Preview التوسع الاستيطاني

التوسّع الاستيطاني: أولويّات إسرائيل في الحرب

تتزايد جهود إسرائيل لتوسيع الاستيطان في أراضي الضفّة الغربية والقدس والجليل والنقب المحتلّة، بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها على قطاع غزّة منذ أكثر من شهرين. تستغل إسرائيل بسلطاتها ومستوطنيها الانشغال العالمي بغزّة لتتابع مشاريعها الاستيطانية، التي انتهجتها منذ ستينيّات القرن الماضي أو حتى قبل النكبة في العام 1948، بهدف التهويد الكامل للدولة. 

الموازنة الأخيرة التي صوّت عليها الكنيست بداية هذا الشهر، وأقرّ من خلالها تمويل الاستيطان في خلال الحرب، ليست سوى جزءاً من هذه السياسة، التي توسّعت كثيراً في خلال هذا العام تحديداً، وتزايدت معها اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيّين لتهجيرهم بشكل مباشر أو غير مباشر وسرقة أراضيهم وإقامة مستوطنات أو بؤر استيطانية جديدة عليها، علماً أن أساليب إسرائيل في سياسة الاستيطان قد تختلف بحسب المنطقة والتوقيت الزمني والسكّان. ويرافق ذلك تسهيلات كبيرة لجذب المهاجرين اليهود من أنحاء العالم عبر منحهم الجنسية الإسرائيلية والأوراق الرسمية، وتم ربط هذه التسهيلات بالسكن في الأراضي المحتلّة لفترة معيّنة بهدف إرساء «الهوية اليهودية» للدولة. وكانت الحرب الروسية-الأوكرانية سبباً لهجرة 100 ألف من اليهود إلى الأراضي المحتلّة في خلال سنة ونصف.

Previewالتوسع الاستيطاني

التجلّي الأوّل لاستيطان ما بعد الحرب

بعد أسبوع واحد من بدء الحرب على غزّة، هاجم عشرات المستوطنين بمؤازرة من جيش الاحتلال قرية للبدو في الضفّة الغربية وأجبروا سكّانها على المغادرة. وأشارت الأمم المتّحدة إلى أنّ أكثر من ألف فلسطينيّ اضطروا إلى ترك منازلهم وقراهم في الضفّة الغربية، الشهر الماضي، إثر تهديدات مباشرة تعرّضوا لها من مستوطنين مسلّحين أو يؤازرهم جنود إسرائيليّون. وقام بعض المستوطنين بترك رسائل على سيارات عائلات فلسطيتية تحذِّرهم من البقاء في منازلهم تحت طائلة «التصفية».

تستخدم إسرائيل البؤر الاستيطانية، التي تأخذ أحياناً شكل مزارع أو بساتين مجاورة للمستوطنات، وسيلةً لفرض أمر واقع وتهجير الفلسطينيين عبر الضغط عليهم وتهديدهم من المستوطنين. وهذا ما يفسّر ازدياد عدد البؤر الاستيطانية في السنوات الأخيرة ليوازي تقريباً عدد المستوطنات المُسجّل في الضفّة الغربية (174 بؤرة استيطانية و175 مستوطنة).

بعد أسبوع واحد من بدء الحرب على غزّة، هاجم عشرات المستوطنين بمؤازرة من جيش الاحتلال قرية للبدو في الضفّة الغربية وأجبروا سكّانها على المغادرة

وتلجأ دولة الاحتلال عادة إلى مصادرة الأراضي في الضفّة الغربية والقدس للاستيلاء عليها ومنحها للمستوطنين، وهذا ما فعلته للسيطرة على 510 دونماً في القدس في خلال الشهر الماضي. وجرت في الشهر نفسه محاولات فعلية لبناء 4 بؤر استيطانية، وشقّ طرقات بين المستوطنات عبر أراضٍ يملكها ويزرعها فلسطينيون. وبدأت تظهر مخطّطات هيكلية لتوسيع المستوطنات في محافظات عديدة منها بيت لحم وأريحا والخليل: 19 مخطّطاً لما يقرب من 2,400 وحدة استعمارية بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان. 

