Preview التكنولوجيا العسكرية

غزة 2023: إعادة النظر في التكنولوجيا العسكرية الفائقة

في خضم التطورات المصيرية الراهنة في فلسطين، يجدر بنا العودة إلى مقالٍ كتبه جاكوب ليفتش في كانون الأول/ديسمبر 2006 بعنوان «ثورة مضادة في الشؤون العسكرية؟1  ملاحظات على التكنولوجيا العسكرية الأميركية الفائقة». وهو المقال الذي ثبتت ثقَابته على نحوٍ ملموس.

يتناول المقال «الثورة التي شهدتها الولايات المتحدة في المجال العسكري». نظامٌ جديد للحرب قيل إنه يجمع بين التكتيكات الميدانية المبتكرة والأسلحة عالية التقنية والاتصالات الشبكية وتكنولوجيا المراقبة المتطورة... ويُزعم أن الحرب «القائمة على الاتصالات» أو الحرب «ما بعد الحداثية» سوف تُحدِث انقلاباً في أرضِ المعركة في القرن الحادي والعشرين وتكفل التفوق الأميركي لأجيالٍ مقبلة.

 إن فشل الأسلحة الدقيقة لم يكن مبعث قلق الولايات المتّحدة وحلفائها مثل إسرائيل، وإنّما عدم جدواها في التصدّي للمقاومة المنتهجة لحرب العصابات، وقد اتضح هذا بجلاء في لبنان

كما أشار ليفيتش إلى إخفاق ما يُعرف بـ«الذخائر الدقيقة» في الحد من الخسائر بين صفوف المدنيين، والحقّ أنها تسبّبت بزيادتها. إلا أن فشل الأسلحة الدقيقة لم يكن مبعث قلق الولايات المتحدة وحلفائها مثل إسرائيل، وإنما عدم جدواها في التصدّي للمقاومة المنتهجة لحرب العصابات، وقد اتضح هذا بجلاء في لبنان. 

أثناء غزو لبنان، تمكّن مقاتلو حزب الله من التصدّي للقنابل الذكية التي حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتّحدة، وذلك باستخدام التكتيكات الكلاسيكية لحرب العصابات، أو من خلال الحفْر (شبكة الأنفاق المحصنة ضد الأسلحة الدقيقة)، أو عبر التماهي مع السكان بحسب ما تقتضيه الظروف. كما فشلت أنظمة الاستهداف الإسرائيلية المتطوّرة في تحديد مواقع الأسلحة الخفيفة كصواريخ الكاتيوشا التي يملكها حزب الله. 

يمكن من هجوم الجيش الإسرائيلي على لبنان في العام 2006 الخروجُ بتقييمٍ تقريبي لفاعلية القنابل الخارقة للتحصينات. ففي تموز/يوليو، أرسلت الولايات المتحدة 100 طائرة خارقة للتحصينات إلى إسرائيل في إطار مساعيها الرامية إلى تصفية حسن نصر الله وسائر قيادات حزب الله. بيد أن العناصر المستهدَفة خرجت سالمة بعد تخفيها داخل شبكة من الأنفاق المحصّنة على عمق 40 متراً.

ويقول المقال إن بناء شبكة كهذه والحفاظ عليها يتطلّب دعماً ومشاركة شعبية:

«التكتيكات التي أجهضت الذخائر الإسرائيلية الفائقة - مثل إقامة مراكز القيادة المتطوّرة تحت الأرض والمواقع المحصّنة لإطلاق الصواريخ في جميع أنحاء البلاد، والنقل السريع للأسلحة والمقاتلين في مواجهة القصف الإسرائيلي، وحتى قدرة المقاتلين على الذوبان وسط السكان المدنيين عندما تقتضي الحاجة - تطلبت تعاطف الناس ودعمهم المنسق على مدى سنوات من الإعداد المضني».

لم تكن البنية التحتية المعقّدة الخاصة بالمراقبةِ والاستطلاع الإلكتروني للولايات المتحدة (القيادة والسيطرة والاتصالات والكمبيوتر والاستخبارات)، المصمّمة لساحات القتال التقليدية مجهّزة للتعامل مع حرب العصابات التي تخوضها مجموعات صغيرة مجهزة تجهيزاً خفيفاً يتعذّر على المسيرات الأميركية اكتشافها أو تمييزها عن حركة المرور المدنية.

طُبّقت هجمات «الكر والفر» المحدودة والعالية الكفاءة (مثل العبوات الناسفة والقنص) في اعتراض المسيرات الأميركية؛ كما جرى الاعتماد على الخلايا والتواصل المباشر وجهاً لوجه لتفادي الإشارات الذكية.

فضلاً عن ذلك، لم تكن قوات حرب العصابات تكره استخدام التكنولوجيا، ولو من نوع أرخص:

«أما مبعث قلق المنظّرين الأميركيين فيَنحصر في أن دفاع حزب الله الناجح عن جنوب لبنان في العام 2006 قد ساق الدليل على قدرة حرب العصابات المنظّمة جيداً على إحراز الغلبة على الغرب ذي التقنية الفائقة في ملعبه. لقد أربك حزب الله الأقمار الصناعية الإسرائيلية والاستخبارات الجوّية باستخدام الأفخاخ الخداعية، وطوّر تكنولوجيا الإشارات المضادة التي تمكّنت من فك الاتصالات اللاسلكية المشفرة، واعترض المعلومات الرئيسة في ساحة المعركة بواسطة التنصت على المكالمات الهاتفية التي كان يجريها جنود الجيش الإسرائيلي مع ذويهم.

