التضخُّم واللامساواة الخفيَّة

  • إنّ وجود معدّل تضخّم موحّد ليس منطقياً، لأن التضخّم يؤثّر بطرق عدّة مختلفة على الأسر المعيشية ذات المداخيل والنفقات المختلفة. وبالتالي، إنّ تعريف التضخّم على أنه ارتفاع عام في الأسعار يخفي وراءه اللامساواة المُتزايدة. فالاصح هو التعريف الذي صاغه الاقتصادي جون ويكس، إذ أشار اليه بوصفه العملية التي تكون فيها ارتفاعات أسعار السلع والخدمات غير متكافئة على مجموعات المُستهلكين تبعاً لأنماط استهلاكهم.
  • طوّرت المنهجيّات الجديدة مؤشّرات مُحدّدة لإنفاق الأسر، ويتّضح أن التضخم أعلى في بنود الغذاء والطاقة بالنسبة للأسر في الخمس الأدنى دخلاً، في حين ان التضخّم أعلى في بنود الترفيه والنقل بالنسبة للأسر في الخمس الأعلى دخلاً. مع ذلك، لا يتعلّق تسييس التضخّم بالتغييرات الإحصائية فحسب، إنّما أيضاً بفهم أسباب اللامساواة التضخّمية بشكل أفضل وكذلك الاستجابات الاجتماعية لها.

تُرِك النقاش حول التضخّم، في دوائر الخبراء والنقاشات العامّة، لخبراء الاقتصاد بالكامل. وربّما يكون السبب التالي هو وراء ذلك: إذا كان الاقتصاد تخصُّصاً يتعامل مع الدراسة العلمية للظواهر الاقتصادية، وإذا كان المال والنقد يُدرس بشكل شبه حصري في الكلّيات الاقتصادية، فمن غير الاقتصاديين يمكن أن نسألهم عن التغييرات في قيمة المال؟ 

منطق ترك الأسئلة الاقتصادية للاقتصاديين غير مقبول عموماً، يمكن لمن يقبلون به أن ينظروا إلى الفترة الطويلة للتضخّم المنخفض الذي شهدناه سابقاً، كسبب للتشكيك في هذا التقسيم للعمل. اليوم، بتعرّضنا لهذه التغييرات الكبيرة في الأسعار التي لم تشهدها الدول الغنيّة منذ عقود، تُفتح الباب أمام سلسلة من الأسئلة التي نادراً ما تطرحها مهنة الاقتصاد.

على سبيل المثال، ما معنى معدّل التضخّم الموحّد عندما يتّضح منطقياً ومن خلال البحث الذي سأقدّمه هنا، أن الأسر المنخفضة الدخل تتأثّر بارتفاع الأسعار بشكل مختلف تماماً؟ لكي نتمكّن من الإجابة عن هذا الأمر، والدفع باتجاه سياسات مالية مناسبة، نحتاج إلى أبحاث دقيقة وكافية حول التضخّم والتفاوتات التي يخلقها ويعزّزها. وقد اتخذت خطوات مفيدة في هذا الاتجاه في بريطانيا والاتحاد الأوروبي وكرواتيا. ويتّضح من البحث أنه بدلاً من معدّل التضخّم الموحّد، يجب احتساب معدّلات مختلفة تؤثِّر على الأسر من خلفيات اجتماعية وديموغرافية مختلفة، والتعامل مع الظاهرة الناجمة عنها، والتي يمكننا تسميتها باللامساواة في التضخّم.

ما هو التضخّم؟ ولماذا يجب أن يخضع للنقاش العام؟

في الكتب، عادةً ما يُعَرّف التضخّم على أنه «زيادة عامة في مستويات الأسعار» أو «زيادة مستمرّة في المستوى العام للأسعار»، ممّا «يُقلل من القوة الشرائية للنقود». في الممارسة، يُحتسب التضخّم من خلال مكاتب الإحصاء الوطنية بالنظر إلى مؤشّر أسعار المستهلك. وتختلف الطرق التي يتم جمع الأسعار بها واحتسابها من بلد إلى آخر، ولكن القاعدة العامة المُعتمدة أينما كان، تقتضي جمع أسعار المنتجات التي تؤلّف سلّة الاستهلاك النموذجية بشكل مُنتظم، والتي «تتضمّن جميع السلع والخدمات التي يتمّ شراؤها من السكّان للاستهلاك النهائي». وفي كرواتيا هناك حوالي 900 منتج.

