
المساعدات الأميركية ليست صدقة
أنفقت الولايات المتّحدة نحو 41 مليار دولار على المساعدات الخارجية في العام 2024، وتوزّعت على 13 آلاف نشاط في 206 بلداً ومنطقة واقليماً في العالم، بحسب مرصد المساعدات الخارجية الأميركية التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
لا تشمل هذه المبالغ كلّ المساعدات المقدّمة في العام الماضي، وإنّما تلك المُسجّلة حتى 19 كانون الأول/ديسمبر 2024، كما لا تشمل جميع المساعدات العسكرية المقدّمة في هذا العام أيضاً، والتي استفادت منها إسرائيل بشكل أساسي لتغذية حرب الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين والفلسطينيات في غزّة وتوسيع عدوانها على لبنان وشنّ هجمات في سوريا واليمن وإيران.
مع ذلك، تبقى قيمة المساعدات الخارجية الأميركية المُسجّلة في العام الماضي هي الأقل منذ العام 2002، وقد تراجعت بنسبة 43% عن قيمة المساعدات المُسجّلة في العام 2023 والبالغة 72 مليار دولار، وبنسبة 44.6% عن المساعدات التي أنفقت في العام 2022 (74 مليار دولار) لدعم أوكرانيا في الحرب مع روسيا. علماً أنه لا توجد سوى ثلاث سنوات مُسجّلة خصّصت فيها الولايات المتّحدة ما يقرب من هذا المبلغ للمساعدات الخارجية وهي العام 1947 (75.9 مليار) والعام 1949 (82.9 مليار) والعام 1951 (73.2 مليار)، عندما كان المشهد العالمي يتبدّل في أعقاب الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتّحدة.
ما يميّز ترامب عن من سبقه من الرؤساء الأميركيين، هو تبجّحه بأن المساعدات الأميركية ليست بالمجان، بل إن الولايات المتّحدة تعطي في المجال الإنساني لتأخذ في السياسة
لكن مع بداية الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم يعد مستقبل التمويل الأجنبي للولايات المتّحدة واضحاً، لا سيما بعد أن أصدر ترامب أمراً تنفيذياً في كانون الثاني/يناير 2025، يأمر فيه وزير الخارجية ماركو روبيو بإيقاف جميع مدفوعات المساعدات الأجنبية لمدة 90 يوماً على الأقل، في انتظار إجراء مراجعة لها لضمان «كفاءتها وتوافقها مع السياسة الخارجية للولايات المتّحدة»، باستثناء برامج المساعدات الغذائية الطارئة والتمويل العسكري لكلّ من إسرائيل ومصر.
ما يميّز ترامب عن من سبقه من الرؤساء الأميركيين، هو تبجحه صراحة بأن المساعدات الأميركية ليست بالمجان، بل إن الولايات المتّحدة تعطي في المجال الإنساني لتأخذ في السياسة. إن إيقاف المساعدات الأميركية، التي تعتبر من وسائل «القوة الناعمة» التي تستخدمها الولايات المتّحدة لفرض هيمنتها ونفوذها على العالم، سوف يؤثر على الكثير من البلدان، وخصوصاً تلك التي تعتمد على المساعدات الأميركية، أكبر مانح في العالم.
ما حجم الكارثة؟
أثّر توقيف المساعدات على عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تضمّ نحو 10 آلاف موظّف ثلثيهم يعمل في الخارج، ويُنفق من خلالها الجزء الأكبر من المساعدات الخارجية الأميركية، وقد وصلت نسبتها إلى ما لا يقل عن 79.3% في العام 2024 وحده.
