معاينة damaged lebanon

أضرار وخسائر الزراعة والصناعة والتجارة في لبنان

يعتبر قطاع السكن الأكثر ضرراً جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان. وبحسب البنك الدولي فقد تأثر ما لا يقل عن 163 ألف وحدة سكنية، تقدّر كلفة إعادة إعمارها أو إصلاحها بنحو 6.19 مليار دولار. إلا أن إعادة إعمار المساكن - فيما لو تأمّنت الأموال الآن وفوراً - لن يكون كافياً لعودة النازحين إلى قراهم واستعادة حياتهم السابقة، خصوصاً أن الضرر اللاحق بمداخيلهم وسبل عيشهم كبير، ولا يُعرف حتى الآن كيف سيجري تمويل إعادة إعمار أو استعادة القطاعات التي كانوا يعيشون منها.

في تقرير «التقييم السريع للأضرار والحاجات في لبنان» الذي أعدّه البنك الدولي بطلب من الحكومة اللبنانية، ويعتبر التقييم الأول الأكثر شمولاً لتداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان وآثاره الاقتصادية، قدّرت الحاجات المطلوبة لإعادة إعمار وتعافي القطاعات الأساسية في لبنان، أي الزراعة والصناعة والتجارة، بنحو 2.26 مليار دولار، وهو ما يساوي 21% من مجمل كلفة إعادة الإعمار والتعافي جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان، والتي قدّرها البنك الدولي بنحو 11 مليار دولار.

اللافت أن هذه الكلفة لا تنحصر بإعادة إعمار ما تهدّم أو تضرّر فحسب، بل تشمل أيضاً تعافي تلك القطاعات، أقلّه، لاستعادة الدور الذي كانت عليه قبل الحرب. وبحسب البنك الدولي، قدّرت كلفة إعادة بناء البنية التحتية وتأهيل الأصول المتضرّرة والمدمّرة في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة بنحو 825 مليون دولار أو ما يشكّل 36.5% من الكلفة المقّدرة لإعادة إعمار هذه القطاعات، فيما قدّرت كلفة استعادة الخدمات الأساسية وضمان الوصول إلى السلع الضرورية التي تنتجها هذه القطاعات بنحو 1.44 مليار دولار (63.5% من مجمل الكلفة). 

الزراعة: 1% من الأضرار 10% من الخسائر و4% من كلفة إعادة الإعمار

  • الأضرار = 79 مليون دولار

  • الخسائر = 742 مليون دولار

  • حاجات إعادة الإعمار والتعافي = 412 مليون دولار

تعتبر الزراعة من القطاعات المهمّة لتعزيز الأمن الغذائي في لبنان كما تعتبر مصدر دخل رئيسي لسكّان الأرياف والمناطق القريبة من السهول الزراعية. بحسب منظّمة الفاو، شكّل القطاع الزراعي نحو 9% من الناتج المحلي الإجمالي للبنان في العام 2020، وترتفع حصته إلى 13% إذا أضفنا الصناعات الغذائية، كما أمّن العمل لنحو 4% من مجمل العمالة. إلى ذلك، تضمّ محافظة الجنوب 64% من أشجار الحمضيات في لبنان، ونحو 94% من مزارع الموز، فضلاً عن 15% من أشجار الزيتون، ونحو 44% من أشجار الفواكه الاستوائية، بما في ذلك 63% من أشجار الأفوكادو. في المقابل، تنتج منطقة البقاع 70% من عنب لبنان بحسب وزارة الزراعة، علماً أن 30% منه يُستخدم في صناعة النبيذ. وأيضاً يشير المجلس الوطني للبحوث العلمية إلى أن 40% من الأنشطة الزراعية مرتبطة بالثروة الحيوانية، و60% من مربّي الثروة الحيوانية يعتمدون على إنتاج الألبان كمصدر رئيس لدخلهم.