سياسات إلغاء «ضعف الوجود اليهودي»

يختلف تطبيق سياسة «التهويد»، أي إحلال اليهود مكان الفلسطينيّين في الأراضي المحتلّة بعد تهجيرهم؛ إمّا عبر إجراءات تسلسليّة تأخذُ طابعاً قانونياً ورسمياً، وإمّا من خلال أفعال محلّية ومرحلية في المناطق المختلفة تهدفُ إلى طرد كامل للفلسطينيّين وإرساء هوية اجتماعية وثقافية يهودية فيها. آخرُها كان في شهر تموز/يوليو 2023، إذ عدّلت إسرائيل قانوناً قديماً كان يمنح المجتمعات اليهودية التي تعيشُ فيها أقل من 400 أسرة في منطقتي الجليل والنقب سلطة قبول طلبات الإقامة في المجتمع أو رفضها بما يتناسب مع التركيبة الاجتماعية والثقافية. يشملُ القانون المعدّل مناطق أخرى تعتبرُها إسرائيل ذات أولوية وطنية، والمجتمعات اليهودية ذات 700 أسرة أو أقلّ، وتأمل السلطات زيادة العدد إلى أكثر من 700، كخطوة تؤدّي حكماً إلى طرد الفلسطينيين ومنعهم من السكن في أكثر عدد ممكن من المناطق، كالحال في مدينة صفد حيث يُمنع تأجير البيوت للعرب.

تشكّل مدينة عكا في شمال فلسطين إحدى هذه المدن التي تجهد إسرائيل لطرد الفلسطينيين العرب منها بشكل جدي بعد أن باشرت بذلك في التسعينيات. حينها، شهدت عكّا موجة قدوم اليهود المستوطنين من مدينة الخليل في الضفّة الغربية، بهدف تقوية «ضعف الوجود اليهوديّ». تطوّرت سياسة الاستيطان هذه مع بناء حيّ جديد عبارة عن مجمّع مسوّر يضمّ منازل خاصّة بالعسكريّين وعائلاتهم في العام 2006، بدعم حكومي كبير. وهذه الخطوة عادة ما تتخذها إسرائيل في مناطق مختلفة. وتتجلّى سياسة التهويد في عكا، بشكل أوضح، في إنشاء مدرسة دينية كبيرة وحرم جامعي بمحاذاة المدينة لجذب اليهود، بتمويل من وزارة تطوير النقب والجليل، الراعية الرسمية للاستيطان فيهما. ولأهميّة دور هذه الوزارة، خصّصت لها الحكومة الإسرائيلية 450 مليون شيكل، أي 121 مليون دولار أميركي، من ميزانيّتها لعام 2023-2024 التي أقرّت في شهر أيّار/مايو الماضي.

عدّلت إسرائيل قانوناً قديماً يمنح المجتمعات اليهودية التي تعيشُ فيها أقل من 400 أسرة في منطقتي الجليل والنقب سلطة قبول طلبات الإقامة في المجتمع أو رفضها

تعود فكرة مشروع «تهويد الجليل» إلى منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، ولكن الخطط الفعلية بدأت في أوائل الخمسينيات من خلال وضع قيود على السكّان العرب والاستيلاء على أراضيهم ودفعهم إلى الهجرة، وما يتضمّن ذلك من مجازر بحق بعض الفلسطينيين من أجل إثارة الخوف عند الآخرين. وبعد ذلك بسنوات، بدأت عمليات بناء المستوطنات. وأطلق مشروع جديد في الستينيات لمتابعة الخطة وإنشاء مستوطنات جديدة، توقف العمل به بعد حرب 1967، حيث بدأت إسرائيل تركّز جهودها الاستيطانية في الضفّة الغربية وغزّة. وضمن سياسة التهجير والاستيطان، تلجأ إسرائيل إلى فرض ضرائب كبيرة على أراضي الفلسطينيين في الجليل بهدف الضغط عليهم لبيع أراضيهم، في الوقت الذي كانت تقوم بالاستيلاء على أراضٍ أخرى. 

وضمن خطط تهويد الجليل، قامت إسرائيل في السبعينيات بنقل مصنعين عسكريين من الوسط إلى الجليل، بهدف نقل يد عاملة يهودية كبيرة إلى هناك. وفي الثمانينيات، شكّلت لجنة وزارية لإزالة البناء الفلسطيني «غير الشرعي»، وخصوصاً في القرى البدوية، التي قرّرت وجوب تدمير فوري لأكثر من مئة منزل على أن تعطى مهلة سنتين إلى خمس لإخلاء أكثر من 6 آلاف منزل وبيع أراضيهم للدولة. واعتبرت اللجنة أن 19 قرية بدوية هي غير قانونية أو غير معترف بها. 

