Preview الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط: كم تبلغ؟ وما هي؟

لا تزال الاستثمارات الأميركية تشكِّل الحصة الأكبر من مجمل الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مع ذلك، تشهد الاستثمارات الصينية صعوداً لافتاً منذ العام 2005، وقد زاد تنوّعها وارتفعت وتيرتها منذ العام 2013 بعد الإعلان عن «مبادرة الحزام والطريق». 

بين عامي 2005 و2022، نمت الاستثمارات الأميركية في المنطقة بنسبة 279%، وبلغت قيمتها التراكمية نحو 925 مليار دولار، أمّا الاستثمارات الصينية فقد سجّلت نمواً بنسبة 309% بين هذين العامين، ولكنها شهدت ارتفاعات وانخفاضات عدّة. إذ ارتفعت من 4.7 مليار دولار في العام 2005 إلى 22.3 مليار في العام 2009، قبل أن تنخفض مجدّداً إلى 11.7 مليار في العام 2011، وتعاود الارتفاع إلى 23.6 مليار في العام 2013 الذي شهد إطلاق مبادرة الحزام والطريق، ووصلت إلى  30 مليار دولار في العام 2016 الذي يعد عام الذروة. قبل أن تنخفض مجدّداً وصولاً إلى 7.3 مليار دولار في العام 2020 الذي شهد توقف الاقتصادات في كلّ أنحاء العالم بسبب تفشي الجائحة، قبل أن تعاود الارتفاع وصولاً إلى 19.2 مليار في العام 2022. في المجمل، بلغت القيمة التراكمية للاستثمارات الصينية بين عامي 2005 و2023 نحو 317.6 مليار دولار، وشكّلت 13.5% من مجمل الاستثمارات الصينية في العالم في خلال هذه الفترة بحسب معهد المشروع الأميركي لأبحاث السياسات العامة.

توضح البيانات المُتاحة أن الشركات الصينية لم تأخذ مكان المستثمرين التقليديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أي الولايات المتحدة والدول الأوروبية الرئيسية، وتبيّن أنها في حقبة ما قبل إطلاق«مبادرة الحزام والطريق» تركّزت في الاقتصادات التي تتميّز بكثافة سكانية شابّة وثروات من الموارد الطبيعية، وفي قطاع الطاقة بشكل رئيسي، لكن بعد إعلان «مبادرة الحزام والطريق» تحوّلت هذه الاستثمارات نحو اقتصادات المنطقة الأخرى، وتنوّعت بين القطاعات واستهدفت قطاعات ذات ربحية سريعة وعالية مثل قطاعي السياحة والتطوير العقاري، بالإضافة إلى النقل خدمة لمشروع الحزام والطريق. 

يفسّر بعض الباحثين صعود استثمارات الصين في المنطقة بأنها تعزيز لأهدافها الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية والأمنية طويلة المدى (فولتون، 2019؛ لونز وآخرون، 2019)، ويصوّر آخرون الشراكات التجارية والعسكرية على أنها محاولات لتغيير قواعد اللعبة في المنطقة خدمة لطموحات الصين في القفز من الهيمنة الإقليمية إلى الهيمنة العالمية (كوهين، 2020). وفي الآونة الأخيرة، برز ميل لتصوير الاستثمارات وتمويلات التنمية الصينية كجزء من «دبلوماسية فخ الديون»، وشاعت هذه الحجة بعد الإعلان عن «مبادرة الحزام والطريق» في العام 2013 (Chellaney, 2017). قد تصحّ كلّ هذه التفسيرات، أو قد تشكّل جزءاً من الصورة الكلّية، لكن الأبرز بينها هو هاجس التراكم اللامتناهي لرأس المال الذي يدفع بالاستثمارات الصينية. في الواقع، تحقّق الصين نمواً كبيراً ومستمراً منذ العام 1978 بعد بدء تنفيذ سياسة «الإصلاح والانفتاح»، وهذا النمو كما استخدمته محلياً لتحقيق التراكم، وجدت له أيضاً مكامن خارجية سمحت بتوسعه مكانياً وتحقيق تراكم إضافي ومستمر من خلال الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتمويلات التنمية.

بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، استحوذت الدول العشرة الأولى على 86% من مجمل الاستثمارات الصينية المباشرة بين عامي 2005 و2020، ومن بينها 4 من دول مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وسلطنة عمان)، بالاضافة الى مصر والجزائر في شمال أفريقيا، والعراق وإيران وتركيا وإسرائيل. وتركّز 86% من هذه الاستثمارات في خمسة قطاعات، ولا سيما قطاع الطاقة الذي استحوذ على 46% من مجمل الاستثمارات الصينية، بالإضافة إلى النقل بأشكاله المختلفة البحرية والبرية، والتطوير العقاري، والخدمات الأساسية مثل مشاريع الكهرباء والمياه، واستخراج المعادن.

الاستثمارات الصينية في المنطقة

المملكة العربية السعودية

تستحوذ المملكة العربية السعودية على الحصة الأكبر من مجمل الاستثمارات الصينية في المنطقة (18.7%)، ووصلت إلى 59.5 مليار دولار بين عامي 2005 و2023. تتركّز نصف هذه الاستثمارات في مجال الطاقة، ولا سيما الأحفورية، ومن ثم النقل البحري وسكك الحديد بنسبة 12.6%، والقطاع العقاري بنسبة 10.9%، بالإضافة إلى الخدمات الأساسية بنسبة 9.9%. 

تعد السعودية وجهة استثمارية أساسية للصين سواء قبل إطلاق «مبادرة الحزام والطريق» وبعدها. فالصين هي من أكبر مستهلكي النفط في العالم، والسعودية هي من أكبر منتجي النفط  في العالم، ما يجعل الاستثمارات في الوقود الأحفوري مصلحة متبادلة بين الطرفين. 

لكن الاستثمارات الصينية ليست محصورة في الوقود الأحفوري، بل تشمل أيضاً الطاقات المتجدّدة. تعد الصين من أهم منتجي الألواح الشمسية وتقنيات الطاقة المتجدّدة في العالم، وهو ما تجد له سوقاً في دول الخليج العربي، بما فيها السعودية، التي تسعى إلى تنويع اقتصاداتها.

أيضاً تتشعب الاستثمارات الصينية في السعودية وتمتدّ إلى مجال النقل. تقوم الصين بإدارة ميناء جازان التجاري الذي بنت أرصفته التجارية، ويعد استراتيجياً لوقوعه على مقربة من دول القرن الأفريقي والأسواق الناشئة. 

الإمارات العربية المتحدة 

تحلّ الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية فيما يتعلق بحصتها من الاستثمارات الصينية في المنطقة، فهي تستحوذ على 13.3% منها وتصل قيمتها التراكمية بين عامي 2005 و2023 الى نحو 42.4 مليار دولار. وفي حين كانت هذه الاستثمارات خجولة في فترة ما قبل العام 2013، نمت بشكل أكبر بعد تلك الفترة، وتركّزت في مجال الطاقة بنسبة 51.7%، وفي التطوير العقاري بنسبة 24.7%. 

تأتي الاستثمارات الصينية في الإمارات العربية المتحدة مدفوعة بالتنافس بين الدول الخليجية نفسها، ومحاولة كلّ منها جذب الاستثمارات إليها، تعتمد الإمارات العربية المتحدة، على سياسة الإعفاءات الضريبية وتسهيل دخول الشركات الأجنبية، كما على ربحية الاستثمار في قطاعها العقاري وبناء وإدارة المراكز التجارية والأبراج. 

عدا أن موقعها الاستراتيجي على مفترق طرق التجارة الدولية الرئيسية يجعلها شريكاً جذاباً لمبادرة الحزام والطريق الصينية، وهو ما دفع لتطوير الموانئ بوصفها مراكز تجارية إقليمية، وحالياً تتنافس موانئ الإمارات العربية المتحدة في دبي وأبو ظبي مع الموانئ السعودية مثل جدة وميناء الملك عبد الله على فرص الأعمال والاستثمار.