على الرغم من أن التضخّم يُعتبر في أوساط الخبراء مفهومًا مثيراً للعديد من الأسئلة المفتوحة والمشكلات، إلا أن الاقتصادي الأميركي جون ويكس حذّر من أن هذا النوع من التعريف والقياس هو بسيط تحليلياً وغير مناسب تجريبياً، لأن التضخّم يؤثّر على الأسر المتفاوتة في الدخل والنفقات بطرق مختلفة. أمّا بالنسبة لطبقة الدخل الأعلى من السكّان، فيتجلى التضخّم من خلال تقليل الادخار أو خفض نوعية الترفيه، إلا أن الأبحاث من مختلف البلدان تشير إلى أن التضخّم بالنسبة لآخرين هو مسألة مرتبطة بالجوع الموسمي والتجمّد أو الموت.

في المملكة المتّحدة، من المعروف أن معدّلات الوفاة ترتفع في الشتاء بسبب درجات الحرارة المنخفضة أو التغذية غير الكافية، وقد ارتفعت بشكل كبير مؤخراً بسبب ارتفاع الأسعار في الطاقة والغذاء، وأيضاً بسبب ارتفاع أسعار الأغذية الرخيصة. وفي عيّنة تضمّ أكثر من 4 آلاف أسرة بريطانية، يتبيّن أن 1 من كل 3 أباء عازبين أو أمهات عازبات يفوّتون وجبة غذائية يومياً بسبب ارتفاع أسعار الطعام. وقد أوضح مايكل مارموت، أستاذ علم الأوبئة في جامعة كلية لندن ورئيس الجمعية الطبية العالمية السابق، أن البرد يرتبط بشكل وثيق بالدخل المنخفض، ولا يقتل كبار السن فحسب بل يؤثّر أيضاً على صحّة البالغين والأطفال.

وبما أن الإنفاق على الأغذية في كرواتيا يبلغ ضعفي أو ثلاثة أضعاف ما يُنفق في بريطانيا، وبما أن عدد الأسر الفقيرة في كرواتيا هو أعلى بكثير، فمن المتوقّع أن تتأثر كرواتيا بهذه التغيرات السلبية بشكل أكبر بكثير من بريطانيا.

كون التضخّم ليس ظاهرة يتحمّل مسؤوليّتها الأفراد أو الأسر الفردية، فإن الاستجابة لها هي مسألة مجتمعية عامّة، بدءاً من احتسابها وصولاً إلى الإجراءات المتخذة للتخفيف من عواقبها السلبية. وتُظهر التدابير المالية التي اتخذتها الحكومات هذا العام لدعم المستهلكين والتخفيف من ارتفاع أسعار الطاقة، أن هناك إجماعًا حول الحاجة إلى تخفيف صدمات التضخّم الرئيسية على مستوى جميع دول الاتحاد الأوروبي.

فواتير الخدمة الذاتية في مقابل معدّل التضخم الرسمي

لفتت جاك مونرو انتباه الشعب البريطاني إلى التأثير المتباين لتغير الأسعار على الأسر المنخفضة الدخل. كاتبة سلسلة كتب حول كيفية الطهي بميزانية صغيرة، التي جمعت فواتير من السوبرماركت لغايات كتابتها، لاحظت أن التغيرات في أسعار الأطعمة توزّعت بشكل مختلف. ومن الملاحظات اللافتة التي أضاءت عليها هو أن الطعام الأرخص الذي يعتمد عليه السكان الأكثر هشاشة مالياً هو الأغلى ثمنًا في الأسواق. لاحظت هذه الفروقات بشكل بارز في كانون الثاني/ يناير 2022، عندما تعرّضت المملكة المتّحدة لموجة من زيادات أسعار الأغذية. وفقًا للإحصاءات الرسمية التي تظهر زيادة 5 بالمائة في تكلفة المعيشة، وفق ما كتبت مونرو على تويتر، تظهر خطأ كبير في تقدير كيفية تأثير التضخم على الأشخاص ذوي الدخل المنخفض. وكتبت أن الإحصاءات الرسمية التي أظهرت زيادة بنسبة 5% في تكلفة المعيشة أخطأت بشكل كبير في معاينة كيفية تأثير التضخّم على ذوي الدخل المنخفض.

بالعودة إلى الفواتير المحفوظة، أظهرت الكاتبة أن أسعار العديد من السلع الرخيصة، التي يعتمد عليها السكّان المنخفضي، ارتفعت بنسب مذهلة. ففي عام واحد، ارتفعت أسعار الفاصوليا المُعلّبة بنسبة 45%، وأسعار السباغيتي المُعلّبة بنسبة 169%، وصلصة الكاري بنسبة 196%، وعلبة التفاح بنسبة 51%. في الوقت نفسه، المحور المركزي الأهمّ لهذا النصّ هو أن بعضاً من أغلى المنتجات لم تتغيّر أسعارها منذ سنوات. ومن الإجابات التي تفسِّر هذه الحالة هي الزيادة المتطرفة في أسعار مدخلات إنتاج الأغذية، والهوامش الضيّقة للمنتجات الأرخص التي لا تسمح بتغطية التغييرات في أسعار المدخلات. ووفق هذه الحجة، تنقلب المقاييس بالنسبة للمنتجات الأغلى ثمنًا: هناك تكون الهوامش أعلى، وكذلك المجال المُتاح لتغطية الزيادة في أسعار مدخلات الإنتاج.