الهدم والتدمير من أجل مليون مستوطن 

مليون مستوطن في شمال الضفّة الغربية بحلول العام 2050، هو مشروع إسرائيل القادم والذي يدعمه وزراء من اليمين المتطرّف في الحكومة الإسرائيلية، وعُرض على رئيسها بنيامين نتنياهو في شهر آب/أغسطس الماضي. ينسجم هذا المشروع مع نقل «الإدارة المدنية»، الذراع التنفيذي لإدارة شؤون الأرض والسكّان في الضفّة الغربية إلى حزب «الصهيونيّة الدينيّة» اليميني المتطرّف في خلال هذا العام، ما يعني استلامه المسؤولية الكاملة لإدارة ملف الاستيطان في الضفّة. ولكن هذا المشروع ليس فريداً من نوعه في سياق  تاريخ إسرائيل الاستيطاني، فقد انتشر الكلام عن مشروع آخر في العام 2018 يهدف إلى مضاعفة عدد المستوطنين في الضفّة الغربية والقدس، الذي يقترب من 725 ألف حالياً، في خلال 10 إلى 15 سنة.

عملية هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية وتدميرها هي إحدى السبل من أجل تحقيق تلك المشاريع. في شهر تموز/يوليو وحده، أصدرت إسرائيل 139 عملية هدم وإيقاف بناء وإخلاء. وقامت قوّات الاحتلال بتدمير 41 منزلاً ومنشأة تجارية معظمها في الخليل والقدس، هذا يضاف إلى قطع شجر الزيتون وغيره أو اقتلاعه في نابلس والخليل. وتذهبُ إسرائيل في سياستها التدميرية إلى أبعد من ذلك، بحيث تجبر الفلسطينيين على هدم منازلهم بأنفسهم، مثلما حصل في الضفة الغربية والقدس في خلال العام 2022، وحينها هدمت إسرائيل 950 منزلاً ومنشأة، وأصدرت أوامر بهدم 2,290 آخرين. 

للهدم والتدمير تاريخٌ في صحراء النقب جنوب فلسطين، في ظلّ سياسة إسرائيل المستمرّة لطرد البدو من المنطقة لصالح بناء مستوطنات جديدة. تذكرُ مصادر عديدة أن تدمير القوّات الإسرائيلية لقرية العراقيب البدوية في حزيران/يونيو 2023 كانت المرّة الـ219 منذ بداية الاحتلال. وفي الشهر التالي، أصدرت محكمة الصلح في بئر السبع قراراً بإخلاء عدد من سكّان قرية رأس جرابة، بمهلة تنتهي في الأوّل من آذار/مارس 2024، وتدمير المنازل لصالح تطوير أحياء جديدة إسرائيلية قرب مستوطنة ديمونا.

في شهر تموز/يوليو وحده، أصدرت إسرائيل 139 عملية هدم وإيقاف بناء وإخلاء. وقامت قوّات الاحتلال بتدمير 41 منزلاً ومنشأة تجارية معظمها في الخليل والقدس

تتباين الوسائل الاستيطانية في صحراء النقب عن غيرها من المناطق، حيثُ كان البدو يشكّلون أكثريّة سكّانها قبل النكبة، ولم يبقَ سوى 12% منهم هناك بعدها. ولأجل تشريع استيطان كامل للنقب، نشرت إسرائيل، منذ أيّام دافيد بن غوريون، سرديّة تفيدُ أن أحداً لم يكن يسكن في الصحراء سابقاً على اعتبار أنّ البدو حطّوا في هذه المنطقة من دون امتلاكهم أيّة أراضٍ. وهذا مهّد الطريق لاعتبار قراهم غير قانونيّة، وتتالت مسودّات الخطط لـ«تركيز» البدو واحتوائهم، بداية من إقامة مدن صغيرة لهم، وتدمير 45 تجمّعاً سكنيّاً لهم في السبعينيّات حتّى أصبحت مساحة قراهم لا تشكّل سوى 1% من محافظة بئر السبع، والقضاء على أراضيهم الزراعيّة عبر رشّ المواد الكيميائية السامّة في العام 2003. أما مؤخّراً، فقد انتهجت إسرائيل خطّة جديدة تهدف إلى بناء مخيّمات للنازحين ليقطن فيها البدو، على مساحة 129,658 دونماً بهدف إخراجهم السريع من منازلهم، ويبلغ عددهم حوالى 36 ألف بدوي الآن. 