العراق

يستحوذ العراق على 10.8% من مجمل الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي 2005 و2023، وبلغت نحو 34.2 مليار دولار. علماً أن 90% منها تتركّز في قطاع الطاقة ولا سيما الوقود الأحفوري. ويليها الاستثمار في مجال التطوير العقاري بنسبة 7% الذي نما في خلال فترة إعادة الإعمار التي تلت غزو العراق والحروب التي شهدتها البلاد في العقد الثاني من الألفية الحالية. يبرز تداخل بين القطاعين من خلال الاتفاقيات القائمة على استلام الصين بناء مشاريع عقارية تحتاجها العراق في مقابل الحصول على النفط الذي يعد من الواردات الأساسية للصين. إن تركيز الاستثمارات الصينية على قطاعي الطاقة والبنية التحتية يعكس اهتمام الصين بالوصول إلى احتياطيات النفط الهائلة في العراق لضمان إمداد اقتصادها بحاجاته من الطاقة، في مقابل المساهمة في جهود إعادة إعمار البلاد. عدا أن وقوع العراق على طول طرق طريق الحرير القديم، يجعل الاستثمارات الصينية في قطاعي البنية التحتية والطاقة في العراق متوافقة مع أهداف مبادرة الحزام والطريق. 

تعد شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) وشركة الصين للبتروكيماويات (Sinopec) من بين الشركات الصينية الكبرى العاملة في قطاع النفط والغاز في العراق. حصلت على عقود لتطوير العديد من حقول النفط في العراق، بما في ذلك الرميلة وغرب القرنة والحلفاية. وتشمل هذه العقود أنشطة مختلفة مثل الاستكشاف والحفر وتعزيز الإنتاج. 

أما فيما يتعلق بتطوير البنية التحتية فقد شاركت الشركات الصينية في مشاريع البنية التحتية في العراق، بما في ذلك بناء الطرق والجسور ومحطات الطاقة وشبكات الاتصالات، بالاضافة الى مصفاة كربلاء، وهي واحدة من أكبر مصافي النفط في العراق، فضلاً عن مشروع السكك الحديدية العالية السرعة بين بغداد وأربيل. أيضاً استثمرت الصين في بناء محطات توليد الطاقة، وتحديث شبكات النقل، وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة لتلبية احتياجات العراق من الطاقة وتحسين الوصول إلى الكهرباء.

الجزائر

تستحوذ الجزائر على 9% من مجمل الاستثمارات الصينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتبلغ قيمتها التراكمية نحو 28.4 مليار دولار أميركي. علماً أن أكثر من نصفها (52.1%) يتركز في مجال النقل البحري والبري التجاري، و14% في قطاع العقارات، والطاقة بنسبة 10%، واستخراج المعادن بنسبة 7%. 

تنبع هذه الاستثمارات من مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين، وتهدف إلى تعزيز التواصل والتعاون بين الدول الأوراسية. وتمثل الجزائر الغنية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والفوسفات فرصة جذابة للصين لتأمين موارد الطاقة وتوسيع نفوذها الاقتصادي في شمال أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، يوفر الموقع الاستراتيجي للجزائر بوابة إلى أسواق البحر الأبيض المتوسط والأسواق الأوروبية، ما يجذب المزيد من الاستثمارات الصينية. 

علاوة على ذلك، تتوافق استثمارات الصين في الجزائر مع هدفها المتمثل في تنويع مصادر الطاقة وتأمين شراكات طويلة الأجل لتغذية اقتصادها المتنامي الذي يحتاج إلى النفط. وبشكل عام، فإن الفوائد المتبادلة المتمثلة في الوصول إلى الموارد، وتطوير البنية التحتية، والموقع الجيوسياسي، هي التي تدفع الصين لتطوير علاقتها مع الجزائر.

إيران

تبلغ حصّة إيران من مجمل الاستثمارات الصينية في المنطقة بين عامي 2005 و2023 نحو 8% بقيمة 26.6 مليار دولار، وهي تتركّز بنسبة 40.4% في الطاقة، و26.1% في النقل، و19% في قطاع استخراج المعادن. 