لا تغيّر الأسباب وراء هذه الاختلافات في الأسعار أي شيء ممّا يريد النص الإشارة إليه. تظهر الأبحاث التي سوف أعرضها أدناه أن التضخّم لا يؤثّر على جميع السكّان بالطريقة التي يوحي بها معدّل التضخم، وأن الاختلافات في آثار التضخّم على الأسر ذات المداخيل المختلفة كارثية. لهذا السبب إنّ الحديث عن معدّل موحّد للتضخّم ليس مناسباً من منطلق اجتماعي وتحليلي، إلّا إذا اكتفينا بعرض التغيير في الأسعار وفق الفئات المختلفة، والذي بسبب الاختلافات المذكورة أعلاه، يحجب كيفية تأثير هذه التغييرات على الفئات المختلفة من السكّان.

البحوث التي سبقت الموجة التضخمية الحالية

عند تحليل مشكلة تعريف التضخم كنتيجة للنهج النظري التحليلي للاقتصاد السائد (النيوكلاسيكي)، يعيد جون ويكس تعريف الهدف العلمي للبحث، ويحدّد بشكل مختلف ما يجب أن نضعه في الاعتبار عندما نتحدث عن التضخم. وفقاً لويكس، فإن التضخّم ليس مجرّد زيادة عامة في الأسعار، وإنما «عملية حيث يكون للزيادات غير المتكافئة في أسعار السلع والخدمات، التي تخضع لتغيرات نوعية، عواقب مختلفة على الأسر والمؤسسات وفقاً لأنماط استهلاكها».

تعتمد إعادة تعريف ويكس على الأوراق التي أظهرت في السبعينيات أن تغيرات الأسعار تؤثر على الفئات الاجتماعية بشكل مختلف وتخفي خلفها انعداماً في المساواة.

على سبيل المثال، يشير الاقتصادي البريطاني جون مويلباور في ورقة نظرية تجريبية في العام 1974 إلى مشكلة فهم التضخم من منظور المتقاعدين والأسر ذات الدخل المنخفض. يوضح مويلباور أن تكاليف معيشة المتقاعدين ترتفع بمعدل متزايد وملحوظ مقارنة ببقية السكان، ولم يتّضح ذلك إلّا عندما أدخلت وزارة العمل البريطانية مؤشّر أسعار الاستهلاك لفترة التقاعد، وهو رصد سنوي منفصل لأسعار المنتجات التي تستهلك عادة من الأسر التي لديها متقاعد أو متقاعدين ضمن  أفرادها

درس مويلباور أيضاً تأثير تغيّرات الأسعار على الأسر ذات فئات الدخل المختلفة، وتبيّن أن مؤشّرات أسعار المستهلك في المملكة المتحدة في خلال 20 عاماً غطّت على تغييرات حدثت على حساب الأسر ذات الدخل المنخفض. وبالنظر إلى ما أظهرته الإحصاءات في بريطانيا في ذلك الوقت عن انخفاض اللامساواة في الدخل لسنوات عديدة، وجد مويلباور بالاستناد إلى دراساته أن مؤشّر أسعار المستهلك كان متحيّزاً وعزّز اللامساواة بسبب المبالغة في الحدّ من هذه التفاوتات عبر التستر على التأثير غير المتكافئ للتضخّم.

في سياق قفزة أسعار المواد الغذائية في كرواتيا هذا العام، تجدر الإشارة إلى ملاحظة المؤلف أنه باستخدام مؤشر أسعار موحّد يحدث الإخفاء الأكبر لارتفاع اللامساواة المتعلّقة بزيادة أسعار المواد الغذائية. وهذا يثير مسألة ما إذا كان مؤشر أسعار المستهلك الذي أصدره مكتب إحصاءات الدولة الكرواتي يخفي أيضاً أوجه عدم المساواة، أي هل يمكننا القول إنه متحيّز لصالح عدم المساواة؟. يخلص مويلباور إلى أن عمله يظهر أن «القياسات النقدية لعدم المساواة من المحتمل جدا أن تكون مضللة بشكل خطير»، وأن مؤشّر أسعار المستهلك الموحّد ليس «كافياً لفهم وصياغة السياسات الاجتماعية».