بناء مستوطنات قديمة وجديدة

في خلال هذا العام، وضعت إسرائيل خططاً كبيرة على طاولتها لتحقيق الهدف الاستيطاني الأوسع. إحدى هذه الخطط هو إنشاء مستوطنة كبيرة على شكل مدينة صناعية تمتدّ على مساحة 2,700 دونم، ويقع ضمنها الخط الأخضر الفاصل بين الضفّة الغربية والأراضي المحتلّة في العام 1948، ما سيؤدّي إلى الاستثمار الإسرائيلي من حيث المال واليد العاملة في منطقة الضفّة الغربية، وستكون بداية لما سمّيَ بـ«تسلسل استيطاني». 

من جهة أخرى، بدأت اسرائيل تطبيق خطط بناء 6,300 وحدة سكنية في المنطقة ج في الضفة و3,500 وحدة تقريباً في شرقي القدس. ووافقت السلطات الإسرائيليّة على 33 مخطّطاً هيكلياً، مع 622 وحدة استيطانية أخرى مطروحة على الطاولة، ما يؤثّر على مساحة شاسعة تفوق 925 دونماً من الأراضي الفلسطينية.

بدأت اسرائيل تطبيق خطط بناء 6,300 وحدة سكنية في المنطقة ج في الضفة و3,500 وحدة تقريباً في شرقي القدس

يرافق ذلك عملٌ حكومي وقانوني بهدف تسريع بناء المستوطنات يبدأ بتخفيف الشروط والموافقات الرسميّة المطلوبة لبناء مستوطنات جديدة (إلغاء سلطة وزير الأمن القومي وموافقة رئيس الوزراء على بناء المستوطنات). وكذلك، أضفت الحكومة الشرعية على 22 مستوطنة كانت بؤراً استيطانية غير قانونية سابقاً، حصل 4 منها على تراخيص تخطيط بمفعول رجعي بعد بنائها بشكل غير قانوني. وعدّلت قراراً سابقاً من أجل فسح المجال أمام عودة المستوطنين إلى أربع مستوطنات في الضفة الغربية الشمالية (غانيم، كاديم، سا نور، وحومش) وإعادة بنائها.

المستوطنون سلاح الاستيطان الفعلي

تستخدم إسرائيل عنف المستوطنين المتزايد حالياً، والذي تسهّله وتدعمه عبر تسلحيهم وتشريع الأفعال التي يرتكبونها، وسيلة أساسية ضمن سياسة توسيع الاستيطان. وتختلفُ طرقهم في محاولة تهجير الفلسطينيين أو قتلهم. في أيّار/مايو الماضي مثلاً، اضطرت 27 عائلة من قرية عين السامية شمال شرقي القدس إلى ترك منازلها بعد أشهر من عنف المستوطنين. عين السامية هي واحدة من 180 قرية فلسطينية في المنطقة ج في الضفّة الغربية تعتبرها إسرائيل غير مرخصّة ولا تسمح لأي بناء أو تمديد للبنى التحتية فيها. وأدّى العنف نفسه إلى إخلاء منطقة تمتدّ على 150 كيلومتراً مربّعاً بين شرقي رام الله وضواحي أريحا، في خلال الأشهر الأولى من العام.

يتعمّدُ المستوطنون الاعتداء على الأراضي الزراعية وخصوصاً بساتين الزيتون في الضفّة الغربية، إمّا من خلال حرقها والإضرار بالمحاصيل أو من خلال الاستيلاء عليها ومنع الفلسطينيّين من الوصول إليها. في مدينة نابلس مثلاً، قام المستوطنون بتلويث خزّان مياه رئيسي لقرية بكاملها وأحرقوا عشرات الدونمات من الأراضي الزراعية فيها.

في شباط الماضي، تجوّل المستوطنون الذي أنشأوا بؤرة استيطانية على أحصنة ومركبات زراعية بين تجمّعات البدو وبدأوا بالاستيلاء على أراضيهم ومنعوا من رعي المواشي بالقرب من قرية القابون في المنطقة ج، ما دفع بالعشرات منهم إلى مغادرة المنطقة في آب/أغسطس الماضي.

