Preview النزوح في غزة

800 ألف فلسطيني صامدون في شمال قطاع غزّة
حصار داخل الحصار

في سياق حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية على سكّان قطاع غزّة، عمد جيش الاحتلال إلى فصل مناطق محافظتي غزّة وشمال غزّة عن بقية مناطق القطاع، وفرض حصاراً عليها داخل الحصار المضروب على القطاع بأكمله منذ 16 عاماً.

تضمّ محافظتا غزّة وشمال غزّة تجمّعات كثيفة السكّان، ولا سيما في مدينة غزّة، وبيت لاهيا، وبيت حانون، وجباليا ومخيمها، ومخيم الشاطئ، ومدينة الزهراء، والمغراقة، وأم النصر، وجحر الديك… وهذه التجمّعات تتعرّض لتدمير منهجي واسع، وتشهد أقسى صنوف البطش والتنكيل والقتل والتجويع والتعطيش، حيث سقط فيها أكثر من 65% من الشهداء والجرحى والمفقودين، وتم استهداف جميع المستشفيات والمراكز الصحيّة وتعطيل جميع المرافق المدنية فيها، بهدف واضح، وهو القضاء على كل أشكال الحياة فيها.

وتحاصر قوات الاحتلال مستشفى المعمداني في حي الزيتون، وهو آخر المستشفيات العاملة في محافظتي غزّة والشمال، الذي ارتكبت فيه إسرائيل مجزرة في 17 تشرين الأول/أكتوبر، راح ضحيّتها نحو 500 شهيد، معظمهم من الجرحى والمرضى والنازحين. 

تحاصر قوات الاحتلال مستشفى المعمداني في حي الزيتون، وهو آخر المستشفيات العاملة في محافظتي غزّة والشمال

ولم يعد يوجد أي مصدر لمياه الشرب في مناطق شمال القطاع، ولا يوجد أي منفذ للوصول إلى الأغذية والأدوية أو أي شكل من أشكال الرعاية الصحية للمرضى والمصابين، وتعجز فرق الإسعاف عن العمل نتيجة استهدافها مباشرة من آلة القتل الإسرائيلية ونفاذ الوقود وتعطيل الاتصالات والإنترنت، وتنتشر الجثث في الشوارع وتحت ركام المساكن التي تدمّرها الطائرات الحربية والمدافع، في حين توقفت أعمال منظّمات الإغاثة كلّياً في هذه المناطق.

على الرغم من المعاناة الهائلة، ما زال سكّان شمال قطاع غزّة يقاومون مخطّطات ترحيلهم. ووفق تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يوجد نحو 800 ألف شخص، يمثّلون نحو 152 ألف أسرة، صامدون في محافظتي غزّة وشمال غزّة (حتى مساء 11/11/2023)، من أصل 1.2 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في تلك المناطق عشية العدوان في 7 تشرين الأول/أكتوبر (448 ألف نسمة في محافظة شمال غزّة، و754 ألف نسمة في محافظة غزّة).

هذا يعني أن ثلث سكّان محافظتي غزّة والشمال، أي نحو 400 ألف نسمة، قد نزحوا إلى محافظات وسط قطاع غزة وجنوبه، ولا سيما دير البلح، وخان يونس، ورفح، ما أدّى إلى زيادة عدد المقيمين في مناطق وسط القطاع وجنوبه إلى أكثر من 1.4 مليون نسمة، وهم، على غرار الصامدون في الشمال، يواجهون شتّى صنوف القتل والدمار والمجاعة والعطش والمرض والتشرّد بفعل الحصار والعدوان الذي لا يستثني بقعة من القطاع.

النزوح الفلسطيني

وتقدّر وكالات الامم المتحدة العاملة في قطاع غزّة مجمل النازحين داخلياً بنحو 1.650 مليون نسمة، ما يعني أن هناك عدداً كبيراً من النازحين ما زالوا في مناطق شمال وادي غزّة، ويرفضون الانتقال إلى الجنوب أو يعجزون عن ذلك، ولا سيما بعد سلسلة عمليات الاستهداف الممنهجة التي نفذها جيش الاحتلال للعابرين على الطرقات بعدما أوهم العابرين أنها «آمنة».

ملاحظة: عمل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني على إعداد تقديرات لأعداد المواطنين المقيمين في محافظتي غزة وشمال غزة وفق أسس تستند على مجموعة بيانات فعلية، رصدت الواقع في قطاع غزة قبل وأثناء العدوان على القطاع الصامد باستخدام بيانات شركات الاتصالات الفلسطينية، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومسح إنفاق الأسرة الفلسطيني واستهلاكها (للأرباع الثلاث الأولى) من العام 2023، والمسح الأسري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (الربع الثالث) من العام 2023، بالإضافة إلى الإسقاطات السكانية.