Preview وجوه الإبادة الجماعية

الوجوه المختلفة للإبادة الجماعية

«الوضع في غزّة يزداد سوءاً مع كلّ ساعة تمرّ». هذا ما أفاد به ممثّل منظمة الصحة العالمية في غزّة ريتشارد بيبركورن، مع اشتداد القصف الإسرائيلي على مناطق الجنوب بعد انتهاء الهدنة، ولا سيما في خان يونس ورفح. ويتوقّع بيبركورن أن تشهد هذه المناطق «النمط نفسه الذي حدث في الشمال»، أي أن تتعرّض لقصف شديد وانقطاع في الإمدادات الإنسانية والمياه والفيول وأن ينهار النظام الصحّي فيها، لكن مع فارق واحد وهو أن تداعيات القصف الإسرائيلي سوف تكون أسوأ بكثير مما حصل في الجولة الأولى من الحرب التي استهدفت بشكل أكثر تركيزاً محافظتىْ شمال غزّة ومدينة غزّة، وقد يؤدّي استمرار الحرب إلى مضاعفة أعداد الشهداء على اعتبار أن قصف مناطق أكثر اكتظاظاً بالسكان يخاطر بإصابة عدد أكبر من الضحايا، وإسقاط أعداد أكبر من الشهداء. والأسوأ أن المأساة لا تتوقّف عند هذا الحد، فالخطر الذي يطال الفلسطينيين في غزّة لا ينحصر بالقصف الذي قد يتعرّضون له في أي لحظة، بل ينسحب أيضاً على خطر تفشّي الجوع والأوبئة، وهو ما اعتبره مفوض الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك «أمراً حتمياً». بمعنى آخر، إن النجاة من القصف الإسرائيلي قد لا تتكرّر مع الأوبئة والجوع، التي تهدّد حياة أكثر من 1,7 مليون إنسان في محافظات جنوب غزّة، ونحو 600 ألف ما زالوا صامدين في محافظتي شمال غزة ومدينة غزّة.

وجوه الإبادة الجماعية

85% من سكان قطاع غزّة نازحون

1,93 مليون فلسطيني باتوا الآن نازحين داخليين في مناطق ومحافظات قطاع غزة الخمسة، نتيجة القصف الإسرائيلي المستمرّ منذ أكثر من شهرين، والذي أدّى إلى خسارة أكثر من 60% من المخزون السكني في القطاع وتعريض حياة الناس لخطر يومي ومستمرّ. علماً أن النسبة الأكبر اختبروا النزوح أكثر من مرّة واضطروا للانتقال من منطقة إلى أخرى، وبعضهم إلى ثالثة ورابعة في خلال هذه الحرب. 

وتستقبل منشآت الأونروا والمراكز الحكومية المنتشرة في جميع محافظات القطاع نحو 69% (1,3 مليون فلسطيني) من مجمل النازحين في قطاع غزة الذين بلغ عددهم نحو 1,93 إنسان، فيما النسبة الباقية من النازحين، أي أكثر من 600 ألف إنسان لا يجدون مأوى لهم على الأرجح أو يقيمون في الخيام المحيطة بمراكز الإيواء وبعض المستشفيات.

عدد سكّان محافظات الجنوب يتضاعف

77% من النازحين اللاجئين في منشآت الأونروا، يقيمون في المراكز الموجودة في محافظات جنوب غزّة (دير البلح وخان يونس ورفح)، ويبلغ عددهم نحو مليون إنسان. هذا الواقع، يضاعف الكثافة السكانية في تلك المناطق التي كانت تضم بالأساس نحو مليون شخص قبل الحرب، وترفعها إلى أكثر من 9 أشخاص في المتر المربع الواحد، وهذا ما يزيد مخاطر انتشار الأوبئة والأمراض المعدية. 

الملاجئ تستقبل لاجئين أكثر بـ4 مرّات من قدرتها الاستيعابية

يبلغ متوسط عدد المقيمين في كلّ ملجأ تابع للأونروا نحو 10,326 إنساناً، وهو ما يفوق القدرة الاستيعابية لهذه الملاجئ بنحو 4 أضعاف. يعطي ذلك لمحة عن نوعية الإقامة التي يحظى بها الفلسطينيون والمخاطر المترتبة عليهم من الإقامة في أماكن مُكتظة. ففي مدارس الأونروا التي حوّلت إلى ملاجئ، كلّ 160 شخصاً يتقاسمون مرحاضاً واحداً، وفي قاعدة رفح اللوجستية، يتقاسم كلّ 400 شخص مرحاضاً واحداً.

النجاة من القصف لا تعني النجاة من الأوبئة

10 ليترات هو معدّل حصة الشخص الواحد في محافظات جنوب غزّة من المياه التي ترسلها إسرائيل عبر خطّي أنابيب، وهي تشكّل 10% من متوسط حاجة الفرد اليومية من المياه النظيفة للبقاء على قيد الحياة وفق معايير منظمة الصحة العالمية. هذا الواقع، بالتوازي مع الاكتظاظ السكاني يؤدّي إلى انهيار معايير الصحّة ويهدّد بتفشي الأوبئة أسرع. وبالفعل بحلول نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، سجّل أكثر من 260 ألف حالة، أي ما يشكّل 11% من سكان القطاع، يعانون من واحد من أصل 7 اوبئة وامراض منتشرة في غزة على الأقل بسبب الحرب وسوء الأوضاع الصحية والسلامة العامة.

أما في شمال القطاع، فالمياه مقطوعة بالكامل منذ أسابيع، وبالتالي ترتفع مخاطر الجفاف والتقاط الأمراض المنقولة من شرب المياه غير الصالحة للشرب أكثر وأكثر.

الأمطار ترهق نظام الصرف الصحي

أدّى موسم الأمطار واحتمال حدوث فيضانات إلى زيادة المخاوف من إرهاق نظام الصرف الصحي في القطاع المكتظ بالسكان وانتشار الأمراض. وبالفعل، أفادت الأمم المتحدة عن تدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع في مناطق عدّة في رفح جنوب قطاع غزّة.

20 طناً من النفايات اليومية

يتم إنتاج حوالي 20 طناً من النفايات الصلبة يومياً، فيما لا يوجد سوى عدد قليل من المرافق لمعالجتها. في الواقع، أدّى نقص الوقود إلى تعطيل عملية جمع النفايات الصلبة، وهو ما قالت منظمة الصحة العالمية إنه خلق «بيئة مواتية للانتشار السريع والواسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تحمل الأمراض وتنقلها».