ملاحظات مونرو في سياق الأبحاث المهنية الأخيرة

لم تكن تغريدة مونرو حيلة إعلانية كما ألمح بعض النقّاد، وإنّما مسألة مهمّة لفهم الواقع الاجتماعي والمنظور المهني الإحصائي ممّا يمكن استخلاصه من ردود فعل وسائل الإعلام ومؤسسات مهمّة مثل مكتب الإحصاء الوطني البريطاني، والمعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية.

toni-prug

بعد سبعة أيام فقط من تغريدة مونرو، نشر مدير إحصاءات التضخّم مايك هاردي مراجعة على مدوّنة مكتب الإحصاء الوطني البريطاني، أقرّ فيها بضرورة تعديل طرق جمع أسعار المستهلك وكيفية معالجتها لتعكس الاختلافات في استهلاك الأسر. ومن الواضح أن مكتب الإحصاء الوطني كان يعمل على عددٍ لافتٍ من التحسينات من خلال خطّة «تحوّلات مؤشّر أسعار المستهلك» التفصيلية التي نشرت بعد بضعة أشهر. لكن على الرغم من كلّ التغييرات المُخطّط لها، اعترف هاردي بأن الأفكار التي تناولتها مونرو تحتاج إلى «معلومات مُفصّلة حول المنتجات التي يشتريها الأفراد في كلّ فئة دخل، من أجل التمكّن من إنتاج بيانات دقيقة حول قيمة مشتريات كلّ فئة».

بعد بضعة أشهر، تقدّم المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، وهو أقدم معهد مستقل للبحوث الاقتصادية، وتأسّس في العام 1938 من قبل مجموعة من الإصلاحيين من بينهم جون ماينارد كينز وويليام بيفريدج. أكّد ماكس موسلي، الخبير الاقتصادي في المعهد، أن مونرو كانت على حقّ عندما حذّرت من المشاكل، لأن معدّل التضخّم الرسمي ليس سوى المتوسّط الإجمالي لتغيرات أسعار 700 منتج يرصدهم مكتب الإحصاء الوطني. ويؤكّد موسلي أن متوسّط الأسعار يحجب تغيرات عميقة في بعض الأسعار، وأن الأسر المنخفضة الدخل تشتري أرخص المنتجات التي تتغيّر أسعارها أحياناً بفارق كبير. يدرك مكتب الإحصاء الوطني هذه المشكلة، لكن مونرو دفعهم للبدء في برنامج تجريبي جديد، بحسب موسلي. 

يعمل البرنامج التجريبي لجمع تغييرات أسعار أرخص المنتجات على جمع الأسعار بانتظام من مواقع محلّات السوبر ماركت. نُشِر التقرير الأول في 30 أيار/مايو، والتقرير الأخير في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2022. وعلى الرغم من أن النتائج لا يمكن مقارنتها بإحصاءات التضخّم الرسمية بسبب المنهجية المختلفة للجمع والاحتساب، إلا أن مكتب الإحصاء الوطني يُحذِّر من أن هناك بيانات مثيرة للاهتمام: من أيلول/سبتمبر  2021 إلى أيلول/سبتمبر 2022، ارتفعت أسعار 30 منتجاً بمعدّل 17% بالمتوسط، وهو أعلى قليلاً من نتائج المؤشر الرسمي لأسعار المواد الغذائية الاستهلاكية الذي بلغ 15%. ارتفعت أسعار البسكويت والخبز والخضروات المُجمّدة والحليب بنسبة 30% وأكثر، أمّا الارتفاعات الأعلى فقط طالب الشاي  بنسبة 45%، والمعكرونة بنسبة 50%، فيما كان سجّل الرقم القياسي في سعر زيت الطهي الذي ارتفع بنسبة 65%.

ومن المشكلات المُسجّلة في منهجية منشورات مكتب الإحصاء الوطني، أنه عندما تختفي أرخص المنتجات من السوق، غالباً ما يكون تالي أرخص منتج بديل أغلى بكثير، ممّا يؤثر على دقّة المؤشر. غرّدت مونرو مراراً عن اختفاء المنتجات الأرخص. إن مشكلة اختلاف تأثير التضخّم على فئات الدخل المختلفة موجودة أيضاً في الولايات المتحدة، وفقاً لمقال فوربس في حزيران/يونيو في هذا العام، «التضخم سوف يدمِّر الطبقة العاملة».

منذ العام 2017، تعمل بريطانيا على تطوير مؤشّرات جديدة لتكاليف الأسر المعيشية لتكمّل مؤشر أسعار المستهلك بتقارير ربع سنوية توضح تأثير التضخّم على الأسر ذات الدخل والاستهلاك المختلفين. ومن المقرّر إصدار النسخة الكاملة الأولى في العام 2023. الإصدارات المؤقّتة مُتاحة، والنتائج الأولى مُفاجئة ومثيرة للجدل، حيث تظهر أن الأسر المُرتفعة الدخل سجّلت معدّل التضخم الأعلى في النصف الثاني من العام 2021 بسبب ارتفاع تكاليف النقل وارتفاع الضرائب على المعاملات العقارية، وهي العناصر التي تمثّل الجزء الأكبر من استهلاكها بالمقارنة مع الأسر المنخفضة الدخل، حيث تشكّل تكاليف الغذاء والسكن العبء الأكبر.

