كثير من القتلى = مزيد من الأرباح
فوق دماء أكثر من 5 آلاف شهيد في حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها دولة الاحتلال على قطاع غزّة، كانت أسواق شركات السلاح تنتعش، إذ سجّلت أسهم الشركات الخمسة الأولى عالمياً، وهي جميعها شركات أميركية، ارتفاعات متتالية منذ بدء الحرب على غزّة.
تأتي هذه الارتفاعات في ظل توقّعات وتحليلات عدّة بطول فترة الحرب التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلية على غزّة، وبعد أن طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الكونغرس الإجازة بحزمة مساعدات بقيمة 105 مليارات دولارات، يخصّص منها 14 مليار دولار لدولة الاحتلال لتجديد مخزونها من الصواريخ الاعتراضية لنظام الدفاع الصاروخي «القبة الحديدية»، وقذائف المدفعية، والذخائر الأخرى. وسيدفع المجمع الصناعي العسكري بكل ثقله لحمل الكونغرس على الموافقة، إذ أن المساعدات الأميركية تفرض على المستفيدين منها شراء الأسلحة من الشركات الأميركيّة حصراً.
مثّلت عملية طوفان الأقصى صفعة قوية للصناعة العسكرية الاسرائيلية، وانعكست في تراجع أسهم أبرز شركتين في التصنيع الحربي الإسرائيلي
تعد شركة «نورثروب غرومان» الأميركية أكبر شركة أسلحة في العالم من حيث المبيعات، وقد سجلت ارتفاعاً في سعر سهمها بنسبة 13.2% بين 6 تشرين الأول/أكتوبر و23 من الشهر نفسه، فيما ارتفعت سعر سهم «لوكهيد مارتن» بنسبة 10.9% و«جنرال داينميك» بنحو 6.3%، أما شركة ريثون للتكنولوجيا التي تعد ثاني أكبر شركة عالمية من حيث حجم المبيعات، فقد سجلت أسهمها ارتفاعاً بنسبة 4.6% خلال الفترة نفسها. وحدها شركة بوينغ، من بين الشركات الخمس الكبرى، تراجع سعر أسهمها بنسبة 3.3% بسبب أزمة سلاسل التوريد، مع العلم أن سعر السهم ارتفع إلى 196.1 دولار أميركي في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قبل أن يعاود الإنخفاض إلى 181 دولاراً للسهم.
في المقابل، مثّلت عملية طوفان الأقصى صفعة قوية للصناعة العسكرية الاسرائيلية، وانعكست في تراجع أسهم أبرز شركتين في التصنيع الحربي الإسرائيلي، إذ انخفض سهم الشركة العسكرية الاسرائيلية «ايمكو للصناعات المحدودة» من 1,113 دولاراً في 5 تشرين الأول/أكتوبر إلى 1,092 دولاراً في 23 من الشهر نفسه، وانخفض سهم «إلبيت سيستمز» من 205.33 دولاراً إلى 189.63 دولاراً في الفترة نفسها، وفق منصة بلومبيرغ.
أمام فشل الردع العسكري الإسرائيلي والشهية المفتوحة على الحرب، بدت شهية المجمع الصناعي العسكري مفتوحة أيضاً لتصدير المزيد من السلاح إلى إسرائيل وتحقيق المزيد من الأرباح.
شركاء في الدم
يساهم النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة في تعزيز حالة التوتر والحروب ما يجعل من شركات تصنيع الأسلحة أكبر المستفيدين من أي نزاع أو توتر في أي منطقة من العالم. أما الرابح الأكبر فهو الشركات الأميركيّة، حيث استحوذت 40 شركة أميركيّة على 50.5% من سوق الأسلحة خلال العام 2022، التي بلغت نحو 2,240 مليار دولار بحسب معهد ستوكهولهم لأبحاث السلام، وهو المستوى الأعلى على الإطلاق وقد أتى مدفوعاً بالحرب الروسية- الأوكرانية. فيما استحوذت 5 شركات أميركيّة تتربع على رأس قائمة أكبر 100 شركة تصنيع للسلاح في العالم على 32.4% من المبيعات في العام نفسه.
الرابح الأكبر فهو الشركات الأميركيّة، حيث استحوذت 40 شركة أميركيّة على 50.5% من سوق الأسلحة خلال العام 2022
بالنسبة لإسرائيل، فقد بلغ إنفاقها العسكري نحو 23.4 مليار دولار أميركي في العام 2022، وهي عاشر دولة في العالم لجهة الإنفاق العسكري نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي وفق معهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولي. ويشكّل إستيراد الأسلحة جزءاً بسيطاً من الموازنة الحربية، إذ لم تستورد في خلال الأعوام 2018-2022 إلا بقيمة 2.7 مليار دولار أميركي من دولتين فقط هما ألمانيا والولايات المتحدة، وصدّرت أسلحة بقيمة 47 مليار دولار في خلال الفترة نفسها إلى 35 دولة.
