Preview اساليب العمل المعتادة

هل أساليب العمل المعتادة تحقق المساواة بين الجنسين؟

  • أساليب العمل المعتادة تتضمّن عوامل مثل ساعات العمل، وأشكال التوظيف، وأنواع العقود، وطرق الاتصال، وأساليب التعاون، وأنظمة التقييم، وآليات المكافأة، وخطط التدريب، وغيرها.
  • تساهم أساليب العمل بتحقيق المساواة بين الجنسين إذا كانت تستجيب لحاجاتهم المختلفة في مراحل حياتهم المختلفة، بما في ذلك رعاية الأطفال أو كبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة. 

لا يوجد إجابة بسيطة أو نهائية على هذا السؤال، لأن أساليب العمل المعتادة تختلف من مكان إلى آخر ومن زمن إلى آخر، وتتأثّر بعوامل كثيرة مثل الثقافة والدين والاقتصاد والسياسة والتعليم والتكنولوجيا. ومع ذلك، يمكننا استكشاف بعض الأفكار والآراء التي تقدّمها منظّمات دولية وإقليمية ووطنية حول هذا الموضوع.

أولاً، ما هي المساواة بين الجنسين؟ 
بحسب الأمم المتحدة، المساواة بين الجنسين هي «حق كل فرد في التمتّع بفرص متساوية في جميع جوانب الحياة، بغض النظر عن نوعه الجنسي، وذلك من خلال تحقيق التكافؤ في الحقوق والمسؤوليات والفرص والموارد والفوائد بين الرجال والنساء».1 المساواة بين الجنسين هي أيضاً أحد أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الأمم المتحدة في العام 2015، حيث تهدف إلى «إزالة جميع أشكال التمييز ضد جميع النساء والفتيات في كل مكان».2

تحقيق المساواة بين الجنسين في عالم العمل يعزّز حقوق الإنسان للجميعثانياً، ما هو علاقة المساواة بين الجنسين بعالم العمل؟ 
بحسب منظمة العمل الدولية، عالم العمل هو «جزء من حياتنا حيث نقضي معظم وقتنا، سواء كان ذلك في عمل رسمي أو غير رسمي، مدفوع أو غير مدفوع، مستقر أو غير مستقر، دائم أو مؤقت، كامل أو جزئي»3. يشكّل عالم العمل فرصة للأفراد لإبراز قدراتهم وإبداعاتهم وطموحاتهم، ولكسب دخل يضمن لهم حياة كريمة. كما يشكّل قوة دافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان. لذلك، فإن تحقيق المساواة بين الجنسين في عالم العمل يعزّز حقوق الإنسان للجميع، ويرفع من إنتاجية وكفاءة المؤسّسات والشركات، ويلبّي احتياجات سوق العمل المتغيّرة، ويلبِّي الأهداف الوطنية والإقليمية والعالمية للتنمية المستدامة.3

ثالثاً، ما هي أساليب العمل المعتادة؟ 
أساليب العمل المعتادة هي «الطرق والأنماط والممارسات التي يتبعها الأفراد والجماعات والمؤسسات في تنظيم وإدارة وتنفيذ عملهم».4 وتتضمّن عوامل مثل ساعات العمل، وأشكال التوظيف، وأنواع العقود، وطرق الاتصال، وأساليب التعاون، وأنظمة التقييم، وآليات المكافأة، وخطط التدريب، وغيرها. وتنعكس أساليب العمل المعتادة على ثقافة المؤسسة أو القطاع أو البلد، وتتأثّر بالتغيّرات في التكنولوجيا والابتكار والتنافسية والتوقّعات، وتؤثّر أيضاً على رضا العاملين عن عملهم وحياتهم الشخصية وصحّتهم ورفاههم.

بعض أساليب العمل الاعتيادية قد تؤثر سلباً على المساواة بين الجنسين

رابعاً، هل أساليب العمل المعتادة خيار لتحقيق المساواة بين الجنسين؟
يعتمد ذلك على كيفية تصميم وتطبيق أساليب العمل المعتادة في كل سياق. بشكل عام، يمكن أن تكون أساليب العمل المعتادة فرصة أو عائقاً لتحقيق المساواة بين الجنسين في عالم العمل. فهي فرصة إذا كانت تحترم حقوق الإنسان لجميع العاملات والعاملين، وتضمن لهم حرية الاختيار والفرص المتساوية في التوظيف والحصول على دخل عادل وحماية اجتماعية كافية. وفرصة إذا كانت تستجيب لحاجاتهم المختلفة في مراحل حياتهم المختلفة، مثل رعاية الأطفال أو كبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة. وفرصة إذا كانت تشجِّع على مشاركة كاملة لكلا الجنسَين.

