Preview بعد اليوبيل

بعد اليوبيل: نحو الشطب الجماعي للديون 

  • لا يوجد أي طريقة لسداد هذه الديون بقيمتها الحالية ما لم يزيد الجميع إنتاجيتهم في العام التالي. في الواقع، إذا حُدِّدت قيمة مدفوعات الفائدة بنحو 5% سنوياً، فسوف يتعيّن عليهم زيادة إنتاجهم بنسبة 5% أكثر لتحقيق تعادل بينهما.
  • قد يكون شطب الديون الفرصة الأخيرة التي نملكها لإنقاذ الكوكب. المشكلة هي أن المحافظين لا يهتمون، والليبراليون ما زالوا أسرى أحلام مستحيلة بالعودة إلى السياسات الاقتصادية الكينزية التي قامت على التوسّع الاقتصادي المستمرّ لتحقيق الرفاه العام. سوف نحتاج إلى صياغة سياسات اقتصادية مُختلفة تماماً.

إذا نظرت إلى الأمور على الورق سوف ترى أن العالم بأسره مغمور بالديون. كلّ الحكومات مديونة، ديون الشركات ارتفعت إلى أعلى مستوياتها التاريخية، وكذلك ما يُسمّيه الاقتصاديون «دين الأسر» سواء لناحية عدد الأشخاص المدينين أو القيمة المُطلقة لديونهم. وهناك إجماع بين الاقتصاديين على فداحة هذه المشكلة، حتى وإن كانوا، كالمُعتاد، لا يتفقون حول الأسباب. يقول الرأي السائد والتقليدي أن «عبء الديون» المُلقى على الحكومات والشركات والأسر كبير لدرجة تعيق الأنشطة الاقتصادية الأخرى. ويقولون إنّ علينا تخفيض هذه الديون، إمّا عبر زيادة الضرائب على الأفراد العاديين أو تقليص الخدمات التي يستفيدون منها. طبعاً، لا توصف هذه الإجراءات إلّا للأفراد العاديين، في حين يُدفَع للاقتصاديين من أجل إيجاد أسباب لعدم تطبيق أي من هذه الإجراءات على الأغنياء. أمّا الأشخاص الأكثر واقعية فيشيرون إلى أن الدَّيْن الوطني، ولا سيّما لبلدان مثل الولايات المتّحدة، ليس مُشابهاً للدَّيْن الشخصي، إذ يمكن للحكومة الأميركية شطب ديونها بالكامل بين ليلة وضحاها عبر الإملاء على الاحتياطي الفيدرالي لطباعة الأموال لصالحها.

لا شكّ أن القرّاء سوف يعترضون قائلين: «لكن إذا قمت بطباعة تريليونات الدولارات، ألن يسبّب ذلك تضخّماً حادّاً؟» حسناً، نعم، سوف يحصل ذلك نظرياً. لكن هنا، تبدو النظرية خاطئة، لأن هذا بالضبط ما تفعله الحكومة: لقد طبعت تريليونات الدولارات، التي لم تتسبّب حتى الآن في أي تأثيرات تضخّمية ملحوظة.