من أجل جمع أفكار إضافية في غضون ذلك، أدخل مكتب الإحصاء الوطني مؤخّراً إحصاءات عن التضخّم مُنفصلة للدخل المتاح للأسر وفق فئات الدخل العشرية مع ميزانية مُنفصلة تتضمّن تكاليف السكن عبر استخدام نهج مماثل. في التقرير الأول لشهر تشرين الأول/أكتوبر 2022، ارتفع فارق التضخّم بين شريحة الـ10% من الأسر الأدنى دخلاً وشريحة الـ10% من الأسر الأعلى دخلاً بنحو 2.9%. حقيقة أن شريحة الـ10% من الأسر الأدنى دخلاً تضرّرت بمعدّل التضخّم السنوي البالغ 12.5% في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، في مقابل 9.6% بالنسبة لشريحة الـ10% من الأسر الأعلى دخلاً، يشكّل فرقاً كبيراً بمعدليْ التضخّم على حساب أصحاب الدخل الأقل. بالإضافة إلى ذلك، نظراً لأن الجزء الأكبر من التضخّم ييطال أسعار الطاقة، فإن السكان الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاماً مثقلون بتضخّم أعلى بنسبة 15.3%.

الإعلام وبيانات مراكز البحوث المهمة في المملكة المتحدة

في حزيران/ يونيو من هذا العام، استخدم صحافيون من الغارديان بيانات من مركزين بحثيين (مؤسّسة ريزوليوشن والمعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية)، الرسوم البيانية التي تبيِّن تأثير التضخّم المختلف، لا باعتباره ارتفاعاً عاماً في الأسعار، وإنّما كزيادات غير متكافئة وذات عواقب مختلفة على الأسر تبعاً لأنماط استهلاكها. ونرى مجموع الفئات الرئيسية لاستهلاك الأسر وفق شرائح الدخل العشرية: يبيّن الجزء السفلي من العمود حصة الطعام، وفي الجزء الأوسط حصة الطاقة، وفي الجزء العلوي حصة الضروريات الأخرى، بما فيها كلفة السكن

toni-prug

الفوارق بين العشرين الأعلى والأدنى كبير للغاية. ففي حين أن الـ10% من الأسر الأدنى دخلاً تُنفق حوالي 80% من ميزانيتها على هذه المواد، تنفق نصف الأسر البريطانية حوالي نصف ميزانيتها عليها. أمّا فيما يتعلّق بالغذاء، فإنّ البحث الذي أجراه البنك المركزي الأوروبي والذي سوف أعرض نتائجه لاحقاً، يبيّن أن الأسر ذات الدخل الأعلى يمكنها التخفيف من ارتفاع الأسعار عن طريق التحوّل إلى سلع أرخص، في حين أن ذوي الدخل المنخفض لا يملكون هذا الخيار، لأنهم يشترون أرخص المنتجات بالأساس.

toni-prug

عندما نضيف المصاريف الشهرية غير الضرورية والملابس والنقل والترفيه، تصبح المسألة أكثر وضوحاً كما يؤكّد الصحافيون. وقد أشاروا إلى أن باحثي المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية يقدّرون بأن نحو 60% من الأسر البريطانية لديها فواتير شهرية تتجاوز قيمة دخلها بسبب قفزة الأسعار الأخيرة. وخلص المؤلّفون إلى أن الناس يضطرون للاعتماد على الشراء والاقتراض من خلال بطاقات الائتمان وتحمّل كلفة الديون على أمل سدادها بعد مرور أزمة غلاء المعيشة، وبالتالي سيكون من المثيرمتابعة الفائدة المتراكمة على بطاقات الائتمان التي تمثل الزيادة في الأسعار غير المرئية حالياً لأنها سوف تستحق في المستقبل. للحصول على رؤية أكثر دقّة لمعدّل التضخّم الفعلي للأسر ذات الدخل المنخفض، يجب إضافة الفائدة كعنصر مساهم إلى حسابات التضخم. ومع ذلك، لم يحصل ذلك حتّى اليوم ولا يبدو أنه الأمر سوف يتغيّر. يقرّ دليل مؤشّر أسعار المستهلك الذي نشرته منظّمة العمل الدولية منذ العام 2004 بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ويوروستات، بثقل الفائدة في مدفوعات بطاقات الائتمان، ولكن نظراً لتعقيد الاحتساب لم تضمّن الفائدة في عملية احتساب مؤشّر أسعار المستهلك.