كانت حصّة إيران من الاستثمارات الصينية أعلى في فترة ما قبل إطلاق «مبادرة الحزام والطريق»، ولكنها تراجعت في مراحل تالية مع اشتداد العقوبات المفروضة على إيران، إذ أدت إلى تقييد أنشطة الاستثمار الصينية في إيران، خصوصاً في القطاعات التي تستهدفها العقوبات، مثل البنوك والتمويل والطاقة.

مع ذلك، تبقى إيران وجهة مهمة للصين، فهي تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي، ما يجعلها شريكًا مهمًا للصين لتأمين موارد الطاقة وتلبية طلبها المتزايد. وبالفعل شاركت الشركات الصينية في مشاريع طاقة مختلفة في إيران، بما في ذلك التنقيب عن النفط وتكريره وتطوير البنية التحتية. وقد استثمرت شركات الطاقة العملاقة المملوكة للدولة في الصين، مثل شركة النفط الوطنية الصينية (CNPC) وسينوبك، في مشاريع مشتركة مع نظيراتها الإيرانية لتطوير حقول النفط والغاز وبناء مصافي التكرير.

أيضاً يوفر موقع إيران الاستراتيجي إمكانية الوصول إلى الأسواق الإقليمية وطرق التجارة، بما يتماشى مع طموحات الصين الجيوسياسية الأوسع، بما في ذلك مبادرة الحزام والطريق. 

مصر

تبلغ حصّة مصر من مجمل الاستثمارات الصينية نحو 8%، وتصل قيمتها إلى 25 مليار دولار، وهي تتركّز بشكل أساسي في قطاع الطاقة بنسبة 40%، وفي قطاع العقارات بنسبة 30% وفي قطاع النقل بنسبة 10%. في خلال السنوات الأخيرة، شهدت الاستثمارات الصينية ارتفاعاً كبيراً في المجال العقاري بالتوازي مع إقرار خطط لبناء مدن جديدة.

تعد مصر بمثابة بوابة إلى أفريقيا والشرق الأوسط، ما يوفر للصين إمكانية الوصول إلى الأسواق الرئيسية وطرق التجارة. كما أن موقعها الاستراتيجي على طول قناة السويس يجعلها مركزًا مهمًا للتجارة البحرية، ووجهة للاستثمار في قطاع النقل لاستكمال البنية التحتية الخاصة بمبادرة الحزام والطريق التي تعد مصر شريكًا رئيسيًا فيها.

شاركت الصين في العديد من مشاريع البنية التحتية في مصر، بما في ذلك بناء الطرق والجسور والسكك الحديدية. وأحد المشاريع البارزة هو بناء العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى تطوير المناطق السكنية والمباني الحكومية والبنية التحتية.

أيضاً، تستثمر الشركات الصينية في قطاع الطاقة في مصر، ولاسيما في مشاريع الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. 

تركيا

تستحوذ تركيا على 5.7% من مجمل الاستثمارات الصينية الموظّفة في المنطقة وتبلغ قيمتها بين عامي 2005 و2023 نحو 18 مليار دولار، من ضمنها 55% مُستثمرة في قطاع الطاقة، و10% في قطاع استخراج المعادن، بالإضافة إلى 7.7% في قطاع النقل، و7% في الكيميائيات، و6.4% في القطاع العقاري.

تحظى تركيا بأهمية استراتيجية بالنسبة للصين لأسباب عدّة منها موقعها الجيوسياسي على مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، ما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في الجغرافيا السياسية الإقليمية، إذ تعمل تركيا كبوابة للأسواق الأوروبية للسلع الصينية وكمركز مهم للتجارة والاستثمار بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. ويضاف إلى ذلك، هاجس أمن الطاقة، إذ تعمل تركيا كدولة عبور لموارد الطاقة، وخصوصاً النفط والغاز الطبيعي، التي تتدفق من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى أوروبا. 