بتكليف من ترامب، عمد وزير الكفاءة الحكومية إيلون ماسك إلى تقليص حجم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وقامت فرقه بإغلاق موقع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على الإنترنت في خلال نهاية الأسبوع الأول من شهر شباط/فبراير، قبل أن يعود الموقع ليلة 4 شباط/فبراير 2024، مع إشعار وحيد يعلن إنهاء خدمة موظّفي الوكالة في العالم. وفي الأسبوع الماضي، أعلن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، نفسه مديراً بالوكالة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وأعلن عن إغلاق أبوابها في العاصمة واشنطن. وهي خطوة يعتبرها البعض أوّلية ضمن خطّة إدارة دونالد ترامب لدمج الوكالة التنمية الدولية الأميركية في وزارة الخارجية، ليسيطر عليها البيت الأبيض مباشرة.
لا شكّ أن قرار ترامب أحدث خضّة عالمية مع خروج أكبر منفق عالمي على المساعدات الإنسانية من المشهد، فحوالي 42% من جميع المساعدات الإنسانية التي رصدتها الأمم المتحدة في العام 2024 تأتي من الولايات المتحدة. وقد غطّت هذه الأموال كل شيء بدءاً من صحة المرأة في مناطق النزاع إلى المساعدة الأمنية للشركاء مثل أوكرانيا، مروراً بالحصول على المياه النظيفة وعلاج فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) وأمن الطاقة ومكافحة الفساد والتدريب الوظيفي والتعليم.
أثّر توقيف المساعدات على عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تضمّ نحو 10 آلاف موظّف، ويُنفق من خلالها الجزء الأكبر من المساعدات الخارجية
تُظهر البيانات الأخيرة التي يسجلها المرصد أن حصّة المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة انخفضت من 23% في العام 2020 إلى 12% فقط في العام 2023، وهي أصغر حصة لها منذ العام 1949. قبل العام 2021، شكّل الإنفاق العسكري لعقود ما لا يقل عن 20% من التزامات المساعدات الخارجية السنوية. وفي المقابل، كانت حصة المساعدات الاقتصادية أكبر في السنوات الأخيرة مما كانت عليه منذ عقود، حيث شكلت حوالي 88% من الالتزامات المدرجة في العام 2023.
يشكّل الإنفاق على الصحّة النسبة الأكبر من المساعدات الخارجية الأميركية التي صرفت في العام الماضي وتصل قيمتها إلى 10.4 مليار دولار، تليها المساعدات الإنسانية بنحو 9.3 مليار دولار، ومن ثم التنمية الاقتصادية بقيمة 8.7 مليار دولار، فضلاً عن 5.2 مليار دولار أنفقت لدعم البرامج، ونحو 2 مليار دولار لمناصرة الديمقراطية وحقوق الإنسان والحوكمة. لتشكّل هذه البنود الخمسة معاً نحو 86.8% من مجمل المساعدات الأميركية الخارجية التي أنفقت في العام الفائت.
وتعتبر منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الأكثر تلقياً للمساعدات الأميركية وقد بلغت في العام 2024 نحو 12.7 مليار دولار، أي ما يشكّل نحو 31% من مجمل المساعدات الخارجية الأميركية، تليها أوروبا وأوراسيا بقيمة 6.6 مليار دولار (أي 16.1% من مجمل المساعدات)، ومن ثمّ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيمة 3.9 مليار دولار (أي ما يشكّل 9.5% من مجمل المساعدات).
معظم العمل على الأرض تقوم به منظّمات يتم التعاقد معها وتمويلها من قبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وبحسب الغارديان، تشير دراسة استقصائية شملت 342 منظّمة تنموية دولية، إلى أنه من المرجح أن يغلق أكثر من نصفها قبل شهر أيار/مايو من دون التمويل الأميركي. وبالفعل، حتى الآن توقّفت مجموعة من البرامج الصحّية التي تعمل على مكافحة شلل الأطفال والجدري وبرنامج فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، الذي أنقذ حياة أكثر من 20 مليون شخص في أفريقيا. الأمر نفسه في آسيا، بحلول 7 شباط/فبراير 2024، صدرت أوامر بإغلاق مراكز الرعاية الصحّية التي تخدم عشرات الآلاف من اللاجئين من ميانمار. وفي بنغلاديش، قام المركز الدولي لأبحاث أمراض الإسهال، الذي ينسّق الأبحاث الرائدة في أحد أكثر الأمراض القاتلة للأطفال، بتسريح العلماء الذين يعملون في برامج الملاريا. أيضاً، كشف بحث أجراه معهد غوتماتشر أن 11.7 مليون امرأة وفتاة سيحرمن من الحصول على رعاية منع الحمل في خلال فترة تجميد المساعدات، وهو ما يعني حسب توقعاتهم وفاة 8,340 امرأة وفتاة بسبب مضاعفات الحمل والولادة.