بسبب الإحباط الناتج عن فشلهما في «قطع رأس» قيادات المقاومة في العراق ولبنان، لجأت الولايات المتحدة وإسرائيل إلى شنّ حرب جوية عقابية:

«نتيجة لذلك، شهدت الحرب الجوّية في العراق تحولاً واضحاً بمرور الوقت من القصف التكتيكي الدقيق إلى القصف الاستراتيجي الرامي إلى معاقبة الناس على دعمهم للمقاومة. وطُبِّق مسار مماثل وبسرعة أكبر بكثير في لبنان، حيث عمدت القوات الجوية الإسرائيلية عقب فشل ضرباتها الأولية الدقيقة ضد حزب الله إلى توسيع الحرب الجوية لتشمل أهدافاً مدنية، كالمباني السكنية والمطارات والجسور والطرق السريعة والأهداف البشرية.

ثبوت صحة التحليل في 7 أكتوبر وما تلاه

تنطبق جميع هذه الملاحظات تقريباً على عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر التي نفذتها حماس والتطوّرات التي تلتها. وتستند الرواية التالية على تقارير في واشنطن بوست، وفايننشال تايمز، وبي بي سي، ونيويورك تايمز، وهآرتس.

كانت أصوات الانفجارات الناجمة عن تصديات القبة الحديدية جزءاً من خطة حماس: فقد غطّت على صوت إطلاق النار من قنّاصة حماس على سلسلة من الكاميرات المثبتة على السياج الحدودي

تقول صحيفة واشنطن بوست «تفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو  لسنواتٍ عديدة باستثماره ملايين الدولارات في جدارٍ ذكيّ يمتد على طول القطاع فوق الأرض ويغوص في عمقها».2  تجمع المستشعرات الحرارية وأنظمة الكشف البصرية والرادارية معلومات عن بالنشاط الجاري على مقربة من السياج. وهذه المعلومات تنتقل عبر سلسلة من الأبراج الخلوية إلى مراكز القيادة. كما تتصل الأبراج الخلوية بالأسلحة المحكومة عن بعد، المنتشرة على طول السياج الحدودي والمكلفة بإطلاق النار على أي شخص يقترب.

وقد مكّنت هذه الأعجوبة التكنولوجية إسرائيل من إعادة نشر قواتها في أماكن أخرى:

«مدعياً في السنوات الأخيرة أنه تم احتواء حماس بنجاح في غزة، أشرف نتنياهو على الانسحاب التدريجي للقوات من الجنوب. في كانون الأول/ديسمبر 2021، غرّد نتنياهو قائلاً إن تركيب «حاجز تحت الأرض يعترض نقل الأسلحة عبر أنفاق حماس بمثابة يوم تاريخي».3

كما استمدت إسرائيل الثقة من انتصار تكنولوجي آخر، وهو نظام الدفاع الصاروخي «القبة الحديدية»، الذي يعترض الصواريخ وقذائف المدفعية قصيرة المدى ويدمّرها، كتلك التي تطلقها حماس من غزة وحزب الله من لبنان. ويُحتفى بهذا النظام لفعاليته في التصدّي للهجمات الصاروخية، وقد طوّرته إسرائيل بتمويلٍ كبيرٍ من الولايات المتّحدة.4

بدأت عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر التي نفذتها حماس والجهاد الإسلامي بإطلاق صواريخ من غزة في حوالى الساعة 6:30 صباحاً. وتبع ذلك على الفور قيام نظام القبة الحديدية باعتراض تلك الصواريخ. في الواقع، كانت أصوات الانفجارات الناجمة عن تصديات القبة الحديدية جزءاً من خطة حماس: فقد غطّت على صوت إطلاق النار من قنّاصة حماس على سلسلة من الكاميرات المثبتة على السياج الحدودي، وأصوات انفجار أكثر من 100 مسيّرة تابعة لحماس دمّرت أبراج المراقبة. وكان هذا عملاً منسقاً في 30 موقعاً على طول الحدود.

وما أن نجحت هذه التقنية البسيطة في تعطيل أنظمة الكشف الملحقة بـ«الجدار الذكي»، حتى تعطّل بأكمله. وتمكّنت وحدة العمليات الخاصة التابعة لحماس، «النخبة»، من اختراق الحدود بالمتفجّرات والجرّافات، وعبرتها على متن شاحنات ودراجات نارية. وفي المجمل، دخل ما بين 1,500 إلى 2,000 من مقاتلي حماس.

تقول صحيفة واشنطن بوست  «لم تبعد المنشآت العسكرية الأولى بأكثر من ميل واحد، وكانت بلا حراسة خارجية. فوجئت قوات المراقبة المتمركزة على الخط الأمامي عندما اقتحم المسلحون قواعدهم، وتنقلوا بثقة عبر المرافق والثكنات». 