شهدت الاستثمارات الصينية في تركيا نمواً مطرداً في السنوات الأخيرة لتشمل قطاعات مختلفة. وتشمل بعض الاستثمارات الصينية البارزة في تركيا بناء البنية التحتية للنقل مثل الطرق والجسور والموانئ، وأبرزها بناء خط السكك الحديدية فائق السرعة بين إسطنبول وأنقرة. بالإضافة إلى انخراطها في مشاريع الطاقة مثل محطات توليد الطاقة، وتطوير الطاقة المتجددة، والتنقيب عن النفط والغاز. 

إسرائيل

تستحوذ إسرائيل على 4.7% من مجمل الاستثمارات الصينية في المنطقة وتبلغ قيمتها التراكمية بين عامي 2005 و2023، نحو 15 مليار دولار. تكثّفت هذه الاستثمارات في فترة ما بعد إطلاق «مبادرة الحزام والطريق»، وتركّزت في ثلاث قطاعات أساسية وفي الزراعة والتكنولوجيا بنسبة 29.5% لكلّ منهما، والنقل البحري بنسبة 28%.

أبدت الشركات الصينية اهتمامًا كبيرًا بالقطاع التكنولوجي في إسرائيل، لا سيما في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والتكنولوجيا الحيوية والطاقة النظيفة. وتستثمر صناديق الاستثمار الصينية في الشركات الناشئة الإسرائيلية، وتستحوذ على شركات تكنولوجيا، وتنشئ مراكز بحث وتطوير في إسرائيل للوصول إلى أحدث الابتكارات. أيضاً يستحوذ القطاع العقاري التجاري والسكني على انتباه المستثمرين الصينيين بسبب الإمكانات العالية لتراكم رأس المال. 

وتشارك الشركات الصينية في مشاريع البنية التحتية في إسرائيل، بما في ذلك مشاريع النقل، وأبرزها ميناء حيفا الذي يعد أكبر ميناء بحري في إسرائيل وبوابة للتجارة تخدم مبادرة الحزام والطريق. ساهمت الصين منذ العام 2015 في تشغيله وإدارة محطات فيه، من خلال اتفاقية تمتدّ لنحو 25 عامًا. كما يشمل النشاط الصيني في الميناء تطوير مشاريع تهدف إلى توسيع سعة الميناء، وتحسين الكفاءة، وتعزيز الاتصال بطرق التجارة الإقليمية. 

الكويت

تستحوذ قطر على 4.6% من مجمل الاستثمارات الصينية في المنطقة وتبلغ قيمتها التراكمية بين عامي 2005 و2023، نحو 14.7 مليار دولار. كما غيرها من الدول النفطية، تركّزت 46% من مجمل الاستثمارات الصينية في قطاع الطاقة، و21% في قطاع العقارات، بالإضافة إلى 12% في قطاع النقل. 

تتمتع الكويت بأهمية استراتيجية بالنسبة للصين بسبب احتياطياتها النفطية الكبيرة وموقعها الاستراتيجي في منطقة الخليج. شاركت الشركات الصينية في مشاريع التنقيب عن النفط وإنتاجه في الكويت. على سبيل المثال، دخلت شركة الصين للبترول والكيماويات (سينوبيك) في شراكة مع مؤسسة البترول الكويتية (KPC) في مشاريع مشتركة للتنقيب عن النفط وتكريره.

أيضاً، تعتبر الصين الكويت شريكاً مهماً في مبادرة الحزام والطريق، إذ تعد من أولى الدول التي استجابت للمبادرة الصينية. ومن خلالها توفر الكويت للصين إمكانية الوصول إلى سوق دول مجلس التعاون الخليجي. تشمل الاستثمارات الصينية في الكويت قطاعات مختلفة، بما فيها التطوير العقاري، ومن الأمثلة البارزة تطوير مدينة الحرير وجزيرة بوبيان، وهو مبادرة واسعة النطاق تهدف إلى تحويل جزيرة بوبيان إلى مركز تجاري ومالي رئيسي. وينطوي هذا المشروع على استثمارات وخبرات صينية كبيرة في تطوير البنية التحتية والتخطيط الحضري. 

قطر 

تشكّل الاستثمارات الصينية في قطر نحو 3% من مجمل استثماراتها في المنطقة، وهي تتركز بشكل أساسي في القطاع العقاري 27%، وفي قطاع الطاقة بنسبة 20%، بالإضافة إلى استثمارات الصين في الخدمات الأساسية القطرية التي تستحوذ على 27% من مجمل الاستثمارات، كما يستحوذ قطاع النقل ولا سيما البحري على 18% منه. 

