Preview إعادة هيكلة الديون

أسئلة مُكرَّرة عن إعادة هيكلة الديون

1. ما المقصود بإعادة هيكلة الديون؟

  • إعادة هيكلة الديون السيادية: عندما تصبح دولة ما غير قادرة على خدمة ديونها، فإنها تحتاج إلى التفاوض مع الدائنين بشأن خفض الدَّيْن لاستعادة القدرة على السداد. وتتمخض إعادة هيكلة الديون عن واحدةٍ من ثلاث نتائج: إمّا تمديد آجال استحقاق الدَّيْن إلى تاريخٍ لاحق، أو خفض أسعار الفائدة، أو فرض «هيركات» لتقليص أصل الدَّيْن والفائدة المستحقّة السداد.
  • إعادة هيكلة الديون الخارجية: هي إعادة التفاوض على رصيد الديون المستحقة للدائنين المقيمين خارج البلاد، والتي تعني في معظم الحالات الديون بالعملات الأجنبية. ويمكن أن يكون الدائنون الخارجيون حكومات أخرى، أو دائنين من القطاع الخاص مثل حاملي السندات، أو دائنين متعدِّدي الأطراف مثل البنك الدولي. وغالباً تُطالب مجموعات الدائنين الخارجيين المعاملة بالمثل أسوة بالدائنين الآخرين في عملية إعادة الهيكلة.
  • إعادة هيكلة الديون المحلِّية: يتعلّق الأمر بإعادة التفاوض على الديون المستحقة للدائنين المحلِّيين، مثل المصارف المحلِّية والمؤسَّسات المالية والمستثمرين الأثرياء وصناديق التقاعد، من أجل خفض مستويات السداد.

2. لماذا يتعيَّن على سريلانكا أن تعيد هيكلة ديونها الخارجية، وما هو الدور الذي يلعبه صندوق النقد الدولي؟

  • تخلّفت سريلانكا عن سدادِ ديونها الخارجية في 12 نيسان/أبريل 2022. تتكوَّن بنية الدَّيْن الخارجي للبلاد من اقتراض تجاري كبير من دائني القطاع الخاص، ولا سيما السندات السيادية الدولية، التي بلغت 14.7 مليار دولار في نيسان/أبريل 2022. ونتج التخلّف عن السداد عن تراكم ديون تجارية مرتفعة الفائدة للغاية، أدّت إلى مشاكل في ميزان المدفوعات، وهو ما يعني أن سريلانكا لم تستطع خدمة ديونها من خلال إيراداتها بالعملات الأجنبية نتيجة ارتفاع مستويات خدمة الدين. وبالتالي، إن إعادة هيكلة الديون الخارجية ضرورية لتقليل رصيد الديون من خلال خفض أو إلغاء الديون الخارجية لاستعادة القدرة على تحمل الديون.
  • يسعى العديد من البلدان إلى الاستعانة ببرامج صندوق النقد الدولي عند تخلّفها عن سداد ديونها. ثم يلعب صندوق النقد الدولي دور الحكم في تسوية الديون: فيقدّم تحليلاً لتخفيف الديون والفجوة التمويلية، الذي قد يشكِّل الأساس للمفاوضات بين الدائنين. وبالنسبة لبعض الدائنين، يعدُّ برنامج صندوق النقد الدولي إلزامياً لإعادة هيكلة الديون. فمن خلال الإشراف على «الإصلاحات»، يعمل صندوق النقد كحارس إزاء أي تمويل إضافي ويمنح «الثقة» للمستثمرين. تركّز برامج «الإصلاح» بصفة خاصة على أن تصبح البلاد مؤهلة للاقتراض من الدائنين الخارجيين من جديد.
  • ينطوي برنامج «تسهيل الصندوق الممدّد» التي حصلت عليه سريلانكا على شرطين أساسيين: إعادة هيكلة الديون لاستعادة القدرة على دفع الديون وضمان تحقيق فوائض أولية في الموازنة العامة، أي أن تتجاوز الإيرادات الحكومية الإنفاق. وبتحقيق فائض أولي يبلغ 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2025 بالمقارنة مع عجز أولي بلغ 3.8% في العام 2022. فضلاً عن ذلك، لا بدّ أن يكون إجمالي احتياجات التمويل للدين الخارجي ــ سداد أصل الدَّيُن والفائدة ــ أقل من 4,5% من الناتج المحلي الإجمالي بدءاً من العام 2027.

