افتحوا معبر رفح الآن
قصفت الطائرات الإسرائيلية الجانب الفلسطيني من معبر رفح، في سياق إطباق الحصار على القطاع، ووجَّهت تهديداً لمصر بضرب أي شاحنات تحمل مساعدات تحاول الدخول إلى غزة من معبر رفح. ووفق ما أعلنه وزير الحرب الإسرائيلي يؤآف غالانت: «لا طعام، ولا وقود، ولا مياه، ولا كهرباء لقطاع غزّة». وفيما تشدّد إسرائيل من حصارها المتوحّش، أشار محافظ شمال سيناء اللواء محمد عبد الفضيل شوشة إلى تمرير «بعض المساعدات الطبية عبر مصر»، وإعلانه أن «معبر رفح سيكون مفتوحاً لاستقبال الجرحى والمصابين من الجانب الفلسطيني، إذا ما استدعى الأمر».
حتى الآن، لم يتصاعد الموقف المصري الى مستوى كسر قرار الحصار الإسرائيلي، وهذا الموقف ليس جديداً. ووفق البيانات المتاحة، عمد النظام المصري إلى إقفال معبر رفح نحو 2,087 يوماً بين عامي 2009 و2018، أي أن المنفذ الوحيد لقطاع غزّة إلى خارج الأراضي المحتلّة بقي مغلقاً بوجه الفلسطينيين لـ6 سنوات تقريباً من أصل 9 سنوات مشمولة بهذه البيانات. ولم يفتح المعبر أبوابه بشكل مقبول سوى في خلال فترة الثورة المصرية، ووصل عدد أيام الإقفال إلى أدنى مستوى له في العام 2012 حيث أقفل فقط 56 يوماً في السنة، وعادت معدّلات الإقفال للارتفاع مجدّداً مع وصول عبد الفتاح السيسي إلى سدّة الرئاسة.
بالإضافة إلى الإقفالات شبه الدائمة للمعبر، يعاني المسافرون الفلسطينيون من التضييق على حركتهم عبر المنفذ الوحيد لهم من غزّة إلى العالم والخاضع للسيطرة الفلسطينية والمصرية. ووصل معدّل حركة المسافرين عبر معبر رفح جنوب قطاع غزّة قبل العام 2006، حسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى حوالي 40 ألف مسافر شهرياً، أي ما يعادل 480 ألف مسافر سنوياً. وتغيّر هذا الواقع بعد أن فرضت سلطات الاحتلال حصاراً كاملاً في حزيران/يونيو 2007، وعبّر انخفاض حركة المسافرين عن معدلات الإغلاق السنويّة المرتفعة للمنفذ الوحيد.
وتشكّل إعادة فتح المعبر حاجة ماسة لسكان القطاع لمواجهة سياسة العقاب الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي. وتستطيع مصر أن تقدّم للفلسطينيين في غزّة منفذاً للنجاة من الموت. أما إذا استمرّت في إقفال المعبر فهي تشارك الاحتلال في حصاره وجرائمه في القطاع.
والمعروف أن دولة الاحتلال تمارس سياسة إغلاق قطاع غزّة منذ العام 1993، وشدّدت القيود في العام 2000 رداً على الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت في أيلول/سبتمبر 2000. وقامت في العام 2005 بتفكيك مستوطناتها وسحبت مستوطنيها وقواتها العسكرية من القطاع. وفي العام 2006، بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية، فرضت إسرائيل المزيد من العقوبات الجماعية على السكان. ومنذ العام 2007 حتى الآن، أعلنت حصاراً كاملاً مع حظر شبه كامل على تنقل الأشخاص والبضائع من القطاع وإليه.
وشمل الحصار المتواصل منذ 16 عاماً إغلاق القطاع براً وجواً وبحراً، ومنع عبور الأشخاص والبضائع. وهذا ساهم بمآسي إنسانية واجتماعية ضخمة وقوّض حقوق الإنسان ودمّر سبل العيش لأكثر من 2.2 مليون نسمة يعيشون في أقل من 365 كيلومتر مربع، وهذا ما يجعل قطاع غزّة من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية، ويحوّل الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الوحشية وحروبه التدميرية إلى كارثة حقيقية تصيب السكان بصورة مستمرة منذ عقود.