لكن ذلك لا يعني أن إسرائيل لا تحصل على أحدث التقنيات العسكرية الأميركية لتعزيز ترسانتها الحربية، فمن أصل 29 مليار دولار حصلت عليها دولة الاحتلال من الولايات المتحدة كمساعدات عسكرية بين عامي 2015 و2022، خصّصت 2.8 مليار دولار لشراء طائرات حربية مقاتلة من نوع F35I التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن. ووقّعت في العام 2021 عقداً مع شركة جنرال داينميك بقيمة 2 مليار دولار أميركي لشراء صواريخ ذكية، واشترت بقيمة 927 مليون دولار أميركي دبابات وطائرات شحن من إنتاج شركة بوينغ. وعادة، يذهب جزء أساسي من هذا الاستيراد على سلاح الطيران، فيما ذهبت الزيادة الكبيرة في العام 2022 الى شراء الأسلحة البحرية والسفن إثر الاكتشافات الإضافية لمكامن النفط والغاز في مياه المتوسط.
الخمسة الكبار
من هي الشركات الأميركية الخمس الاولى المستفيدة من الحرب؟ وما هي الأسلحة التي تصنّعها؟
لوكهيد مارتن: نشأت في العام 1912 لصناعة الطائرات في شيكاغو. وتعتبر أكبر شركة صناعات حربية في العالم، وتعمل على إنتاج أنظمة للمحركات الفضائية، ولديها 900 برنامج من برامج تكنولوجيا الطائرات العمودية وأجهزة الاستشعار وأنظمة الرادار والقيادة والتحكم والمحاكاة القتالية والتدريب والأمن السيبراني المتقدم والأنظمة تحت سطح البحر. كما تعمل على تصميم وتطوير الأنظمة القتالية للقوات البرية والبحرية والجوية، وأنظمة الصواريخ على مختلف أنواعها. وبطبيعة الحال تتميز الشركة بإنتاجها للطائرات الحربية المقاتلة الأكثر شهرة في العالم F-16 وF-22 وF-35. وتبلغ قيمتها السوقيّة اليوم في بورصة نيويورك 112.35 مليار دولار أميركي، وفي العام 2021 وصل إجمالي مبيعاتها من الأسلحة والخدمات العسكرية) إلى 67,004 مليون دولار، وإجمالي مبيعات الأسلحة وحدها 60,340 مليون دولار أميركي.
ريثون للتكنولوجيا: نشأت في العام 1922، في ماساتشوستس، تعمل الشركة بشكل أساسي في مجال الطائرات والأنظمة الجوية والرادارات وأنظمة الاستشعار والدفاع الجوي. وتبلغ قيمتها السوقيّة اليوم 105.6 مليار دولار أميركي في بورصة نيويورك، وفي العام 2021 بلغ إجمالي المبيعات (الأسلحة + الخدمات العسكرية) 64,388 مليون دولار أمريكي، وإجمالي مبيعات الأسلحة 41,850 مليون دولار أميركي.
بوينغ: تأسست في سياتل في العام 1916، وتعمل الشركة في مجالات مختلفة، وبالإضافة إلى إنتاجها الطائرات التجارية وطائرة الشحن، تعمل الشركة في مجال إنتاج مركبات الفضاء والطائرات الحربية العمودية وطائرات التزويد بالوقود، ومن أبرز إنتاجها العسكري طائرة الأباتشي الهجومية. وتبلغ قيمتها السوقية اليوم 108.6 مليار دولار أميركي وفق بورصة نيويورك، وفي العام 2021 بلغ إجمالي المبيعات (الأسلحة + الخدمات العسكرية) 62,286 مليون دولار أمريكي وإجمالي مبيعات الأسلحة 33,420 مليار دولار أميركي.
نورثروب غرومان: تحولت الشركة إلى أحد أكبر مقاولي الصناعات الحربية في العالم بعد دمج الشركتين نورثروب وغرومان في تكتل صناعي واحد عام 1994. وانتجت هذه الشركة الطائرة الهجومية الخفية المعروفة بإسم الشبح. كما تعمل على تصميم وتطوير الأنظمة البحرية من السونار إلى الأنظمة المضادة للغواصات. كما تقدم خدمات لوجستية للقوات البرية على الأرض، وتبلغ قيمتها السوقيّة اليوم 73.49 مليار دولار وفق بورصة نيويورك. وبلغ إجمالي المبيعات (الأسلحة + الخدمات العسكرية) في العام 2021 نحو 35,667 مليون دولار أميركي، منها 29,880 مليون دولار مبيعات أسلحة.
جنرال دايناميك: تأسست في العام 1952، وتعمل الشركة على إنتاج الدبابات والصواريخ والقذائف والغواصات والسفن الحربية وأنظمة إلكترونية لجميع الخدمات العسكرية. وتبلغ قيمتها السوقية اليوم 64.15 مليار دولار أميركي، في العام 2021 بلغ إجمالي المبيعات (الأسلحة + الخدمات العسكرية) 38،469 مليون دولار أميركي، منها 26،390 مبيعات أسلحة.