«لم يكن نجاحهم بسبب التقنية وإنما بسبب التحضير»

بحسب صحيفة نيويورك تايمز، يبدو أن لدى حماس «إحاطةٍ متطورة تثير الدهشة بكيفية عمل الجيش الإسرائيلي، وأماكن تمركز وحداته، وحتى الوقت اللازم لوصول التعزيزات». وفي أقل من ساعة، حيث لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي أدنى فكرة عما حدث، اجتاح مقاتلو حماس 8 قواعد إسرائيلية. وكان تقدمهم سريعاً للغاية بحسب التايمز، حيث كان العديد من الجنود الإسرائيليين لا يزالون في أسرّتهم وثيابهم الداخلية. تقول التايمز:

اقتحمت وحدات حماس المكان بالمتفجرات، وسرعان ما وجدت طريقها إلى «غرفة مليئة بأجهزة الكمبيوتر». وإذا نجا أي من هؤلاء المسلّحين، وتمكّن من حمل أيّاً من الوثائق أو المعدات إلى غزة، فسيكون ذلك بمثابة ضربة للمخابرات الإسرائيلية

«وفقاً لضابط كبير في الجيش الإسرائيلي، في عددٍ من القواعد، حدّدت الوحدات التابعة لحماس أماكن وجود خوادم الاتصالات على وجه الدقة ودمّرتها. ومع تعطّل الكثير من أنظمة الاتصالات والمراقبة، لم يتمكّن الإسرائيليون في كثير من الأحيان من رؤية قدوم قوات الكوماندوز. لقد وجدوا صعوبة في طلب المساعدة والرد. وفي كثير من الحالات لم يتمكّنوا من حماية أنفسهم، ناهيك عن القرى المدنية المحيطة بهم».5

عند وصولها إلى مقر قيادة فرقة غزة، بالقرب من كيبوتس رعيم، دمّرت وحدة تابعة لحماس «أنظمة الاتصالات الموجودة في القاعدة والهوائيّات تدميراً كاملاً، وكذلك الأنظمة التي قامت بتنشيط أجهزة الاستشعار على السياج نفسه»، بحسب المقدم ألوُن إيِفياتار، الضابط السابق في الوحدة 8200، وحدة مخابرات النخبة الإسرائيلية.

وفي الوقت نفسه، هاجمت وحدة أخرى من حماس منشأة للوحدة 8200 بالقرب من أوريم، على بعد 10 أميال داخل الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل. وبحسب إيِفياتار، كانت هذه «أكبر وأهم قاعدة استخباراتية في إسرائيل، وواحدة من أعظم أصول البلاد»، إذ تجمع البيانات من إسرائيل والأراضي الفلسطينية ومن جميع أنحاء العالم. وذكرت صحيفة التايمز أن «وحدة حماس عرفت بالضبط كيفية العثور على مركز المخابرات الإسرائيلية، وكيفية الدخول إليه». اقتحموا المكان بالمتفجرات، وسرعان ما وجدوا طريقهم إلى «غرفة مليئة بأجهزة الكمبيوتر». وإذا نجا أي من هؤلاء المسلّحين، وتمكّن من حمل أيّاً من الوثائق أو المعدات إلى غزة، فسيكون ذلك بمثابة ضربة للمخابرات الإسرائيلية.

عند الوصول إلى المستوطنات الاستيطانية (الكيبوتسات)، عمدت وحدات حماس قبل كل شيء إلى قطع كامل الاتصالات. وقد وصلوا إلى إحدى هذه الكيبوتسات بعد دقائق قليلة من إطلاق الصاروخ الأول في الساعة 6:30 صباحاً. وقبل أن يتمكّن حرّاس الأمن من استدعاء تعزيزات عسكرية، انقطعت خدمة الإنترنت. «لقد نجحوا لا بفضل التكنولوجيا وإنما بفضل التحضير»، قالت ميري آيسين ضابطة استخبارات كبيرة سابقة في الجيش الإسرائيلي.6

تشير صحيفة التايمز إلى أن «سرعة هجوم حماس ودقته وحجمه أدخلت الجيش الإسرائيلي في حالةٍ من الفوضى، وترك المدنيون لساعات عدة بعد ذلك ليتدبروا أمرهم». استغرق الأمر ساعتين قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي حالة الحرب.

وخلصت إميلي هاردينغ، ضابطة سابقة في وكالة المخابرات المركزية وتتمتع بخبرةٍ في الشرق الأوسط، ومديرة مشروع الأمن القومي حالياً في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أنه «من المحتمل أن الاعتماد الزائد على التكنولوجيا قد ساهم في الفشل الاستخباراتي في تشرين الأول/أكتوبر 2023».