لم تستثمر البنوك هذه الأموال في الاقتصاد، بل غالباً أقرضتها إلى الحكومة مُجدّداً، أو أودعتها لدى الاحتياطي الفيدرالي لقاء فائدة أعلى من الفائدة التي كانت لتحصّلها من السوققضت سياسات الحكومات الأميركية، سواء تحت إدارة بوش أو أوباما بطباعة النقود وإعطائها إلى البنوك (لم يكن هناك فرق بين الاثنين في السياسات المُتعلّقة بهذه المسائل). في الواقع، هذه هي الطريقة التي لطالما اعتمدها النظام المالي الأميركي، وتكثّف الاعتماد عليها منذ العام 2008 بلا رقيبٍ أو حسيب. خلق الاحتياطي الفيدرالي تريليونات الدولارات بسحر ساحرٍ، ثمّ أقرضها بأسعار فائدة متدنّية إلى المؤسّسات المالية الكبرى مثل بنك أوف أميركا وغولدمان ساكس، وكان الهدف الأولي المُفترض هو إنقاذهم من الإفلاس لكي يتمكّنوا من الإقراض مُجدّداً وبالتالي تحفيز الاقتصاد. لكن هناك اعتقاد سائد بوجود هدف آخر وهو إغراق الاقتصاد بكمّية كبيرة من النقود، بحيث تؤدّي إلى خلق تضخّم كوسيلة لتخفيض الديون. ففي النهاية، إذا كنت مديوناً بقيمة ألف دولار وانهارت قيمة الدولار بنحو النصف، سوف تتقلّص قيمة دينك بنحو النصف أيضاً.

لكن المشكلة تكمن في عدم نجاح كلّ ذلك سواء لناحية تحريك الاقتصاد أو زيادة التضخّم. أولاً، لم تستثمر البنوك هذه الأموال في الاقتصاد، بل غالباً أقرضتها إلى الحكومة مُجدّداً، أو أودعتها لدى الاحتياطي الفيدرالي لقاء فائدة أعلى من الفائدة التي كانت لتحصّلها من السوق. في الواقع، طبعت الحكومة النقود ومنحتها إلى البنوك، التي بدورها حجبتها عن الاقتصاد. قد لا يكون الأمر مُفاجئاً، نظراً لخضوع الاحتياطي الفيدرالي للمصرفيين الذين يطبع العملة لصالحهم. مع ذلك، يمكن لسياسة تسمح للمصرفيين بطباعة النقود والاستحواذ عليها أن تعمل بشكل جيّد في حال كان الهدف منها هو استعادة ثروات الـ1%، حتّى ولو سمحت في المقابل للأغنياء بسداد ديونهم الخاصّة واستخدام الأموال الجديدة المتدفّقة في النظام السياسي لمكافأة السياسيين على السماح لهم بذلك. وقد اعترف الاحتياطي الفيدرالي نفسه بأنه لم يكن لهذه السياسات أي أثر في حثّ أصحاب العمل على التوظيف أو حتى خلق أي تضخّم ملحوظ.

إذاً، النتيجة واضحة، وهناك اعتراف مُتزايد بها من قبل من هم فوق – أو أقلّه من قلّة بينهم مِمَن تهتم فعلياً بالحفاظ على النظام على المدى الطويل بدلاً من مراكمة الأرباح الشخصية على المدى القصير. لذلك، لا بدّ من حصول إلغاء جماعي للديون، لا إلغاء ديون الأغنياء فحسب، التي يمكن دائماً محوها بطريقة أو بأخرى إذا أصبحت مُرهِقة. يجب إلغاء ديون المواطنين العاديين أيضاً. في أوروبا، بدأ الاقتصاديون في التحدّث عن «يوبيلات الديون»، وقد أصدر الفدرالي الأميركي مؤخّراً ورقة توصي بإلغاء جماعي للرهون العقارية.

والحقيقة، إن وجود أشخاص يفكّرون بهذا الأمر يدلّ على إدراكهم بوجود مشكلة في النظام، خصوصاً أن فكرة إلغاء الديون كانت من المُحرّمات العظمى حتّى الآن. مرّة أخرى، لا ينطبق ذلك على كبار القوم. على سبيل المثال، تخلّص دونالد ترامب من مليارات الدولارات من الديون، ولم يجد أحدٌ من أصدقائه مشكلة في الأمر. لكن متى تعلّق الأمر بمحو ديون صغار القوم تصبح القواعد مختلفة.