أيضاً ستؤدي قرارات إدارة ترامب إلى شل النظام العالمي المعقّد الذي يهدف إلى منع المجاعة والاستجابة لها. فقد قالت مارسيا وونغ، المسؤولة الكبيرة السابقة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أن حوالي 500 ألف طن متري من المواد الغذائية بقيمة 340 مليون دولار أصبحت في طي النسيان أو في مرحلة النقل أو التخزين، حيث تنتظر المنظمات الإنسانية موافقة وزارة الخارجية الأميركية لتوزيعها.
لا تتوقف المساعدات على الغذاء والصحة، بل يطال أيضاً المساعدات المقدّمة للحدّ من مخاطر التقلّبات المناخية والأحداث الطبيعية المدمّرة ومعالجة تداعياتها، فضلاً عن برامج تمويل إزالة الألغام الذي ينقذ الأرواح في فيتنام ولاوس وكمبوديا. أيضاً تم التحذير من أن قرار إدارة ترامب قد يؤدي إلى تفاقم العنف في أميركا اللاتينية، وإلى مزيد من الهجرة من منطقة تعاني بالفعل من تصاعد الجريمة المنظمة. صرفت الولايات المتحدة 1.5 مليار دولار أميركي لبلدان أميركا الجنوبية في السنة المالية 2023، حيث موّلت مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك المساعدات الإنسانية والعسكرية والبيئية والاقتصادية. ويضاف إلى ذلك، الضرر الذي قد يلحق بوسائل الإعلام التي تديرها أطراف تتقاطع سياسياً مع الإدارة الأميركية.
ماذا عن لبنان؟
قبل أربعة أيام فقط من أداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليمين الدستورية، تعهّدت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بتقديم أكثر من 10 ملايين دولار أميركي لتمكين الأنظمة الزراعية اللبنانية المحّلية، والآن أصبح مصيرها مجهولاً. وعلى مدى ست سنوات، قامت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية باستثمارات في مجال الطاقة الشمسية لتشغيل أنظمة المياه والكهرباء وإنارة الشوارع، ما وفر إمدادات من الخدمات لقرى بأكملها، واستثمارات في إعادة التدوير لمكافحة مشاكل إدارة النفايات في لبنان التي استمرت عقوداً من الزمن، ودعم التعاونيات الزراعية بمساحات مؤهلة ومعدات جديدة... وفي العام الماضي، احتفلت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في جامعة سيدة اللويزة بأثر برنامجها لدعم المجتمع المحلي، الذي قدم مساعدات التنمية المحلية لأكثر من 746,000 شخص في 180 مجتمعاً محلياً في لبنان على مدى ست سنوات (2018-2024). كما عقد البرنامج شراكة مع 11 جامعة لبنانية في برنامج تدريب داخلي لمساعدة الشباب على التغلب على العوائق التي تحول دون حصولهم على عمل. وأكمل حتى الآن 256 طالباً وخريجاً حديثاً تدريبهم وحصل 96 منهم على وظائف دائمة. تجدر الإشارة إلى أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية منحت ما يقدر بنحو 10 آلاف منحة دراسية للطلاب في لبنان منذ العام 2000. كلّ ذلك بات بحكم المعلّق حالياً.