3. هل إعادة هيكلة الديون المحلية ضرورية؟ وبماذا يطالب صندوق النقد الدولي؟

  • لا تعدّ عملية هيكلة الديون المحلية ضرورية لأن الدين المحلي مقوّم بالعملة المحلّية ويمكن أن تسدّده الحكومة. في حين لا يمكن تسديد الدَّيْن الخارجي بالعملات الأجنبية إلا في حال توافر ما يكفي من إيرادات وتدفّقات بالعملة الأجنبية بعد تسديد ثمن الواردات. ويمكن لإعادة هيكلة الديون المحلِّية أن تؤدِّي إلى زعزعة استقرار النظام المالي والاقتصاد مع فقدان المواطنين والمؤسسات المحلّية الثقة في الادخارات والاستثمارات المودعة لدى الحكومة.
  • يطالب صندوق النقد الدولي بخفض إجمالي احتياجات التمويل إلى أقل من 13% من الناتج المحلي الإجمالي بالاتفاق بموجب برنامج «تسهيل الصندوق الممدد»، من دون النظر إلى الفارق بين الدَّيْن الخارجي والدَّيْن المحلي. وتعكف الحكومة والمصرف المركزي على إعادة هيكلة الديون المحلّية لتحقيق هدف خفض احتياجات التمويل. بيد أن صندوق النقد الدولي لم يطالب علناً بإعادة هيكلة الديون المحلية.

4. لماذا يضغط حاملو السندات الخارجيون من أجل إعادة هيكلة الديون المحلّية؟

  • تمتلك سريلانكا مخزوناَ كبيراً من الديون الخارجية، منها 41% من الاقتراض التجاري. يتمسّك بعض حاملي السندات على نحو استراتيجي بمبدأ المعاملة بالمثل بين الدَّيْن الخارجي والمحلي. ويمارسون ضغوطاً محلِّية لمنع تطبيق «هيركات» على الدَّيُن المحلي، بما يؤدِّي حكماً إلى خفض مستويات الـ«هيركات» على الديون الخارجية.
  • لا يمكن مقارنة الدَّيْن المحلي بالدَّيْن الخارجي لحاملي السندات من القطاع الخاص، لأن هؤلاء حصلوا على عوائد أعلى بكثير نتيجة المخاطر الأعلى التي حملوها، وبالتالي فقد جرى تعويضهم بالفعل بعوائد مرتفعة. مع ذلك، تبالغ الحكومة في حرصِها على إرضاء حاملي السندات الخارجيين وصندوق النقد الدولي، الذي يعدُّ في النهاية الُمدافع الأساسي عن رأس المال المالي العالمي، لأنها تسعى لاستعادة قدرتها على الاقتراض من أسواق رأس المال الدولية.

5. كيف تؤثر إعادة هيكلة الديون المحلِّية على صناديق الادخار التعاضدية وصناديق التقاعد، وما هو دور البنك المركزي؟