الردّ المباشر للقوّات الإسرائيلية

أعقب ذلك هجوم مضاد سريع شنّه الجيش الإسرائيلي على الأرض ومن الجو. ويتضح من عدد من التقارير أن القوّات المسلّحة الإسرائيلية قتلت عدداً كبيراً من المدنيين الإسرائيليين أثناء هجومها المضاد سواء بسبب نقص المعلومات أو عدم الاهتمام بحياة المدنيين الإسرائيليين أو كليهما. وبحسب موقع «ميدل إيست مونيتور»، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن «الطيّارين أدركوا وجود صعوبة هائلة بالتمييز داخل البؤر الاستيطانية والمستوطنات المحتلّّة بين مقاتلي حماس والجنود الإسرائيليين أو المدنيين. كان معدّل إطلاق النار هائلاً في البداية. وعند نقطة معيّنة، بدأ الطيّارون في تدقيق الضربات واختيار الأهداف بعناية».

تُظهر مقاطع الفيديو الخاصة بآثار مهرجان «نوفا» عدداً كبيراً من السيّارات التي يبدو أنها دُمِّرت من الجو. ومن بين 800 مدني إسرائيلي تقدّر إسرائيل أنهم قتلوا في 7 تشرين الأول، قد يكون العدد الأكبر منهم قتل على يد الجيش الإسرائيلي

وفي الوقت نفسه، تظهر لقطات من داخل الكيبوتسات دماراً مطلقاً يشبه القصف الإسرائيلي المتكرّر لغزة على مرّ السنين. واعترف طيّارو الأباتشي بإطلاق النار بشكل متواصل من دون معلومات استخباراتية عن الأهداف، في حين أُمرت أطقم الدبّابات بقصف المنازل، بغض النظر عن احتمال وجود أسرى إسرائيليين في داخلها.

قالت ياسمين بورات، إحدى الناجيات من كيبوتس بئيري، لمحاور إسرائيلي، إنه بعد أن احتجز مقاتلو حماس عدداً من الإسرائيليين، بمن فيهم هي نفسها، أمطرت القوّات الخاصة الإسرائيلية المكان بقصف الدبّابات وإطلاق النار العشوائي. وعندما سُئِلت عمّا إذا كانت القوّات الإسرائيلية قد قتلت الأسرى المتبقين، إلى جانب اثنين من مقاتلي حماس المستسلمين، قالت «بلا شك». ونقل عن قائد دبّابة رفيع المستوى في جيش الدفاع الإسرائيلي قوله في مكان آخر: «وصلتُ إلى بئيري لرؤية العميد باراك حيرام وكان أول شيء طلبه مني هو إطلاق قذيفة على منزل تحتمي فيه حماس».7  وبالمثل، تُظهر مقاطع الفيديو الخاصة بآثار مهرجان «نوفا» للموسيقى الإلكترونية عدداً كبيراً من السيّارات التي يبدو أنها دُمِّرت من الجو. ومن بين 800 مدني إسرائيلي تقدّر إسرائيل أنهم قتلوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، قد يكون العدد الأكبر منهم قتل على يد الجيش الإسرائيلي نفسه؛ وقد لا نعرف الرقم الحقيقي أبداً، نظراً لاستبعاد إجراء تحقيق مُحايد على الأرض.

صحيح أن الجيش الإسرائيلي عمل في وقت سابق بموجب «توجيه حنبعل»، للحيلولة دون أسر جنود إسرائيليين مهما كانت الوسائل، حتى وإن تطلّب ذلك ضرب الجنود الأسرى وإيذائهم. ويدّعي الجيش الإسرائيلي أنه البروتوكول قد حلّ محله بروتوكول آخر في العام 2016، بيد أنه لم يكشف عن محتوى السياسة الجديدة. ويرى بعض المعلّقين في حملة القصف الإسرائيلية الحالية استمراراً للبروتوكول بحيث يشمل الأسرى المدنيين الإسرائيليين.8  ومهما كان تأثير هذا البروتوكول في القوات الإسرائيلية، فمن الواضح أن الرد الأولي على عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر كان فوضوياً.

الحرب البرّية

أعقب هذا الردّ الفوري مرحلة من القصف المكثّف على غزة قامت به القوّات الجوّية الإسرائيلية، وغارات على الأراضي اضطلعت به المدرّعات وقوّات المشاة الإسرائيلية. ثم شنّت إسرائيل غزواً برياً واسع النطاق على غزة في 27 تشرين الأول/أكتوبر. وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يتمتّع بسمعة مخيفة، وهو مسلّح ببعض الأسلحة الأكثر تطوّراً في العالم، فقد حذّر اللواء الإسرائيلي إسحاق بريك، في آب/أغسطس الماضي من أنه «ليس مستعداً للحرب». ولم يخض جنوده معركة برية كبيرة منذ العام 2014، وهي المرّة الأخيرة التي نشرت فيها قوّات داخل غزة.9

وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن حماس لديها 40 ألف مقاتل مدرّبين تدريباً عالياً، وهو ما يزيد عن ضِعْف مقاتليها في معركتها الأولى مع إسرائيل في الفترة 2008-2009. ويتضح من التقارير أن هناك جبهة مُشتركة بين حماس والجهاد الإسلامي وتنظيمات فلسطينية أخرى ذات أجنحة مسلّحة، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

