Preview strike for Gaza

الإضراب العالمي من أجل غزّة
الحاجة لاستعادة روح التضامن

حسناً، لم يكن إضرابا عامّاً عالمياً من أجل غزّة، ولكنه شكّل خطوة رمزية إضافية لرفع مستوى التضامن مع الفلسطينيين ضدّ حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل عليهم. 

استجاب الكثير من الناس حول العالم للدعوات، التي انتشرت منذ أيام قليلة على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى المشاركة في الإضراب اليوم في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2023، عبر الخطوات التالية:

  • المكوث في المنازل وعدم الذهاب إلى العمل أو المدارس والجامعات.
  • عدم إجراء أي مدفوعات نقدية أو عبر بطاقات الائتمان.
  • التغريد عبر منصّة X تحت وسم #StrikeForGaza، وتعليق خاصية تفعيل النشاط على صفحات فايسبوك وإنستغرام. 

ما عدا النشاطات الميدانية في العديد من المدن العربية والأوروبية والأميركية، والنشاطات الافتراضية على شبكات التواصل الاجتماعية، التي يمكن قياسها في الوقت الفعلي، سيكون من الصعب تقدير حجم الاستجابة للدعوات إلى الإضراب، إذ يُرجح أن الاستجابة، مهما بلغت، كانت فردية في أكثرية البلدان، واتخذت في حالات كثيرة شكل التغيّب عن العمل. ولم يُسجّل انخراط واسع لنقابات عمّالية أو مهنية أو حركات اجتماعية أو أحزاب سياسية في الدعوات للإضراب وتنظيمها، باستثناء لبنان، حيث قرّرت الحكومة إقفال الإدارات والمؤسّسات العامّة والمدارس والجامعات، وكذلك في الأردن، حيث شهدت عمان وبعض المدن إقفالاً واسعاً للمؤسّسات، وسُجّلت أيضاً مشاركة كبيرة في الأسواق التجارية في اسطنبول في تركيا، بالإضافة إلى إضراب عام وشامل في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وفي بقية البلدان العربية والإسلامية كان الإقفال محدوداً، واقتصر على عدد من المؤسّسات التي أعلنت التزامها بالإضراب عبر إقفال أبوابها أو إقفال مواقعها الإلكترونية.

سنحتاج إلى بعض الوقت لنقيس حجم الاستجابة للدعوات إلى عدم القيام بأي مشتريات في هذا اليوم، بانتظار صدور بيانات التجارة الإلكترونية وإحصاءات بطاقات الدفع في العالم وفي كل بلد للنظر فيما إذا كانت هناك مشاركة واسعة في هذا الشكل من الإضراب أو المقاطعة.

أتت الدعوة إلى الإضراب العالمي من أجل تعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني وزيادة الضغوط على الحكومات لفرض وقف فوري لإطلاق النار وضمان دخول المساعدات إلى قطاع غزّة المحاصر. وكانت الولايات المتّحدة قد استخدمت حق النقض الفيتو لإسقاط مشروع قرار لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، تقدّمت به الإمارات العربية المتّحدة في مجلس الأمن في 8 كانون الأول/ديسمبر. وسيتم إعادة طرح مشروع القرار على جلسة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 كانون الأول/ديسمبر 2023 للتصويت على مشروع قرار غير ملزم.

على أي حال، جاءت الدعوات من ناشطين وناشطات إلى الإضراب العالمي من أجل غزّة بشكل ارتجالي وغير منظّم، ومن دون التحضيرات اللازمة والتعبئة المطلوبة، إلا أنها حصدت تفاعلاً واسعاً، لا سيما في الدول الغربية، التي أصبحت الحريات العامّة فيها مقيّدة بالدعاية الإسرائيلية والدعوات لإدانة حماس. قد لا يكون لإضراب اليوم وقع الصدمة على الاقتصاد العالمي، حسبما هدف الداعون والداعيات، ولكنه شكّل خطوة إلى الأمام، تسير ببطء، من أستراليا إلى أميركا الجنوبية والولايات المتحدة وكندا وأوروبا مروراً بآسيا، لإعادة روح التضامن العالمي مع القضايا العادلة، وما تحتاجه هذه الخطوة لتسرع نحو الهدف، هو المشروع النضالي والموقف الجذري من السياسات الإمبريالية والاستعمارية.

إذا كانت تأثيرات حركة التضامن العالمي ما زالت غير قادرة على التأثير بشكل واضح على الموقف الأميركي والاوروبي، إلا أن تنامي هذه الحركة، لاسيما على المستوى العمّالي والنقابي، بات يستحق التوقف عنده والتأمل فيه والنقاش حول ما إذا كان يشكّل بداية حركة أممية جنينية مناوئة للاستعمار، بدأت بمظاهرات شعبية وتطوّرت إلى نشاط نقابي لعمّال الموانئ في الولايات المتحدة وإسبانيا وبريطانيا واليونان وأستراليا تسعى لمنع نقل الأسلحة إلى إسرائيل، فيما أعادت النقابات الهندية بشكل واضح وصريح مصطلح الاستعمار وربطته بالحركة العمّالية في سعيها لمنع نقل العمّال الهنود إلى إسرائيل رافضة المشاركة في عملية استعمارية لتهجير الشعب الفلسطيني من الضفة الغربية، وصولاً إلى تشكيل تحالف عريض من النقابات الأميركية وعلى رأسه اتحاد عمّال السيارات الذي ذكّر بموقف النقابات في مواجهة الفاشية الأوروبية ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.