79 مليون دولار أضرار قطاع الزراعة

تسبّبت الحرب في أضرار تقدّر بنحو 79 مليون دولار أميركي، لحق معظمها بالبنية التحتية وإنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية والمصايد وأنظمة الريّ، ما أدّى إلى تدهور سبل العيش وعرقلة إمكانات التعافي اللاحق. وتعبّر الأضرار عن الأكلاف الحالية لاستبدال الأصول المدمّرة، وتشكّل 1% من مجمل الأضرار. وبحسب تقييم «البنك الدولي»، فقد تكبّدت المحاصيل المروية النسبة الأكبر من الأضرار، وقد قدّرت قيمتها بنحو 34 مليون دولار أو 43% من مجمل الأضرار اللاحقة بالقطاع الزراعي، وقد نتجت عن جرف المحاصيل الرئيسة مثل الزيتون والأفوكادو. تليها الأضرار اللاحقة بأنظمة الريّ، التي تعرّضت بعضها لاستهداف مباشر من الجيش الإسرائيلي، وقد قدّرت قيمة الأضرار فيها نحو 16 مليون دولار (20.3% من مجمل الأضرار). فيما بلغت الأضرار اللاحقة بالثروة الحيوانية نحو 11 مليون دولار (14%) وتشمل مقتل حوالي 3 ملايين دجاجة وتضرّر أكثر من 10 آلاف متر مربع من مزارع الدواجن. إلى ذلك، توقّفت الكثير من أنشطة الصيد على طول الساحل الجنوبي، وتضرّرت 472 مركب صيد، تشمل القوارب التي دُمرت بسبب القصف المباشر (12 قارباً)، والقوارب التي تعرّضت للصدأ وأضرار أخرى نتيجة التوقّف المطوّل عن العمل في خلال فترة الحرب (460 قارباً). علماً أن كلفة استبدال القارب المدمّر تعادل تكلفة شراء قارب جديد بطول 8 أمتار، في حين تُقدر تكلفة إصلاح القوارب المتضرّرة بنسبة 10% من قيمتها الأصلية. بالإضافة إلى ذلك، تضرّرت 13 بركة لتربية الأسماك وبلغت كلفة الأضرار نحو 1.2 مليون دولار.

تعدّ النبطية المحافظة الأكثر تضرراً، إذ ضمّت أكثر من 42 مليون دولار من الأضرار الواقع في القطاع الزراعي، تليها محافظة الجنوب بنحو 24 مليون دولار، ومن ثمّ محافظة البقاع بنحو 8 ملايين دولار.

بالإضافة إلى الأضرار، تسبّبت الحرب في خسائر في القطاع الزراعي تقدّر بحوالي 742 مليون دولار. تعكس هذه الخسائر الإيرادات المفقودة من المنتجات الزراعية التي لم تُباع بسبب تضرّر الإنتاج وانخفاضه. وتشمل حوالي 693 مليون دولار من عائدات إنتاج المحاصيل، و25 مليون دولار من الثروة الحيوانية، و24 مليون دولار من المصايد. وقد نتجت هذه الخسائر من عدم القدرة على الوصول إلى الأراضي الزراعية لزراعتها أو حصادها في خلال فترة الحرب وحتى بعد انتهائها، فضلاً عن اقتلاع الأشجار.

سُجِّلت الخسائر الأكبر في محافظة الجنوب وبلغت قيمتها 286 مليون دولار، تليها محافظة البقاع بنحو 212 مليون دولار، ومن ثمّ محافظة النبطية بنحو 199 مليون دولار.

تُقدر احتياجات التعافي وإعادة الإعمار في قطاع الزراعة بحوالي 412 مليون دولار، من ضمنها 165 مليون دولار لقطاع الزراعة مباشرة، و247 مليون دولار لتأمين المساعدات الغذائية الطارئة لنحو 550 ألف شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي بسبب الحرب. تتضمّن حاجات القطاع الزراعي، إعادة بناء البنية التحتية، وإعادة تأهيل الأصول، وإصلاح أنظمة الريّ، والبرك المائية المخصّصة لتربية الأسماك، وقوارب الصيد، ومعدّات معالجة المحاصيل لاستعادة الخدمات والوصول إلى السلع بما فيها الثروة الحيوانية والمحاصيل، فضلاً عن تقديم إمدادات الأعلاف الحيوانية وتأمين احتياجات العمالة الزراعية.

التجارة والصناعة والسياحة: 9% من الأضرار، 48% من الخسائر، و17% من كلفة إعادة الإعمار

  • الأضرار = 612 مليون دولار

  • الخسائر = 3.4 مليار دولار

  • حاجات إعادة الإعمار والتعافي = 1.849 مليار دولار

مثّلت قطاعات التجارة والصناعة والسياحة نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي للبنان قبل الحرب بحسب الحسابات القومية، وضمّت حوالي 215 ألف منشأة رسمية وغير رسمية بحسب البنك الدولي. وفي حين شكّل قطاع السياحة مصدراً رئيساً لتدفّق العملات الأجنبية إلى البلاد التي تعاني أساساً من أزمة اقتصادية حادّة، حدّت الحرب من تدفّق السياح.

