فعالية هذه الآليات، ولا يمكن أن يتم ذلك من دون التصدي لحملات التسليح التي تعم البلاد في اتجاه إشعال نيران الحرب الأهلية الواسعة النطاق.
إن الواجب الثوري المقدم الآن هو حماية حياة الثوار والشعب السوداني عبر آليات التعاضد والدعم الاجتماعي المنظّم، بالإضافة إلى خلق المسار الثوري المنظّم لوقف الحرب الذي يربط الحرب بالتغيير الثوري للبنى الاجتماعية وقطع علاقة التبعية وبناء سلطة الشعب عبر العمل الثوري المنظم في المناطق التي لم تصلها الحرب. بالإضافة إلى التنسيق مع القوى والتكتلات الثورية بالخارج لتنظيم الوقفات الاحتجاجية والمواكب ومخاطبة المنظمات الثورية في الدول المختلفة لمساندة حق الشعب السوداني في فرض إرادته الثورية والمطالبة بوقف التدخلات الإقليمية والدولية في شؤون البلاد.
من الدروس المريرة والمهمّة التي تعلّمناها من تجربة حراك كانون الأول/ديسمبر الثوري أن التغيير غير المكتمل هو الذي يحفر قبر الثورة والثوار عبر إتاحة الفرصة لتحالف القوى المعادية للثورة المحلّيين والدوليين من التوحّد والتكالب على الحراك الثوري بمختلف الآليات والتكتيكات، من انقلاب عسكري وصولاً إلى إشعال الصراعات المسلحة. لذا لا بد من العمل الصبور لإعادة ترتيب التنظيمات القاعدية وتنظيمها، من لجان المقاومة وتنظيمات العمل على أساس طبقي مثل العمّال والعمّال الزراعيين، وصغار المزارعين، والحرفيين، والعاملين بالقطاعات غير المنظّمة والاستعداد لجولات مقبلة من حراك ثوري يصارع لحين ولادة التنظيم الجديد للمجتمع وجهاز الدولة، الذي يحقق مصالح القوى الثورية من أحشاء القديم ويقطع علاقة التبعية البنيوية والدائرة الشريرة التي تعيد نفسها بسبب الثورات غير المكتملة التي تشكّل مجمل تاريخ السودان الحديث.
المراجع
Ali, A. G. (1990). From dependency to dependency: the International Monetary Fund and the Sudanese economy, Arabic version
Aljazeera. (2023). UAE signs deal to develop mines in eastern DR Congo. Available at: https://www.aljazeera.com/news.
Bank, W. (2023). Military expenditure (current USD) - United States. Available at: https://data.worldbank.org/indicator/MS.MIL.XPND.CD?locations=US. Accessed last time in 30th of December 2023.
Bush, R. (2011). Coalitions for Dispossession and Networks of Resistance? Land, Politics and Agrarian Reform in
Egypt. British Journal of Middle Eastern Studies. https://doi.org/10.1080/13530194.2011.621700
Carey, S. C., & Mitchell, N. J. (2017). Progovernment Militias. Annual Review of Political Science, 20(1), 127-147. https://doi.org/10.1146/annurev-polisci-051915-045433
Coulomb, F., & Bellais, R. (2008). THE MARXIST ANALYSIS OF WAR AND MILITARY EXPENDITURES, BETWEEN CERTAINTY AND UNCERTAINTY. Defence and Peace Economics, 19(5), 351-359. https://doi.org/10.1080/10242690802354345
Daher, J. (2022). Lebanon: How the post war’s political economy led to the current economic and social crisis. Research Project Report. Available at: https://cadmus.eui.eu/bitstream/handle.
Dixon, M. (2014). The land grab, finance capital, and food regime restructuring: the case of Egypt. Review of African Political Economy, 41(140), 232-248. https://doi.org/10.1080/03056244.2013.831342
Euronews. (2022). قاعدة عسكرية روسية في البحر الأحمر.. التقارب بين الخرطوم وموسكو يثير القلق الأمريكي. يمكن الإطلاع على الخبر على الرابط التالي: https://arabic.euronews.com/
FAO. (2022). PC ACUTE FOOD INSECURITY ANALYSIS in Sudan
https://www.ipcinfo.org/fileadmin/user_upload/ipcinfo/docs/IPC_Sudan_Ac…
Harvey, D. (2005). A Brief History of Neoliberalism. A book published by Oxford University Press
Henderson, C. (2021). Land grabs reexamined: Gulf Arab agro-commodity chains and spaces of extraction. Environment and Planning A: Economy and Space, 53(2), 261-279. https://doi.org/10.1177/0308518x20956657
Inderjeet Parmar, S. Y. (2020). 100 Years of Chatham House: A Century in the Service of Empire. Available at: https://thewire.in/. Accessed last time in 31th of December 2023.
