سنة لم تهزّ العالم
إبادة الزراعة
دمّرت إسرائيل مئات الدونمات من الأراضي الزراعية بهدف تشديد الحصار وحرمان الفلسطينيين في قطاع غزّة من الوصول إلى الأراضي الزراعية والموارد الحيوية للبقاء على قيد الحياة.
هذا التدمير المنهجي للموارد الزراعية هو جزء من خطّة إسرائيلية أكبر بدأ تنفيذها منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وبموجب هذه الخطّة، عملت القوّات الإسرائيلية على إزالة ما يقرب من 80% من الأراضي الزراعية في قطاع غزّة. وقد فعلت إسرائيل ذلك إمّا بعزل هذه الأراضي ومنع الوصول إليها أو بتجريفها أو تدميرها بالقصف والنار.
وفق فريق المرصد الأورومتوسطي الميداني، تعمل قوات الاحتلال الإسرائيلي حالياً، بعد سنة من التدمير، على إعادة تدمير وتجريف الأراضي الزراعية التي يعيد الفلسطينيين زراعتها لتحدّي الحصار، مثل ما حصل في 25/9/2024 في منطقة الشيماء في بيت لاهيا شمال قطاع غزّة، إذ عمدت قوّة من جيش الاحتلال على تدمير أكثر من 500 دونم من الأراضي الزراعية، كانت ستساهم في تلبية جزء من احتياجات سكان شمال غزة، الذين يتعرّضون لتجويع ممنهج من قبل إسرائيل. معظم هذه الأراضي الزراعية كانت مزروعة بالباذنجان.
يعكس إصرار إسرائيل على منع الشعب الفلسطيني من الاعتماد على سلّة الغذاء الزراعية في قطاع غزّة شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية، فهي تمنع وصول إمدادات كافية من الخضراوات وغيرها من الأغذية، وفي الوقت نفسه تمنع زراعة الأراضي التي ما زالت صالحة للزراعة وتقوم بتدميرها. وقد أسفرت هذه الخطّة الإجرامية عن مجاعة شديدة، لدرجة أن جزءاً كبيراً من الناس في الشمال يضطرون إلى أكل أوراق الأشجار وخبز الأعلاف الحيوانية المطحونة بدلاً من الدقيق.
في إطار هذه الخطّة الإبادية، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بتجريف أو تدمير جميع الأراضي الزراعية على طول «السياج الأمني»، الذي يفصل بين شرق قطاع غزة وشماله على عمق نحو كيلومترين، ما أدى إلى إزالة حوالي 96 كيلومتراً مربعاً، في محاولة واضحة لضمها إلى «المنطقة العازلة». وفي الوقت نفسه، أدّى الطريق «العازل» الإسرائيلي والمنطقة التي تقسم مدينة غزة عبر مركزها، وإنشاء محور نتساريم الإسرائيلي لإبقاء أجزاء من القطاع منفصلة، إلى تدمير حوالي ثلاثة كيلومترات مربّعة من الأراضي الزراعية. وبالتالي، فإن الأراضي الزراعية التي دمّرتها إسرائيل لإنشاء مناطقها «العازلة» باتت تمثل نحو 27.5% من مساحة قطاع غزة.
وعمل جيش الاحتلال الإسرائيلي على هدم كل المباني والمنشآت تقريباً ضمن «المنطقة العازلة» ويمنع على المواطنين والمزارعين الوصول إليها، حيث توجد غالبية الأراضي الزراعية في قطاع غزة، وتضم مئات المزارع المقامة على مئات الدونمات المزروعة بالخضار والفواكه، فضلاً عن مئات المزارع التي تربي الدواجن والمواشي.
وخارج هذه «المنطقة العازلة»، تعرّضت مساحات إضافية من الأرض للتدمير نتيجة للاجتياحات الإسرائيلية أو القصف الجوي والمدفعي، ما أدى إلى تدمير ما لا يقل عن 34 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الزراعية والشوارع التي تخدمها. وبهذا تصل النسبة الإجمالية للأراضي المدمّرة في قطاع غزة إلى 36.9%، أو أكثر من 75% من مساحة القطاع المخصّصة للزراعة.
يسجل فريق المرصد الأورومتوسطي الميداني يومياً عمليات تدمير المزارع والدفيئات وآبار المياه والخزّانات ومخازن المعدّات الزراعية، بالإضافة إلى عمليات قتل متعمّد لعدد كبير من المزارعين أثناء عملهم أو محاولتهم الوصول إلى أراضيهم. ومنذ بدء الإبادة الجماعية، قتل الجيش الإسرائيلي أيضاً الكثير من الصيّادين ودمّر غالبية قوارب الصيد وموانئ الصيّد في قطاع غزة. وقد أثرت هذه الإجراءات سلباً على توفر الغذاء الصحّي لأكثر من 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع، ومن المتوقع أن تستمر تداعيات ذلك لسنوات بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.
المصدر: المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان - 26/9/2024