لم تعد مراكمة الثروة قائمة على إنتاج السلع وبيعها، وإنّما على سلسلة من عمليات الائتمان الاحتيالية المدعومة من الحكومة والاعتماد على آليّات تميل إلى إضفاء الشرعية على النظامقد يتساءل المرء عن السبب. لماذا يهتمّ الأغنياء كثيراً بعدم إلغاء ديون الفقراء؟ هل يتلذّذون بتعذيبهم؟ هل يستمتع الأغنياء بوجود أمّهات كادحات يُطردن من منازلهن ويضطررن إلى رهن ألعاب أطفالهن لدفع تكاليف علاج بعض الأمراض؟ يبدو الأمر غير معقول. فإذا كنت تعرف الأغنياء، سوف تدرك أنهم نادراً ما يكترثون للفقراء إلّا أحياناً من أجل القيام ببعض الأعمال الخيرية.

الجواب الحقيقي مُرتبط بالأيديولوجيا. وسوف أضع الأمر في سياقه. لم تعد مراكمة الثروة قائمة على إنتاج السلع وبيعها، وإنّما على سلسلة من عمليات الائتمان الاحتيالية المدعومة من الحكومة والاعتماد على آليّات تميل إلى إضفاء الشرعية على النظام. ترافقت السنوات الثلاثين الماضية من «الأمولة» مع هجوم أيديولوجي غير مسبوق في تاريخ البشرية، يزعم أن الترتيبات الاقتصادية الحالية - التي يطلق عليها بطريقة غريبة تسمية «السوق الحرّة» على الرغم من أنها تعمل بالكامل من خلال الأموال الحكومية التي تُمنَح للأغنياء - ليست النظام الاقتصادي الأفضل فحسب، وإنّما النظام الاقتصادي الوحيد الذي يمكن أن يكون موجوداً. وقد وظّفت طاقة إضافية من أجل خلق آليّات تُقنِع الناس بأن النظام له مُبرّراته الأخلاقية وأنه الوحيد القابل للعمل، أكثر من الطاقة التي وضعت لخلق نظام اقتصادي قابل للحياة والنموّ بالفعل (وهذا ما أظهره انهيار العام 2008). آخر ما تريده شريحة الـ1%، مع استمرار ترنّح الاقتصاد العالمي من أزمة إلى أخرى، هو التخلّي عن أحد أهم أسلحتها الأخلاقية وهي «فكرة أن الناس المحترمين يسدّدون ديونهم دائماً».

لذلك، لا يوجد مهرب من إجراء شطب جماعي للديون. والجميع تقريباً مستعدّون للاعتراف بذلك الآن. إنها الطريقة الوحيدة لحلّ أزمة الديون السيادية في أوروبا، والطريقة الوحيدة لحلّ أزمة الرهون العقارية المُستمرّة في الولايات المتّحدة. تتمثّل المعركة الحقيقية في الشكل الذي سوف تأخذه عملية شطب الديون. وبعيداً من الأسئلة المباشرة عن قيمة الديون التي سوف تشطب، (سواء بعض الرهون العقارية أو بيوبيل لشطب جميع الديون الشخصية التي تقل عن 100 ألف دولار؟) بالطبع، هناك عاملان حاسمان يجب معاينتهما:

هل سيعترفون بقيامهم بذلك؟ أي هل سيقدّم شطب الديون كاعتراف صريح بأنّ المال ليس إلّا ترتيباً سياسياً، وبالتالي ستكون هذه البداية لإخضاع ترتيبات مُماثلة لأحكام ديمقراطية، أم سيتم تجميلها بوصفها أمراً آخر؟

ماذا سيأتي بعد ذلك؟ هل سيكون إلغاء مجرّد طريقة للحفاظ على النظام وتفاوتاته المُتطرّفة، وربما بشكل أكثر وحشية، أم سيكون طريقة للبدء في التخلّص منها؟