 

ومنحت الحكومة الإسرائيلية، من موازنتها الأخيرة قبل أشهر، المستوطنين في الضفّة الغربية حوالى 10 ملايين دولار أميركي لمراقبة البناء الفلسطيني في المنطقة ج، من خلال توظيف مفتّشين وشراء طائرات من دون طيّار ومركبات وغيرها، ومن ثمّ التبليغ عن أيّة عملية بناء فلسطينية.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، قُتل 267 فلسطينياً في الضفّة الغربية، من ضمنهم 10 قٌتلوا على يد مستوطنين إسرائيليين. وتمثل حصيلة الشهرين أكثر من نصف مجموع الفلسطينيين الذين قتلوا في الضفّة الغربية هذا العام. وبالفعل، يعد العام 2023 العام الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفّة الغربية منذ أن بدأ مكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تسجيل الضحايا في العام 2005. وشنَّ المستوطنون اكثر من 331 هجوماً ضدّ الفلسطينيين، وتضمن ثلث هذه الاعتداءات استخدام الأسلحة النارية، بما في ذلك إطلاق النار والتهديد بإطلاق النار. وفي ما يقرب من نصف جميع الاعتداءات المسجلة، كانت القوات الإسرائيلية إمّا ترافق المهاجمين أو تدعمهم. 

ومنحت الحكومة الإسرائيلية المستوطنين في الضفّة الغربية حوالى 10 ملايين دولار أميركي لمراقبة البناء الفلسطيني في المنطقة ج وتوظيف مفتّشين وشراء طائرات مسيّرة للمراقبة

في هذا السياق، تمّ تهجير ما لا يقل عن 143 أسرة فلسطينية، تضمّ 1,026 شخصاً، وسط عنف المستوطنين. وتنتمي الأسر المهجّرة إلى 15 مجتمعاً رعوياً- بدوياً. كما تم تهجير 675 فلسطينياً، بعد هدم منازلهم في المنطقة (ج) والقدس الشرقية بحجّة عدم وجود تصاريح بناء إسرائيلية أو لأسباب عقابية أو في عمليات تدمير نفذها جيش الاحتلال.

التمويل الضروري للاستيطان

إن تطبيق كلّ هذه الوسائل المذكورة ضمن سياسة توسيع الاستيطان لا يحصل من دون تمويل ودعم حكوميّين حتى في حالة شن حرب إبادة كبيرة على غزّة، كالحال اليوم. في الميزانية الحالية للحرب (حوالى 30 مليار شيكل)، التي أقرّت منذ أيّام، خصّصت الحكومة الإسرائيليّة مبلغ 343 مليون شيكل لوزارة المستوطنات والبعثات الوطنيّة التي ترأسها أوريت ستروك المنتمي إلى حزب «البيت اليهودي» الديني المتطرّف، بعدما كان المبلغ 133 مليون شيكل في الميزانية السابقة. وتعمل هذه الوزارة بشكل أساسي على توسيع الاستيطان والمحافظة على «الهوية اليهودية» للمستوطنات. وبحسب أرقام الميزانية التي انتشرت سابقاً، لبناء مستوطنات جديدة في الضفّة الغربية حصة كبيرة تبلغ 94.3 مليون شيكل. 

وفي الميزانية السابقة التي أقرّت في أيار/مايو، ذهب مبلغ 399 مليون شيكل (107 ملايين دولار) إلى قسم الاستيطان في المنظّمة الصهيونية العالمية، وتحصل مستوطنات الضفّة الغربية على 74% من التمويل المباشر الذي يقدّمه المركز للسلطات المحلية (للمستوطنات). وفي شهر آب/أغسطس، اقترح إضافة 700 مليون شيكل للمستوطنات للعام 2023-2024.

وعادة ما تشمل الحكومة الإسرائيلية ضمن ميزانيتها، تمويل منظّمات وجمعيات وجامعات وشركات خاصة تمتلك مشاريع لتعزيز الاستيطان وتثبيت الوجود اليهودي في الضفّة الغربية. وتدعم مجالس المستوطنات من خلال بند يُصرف كـ«منحة» إلى السلطات المحلّية لتطوير البؤر الاستيطانية.