البنك المركزي الأوروبي: احتساب التضخّم بالنسبة للأسر من خلال الاستهلاك الحقيقي

صدر في العام 2015 نشرة عن البنك المركزي الأوروبي تعطي لمحة موجزة عن تأثير التضخّم على الأسر من الشرائح الدخل المختلفة في منطقة اليورو. على عكس مؤشر أسعار المستهلك، الذي يتم حسابه بواسطة مجموعة منتجات مختارة مسبقاً. يستخدم بحث البنك المركزي الأوروبي مسح ميزانية الأسرة، الذي يُجرى في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بفاصل زمني يتراوح بين سنة وخمس سنوات. في الدراسات الاستقصائية، تحتفظ آلاف الأسر يومياً بمفكرة لبنود مُحددة مسبقاً تسجّل فيها استهلاكها الفعلي.

toni-prug

بالنظر إلى أن APK تجمع أيضاً عدداً كبيراً من البيانات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية عن الأسر التي تسجل استهلاكها، بما في ذلك مستوى التعليم والدخل، فإن هذه البيانات الجزئية، تسمح باحتساب معدل التضخّم الفعلي للأسر المقسّم في هذا البحث وفق فئات الدخل عشرية. تعطينا الدراسات الاستقصائية نظرة على البنية الفعلية لإنفاق الأسرة، وما هي الحصّة المقتطعة من الميزانية الشهرية للغذاء والطاقة والإسكان والنقل والترفيه والثقافة والملابس، إلخ. نظراً لمعرفتنا بتغيّرات أسعار مختلف أنواع المنتجات من خلال المؤشر الوحيد لأسعار المستهلك المنشور من قبل المكاتب الإحصائية الحكومية في جميع دول الاتحاد الأوروبي التي تستخدم بيانات AKP، يمكن احتساب كيفية تأثير التغييرات في مجموعات الأسعار على الأسر ذات شرائح الدخل المختلفة.

toni-prug

إن عرض البنك المركزي الأوروبي حول مكوّنات سلة الاستهلاك في منطقة اليورو يسلّط الضوء على الاختلافات الملحوظة بين الأسر في العشر الأعلى للدخل والأسر في العشر الأدنى للدخل. تخصّص الأسر ذات الدخل المنخفض الجزء الأكبر من ميزانيتها على الضروريات الأساسية مثل الطعام والشراب والطاقة وتكاليف السكن وغيرها. وهناك وجه اختلاف آخر يصبّ في صالح الأسر في العشر الأعلى للدخل، ويمكن ملاحظته في حصة الاستهلاك الشهري التي تتضمن تكاليف النقل والترفيه والتكاليف الأخرى التي لم يتم تضمينها في فئات أخرى.

من خلال تصنيف المنتجات وفق مجموعات، نحصل على نظرة حول كيفية تأثير التضخم على الأسر في شرائح الدخل المختلفة، وكيفية تحرّك فوارق التضخّم بين الأسر المعيشية وفق شرائح الدخل المختلفة. لا تشمل البيانات التكلفة الشهرية للسكن. ويستند احتساب التضخّم بحسب شرائح الدخل إلى مكوّنات سلال الاستهلاك المختلفة. وبينما كانت الفوارق ضئيلة غالباً في الفترة الممتدة من العام 2011 إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ارتفعت هذه الفوارق لاحقاً إلى نحو 1.9% في معدل التضخم. وقد ازداد الوضع سوءاً في الأشهر الستة الماضية. تظهر الاستنتاجات والبيانات التي قدّمها أعضاء المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي أن الفجوة نمت بنحو 2.3% بحلول تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام.

toni-prug

عندما تُعرض النفقات الشهرية من قبل مجموعات الاستهلاك الرئيسية، نحصل على نظرة عن أنواع المنتجات التي تخفي نسبة التضخم الأعلى بالنسبة للأسر في شرائح الدخل الأدنى (الغذاء والطاقة)، وبالنسبة للأسر في شرائح الدخل الأعلى (الترفيه والنقل).

التضخّم وفق الاستهلاك الفعلي للأسر في دول الاتحاد الأوروبي

وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، نشر مركز بروغل للأبحاث في بروكسل نتائج استطلاع مماثل، يستند كذلك إلى مسح استهلاك الأسر الصادر عن AKP، وإنّما يغطّي دول الاتحاد الأوروبي بشكل فردي. وكان الهدف هو التحقيق في كيفية انحراف معدّل التضخم المحسوب وفق الأسر ذات شرائح الدخل المختلفة التي لا تشتري منتجات متطابقة، عن معدل التضخّم الموحّد المحسوب وفق مؤشّر أسعار الاستهلاك، والتحقيق فيما إذا كان هناك ترابطاً  مع المعدّل المرجعي للتضخم.