الأمران مُترابطان بشكل واضح. للحصول على فكرة عن الخيار الأكثر تحفّظاً، يمكن للمرء الاطلاع على تقرير لمجموعة بوسطن للاستشارات، وهي مؤسّسة تروّج للاقتصاد السائد. ينطلق هؤلاء من إجماع على أنه لا يمكن التخلّص من الديون عبر النموّ أو التضخّم، ولا بدّ من شطبها من دون تأجيل. مع ذلك، يكمن الحلّ بالنسبة لهم بفرض ضريبة لمرّة واحدة على الثروة لشطب 60% من الديون، والإعلان عن أن الثمن الذي يدفعه الأثرياء لقاء هذه التضحيات سوف يُترجم بمزيد من التقشّف على الجميع. إلى ذلك، يقترح آخرون أن تقوم الحكومة بطباعة الأموال وشراء الرهون العقارية ومنحها لمالكي المنازل. ببساطة، أحدٌ لا يجرؤ على اقتراح إعلان هذه الديون كديون غير مُلزمة بالسداد (إذا كنت ترغب في سداد قرضك فيمكنك القيام بذلك، ولكن في حال قرّرت عدم سدادها فلن تعترف الحكومة بأي وضعيّة قانونية لهذه القروض أمام المحكمة). وهو ما سوف يفتح نوافذ يسعى المتحكّمون بالنظام لإبقائها مُغلقة.

نحن ننقل إلى الأجيال القادمة العبء الحقيقي للديون: عبء الاضطرار للعمل بجدّ أكبر، وفي الوقت نفسه، استهلاك المزيد من الطاقة وتآكل النظم البيئية، ممّا سوف يسرّع في النهاية التغيّر المناخي الكارثي فيما نحن بأمس الحاجة إلى وسيلة ما لعكس هذا المسار

إذن ما هو البديل الراديكالي الحقيقي؟ هناك بعض الاقتراحات المثيرة للاهتمام: دمقرطة الاحتياطي الفيدرالي، وبرنامج التوظيف الكامل لزيادة الأجور، ومُخطّط لنظام الدخل الأساسي. تُعدُّ بعض هذه الاقتراحات راديكالية، ولكن جميعها تقريباً تتطلّب توسّعاً في الإنفاق الحكومي وزيادة إجمالي عدد الوظائف وساعات العمل.

هذه مشكلة حقيقية لأن تغذية ماكينة العمل العالمية، وزيادة مستويات الإنتاج والإنتاجية والتوظيف هي في الواقع آخر ما يجب القيام به الآن إذا أردنا إنقاذ الكوكب من كارثة بيئية.

ولكن، أعتقد، أن هذا الأمر يدلّنا إلى حلّ ما، لأن الأزمة البيئية وأزمة الديون مترابطتان في الواقع.

إن فهم الديون بوصفها وعود بإنتاجية مستقبلية قد يساعد هنا. لنفكّر بالأمر على هذا المنوال. تخيل أن جميع من على الأرض ينتجون سلعاً وخدمات بقيمة تريليون دولار سنوياً. وتخيّل أنهم يستهلكون بالقدر نفسه. وهذا ما يحدث عموماً، لأننا نستهلك معظم ما ننتجه ناقص القليل من الهدر. مع ذلك، تقوم فئة الـ 1% بإقناع الـ 99% من الناس بأنهم لا يزالون مدينين لهم بتريليون دولار. حسناً، بصرف النظر عن حقيقة تكبيد بعض الفئات أعباءً إضافية، فإنه لا يوجد أي طريقة لسداد هذه الديون بقيمتها الحالية ما لم يزيد الجميع إنتاجيتهم في العام التالي. في الواقع، إذا حُدِّدت قيمة مدفوعات الفائدة بنحو 5% سنوياً، فسوف يتعيّن عليهم زيادة إنتاجهم بنسبة 5% أكثر لتحقيق تعادل بينهما.

