Preview التحذيرات الإسرائيلية

112 وجهة في العالم غير آمنة للإسرائيليين

أكثر من 112 بلداً في العالم تصنّفه إسرائيل، اليوم، كوجهة سفر خطرة وتحذّر الإسرائيليين من السفر إليها أو المكوث فيها. يمثّل هذا العدد نحو 57% من مجمل البلدان على الكرة الأرضية، ويغطي مساحة آسيا وأفريقيا وأستراليا وأميركا الجنوبية والجزء الأكبر من أوروبا. ووفق البيانات والخرائط المُحدّثة، التي أصدرها مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أخيراً، تكاد الوجهات الآمنة للمسافرين الإسرائيليين تنحصر في أميركا الشمالية وأميركا الوسطى وبعض بلدان شمال أوروبا.

تحذيرات السفر الإسرائيلية

ازداد عدد البلدان المُصنّفة «غير آمنة» بنسبة 180%، بالمقارنة مع آخر تقييم سبق عملية طوفان الأقصى (أصدره مجلس الأمن القومي في نهاية آب/أغسطس لمناسبة الأعياد اليهودية). وتعكس هذه الزيادة إدراك إسرائيل لحجم موجة العداء التي تثيره حربها المتواصلة لإبادة شعب فلسطين وحرمانه من حقّه في الوجود. ولكنها تعكس أيضاً المفارقات بين الدعم غير المشروط والتغطية الواسعة لإسرائيل من أكثرية الحكومات الغربية وبعض حكومات المنطقة والإقليم، وبين تصنيف معظم هذه الدول من قبل إسرائيل كوجهات خطرة أو غير آمنة لسفر الإسرائيليين أو إقامتهم، بما في ذلك دولاً في أوروبا الغربية والدول المطبّعة مع إسرائيل أو الدول التي على علاقات دبلوماسية وتجارية وعسكرية معها.

مجلس الأمن القومي (NSC)، هو الهيئة الحكومية المسؤولة عن رصد المخاطر وتصميم السياسات المتعلقة بالشؤون الخارجية والأمن القومي، وقد دأب منذ عملية طوفان الاقصى في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على إصدار تحذيرات متتالية من السفر إلى الخارج، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي توفّر له المعلومات الاستخبارية عن 198 دولة أو وجهة في العالم.

ووفق تحديثه الأخير، يصنّف مجلس الأمن القومي الإسرائيلي البلدان ضمن أربعة مستويات من التهديد: المستوى الأول، لا تهديد (86 بلداً). والثاني، تهديد مُحتمل (53 بلداً). الثالث، تهديد متوسّط (16 بلداً). والمستوى الرابع، تهديد مرتفع (27 بلداً). بالإضافة إلى فئة خامسة تضمّ 16 بلداً يوجد فيها مستويات تهديد مختلفة، أي أن مناطق مُعيّنة لديها مستوى تهديد أعلى من مناطق أخرى في الدولة نفسها.

وفي ضوء هذه التصنيفات، يصدر مجلس الأمن القومي تحذيراته، التي تتراوح بين أخذ الحيطة والحذر وتجنّب السفر أو تأجيله وبين حظره كلّياً وتجريمه. إلا أن هذا المجلس يصدر أيضاً توصيات وإعلانات تعكس - أكثر من تحذيراته - درجة القلق الإسرائيلي من ردود الفعل المُحتملة على خلفية الحرب. فالمجلس يرى العالم كلّه الآن مكاناً خطراً، ويدعو جميع الإسرائيليين واليهود في جميع أنحاء العالم إلى توخّي الحذر في تنقّلاتهم ونشاطاتهم وأعمالهم. يحذّر المجلس في جميع إعلاناته الجمهور من أن التهديدات موجودة «في العديد من البلدان في العالم، بما فيها البلدان التي لم يتم إصدار تحذيرات سفر إليها». ويوصي الإسرائيليين في الخارج بـ«تجنّب إظهار الهوية الإسرائيلية واليهودية بشكل علني وأي رموز ذات صلة، والابتعاد عن التجمّعات الإسرائيلية واليهودية، وعدم التحدّث عن الخدمة في الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية مع الغرباء».