لقد تجلّت قدرات حماس ومستوى حافزها في عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقد لفتت ديفورا مارغولين، زميلة بارزة في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» إلى أنه «بينما يدخل الجيش الإسرائيلي إلى غزة، تتمتع حماس بميزة صاحب الأرض، وهي على أهبة الاستعداد». وقال إميل حُكيّم، مدير الأمن الإقليمي في «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» في لندن، «إنها منظّمة خبيرة حاربت القوات الإسرائيلية مرات عدّة». وحماس على دراية دقيقة بأرضها وسوف تدافع عنها بشراسة واقتدار».10

لا تمتلك حماس قوة جوية، لذا فهي لا تستطيع أن تُبدي قدراً كبيراً من المقاومة للقصف الإسرائيلي. وبدلاً من ذلك، تبنّت تقنية قديمة، لجأ الفيتناميون إلى استخدمها بشكل كبير ضدّ القوات المسلّحة الأميركية وهي شبكة الأنفاق. تفيد تقارير فايننشال تايمز:

«حوّلت حماس، على غرار الفيتكونغ في فيتنام، غزة إلى حصن من المتاريس والخنادق - بما في ذلك شبكة من الأنفاق بطول 400 كيلومتر يمكن لمقاتلي حماس أن يحتموا بها أثناء الضربات الجوية الإسرائيلية واستخدامها لمهاجمة القوات الإسرائيلية من الخلف. ومع توغّل القوات الإسرائيلية في عمق غزة، فمن المرجح أن تحاول حماس استخدام الكمائن فوق الأرض، والضربات السريعة، والقنابل المموّهة لإرهاق جيش الاحتياط الإسرائيلي المكوّن في معظمه من المدنيين، وإغراقهم في قتال الشوارع.11  

وهكذا، وكما أشارت صحيفة هآرتس الإسرائيلية:

«لا تحاول حماس أن تعرقل حركة قوّات الجيش الإسرائيلي. ويعتمد التنظيم على شبكة أنفاقه الدفاعية، حيث يرسل مقاتليه عبر فتحات لإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات وزرع العبوات الناسفة بالقرب من العربات المدرّعة التابعة للجيش الإسرائيلي، كما تستخدم حماس المسيرات الهجومية. وهو ما يتسبّب في مشاكلٍ عدة. أدخل الجيش الإسرائيلي قوات كبيرة إلى شمال القطاع، ويتحرّك بأعداد كبيرة من المدرّعات. وفي الحرب ضد قوّات العصابات المختبئة تحت الأرض، يوفر هذا للخصم العديد من الأهداف. وتجري العديد من المواجهات بمبادرة من قوات حماس».12

وتعمل قوّات حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى بطريقة لا مركزية. «ثمة نوع من البنية العسكرية الخلوية، حيث تعمل كل مجموعة بمفردها».13  كل هذا يعكس إلماماً بتاريخ حرب العصابات. 

التكنولوجيا الفائقة مقابل تكنولوجيا «العصر الحجري»

يمكن رؤية المعركة الدائرة بين التكنولوجيا الفائقة والتكنولوجيا البدائية في الأداء المتباين لتقنيات الاستخبارات لدى الجانبين. ويشير هاردينغ من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن «الأجهزة الإسرائيلية كانت واثقة من جمع إشاراتها الاستخباراتية». استغرق هجوم بهذا الحجم شهوراً من التخطيط والتنسيق. وكانت إسرائيل، التي تعتمد على براعتها التكنولوجية، تفترض أن هجوماً كبيراً سوف يظهر بصورةٍ ما عبر المراقبة التقنية: الدردشة عبر الهواتف المحمولة، أو رسائل البريد الإلكتروني عبر الخطوط الضعيفة أو بنسيان أحدهم ترك هاتفه خارج الغرفة. لكن يبدو أن مزيجاً من مهارات حماس الدفاعية القوية وإغفال الإشارات قد أفضى إلى الفشل في الإبلاغ.14

على الرغم من الجهود الحثيثة لكل من الولايات المتّحدة وإسرائيل، إلا أنه لم يُحرز على ما يبدو أي تقدّم في الهدف المعلن للحرب، وهو سحق حماس

وبحسب تقرير فايننشال تايمز، حاربت حماس «التكنولوجيا الفائقة» من خلال «الذهاب إلى العصر الحجري». 

والدرس الآخر الذي أخذته حماس عن الجماعات المسلّحة الأخرى هو أهمية الاتصالات الآمنة. وبينما بنى حزب الله شبكة من الألياف البصرية، حافظت حماس على الأمن العملياتي من خلال التحوّل إلى «العصر الحجري» واستخدام خطوط الهاتف الصلبة مع تجنّب الأجهزة التي يمكن اختراقها أو التي تصدر توقيعاً إلكترونياً. وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين إن أحد أسباب عجز إسرائيل على التنبؤ بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر أنها كانت تستمع إلى «الخطوط الخاطئة». وفي هذه الأثناء، كانت المعلومات العسكرية الحاسمة تتناقل إما عبر النظام «التناظري» أو عبر نظام مشفّر آخر.15