تسبّب العدوان الإسرائيلي في أضرار في قطاع التجارة والصناعة قدّرها البنك الدولي بنحو 612 مليون دولار، علماً أن 27% منها في قطاع السياحة. تعبّر هذه الأضرار عن الأكلاف المباشرة الحالية لاستبدال الأصول المدمّرة في هذه القطاعات وتشكّل 9% من مجمل الأضرار. والواقع أن العدوان الإسرائيلي دمّر ما لا يقل عن 2,099  منشأة بالكامل بحسب تقييم البنك الدولي، فيما تعرّضت 7,094 منشأة لأضرار جزئية. وفي الحصيلة، يصل عدد المنشآت المتضرّرة والمدمّرة إلى 9,193 منشأة أو 4.3% من مجمل المنشآت الموجودة في لبنان. إلى ذلك، لحقت 75.9% من الأضرار بمنشآت تجارية وصناعية (6,974 منشأة) من ضمنها 2% دمّرت بالكامل، ونحو 24.1% لحقت بمنشأت سياحية (2,219 منشأة) من ضمنها 3% دمّرت بالكامل.

ويعتبر قضاء مرجعيون  الأكثر تضرراً، حيث بلغت قيمة الأضرار فيه نحو 121 مليون دولار، يليه قضاء النبطية بنحو 101 مليون دولار، ومن ثم صور الذي تكبد أضراراً بقيمة 88 مليون دولار.

612 مليون دولار أضرار التجارة والصناعة والسياحة

تسبّبت الحرب بنحو 3.4 مليار دولار من الخسائر الاقتصادية، من ضمنها 1.3 مليار دولار (38%) في قطاع السياحة علماً أن 45% من الخسائر السياحية سجّلت في المناطق المتأثرة بالحرب مباشرة، بالإضافة إلى 2.1 مليار دولار في التجارة والصناعة، من ضمنها 990 مليون خسائر في تجارة الجملة والتجزئة، و829 مليون دولار خسائر في قطاع التصنيع، و254 مليون خسائر في الخدمات.

تشكّل الخسائر في هذه القطاعات نحو 48% من مجمل الخسائر المُسجّلة في 10 قطاعات قيّمها البنك الدولي، وهي تأتي من الإيرادات الفائتة الناجمة عن إغلاق الأعمال بسبب تضرّر المنشآت، أو نزوح الموظّفين وأصحاب الأعمال من المناطق المتأثرة بالحرب، بالإضافة إلى تغيّر أنماط الاستهلاك في المناطق غير المتأثرة بالحرب حيث تركّز الإنفاق على السلع الأساسية بدلاً من الكمالية. فضلاً عن تراجع عوائد الإيجارات وتراجع عدد السياح والإشغال الفندقي.

وبحسب التوزيع الجغرافي، تكبّدت النبطية أعلى الخسائر في القطاع بقيمة وصلت إلى 454 مليون دولار، تليها بيروت بقيمة 423 مليون دولار، ومن ثم صور التي سجلت خسائر بقيمة 410 مليون دولار.

يقدّر البنك الدولي احتياجات التعافي وإعادة الإعمار في قطاع التجارة والصناعة والسياحة بحوالي 1.8 مليار دولار، من ضمنها 34% مخصّصة لقطاع السياحة، و66% لقطاعي التجارة والصناعة. تقدّر احتياجات إعادة إعمار البنية التحتية بنحو 796 مليون دولار وتشمل 532 مليون دولار لإصلاح المنشآت المتضررة جزئياً، ونحو 264 مليون دولار لإعادة بناء المنشآت المدمّرة بالكامل. أما احتياجات استعادة الخدمات فتقدّر بنحو مليار دولار، وتشمل توفير رأس المال العامل لشراء الإمدادات وإعادة بناء المخزون، وتغطية التكاليف التشغيلية العاجلة وقصيرة الأجل، بما في ذلك تعويض الأجور والإيجارات للمساحات التشغيلية المؤقتة.