Jonathan Nitzan, S. B. (2006). Capitalism and War. Available at: https://www.globalresearch.ca/capitalism-and-war/3890.
Lenin. (1964). COLLECTED WORKS: volume 24. TRANSLATED FROM THE RUSSIAN EDITED BY B E R N A R D PROGRESS PUBLISHERS I S A A C S
Lovering, J. (1987). Militarism, Capitalism, and the Nation-State: Towards a Realist Synthesis. Environment and Planning D: Society and Space, 5(3), 283-302. https://doi.org/10.1068/d050283
Marx, K. (1976). Capital: A Critique of Political Economy. Volume one. Introduced by Ernest Mandel. Translated by Ben Fowkes. Published by Penguin Books in association withN ew Left Review
Mbilinyi, M. (2016). Analysing the history of agrarian struggles in Tanzania from a feminist perspective. Review of African Political Economy, 43(sup1), 115-129. https://doi.org/10.1080/03056244.2016.1219036
Nicholas Bariyo, B. F. (2023). A U.S. Ally Promised to Send Aid to Sudan. It Sent Weapons Instead. Available at: https://www.wsj.com/articles/a-u-s-ally-promised-to-send-aid-to-sudan...
OAKLAND. (2013). CHARTS: The Top 5 Land-Grabbing Countries. https://www.oaklandinstitute.org/charts-top-5-land-grabbing-countries.
Qaddal, M. S. A. (2018). Modern History Of Sudan (1820 - 1955). Arabic version book. Khartoum University Press. Khartoum, Sudan.
Roberts, M. (2016). The Long Depression: How It Happened, Why It Happened, and What Happens Next. Haymarket Books
Siddig Khalid; Raouf, M. a. A., Mosab O. M. (2023). The economy-wide impact of Sudan’s ongoing conflict: Implications on economic activity, agrifood system and poverty. Sudan SSP Working Paper 12. Khartoum, Sudan: International Food Policy Research Institute (IFPRI). https://doi.org/10.2499/p15738coll2.136843
Smith, P. (2020). Mining in Africa and beyond: Tracking the great gold rush: Available at: https://www.theafricareport.com/
Tendency, I. C. (2006). The Economic Role of War in Capitalism's Decadent Phase. Available at: https://www.leftcom.org/en/articles/2005.
UNHCR. (2023). Sudan situation report. Available at: https://data.unhcr.org/en/situations/sudansituation
Unicef. (2023). Conflict in Sudan deepens malnutrition crisis. https://www.unicef.org/sudan/stories/conflict-sudan-deepens-malnutrition-crisis
Weis, T. (2019). Agriculture from Imperialism to Neoliberalism. In The Palgrave Encyclopedia of Imperialism and Anti-Imperialism (pp. 1-15). https://doi.org/10.1007/978-3-319-91206-6_57-1
Whitehouse, D. (2020). Illicit DRC gold: London Bullion Market must do more to stop it. Available at: https://www.theafricareport.com/.
Yasin Elhadary, H. A. (2016). The Implication of Land Grabbing on Pastoral Economy in Sudan. World Environment, 2016, 6(2): 25-33. https://doi.org/10.5923/j.env.20160602.01
الجزيرة. (2023). قوات الدعم السريع في السودان. متوفر على الرابط التالي https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2023/5/15/قوات-الدعم-السريع-في...
الخليج. (2023). التعاون العسكري بين الإمارات وتشاد: تعزيز الشراكة الاستراتيجية للأمن والاستقرار. يمكن الإطلاع على الخبر على الخليج أونلاين على الرابط التالي: alkhaleejonline.net
تودمان، و. (2018). التدافع الخليجي نحو إفريقيا: مختبر السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي. نشر هذا التقرير بواسطة مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. ترجمة عاصم زين العابدين. يمكن الإطلاع على التقرير باللغة الإنجليزية على الرابط التالي: https://www.csis.org/analysis/gulf
scramble-africa-gcc-states-foreign-policy-laboratory.