هذا هو العبء الحقيقي للديون الذي ننقله إلى الأجيال القادمة: عبء الاضطرار للعمل بجدّ أكبر، وفي الوقت نفسه، استهلاك المزيد من الطاقة وتآكل النظم البيئية، وممّا سوف يسرّع في النهاية التغيّر المناخي الكارثي فيما نحن بأمس الحاجة إلى وسيلة ما لعكس هذا المسار. من وجهة النظر هذه، قد يكون شطب الديون الفرصة الأخيرة التي نملكها لإنقاذ الكوكب. المشكلة هي أن المحافظين لا يهتمون، والليبراليون ما زالوا أسرى أحلام مستحيلة بالعودة إلى السياسات الاقتصادية الكينزية التي سادت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وقامت على التوسّع الاقتصادي المستمرّ لتحقيق الرفاه العام. سوف نحتاج إلى صياغة سياسات اقتصادية مُختلفة تماماً.

لكن إذا لم تستطع المجتمعات بعد شطب الديون أن تعد عمّال العالم بتوسّع لا نهائي في السلع الاستهلاكية الجديدة، فما الذي يمكنها أن تقدّمه؟ أعتقد أن الإجابة واضحة. يمكنها تقديم الحاجات الأساسية، أي ضمانات في مأكل وسكن ورعاية صحية تكفل لأولادنا عدم مواجهة الخوف والعار والقلق الذي يحدّد حياتنا اليوم. وأكثر من ذلك، يمكن أن تقدّم لهم عملاً أقل. تذكّر أنه في سبعينيات القرن التاسع عشر، بدت فكرة العمل لثماني ساعات يومياً بمثابة يوتوبيا وأمراً غير قابل للتحقيق، تماماً كما ستبدو عليه المطالبة بالعمل لمدة 4 ساعات يومياً الآن. إلّا أن الحركة العمّالية تمكّنت من تحقيق مطالبها، فلماذا لا نطالب نحن بالعمل لأربع ساعات أو بأربعة أشهر من العطلة المدفوعة الأجر؟ من الواضح أن الأميركيين - الذين لديهم وظائف - يعملون بجدّ وإفراط، ومن الواضح أيضاً أن نسبة كبيرة من هذا العمل غير ضرورية، وأن كلّ ساعة لا نقضيها في العمل هي ساعة يمكننا قضاؤها مع أصدقائنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا.

لا تصلح هذه المقالة لصياغة برنامج اقتصادي مُفصَّل حول كيفية القيام بذلك أو كيفيّة عمل نظام مُماثل. هذه قضايا يجب حلّها بطريقة ديمقراطية (أنا شخصياً أرغب بالقضاء على العمل المأجور كلّياً، لكن قد يكون هذا رأيي وحدي). على أي حال، لا يبدأ التغيير الاجتماعي بوضع برنامجٍ ما، وإنّما بصياغة الرؤى والمبادئ. ولقد أوضح حكّامنا عدم معرفتهم بما ستؤول إليه الأمور حتى لو توفّرت الرؤية والمبادئ. ولكن حتى هذا لا يهمّ في الواقع. التغيير الحقيقي والدائم يأتي دائماً من الأسفل. في العام 2001، شهد العالم التحرّكات الأولى لانتفاضة عالميّة ضد إمبراطورية الديون الحالية. وبالفعل، أحدثت تغييراً في الشروط العالميّة للنقاش. إن احتمال الشطب الجماعي للديون يوفّر لنا فرصة فريدة لتحويل هذه الاندفاعة الديمقراطية نحو تحوّل جوهري في القيم، وجعل الحياة على الأرض قابلة للعيش.

ومن غير الواضح حتّى الآن ما إذا كان هناك لحظة سياسية بالخطورة التي نشهدها الآن.

عنوان المقال الأصلي «بعد اليوبيل»، وقد أضافت المُترجمة عبارة «الشطب الجماعي للديون».
نُشِر هذا المقال على موقع ديفيد غرايبر في أيلول/ سبتمبر 2012.