تحظى قطر بأهمية استراتيجية بالنسبة للصين بسبب احتياطياتها الهائلة من الغاز الطبيعي ودورها كلاعب رئيسي في أسواق الطاقة العالمية. دخلت الشركات الصينية في شراكة مع قطر للبترول في مشاريع مختلفة، بما في ذلك مشاريع الغاز الطبيعي المسال وأنشطة الاستكشاف. وتعد الصين واحدة من أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال القطري. 

تؤدي مشاركة قطر في مبادرة الحزام والطريق الصينية إلى تعزيز العلاقات الثنائية، وتعزيز التعاون في تطوير البنية التحتية التي تسهل التجارة. ومن الأمثلة البارزة على الاستثمارات الصينية في قطر هو مشروع ميناء حمد، الذي يتم تطويره بالتعاون مع شركة هندسة الموانئ الصينية (CHEC)، ومن المتوقع أن يكون، بمجرد اكتماله، بمثابة مركز بحري رئيسي في المنطقة يسهل التجارة والنقل بين آسيا وإفريقيا وأوروبا. 

أيضاً شاركت الصين في التطوير العقاري، بما في ذلك بناء الملاعب الخاصة ببطولة كأس العالم لكرة القدم 2022. 

السودان وجنوب السودان

تعد السودان وجنوب السودان من البلدان التي تستقطب الاهتمام الصيني، فقد حصلت الدولتان على 3.9% من مجمل الاستثمارات الصينية في المنطقة وبلغت قيمتها مجتمعة نحو 12 مليار دولار، علماً أن نصفها تركز في مجال النقل، ونحو الثلث في مجال الطاقة.

بالنسبة للصين يشكل البلدان مصدراً للنفط الذي يزيد احتياجها اليه. يمتلك السودان احتياطيات نفطية كبيرة وهي الثالثة الأكبر في أفريقيا. أقامت الشركات الصينية المملوكة للدولة مثل CNPC (مؤسسة البترول الوطنية الصينية) شراكات مع نظيراتها السودانية لتطوير حقول النفط وبناء خطوط أنابيب لنقل النفط. والأمر نفسه بالنسبة لجنوب السودان الذي يعتبر إنتاج النفط محركًا لاقتصاده، وتجعل منه شريكاً مهماً لاستراتيجية أمن الطاقة في الصين. 

بالإضافة إلى النفط، يتمتع السودان بموارد معدنية وفيرة مثل الذهب والنحاس وخام الحديد. وهنا تبرز استثمارات الشركات الصينية في مشاريع التعدين في السودان.

جيبوتي

صحيح أن الاستثمارات الصينية في جيبوتي متواضعة بالمقارنة مع الدولة الأخرى وتبلغ 2.6 مليار دولار فقط، إلا أن جميعها مستثمرة في قطاع النقل. أبرز تلك المشاريع هو بناء ميناء دوراليه وإدارته بموجب اتفاقية امتياز طويلة الأجل، وهو يعد واحدًا من أكبر وأحدث الموانئ في شرق أفريقيا ومركزاً رئيسياً للتجارة البحرية ومناولة الحاويات والبضائع. 

بالإضافة إلى ذلك، استثمرت الصين في بناء خط السكة الحديد بين أديس أبابا وجيبوتي، مما يوفر حلقة وصل بين إثيوبيا غير الساحلية وموانئ جيبوتي. وتشكل هذه الاستثمارات جزءًا من مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى تعزيز الاتصال والتجارة بين الصين ودول آسيا وأفريقيا وأوروبا. أيضاً تستضيف جيبوتي أول قاعدة بحرية خارجية للصين، والتي تم إنشاؤها في عام 2017. وتوفر هذه المنشأة الدعم اللوجستي للعمليات البحرية الصينية في خليج عدن والمنطقة الأوسع، ما يساهم في جهود الصين لحماية موانئها البحرية.