من المحتمل أن يكون لتحذيرات مجلس الأمن القومي وتوصياته وظائف أخرى، أيديولوجية تحديداً تتصل بسردية المظلومية: اليهود مهدّدين في كلّ مكان في العالم وليس لديهم من يحميهم سوى إسرائيل. إلا أنها، في كل الأحوال، ترسم لنا صورة، من منظور أمني تقني، عن مصادر القلق الإسرائيلي، التي كانت تُقدّم في السابق على شكل تهديدات من «منظمات إرهابية» لديها نشاطات في بلدان معيّنة، إسلامية غالباً، وتقدّم اليوم على شكل تهديدات إضافية كامنة في ردود الأفعال الشعبية أيضاً، نتيجة «التحريض» في جميع أنحاء العالم، ولا سيّما في أوروبا الغربية، والذي يجري التصدّي له عبر سن القوانين والأوامر وعبر مجموعات الضغط ووسائل الإعلام، وعبر وصم النضال ضد الصهيونية بمعاداة السامية ودعم الإرهاب.

قبل طوفان الأقصى بقليل، أصدر مجلس الأمن القومي تحذيرات السفر إلى 40 وجهة، على رأسها «دول العدو» التي يحظر القانون الإسرائيلي السفر إليها (لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران)، ويشمل الحظر الإسرائيليين الذين يحملون جنسيات أخرى. ولكن التحذيرات من السفر حدّدت حينها الدول ذات الاحتمالية الأكبر للنشاط ضدّ الإسرائيليين (جورجيا وأذربيجان وتركيا والمناطق الكردية)، والدول التي لديها مستويات تهديد مختلفة على حوض البحر الأبيض المتوسط، وفي أفريقيا. 

وفق الخريطة التوضيحية للأماكن غير الآمنة لسفر الإسرائيليين، كانت مستويات التهديد المرتفعة قبل طوفان الأقصى تتركّز في منطقة الشرق وشمال أفريقيا، وتطوق إسرائيل بحزام أحمر عريض من جميع الجهات، من وسط أفريقيا إلى تخوم الشرق الأقصى. ولكن، منذ إعلان إسرائيل الحرب على قطاع غزّة، ازداد عدد الدول التي يحظّر السفر إليها كلّياً إلى 27 دولة، وباتت تشمل إلى «دول العدو» جميع الدول العربية ما عدا الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والمغرب التي صنّفت في المستوى 3 (تهديد متوسط)، ولكنها تشمل البحرين التي تقيم علاقات قوية مع إسرائيل على غرار الدول الثلاث المذكورة، ومصر والأردن المتعاونتين بموجب اتفاقيات السلام، وقطر التي تقوم بأدوار الوساطة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. إلا أن رقعة التهديدات لم تعد محصورة في هذه المنطقة ومحيطها القريب، بل تم تغيير مستوى التهديد في عشرات البلدان في العالم. تم رفع التهديد من المستوى 1 (لا تهديد) إلى المستوى 2 (تهديد محتمل) في دول أوروبا الغربية (بما في ذلك المملكة المتّحدة وفرنسا وألمانيا)، وأميركا الجنوبية (بما في ذلك البرازيل والأرجنتين وتشيلي)، وكذلك أستراليا وروسيا والصين والهند… مع التوصية بتجنب السفر إلى هذه البلدان أو ممارسة المزيد من الاحتياطات. وتم رفع التهديد إلى المستوى 3 (تهديد متوسط) في بعض بلدان أفريقيا (بما في ذلك جنوب أفريقيا وإريتريا) وآسيا الوسطى (بما في ذلك أوزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وتركمانستان)، مع التوصية بتأجيل السفر إلى هذه البلدان.

لا توجد قاعدة بيانات موثوقة وتتضمّن تصنيفات موضوعية للحوادث التي تعرّض لها إسرائيليون في الخارج لأسباب متصلة بالحرب. لقد صرّح وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الشهر الماضي أن عدد «الاعتداءات المعادية للسامية» في فرنسا تجاوزت عتبة الألف اعتداء، وأن هناك 486 شخصاً من بينهم 102 من الأجانب، موقوفين على خلفية هذه الاعتداءات. وتزعم رابطة مكافحة التشهير المعنية برصد الانتهاكات ضدّ اليهود أن «الحوادث المرتبطة بمعاداة السامية في الولايات المتّحدة» تضاعفت أكثر من أربع مرّات منذ بداية الحرب… إلا أن هذه المزاعم ليست جديدة، وتعود أسبابها إلى حقبات بعيدة تشكّلت فيها «المسألة اليهودية» في أوروبا، فمعاداة السامية هي ظاهرة قديمة في العالم الغربي، ويجري استخدام تجريمها لقمع المتضامنين مع الفلسطينيين والمدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني، علماً أن الأرقام المتداولة تحت عنوان «الاعتداءات المعادية السامية» تشمل الرأي والتعبير ومعارضة الصهيونية وانتقاد إسرائيل والتظاهر مع الفلسطينيين… أو حتى كتابة جملة «فلسطين حرّة: من النهر إلى البحر».