إن قدرة حماس على القيام بالاستعدادات على مدى عام، أو حتى لفترة أطول، وشنّ مثل هذه العملية الضخمة - التي يشارك فيها بشكل مباشر نحو 1500 مقاتل، وبشكل غير مباشر عدد أكبر - من دون أي تسرّب للمعلومات، تمثل قدرة مذهلة. ولا يكشف ذلك عن افتقار إسرائيل إلى شبكة من العملاء في غزة فحسب، بل يكشف كذلك عن الكفاءة العالية للاستخبارات المضادة التابعة لحماس. وبالنظر إلى الوراء، يشير هاردينغ إلى أن «وجود مصدر في مكان جيّد يمكنه تقديم الحقائق، مثل مَنْ كان يوجد في أيّ غرفة وفي أيّ يوم، بل يمكنه أيضاً تقدير أهمية تلك المعلومات. وستكشف المراجعة النهائية للاستخبارات الإسرائيلية عن الموقف من جمع المعلومات من المصادر البشرية. غزة بيئة عمل صعبة، إذ من العسير تجنيد المصادر والأعسر الاحتفاظ بها».16

عالجت حماس صعوبات استيراد الأسلحة بتصنيعها أسلحتها بنفسها، و«حسنت بالتدريج نوعية أسلحتها، وهرّبت المكوّنات اللازمة لتحويل الصواريخ غير الدقيقة إلى أسلحة دقيقة موجّهة. ووفقاً لحماس، فإن الحركة تصنع الآن صواريخ مضادة للطائرات من طراز «متبَّر-1» المحمولة على الكتف وتقول إنها قادرة على تدمير المروحيات الإسرائيلية، وصواريخ «الياسين» المضادة للدبابات وتدعي أنها قادرة على اختراق الدروع التفاعلية لدبّابات ميركافا الإسرائيلية».17

وعلى شبكة الإنترنت، نشرت حماس عدداً من مقاطع الفيديو يظهر تدميرها للدبّابات والمدرّعات الإسرائيلية في خلال الغزو البري الحالي. وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر، قال المتحدث باسم الجناح العسكري لحركة حماس إنهم دمّروا في المجموع 160 مركبة عسكرية إسرائيلية. واللافت أن هذه الدبابات والمدرّعات تبدو في العديد من الأماكن غير مصحوبة بقوات برّية. هل تفضّل إسرائيل استخدام عدد أقل من القوات البرية مخافة تعرّضهم للقتل في معارك الشوارع؟ بيد أن هذه الممارسة تجعل الدبابات أكثر عرضة لهجوم قوات حماس. على سبيل المثال، يظهر أحد مقاطع الفيديو أحد المسلّحين الفلسطينيين وهو يركض نحو دبّابة ميركافا ويزرع عبوة ناسفة ثم يهرب قبل أن تنفجر. ووفقاً لحساب Clash Report على تويتر، بدأت أطقم الدبّابات الإسرائيلية الآن «بتركيب كاميرات بسيطة يدوياً على دبّابات ميركافا لتعزيز الإحاطة الظرفية في غياب التفاعل مع المشاة وضعف الرؤية من الدبّابة».

والأهم من ذلك، أنه على الرغم من الجهود الحثيثة لكل من الولايات المتّحدة وإسرائيل، إلا أنه لم يُحرز على ما يبدو أي تقدّم في الهدف المعلن للحرب، وهو سحق حماس. وتُشكّك صحيفة هآرتس في قدرة الجيش الإسرائيلي على قتل العديد من مقاتلي حماس في المعارك البرّية. يعتقد بعض الضباط أن التقارير المتعلّقة بمقتل مئات الإرهابيين ليست مؤكّدة بما فيه الكفاية. في الوقت الحالي، وعلى الرغم من الضغوط التي يمارسها الجيش الإسرائيلي، لا يوجد تأثير كبير واضح على قيادة حماس وسيطرتها، التي تستمر في العمل.18

وبالمثل، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز:

«ليس من الواضح مدى فعالية الحملة الإسرائيلية ضد حماس. وقال أحد كبار مسؤولي الدفاع الأميركي، شريطة عدم الكشف عن هويته بحكم أنه يناقش تفاصيل حساسة، إن العمليات الجارية حتى الآن لم تقترب حتى من القضاء على صفوف القيادة العليا والمتوسطة في حماس. وقال مسؤولون أميركيون آخرون إن حماس لا تشبه تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية، وأنها تتمتع بقاعدة أعمق تتألف من القادة العسكريين ذوي الخبرة من المستوى المتوسط، مما يجعل من المتعذر تقييم الأثر الناجم عن قتل أي من قيادييها».19

الحرب العقابية

لجأت إسرائيل إلى ما أسماه ليفيتش في مقالته «الحرب العقابية». وهي غارات جوية واسعة النطاق يكمّلها الآن اجتياح بري. تشير التقديرات إلى أنه مع بداية بداية تشرين الثاني/نوفمبر، كانت إسرائيل قد أسقطت 18 ألف طن من القنابل على غزة،20  وهو ما يفوق القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما.