الاختلافات بين البلدان كبيرة. في كرواتيا، كان التضخّم أعلى بنسبة 2.19% من معدل التضخّم الموحّد بالنسبة للأسر في شريحة الدخل الأدنى. ومع ذلك، يحذّر المؤلفون من عدم كفاية بيانات AKP، لأن العديد من البلدان تجري الاستطلاع كل خمس سنوات عدا عن ندرة البيانات الجزئية المتوافرة فيه. على الرغم من فقر البيانات، يجادل المؤلفون بأن تحليلهم يظهر بوضوح أن الأسر ذات الدخل المنخفض تعاني بشكل غير متناسب من الارتفاع الحالي في التضخم. وتسمّى هذه الظاهرة باللامساواة التضخمية.

كرواتيا: البحوث الأخيرة حول اللامساواة التضخمية

في بداية هذا العام، وصلنا إلى دراسة استقصائية من معهد الاقتصاد في زغرب حول التأثير المختلف للتضخم على الأسر ذات الدخل والتكوين الديموغرافي المختلفين. يؤكّد المؤلفون، إيفيكا روبيل ومارينا تكاليتش وإيفان زيليتش، في المقدمة أن البحث يتناول مسألة التصوّرات الخاطئة لمعدّل التضخّم الموحّد، وهو أمر صحيح وتؤكّده العديد من البحوث، لأنه لا يعكس التأثيرات الفعلية للتغيرات التضخمية على السكان. وبحسب البحث، لكل أسرة معدل تضخم خاص بها من الناحية العملية، ممّا يعني أن هناك توزيعاً للتضخم. 

أسوة بدراسات البنك المركزي الأوروبي وبروغل، يستخدم الاستطلاع مسح استهلاك الأسر، ولكن لوضع حساب مختلف لفوارق التضخّم. قام المؤلفون بجمع المداخيل المبلغ عنها من الأسر في مسح أجرى في كرواتيا للمرة الأولى في العام 2017 وقسموا الأسر وفق شرائح الدخل المختلفة. ومن خلال تقسيم السلع إلى 12 فئة أساسية، تم احتساب تحركات أسعار هذه الفئات من 2001 إلى 2021. 

وتظهر النتائج أن «10% من الأسر الأكثر فقراً والمتقاعدين والعازبين أنفقوا حوالي 70% من مداخيلهم على السلع التي ارتفعت أسعارها بأعلى من المعدّل»، مما أدّى إلى ارتفاع معدلات التضخم بالنسبة لهم. في غضون عشرين عاماً، انحرفت معدّلات التضخم عن المعدل المرجعي بالنسبة للعازبين والمتقاعدين بنسبة 10.4% و9.3% على التوالي. وفي الوقت نفسه، يظهر أن معدل التضخّم المرجعي قريب من المعدل الذي يصيب شريحة الـ10% الأعلى دخلاً من الأسر. ويخلص البحث إلى المعدّل المرجعي «يمثّل الأسر التي تنفق أكثر».

وتبعاً لهذه النتائج، يستخلص المؤلّفون التطبيقات الممكنة التالية: ينبغي تعديل المعاشات التقاعدية والتقديمات الاجتماعية التي تتلقاها الأسر المعيشية في ضوء التضخّم الحقيقي الذي يؤثر عليها، وينبغي تعديل أجور العمّال وفق معدل التضخّم الخاص للعمالة، في حين يمكن أيضاً احتساب مقاييس اللامساوة «من خلال معدلات تضخم محددة لكل شريحة دخل».

خلاصات حول اللامساواة التضخّمية

يتم احتساب معدلات التضخّم المرجعية من خلال مؤشر موحّد لأسعار المستهلك، وتتبع مجموعة محدّدة مسبقاً من المنتجات التي من المفترض أن تمثِّل الاستهلاك النموذجي للأسرة. ولاحتساب معدّلات التضخم المحددة لكل أسرة، تستخدم الأبحاث الحديثة استطلاعات استهلاك الأسر بدلاً من المنتجات المُحددة مسبقاً من خلال تتبع الاستهلاك الفعلي للأسر وفق شرائح الدخل المختلفة. أظهرت النتائج اختلافات كبيرة في معدلات التضخّم، أي مستوى عال اللامساواة التضخمية.

من هنا، يمكننا أن نستنتج أن معدّل التضخم الموحّد الذي تحتسبه معاهد الإحصاء الوطنية يخفي معدلات التضخّم غير متكافئة التي تؤثّر على الأسر ذات شرائح الدخل المختلفة، والتي تمثّل بشكل أفضل الأسر ذات الدخل المرتفع.