  • أنشئ صندوق الادخار التعاضدية لموظّفي القطاع الخاص والقطاع شبه الحكومي، وهو أكبر صندوق تقاعدي في سريلانكا، ويضمّ نحو 19.2 مليون حساب.
  • يحمل صندوق التقاعد في سريلانكا أصولاً بقيمة 4,354 مليار روبية. علماً أن 90% منها مستثمرة في السندات السيادية.
  • يدعى البنك المركزي أنه لن يكون هناك «هيركات» على صناديق التقاعد. ومع ذلك، يخطّط لخفض عائدات فوائد على سندات الخزينة التي تحملها صناديق التقاعد، بما في ذلك صندوق الادخار التعاضدي. ويعتزم خفض عائدات صناديق التقاعد بنسبة 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، من أجل خفض إجمالي احتياجات التمويل  بمقدارٍ متساوٍ.
  • يدعي البنك المركزي أن إعادة هيكلة الديون المحلية طوعية، حيث خفضت أسعار الفائدة على سندات الخزينة الحالية إلى 12% حتى العام 2025، ثم تخفيضها إلى 9% بدءاً من العام 2025. بيد أن صناديق التقاعد التي لا تشارك في إعادة هيكلة الديون المحلّية ستخضع لمعدل ضريبي متزايد من 14% إلى 30%، ما يؤدّي إلى انخفاضٍ فعليّ في عائدات الفوائد على سندات الخزانة إلى 7.7% على مدى فترة الستة عشر عاماً.  وتشكّل هذه الاستراتيجية في الواقع تهديداً لضمان الامتثال لإعادة هيكلة الديون المحلية.
  • مجلس النقد والبنك المركزي هما القيِّمان على صندوق الادخار التعاضدي. ويدير المصرف المركزي المساهمات المتراكمة في حسابات صندوق الادخار التعاضدي وتُستثمر في أدوات مالية مختلفة. ويُعلَن عن سعرِ فائدةٍ سنوي ويُضاف إلى حسابات الأعضاء استناداً إلى معدل العائد. غير أن إشراف المصرف المركزي، بوصفه القيِّم، على إعادة هيكلة سندات الخزينة في صندوق الادخارر التعاضدي، يخلق تضارباً في المصالح.

6. كيف تؤثر إعادة هيكلة الديون المحِّلية على ادخارات العاملين؟

  • بسبب انخفاض قيمة العملة وارتفاع الأسعار في العام 2022، انخفضت القيمة الحقيقية لصندوقِ الادخار التعاضدي ومعظم صناديق التقاعد بأكثر من 40%. وبالتالي أي شخص سوف يسحب أمواله بعد العام 2022 سوف يتكبّد خسارة كبيرة.
  • مع إعادة هيكلة الديون المحلية وخفض عائدات الفائدة، يمكن لصندوق الادخار التعاضدي والعديد من صناديق التقاعد أن تخسر 29% من قيمتها في غضون 10 سنوات، و47% من قيمتها على مدى فترة 16 عاماً، من إعادة هيكلة الديون المحلية التي ستستمر حتى العام 2038. وقد بلغت قيمة صناديق التقاعد على مدى السنوات الخمس الماضية نحو 17.7% من الناتج المحلي الإجمالي  في المتوسط، ومع انخفاض سنوي بنسبة 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الست عشرة المقبلة، فإنها ستنخفض إلى 9.4% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعتمد العاملون في القطاع الخاص النظامي على هذه الصناديق باعتبارها الضمان الاجتماعي الوحيد لهم؛ وهو ما ينطوي على آثارٍ سلبية على مستوى معيشتهم في خلال فترة تقاعدهم.

7. ماذا لو فشل برنامج صندوق النقد الدولي وإعادة هيكلة الديون؟ وكيف يؤثر ذلك على الموازنة الوطنية؟

  • البديل الوحيد للحيلولة دون التخلّف عن السداد مرّة أخرى هو تخفيض الدَّيْن الخارجي بشكل كبير، وإذا أمكن شطب الدَّيْن بالكامل.
  • بالنظر إلى الشروط الصارمة التي يفرضها برنامج صندوق النقد الدولي ومستويات «الهيركات» المنخفضة المطبَّقة على عند إعادة هيكلة الديون، فقد تتخلّف سريلانكا مجدّداً عن سداد ديونها الخارجية في المستقبل. وقد يشكّل الوصول إلى احتياجات تمويلية بنسبة 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي للدين الخارجي ضغطاً على احتياطيات البلاد بالعملات الأجنبية عندما تكون الإيرادات بالعملات الأجنبية غير كافية لسدّ فاتورة الاستيراد واحتياجات خدمة الدين الخارجي. قد تحاول الحكومة بيع الأصول بأسعار بخسة من خلال الخصخصة للحصول على إيرادات بالعملات الأجنبية، مما يضرّ بنوعية الخدمات العامة ويرفع الرسوم المترتبة عليها، بما في ذلك الكهرباء والمياه والنقل والتعليم وما إلى ذلك.
  • إن تخفيض الحاجات التمويلية بالعملات الأجنبية من خلال إعادة هيكلة الديون المحلّية وتقييد السياسة المالية من خلال وصفات صندوق النقد الدولي التقشّفية ينطويان على تأثيرات كبيرة على مخصّصات الموازنة الضرورية لتوفير الخدمات الاجتماعية والتصدّي للأزمة الاقتصادية.
  • يضغط صندوق النقد الدولي من أجل سنّ قوانين، مثل قوانين إدارة المالية العامة التي تمنع الحكومة من تمويل العجز أو حتى معالجة الصدمات الكبرى في الاقتصاد بما يضع العمّال تحت رحمة الأسواق.