وقد لخَّص مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في فلسطين نتائج الغارات الجوية الإسرائيلية (كما في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2023). وبلغت حصيلة القتلى الصادرة عن وزارة الصحة في غزة 11,078 شخصاً، من بينهم 4,506 طفل و3,027 امرأة. وأُبلغ عن فقدان ما يقرب من 2,700 آخرين، من بينهم حوالى 1,500 طفل، ربما كانوا محاصرين أو لقوا حتفهم تحت الأنقاض. وأفادت التقارير بإصابة 27,490 آخرين. ومن بين القتلى 101 من موظّفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين؛ وهذا أكبر عدد من موظفي الأمم المتحدة يقُتل في صراعٍ في تاريخ المنظمة.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 1.5 مليون شخص في غزة قد أصبحوا نازحين داخلياً. ولا تزال غزة تعاني من انقطاع كامل للكهرباء منذ 11 تشرين الأول/أكتوبر، بعد أن أوقفت إسرائيل إمداداتها من الكهرباء والوقود. في 9 تشرين الثاني/نوفمبر، وبعد بضعة أيام من التشغيل المحدود، توقّفت جميع آبار المياه البلدية في مختلف أنحاء قطاع غزّة عن العمل مرة أخرى بسبب نقص الوقود. إن مرافق الأونروا مكتظة، حيث يوجد مرحاض واحد لكل 160 شخص وحمام واحد لكل 700 شخص. ومنذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر، ارتفعت حالات الإسهال بأكثر من 16 مرة، ومعظمها بين الأطفال دون سن الخامسة.

وتشمل الوفيات المعلنة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر ما لا يقل عن 192 من أفراد الكادر الطبي. ومنذ بعد ظهر يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر، تكثفت عمليات القصف الإسرائيلي حول المستشفيات في الشمال. وتعرّضت المنطقة المجاورة لمستشفى الشفاء للقصف 5 مرّات خلال هذه الفترة، ما تسبّب بمقتل ما لا يقل عن 7 أشخاص، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بقسم الولادة. في مساء 9 تشرين الثاني/نوفمبر، تعرّضت المباني المحيطة بالمستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا (شمال غزة) لقصفٍ جوي متكرّر، تسبّب يسقوط قتلى وجرحى. وفي الوقت نفسه تقريباً، أصيب مستشفى الرنتيسي في مدينة غزة بقصف مباشر، تسبب بنشوب حرائق وأضرار. في الساعات الأولى من يوم 10 تشرين الثاني/نوفمبر، قُصفت المناطق المجاورة لمستشفى العودة في جباليا، ومستشفى القدس في مدينة غزة؛ وتعرّضت وحدة العناية المركزة في المستشفى الأخير لأضرار.

ميزان القوى العسكري والسياسي 

لكي نقدّر حجم الخلل في توازن القوى العسكرية تقديراً وافياً، علينا أن نضع في اعتبارنا أن الحرب على غزة لا تشنّها إسرائيل وحدها. وذكرت صحيفة هآرتس أنه «على مدى الأسبوعين الماضيين، هبطت حوالى 80 طائرة شحن عسكرية أميركية في المنطقة، بالإضافة إلى عشرات الطائرات المدنية المملوكة لمؤسسات الدفاع الأميركية والإسرائيلية. وتكشف المعلومات المفتوحة المصدر عن أعداد أكبر من طائرات النقل العسكرية الأميركية المستخدمة لنشر القوات والمعدات والأسلحة في جميع أنحاء شرق البحر الأبيض المتوسط».21

القوات الخاصة الأميركية موجودة على الأرض في غزة، وتقوم بإطلاق مسيرات فوق غزة لمساعدة إسرائيل في الاستهداف، كما تمّت إعادة توجيه الأقمار الصناعية العسكرية الأميركية لمراقبة القطاع

وبصرف النظر عن المساعدات العسكرية والمالية الأميركية لإسرائيل، فإن القوات الخاصة الأميركية موجودة على الأرض في غزة، وتقوم بإطلاق مسيرات فوق غزة لمساعدة إسرائيل في الاستهداف، كما أعيد توجيه الأقمار الصناعية العسكرية الأميركية لمراقبة القطاع. وتستخدم الولايات المتحدة الطائرات الموجودة على متن حاملَاتها المتمركزتين في البحر الأبيض المتوسط للمساعدة في جمع المزيد من المعلومات الاستخباراتية، بما في ذلك الاعتراضات الإلكترونية. كما تهدف الحاملات إلى ردع الجيوش الأخرى، مثل الجيش الإيراني أو حزب الله، من دخول الحرب لدعم الفلسطينيين. وأُفِد مستشارون عسكريون أميركيون كبار إلى إسرائيل لتقديم المشورة لجيشها بشأن الغزو البري. ومن بينهم جنرال من مشاة البحرية الأميركية برتبة ثلاث نجوم شارك في وقت سابق في العمليات الأميركية في العراق.22  من الواضح أن الجيش الأميركي يستعد لحرب أوسع.

وفي مواجهة هذا الخلل في توازن القوى العسكرية، ربما تعتمد حماس على عوامل أخرى، وهي عوامل سياسية أكثر منها عسكرية. والعامل الرئيس بينها هو الشعور الشعبي في مختلف أنحاء العالم، ولا سيما في المنطقة. وعلى الرغم من جهود وسائل الإعلام العالمية التي يهيمن عليها الغرب إلى حد كبير، وعلى الرغم من جهود العديد من الحكومات لقمع التعبير عن وجهات النظر المخالفة، فقد عمّت المشاعر المؤيدة للفلسطينيين جميع أنحاء العالم بسرعة ملحوظة، وتجلّت في مسيرات كبيرة.