دبنقا. (2022). صحيفة اسرائيلية تكشف عن حصول الدعم السريع على تقنية خطيرة للتجسس.. والدعم السريع يصف الأمر بالافتراءات الكاذبة. يمكن الإطلاع على الخبر على الرابط التالي: www.dabangasudan.org/ar/all-news/article/
صلاح، م. (2023). https://sudanile.com/حرب-السودان-الأخرى-موقع-الذهب-في... حرب السودان الأخري: موقع الذهب في اقتصاديات الحرب. سلسلة الأثر الاقتصادي للحرب، ورقة رقم 2
كوريبو، أ. (2018). قد يكون السودان الضحية الجيو سياسية التالية في الحرب الباردة الجديدة. يمكن الإطلاع على المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي: https://www.globalresearch.ca/sudan-might-be-the-:next-geopolitical-victim-of-the-new-cold-war/5663940.
ويكليكس. (2007). لقاء القنصل الأمريكي ألبرتو فرنانديز مع أسامة داوود. يمكن الاطلاع على التقرير على الرابط التالي: https://wikileaks.org/plusd/cables/08KHARTOUM98_a.html
ويكيبديا. (2023). ماهي خلفية المجلس الأطلسي؟: يمكن الإطلاع على التقرير على الرابط التالي: :https://en.wikipedia.org/wiki/Atlantic_Council
- 1في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023، شنّت قوات الدعم السريع هجوماً على مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة وأكبر مدن السودان بعد العاصمة الخرطوم. وقد أسفر الهجوم عن انسحاب الفرقة الاولى مشاة في الجيش السوداني، وسيطرة قوات الدعم السريع.
- 2انقلاب نفّذه تنظيم «الضباط الأحرار» في الجيش السوداني ضد نظام جعفر النميري في 19 تموز/يوليو 1971، ودام لمدّة ثلاثة أيام فقط، عاد بعدها النميري إلى الحكم بواسطة انقلاب عسكري مضاد.
- 3انطلق الحراك الثوري في السودان في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2018 ضد نظام عمر البشير، الذي حكم السودان نحو ثلاثة عقود منذ العام 1989. في 11 نيسان/ أبريل 2019، تمت الإطاحة بالبشير عبر انقلاب عسكري وتشكيل مجلس عسكري انتقالي.
- 4مجزرة ارتكبتها قوات مسلحة تابعة للمجلس العسكري ومدعومة من قوات الدعم السريع في 3 حزيران/ يونيو 2019، وذلك بهدف فض الاعتصام أمام القيادة العامة.
- 5جرى التوقيع على الوثيقة الدستورية في 4 آب/ أغسطس 2019، من ممثلين عن المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، وتنص على تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين، إلا أن الأطراف العسكرية أحكمت سيطرتها على السلطة.
- 6في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، قام الجيش السوداني بانقلاب ضد الحكومة المدنية. واعتقل عدداً من أعضائها، بمن فيهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وأعلن عبد الفتاح البرهان حلّ مجلس السيادة، وفرض حالة الطوارئ.
- 7جرى توقيع اتفاقية المصالحة الوطنية بين المعارضة السودانية (الجبهة الوطنية) وحكومة السودان في 12 نيسان/أبريل 1978.
- 8في حزيران/ يونيو 1989، حصل انقلاب عسكري بقيادة حسن الترابي، زعيم الجبهة الإسلامية القومية في السودان، وتم تعيين عمر البشير، أحد أعضاء الجبهة، رئيساً.
- 9منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية، تأسست في العام 1996، تتخذ من جيبوتي مقراً لها، وتضم كلاً من: إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا، والسودان، وجنوب السودان.
- 10مبادرة مجتمعية قاعدية تعمل على توفير الاحتياجات الضرورية اليومية لمواطني شمبات بالخرطوم والأحياء المجاورة عبر جمع التبرعات والمساهمات العينية في تجسيد حقيقي للقيم التشاركية المتجذرة في المجتمع السوداني. ينشط في مبادرة شمبات رموز مجتمعية مثل الفنان طه سليمان.
- 11مبادرة في ولاية سنار التي تقع جنوب شرق البلاد وجنوب ولاية الجزيرة، ينشط فيها أعضاء لجان مقاومة سنار وتعمل على استضافة النازحين من ولايتي الخرطوم والجزيرة وتوفير مراكز الإيواء وتهيئتها.