8. ما هي السياسات البديلة لمعالجة أزمة الديون؟

  • ينبغي رفض إعادة هيكلة الديون المحلّية في مقابل إلغاء الديون الخارجية التي لا يمكن تحملها.
  • تعمل إعادة هيكلة الديون المحلّية المقترحة على خفض العائدات على صناديق التقاعد بنسبة 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً مما يؤثر على كتلة العاملين في البلاد. حتى لو اعتقدت الحكومة بأنه لا يوجد بديل عن إعادة هيكلة الديون المحلية، إلا أن بوسعها فرض ضرائب على الثروة تعادل 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي وتحميل العبء للأغنياء.
  • إن إعادة هيكلة الديون بالاستناد إلى تحليل صندوق النقد الدولي لاستدامة الديون وفرض تدابير تقشّفية لصالح الدائنين لا ينبغي أن تقوِّض الانتعاش الاقتصادي للبلاد وإغاثة الشعب الذي دمرته الأزمة. هناك حاجة إلى مصادر تمويل بديلة ومستدامة للتنمية بدلاً من الاقتراض التجاري الاستخراجي. وينبغي للاستثمار في التنمية المحلية أن يضمن الاكتفاء الذاتي من الغذاء وغيره من الضروريات.

9. ما هي الدروس التي يمكن أن نستخلصها من عملية إعادة هيكلة الديون؟

  • يمكن للحكومات أن تخون مصالح العمّال أثناء الأزمات؛ فلا تقدِّم الإغاثة للعاملين، وتدمّر قيمة مدّخراتهم وصناديق التقاعد الخاصة بهم. ينبغي أن يتحكّم العمال بصناديق تقاعدهم وأن يديروها من خلال النقابات التي تمثلهم. ويمكن أن تضمن صناديق التقاعد التي يسيطر عليها العمّال استثمار مدخراتهم من أجل زيادة فرص العمل وسبل كسب العيش.
  • ينبغي رفض أي عملية لإعادة هيكلة الديون المحلّية قد تؤثر على صناديق التقاعد، وإذا شرعت الحكومة في فرض ضريبة الـ30% على صناديق التقاعد، ينبغي شنّ حملة للتصدّي لهذا الإجراء، والتصويب على ضرورة إقرار قانون ضريبي جديد من خلال انتخاب برلمان جديد يراعي مخاوف العاملين.
  • كان المسار الاقتصادي لسريلانكا من خلال الاقتراض التجاري في أسواق رأس المال الدولية مدمراً للطبقات العاملة. وفي ضوء هذه التجربة، لا بدّ من ضمان الإجماع الوطني، بما في ذلك سن قانون لمنع الاقتراض في المستقبل من خلال السندات السيادية الدولية.
  • تُعدُّ سريلانكا واحدة من أكثر من 70 دولة تعاني من ضائقة ديون في الجنوب العالمي، ولا ينبغي لها أن تطبِّق وصفات صندوق النقد الدولي بخنوع وتخدم مصالح رأس المال المالي العالمي، بل عليها أن تعمل مع البلدان الأخرى للمطالبة بقوانين ومنتديات مناسبة لإعادة هيكلة الديون الخارجية وإيجاد سبل جديدة لتمويل التنمية، وبالتالي المساهمة في صياغة بنية مالية عالمية جديدة. 

نُشِر هذا المقال في Daily FT.