صرّح مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية أنهم يخطّطون لتمديد الحرب إلى عددٍ من الأشهر، بيد أن الاضطرابات في المنطقة بسبب التطورات الجارية في غزة قد لا تسمح بمثل هذا الأمر. وتواجه الولايات المتحدة معارضة وهجوماً متصاعداً في المنطقة. وفي الفترة ما بين 7 تشرين الأول/أكتوبر و27 تشرين الأول/أكتوبر، اندلعت أكثر من 1,400 مظاهرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا احتجاجاً على الإجراءات الإسرائيلية وتضامناً مع الفلسطينيين. علاوة على ذلك، قال مسؤول دفاع أميركي لقناة فوكس نيوز إنه في الفترة ما بين 17 تشرين الأول/أكتوبر و9 تشرين الثاني/نوفمبر، وقع 46 هجوماً على القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، معظمها في العراق وسوريا.

والحقيقة أن الولايات المتحدة تبدو قلقة إزاء تأثير غزو غزة على قبضتها الأوسع على المنطقة. في الشهر الذي تلا 7 أكتوبر/تشرين الأول، قام وزير الخارجية الأميركي بلينكن بجولات مكوكية بين جميع عواصم غرب آسيا: مصر والأردن وإسرائيل والبحرين وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقبرص وتركيا والعراق. ويقول جاي لارون، المحاضر في العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس، إن «الغضب في العالم العربي متأججٌ بين السواد الأعظم من الناس إلى حدٍ يجعل حكومات مثل الأردن ومصر تشعر بالزلزال السياسي الذي حدث في السابع من تشرين الأول/أكتوبر». ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن هناك «تهديداً كبيراً باندلاعِ حريق في الشرق الأوسط. ومن هنا ينبع إصرار إدارة بايدن على مجلس الوزراء الإسرائيلي الحربي بشأن مسألة التخطيط».23

نشر هذا المقال في Rupe India في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2023. 

  • 1Levich tweets on the social media site “X” as @cordeliers.
  • 2Shira Rubin and Loveday Morris, “Speed, coordination powered Hamas strike”, Washington Post, October 28, 2023.
  • 3المصدر نفسه.
  • 4إلا أنها غير قادرة على صدّ هجمات أسراب الصواريخ بشكل كامل. علاوة على ذلك، يعمل النظام من خلال إطلاق صواريخ اعتراضية، وتميل مخزونات هذه الصواريخ إلى النفاد بعد شن عدد كبير من الهجمات الصاروخية. وفي الفترة ما بين 7 تشرين الأول/أكتوبر و1 تشرين الثاني/نوفمير، أطلقت حماس 8500 صاروخ لا أكثر من مخزونها البالغ 30 ألف صاروخ؛ رداً على ذلك، خفّضت إسرائيل إمداداتها من الصواريخ الاعتراضية إلى درجة اضطرت فيها الولايات المتحدة إلى إرسال طائرات بديلة. وفي حين أن إنتاج مثل هذه الأسراب رخيص بالنسبة لحماس أو حزب الله، فإن صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية باهظة الثمن.
  • 5Patrick Kingsley and Ronen Bergman, “The Secrets Hamas Knew about Israel’s Military”, New York Times, October 13, 2023.
  • 6المصدر نفسه.
  • 7Peter Beaumont,Guardian, November 2, 2023. ويواصل القائد القول «السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهنك هو: هل هناك رهائن هناك؟ لقد قمنا بجميع الفحوصات الأولية قبل أن نقرر إطلاق قذيفة على أحد المنازل».
  • 8Urooba Jamal, “What’s Israel’s Hannibal Directive? A former Israeli soldier tells all”, Al Jazeera, November 3, 3023.
  • 9Mehul Srivastava, John Paul Rathbone, and Raya Jalabi, “Military briefing: How Hamas fights”, Financial Times, October 31, 2023.
  • 10المصدر نفسه.
  • 11المصدر نفسه.
  • 12Amos Harel, “Despite Israel’s Fierce Attacks, Hamas Leadership Maintains Control on Gaza”, Haaretz, November 6, 2023.
  • 13Srivastava et al, op. cit.
  • 14Harding, op. cit.
  • 15Srivastava et al, op. cit.
  • 16Harding, op. cit.
  • 17المصدر نفسه.
  • 18Amos Harel, op. cit.
  • 19Adam Entous, Eric Schmitt, and Julian E. Barnes, “U.S. Officials Outline Steps to Israel to Reduce Civilian Casualties”, New York Times, November 5, 2023.
  • 20Zoran Kusovac, “Analysis: Israel’s Gaza bombing campaign is proving costly, for Israel”, Al Jazeera, November 3, 2023.
  • 21Avi Scharf, “OSINT Shows U.S. Deploying More Arms and Troops to Israel, Cyprus and Jordan”, Haaretz, October 24, 2023.
  • 22AFP and Jacob Magid, “US sends senior army officers to Israel to advise IDF on Gaza ground operation plans”, Times of Israel, October 24 2023.
  • 23المصدر نفسه.