ويتبيّن من جميع الأبحاث المذكورة أن المؤشرات الإجمالية غير متجانسة وأن هناك رؤى محدودة حول ذلك. في وقت يشهد زيادة هائلة في جمع بيانات الاستهلاك، وزيادة هائلة في قدرة الشبكات والحوسبة على معالجة البيانات المتاحة، من المتوقع أن تستخدم المعاهد الإحصائية هذه الموارد وتحسّن الحسابات بطريقة أكثر تمثيلا لشرائح الدخل المختلفة.

اللامساواة والتضخم في سياق أوسع وأطول تاريخياً

يبقى السؤال كيف يظهر بحث جون مويلباور - الذي أمضى حياته المهنية بأكملها في جامعة أكسفورد، وعمل في العديد من أكبر المؤسّسات عالمياً وفاز بعدد من الجوائز عن أعماله - وجود معدّلات تضخّم مختلفة للأسر من شرائح الدخل المختلفة منذ السبعينيات، فيما الوكالات الإحصائية تتعامل مع هذا الأمر بجدّية أكبر في السنوات الأخيرة فقط؟ إحدى الإجابات المحتملة هي أنه بسبب عدة عقود من التضخم المنخفض نسبياً، لم تكن هناك حاجة ماسة لقياسات إحصائية أكثر دقة.

ومع ذلك، فإن الأبحاث التي أجراها أبرز الاقتصاديين الذين يعملون على اللامساواة (أنتوني أتكينسون، توماس بيكيتي، برانكو ميلانوفيتش) تظهر أن العقود القليلة الماضية من التضخم المستقر والمنخفض، شهدت نمواً هائلاً في اللامساواة في الثروة في أغنى دول العالم. فقد عادت التفاوتات في الدخل والثروة المتراكمة إلى مستويات ما قبل الحرب العالمية الثانية في العديد من البلدان، اعتماداً على ما نقيسه بالضبط وكيف نقيسه. لم تغفل اللامساواة طلاب الاقتصاد أيضاً، فوفقاً لمسح أجري مؤخراً في 18 دولة، تبيّن أن أكثر من تسعة آلاف طالب يختارون في بداية دراساتهم عدم المساواة كأهم موضوع لدراسته. لذلك من الممكن أن تكون هذه الأبحاث والقياسات نوعاً ما وراء الإجماع حول أهمية الموضوع، والذي من خلاله دراسته نحصل على أفكار جديدة حول اللامساواة التضخمية.

على الرغم من الزيادة الكبيرة في الأعمال البحثية حول هذا الموضوع، إلّا أن اللامساواة في كرواتيا لا تزال غائبة عن المناقشات الاقتصادية المهنية. وقد حذّر إيفو بيتشانيتش من الأمر مراراً في السنوات الأخيرة. تم ردم الفجوة فليلاً بفضل بعض الدراسات الاستقصائية الجديدة حول تمويل الأسر وإنفاقها. ومع ذلك، هناك مشكلة إضافية تطال جميع الدولة وليس كرواتيا فحسب، وتتمثّل بكون المناقشات حول التضخم غير مسيسة.

ما زلنا نحصل على صورة معاكسة تماماً عن كتاب الاقتصاد السياسي للتضخم الصادر في خضم موجات التضخم الكبيرة في السبعينيات والثمانينيات. يرى محرّرو الكتاب إن التضخم كظاهرة سياسية واقتصادية يجب معاينتها انطلاقاً من جذورها، ومن ارتباطها بالقوى الاجتماعية والسياسية والآليات الاقتصادية، كما يشيرون إلى التضخّم كانعكاس للصراعات حول توزيع الدخل والثروة الاجتماعية. بعدها بعام كتب جون غولدثورب مراجعة لمجلة صندوق النقد أشار فيها إلى التضخّم على أنه «تعبير نقدي عن صراعات التوزيع التي تعكس الضغوط الاجتماعية الناجمة عن السوق». في قلب هذه الصراعات، كما يقول محرّرو الكتاب، هناك نضالات للحفاظ على مستوى المساواة التي تم الوصول إليها في عقود توسّع دولة الرفاهية بعد الحرب العالمية الثانية. الفكرة الأساسية في الكتاب هي أن السيطرة على التضخّم تتطلّب فهماً أفضل لصراعات إعادة التوزيع بوصفها عاملاً مهماً يساهم في التضخم. بعبارة أخرى، إن تجنّب تسييس التضخّم يجعل من المستحيل فهمه. وبالتالي، يصبح من الصعب التعامل معه، ويشوّش الحلول الناجعة. 

نُشِر هذا المقال في Slobodni Filozofski  في كانون الأول/ ديسمبر 2022.