ليس سابقة من نوعها
في ظل هذه القرارات والهلع العالمي من إيقاف مشاريع إنسانية في جميع أصقاع الأرض، خرج وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في مؤتمر صحافي في 4 شباط/فبراير ليشرح موقف الإدارة الجديدة من المساعدات الخارجية، مشيراً إلى دعمه المساعدات الخارجية، ولكن هذه «المساعدات ليست صدقة». هذه العبارة سبق أن استخدمها روبيو في العام 2017، عندما كان سيناتور لولاية فلوريدا، مشيراً إلى أن «المساعدات الخارجية ليست صدقة، يجب أن نتأكد من إنفاقها بشكل جيّد، ولكنها تمثّل أقل من 1% من الميزانية وهي ضرورية لأمننا القومي».
تلخّص عبارة روبيو علاقة الحكومات الأميركية المتتالية بالمساعدات الخارجية منذ القرن الماضي، كما تفسّر إغداق إدارة بايدن نحو 72 مليار دولار من المساعدات على العالم في العام 2023 لمساعدة إسرائيل في حرب الإبادة وأوكرانيا في حربها مع روسيا، بينما تعلّق إدارة ترامب قسماً عظيماً من هذه المساعدات.
يدير الرؤساء الأميركيون ملف المساعدات الخارجية بحسب المصلحة السياسية، وبشكل أدق وأعمّ وفق مصلحة القوى الاجتماعية والطبقية التي يعبّر عنها من هو في البيت الأبيض. ولا يشكّل قرار ترامب بتعليق المساعدات الإنسانية سابقة في هذا السياق، إذ تلجأ الولايات المتّحدة إلى الامتناع عن تمويل برامج أو مؤسّسات في سياق الإجراءات العقابية، مثل تعليق تمويل وكالة الأمم المتّحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بموجب قانون وقّعه الرئيس الأميركي جو بايدن في آذار/مارس 2024.
يدير الرؤساء الأميركيون ملف المساعدات الخارجية بحسب المصلحة السياسية، وبشكل أدق وأعمّ وفق مصلحة القوى الطبقية التي يعبّر عنها من هو في البيت الأبيض
والحقيقة أن أي رئيس أميركي يعلم جيّداً معنى أن تتحكّم بلاده بالنسبة الأكبر من المساعدات الخارجية في العالم، وأن تكون أكبر مقدّم للمساعدات الخارجية، في الوقت الذي لا تشكّل فيه هذه المساعدات إلا 0.24% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (2023). وبهذا المعنى، تصبح المساعدات أداة كفوءة للهيمنة والابتزاز السياسي وبكلفة بسيطة للغاية، وكأنك تشتري ترسانة حربية كاملة بأبخس الأثمان، لتسيطر فيها على الدول الأفقر بشكل خاص، وشراء دعمها في مواجهة خصومك الكبار في المسرح السياسي العالمي.
هذا ما بدأ منذ قرار الرئيس هاري ترومان، الذي قضى بتقديم أول حزمة مساعدات خارجية كبرى من البلاد في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بحجة أن المساعدات الاستراتيجية يمكن أن تعزل الدول ضد انتشار الشيوعية. وبعد عقد من الزمن، تأسيّست الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في العام 1961 من قبل الرئيس الديمقراطي جون كينيدي، وكانت محاولة لإيجاد طريقة فعالة لمواجهة النفوذ السوفياتي في الخارج. واستمرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بعد انتهاء الاتحاد السوفياتي، الذي سقط في العام 1991.
لماذا يقوم ترامب بتحجيم الوكالة؟
وفقاً للأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب في 20 كانون الثاني/يناير 2025 والمتعلّق بإعادة تقييم المساعدات الخارجية، فإن «قطاع المساعدات الخارجية والأميركية - وجهازه البيروقراطي - لا يتماشى مع المصالح الأميركية وفي كثير من الحالات يتعارض مع القيم الأميركية. ويعمل على زعزعة السلام العالمي من خلال الترويج لأفكار في الدول الأجنبية تتعارض بشكل مباشر مع العلاقات المتناغمة والمستقرّة داخل الدول وفيما بينها». يضيف الأمر التنفيذي في بند آخر أن «سياسة الولايات المتحدة تقضي بعدم صرف المزيد من المساعدات الخارجية الأميركية بطريقة لا تتماشى تماماً مع السياسة الخارجية لرئيس الولايات المتحدة».