لكن بعض أساليب العمل الاعتيادية قد تؤثر سلباً على المساواة بين الجنسين، وتشمل:

تحديد الدور الاجتماعي: في المجتمعات التي يفرض فيها تحديد الدور الاجتماعي أدواراً محدّدة على الجنسين، قد يتم تحديد بعض الأدوار بناءً على الجنس من دون اعتبار للقدرات الفردية. وهذا يمكن أن يقيّد فرص النساء في مجالات معينة أو يجعلهن أكثر عرضة للتمييز.

الفرص المحدودة للتعليم والتدريب: إذا كانت الفرص التعليمية والتدريبية محدودة لفئة جنسية معيّنة، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى فقدان القدرات والمهارات الجيدة التي يمكن أن تساعد على تحقيق المساواة.

الأدوار المحدّدة في العمل: قد يتم تحديد أدوار معينة في العمل بناءً على نمط الجنس، مما يمنع النساء من الوصول إلى الفرص العالية والمساهمة بشكل كامل في سوق العمل.

الاختلافات في الأجور: تظل الاختلافات في الأجور بين الجنسين مشكلة مستمرة في بعض المجتمعات، حيث يكون لدى النساء رواتب أقل مما يحصل عليه الرجال عند أداء الوظيفة نفسها.

يتطلّب تحقيق المساواة إجراءات فعّالة لمكافحة التمييز والعنف الجنسي، وتوفير الحماية والدعم للضحايالتحقيق المساواة بين الجنسين، يتطلّب الأمر اعتماد أساليب عمل تسعى إلى تجاوز هذه التحدّيات وتمكين الجميع على قدم المساواة، مثل:

تعزيز التعليم والتدريب: توفير فرص التعليم والتدريب المتساوية للجنسين يساهم في تعزيز الفرص المتكافئة للوصول إلى وظائف ذات رواتب جيدة.

تغيير الصورة النمطية: يجب أن يسعى المجتمع لتغيير الصورة النمطية المتعارف عليها حول الأدوار الجنسية وتحييد بعضها، ممّا يمنح النساء والرجال حرّية اختيار الوظائف والأنشطة التي يرغبون فيها.

تعزيز التمثيل النسائي في المناصب القيادية: يجب دعم تعيين المرأة في المناصب القيادية والمشاركة الفعّالة في صنع القرار لتحقيق التوازن بين الجنسين في مختلف المجالات.

مكافحة التمييز والعنف الجنسي: يتطلّب تحقيق المساواة إجراءات فعّالة لمكافحة التمييز والعنف الجنسي، وتوفير الحماية والدعم للضحايا.

قد يكون العمل عن بعد عائقاً لتحقيق المساواة بين الجنسين إذا كان يزيد من عبء العمل غير المدفوع على النساءالعمل عن بُعد: هو أسلوب عمل يتيح للعاملين أداء مهامهم من خارج مكان العمل الرسمي، مثل من المنزل أو من مقهى أو من مركز تجاري، باستخدام التكنولوجيا والاتصالات. هذا الأسلوب قد يكون خياراً لتحقيق المساواة بين الجنسين إذا كان يزيد من مرونة العاملين ويتيح لهم توفير التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، وخصوصاً للنساء اللواتي يتحمّلن مسؤولية رعاية الأطفال أو كبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة. ومع ذلك، قد يكون العمل عن بعد عائقاً لتحقيق المساواة بين الجنسين إذا كان يزيد من عبء العمل غير المدفوع على النساء، أو يقلّل من فرصهن في الترقية أو التدريب أو التفاعل مع زملائهن في العمل .

التشاركية: هو أسلوب عمل يشجّع على التفاعل والتعاون والتبادل بين العاملين في مشروع أو هدف مشترك، سواء كان ذلك داخل فريق واحد أو بين فرق مختلفة. هذا الأسلوب قد يكون خياراً لتحقيق المساواة بين الجنسين إذا كان يزيد من التفهّم والثقة والاحترام بين الجنسـين، ويرفع من جودة وإبداع المُخرجات. ومع ذلك، قد يكون هذا الأسلوب عائقاً لتحقيق المساواة بين الجنسين إذا كان يؤدي إلى تضخّم دور أحد الجنسَين.

إن تحقيق المساواة بين الجنسين هو تحدّي مجتمعي يتطلب جهوداً مشتركة من الحكومات والمؤسسات والأفراد للعمل معاً نحو مجتمع أكثر عدالة وتكافؤاً.