فضلاً عن ذلك، يُعتبر ترامب من أهم المنتقدين لتدخلات الدولة في كل جوانب الشأن العام وإنفاقها الخارج عن الحدّ، بما يتضمن الإنفاق الخارجي بشكل خاص، وكانت حجته أن الإنفاق الخارجي لا يخلق فوائد تتناسب مع حجم الأموال التي تؤخذ من دافعي الضرائب الأميركيين.
لذلك، وبتفويض من ترامب، أطلقت إدارة ماسك للكفاءة الحكومية جهداً لطرد الموظفين الحكوميين وخفض تريليونات من الإنفاق الحكومي، وكانت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية هي أحد أهدافه الرئيسة. يرى ماسك، الرجل الذي تتجاوز ثروته ميزانية الوكالة بأضعاف، أن تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تم استخدامه لإطلاق برامج قاتلة، ووصفها بأنها «منظمة إجرامية»، وصرّح ماسك أيضاً أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية هي «عش أفعى للماركسيين اليساريين المتطرّفين الذين يكرهون أميركا».
من جهة أخرى، يرجّح محلّلون أن مشكلة ترامب مع برامج المساعدات الإنسانية الحالية أنها تلهي السياسة الخارجية الأميركية عن هدفها الأساسي وهو احتواء الصين. وفي أحد فصول مشروع 2025 التي ركّزت على الوكالة، قال نائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية السابق ماكس بريموراك أن إدارة بايدن «شوّهت الوكالة». دعا بريموراك إلى زيادة ربط المساعدات الخارجية الأميركية بأهداف السياسة الخارجية الأميركية، وكتب أن الوكالة يجب أن تركّز على «تحدّي التنمية الصيني» والابتعاد عن «سياسة المناخ الراديكالية» لإدارة بايدن. وعلى الرغم من محاولات ترامب أن ينأى بنفسه عن مشروع 2025 في خلال الحملة الانتخابية، إلا أنه بدا وكأنه استفاد من الخطّة بعد توليه منصبه.
خلافاً لهذه النظرة، تعتقد سوسان رايشل Susan Reichle، التي عملت في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لمدة 26 عاماً عبر 5 إدارات، أن القرار غير المسبوق بوقف معظم المساعدات الخارجية الأميركية يضرّ في الواقع بالأمن القومي الأميركي. وقالت: «عندما نقطع فجأة اتفاقيات التعاون والعقود والبرامج مع الدول الأخرى... فإن ذلك يجعلنا أقل أماناً ويدفعها إلى أيدي الصين». وتعتقد رايشل أيضاً أن وقف البرامج التي تهدف إلى مساعدة المهاجرين يمكن أن يكون له تأثير عكسي لما يريده ترامب في موضوع الهجرة الهجرة. «هناك برنامج للاجئين الفنزويليين حيث يحصلون على تدريب وظيفي من خلال القطاع الخاص ويتلقون الدعم للبقاء في كولومبيا. والآن، تم إيقاف هذا البرنامج. لذا فإن هؤلاء المهاجرين لديهم الخيار. هل تعتقد أنهم سيعودون إلى فنزويلا؟ لا، هل سيحاولون الهجرة شمالاً؟ ربما». فضلاً عن ذلك، تمكّنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الماضي من تقديم مساعدات إنسانية إلى دول لا تقيم واشنطن علاقات دبلوماسية معها، بما في ذلك إيران وكوريا الشمالية، وحالياً يرى محلّلون أن الأمر ساعد في بناء جسور، ولكن قد تضيع الفائدة الآن.