Preview حرب السودان

كارثة إنسانية متعاظمة
سنة على الحرب في السودان

نحو 17.7 مليون إنسان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ونحو 4.9 مليون منهم على شفير المجاعة. 8.6 مليون إنسان، أي ما يشكّل 16% من مجمل سكّان السودان نزحوا من منازلهم إلى مناطق أو بلدان مجاورة، ما يجعلها البلد الأكثر معاناة من أزمة نزوح في العالم. ويضاف إلى هؤلاء نحو 13,752 قتيلاً، و11 ألف حالة اشتباه بالكوليرا، بالإضافة إلى تفشّي الحصبة والملاريا. هذه حصيلة سنة كاملة من الحرب التي نشبت بين قوّات الدعم السريع والجيش السوداني في جنوب العاصمة الخرطوم. 

Previewsudan war

لقد غذّت هذه الحرب المستمرّة أزمات الجوع والنزوح وتفشّي الأوبئة، وألقت بأعبائها على حياة أكثر من 25 مليون إنساناً عاجزين عن تلبية حاجاتهم الأساسية، بمن فيهم 14 مليون طفل، وفق تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ووضعت حياة ومستقبل جيل كامل من الأطفال السودانيين على المحك بحسب اليونيسيف.

أكبر أزمة جوع في العالم

نحو 17.7 مليون شخص يواجهون درجات متفاوتة من الجوع الحادّ بحسب التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي. يشكّل هؤلاء ثلث سكّان البلاد، علماً أن 4.9 مليون منهم يعانون من مستويات كارثية وخطرة من الجوع ويقبعون على شفير المجاعة، بالإضافة إلى 3.5 مليون طفل يعانون من سوء تغذية حاد ومن ضمنهم 700 ألف طفل يحتاج إلى علاج متخصّص ومتواصل لإنفاذ حياتهم. 

في الوقت الحالي، هناك شخص واحد من كل عشرة أشخاص يعاني من الجوع يعيش في مناطق لا تصلها المساعدات بسبب القيود المفروضة على الوصول والقتال المستمر. 

إن توسّع القتال بين القوات المسلّحة السودانية وقوّات الدعم السريع إلى أجزاء من وسط السودان وشرقها، التي تعتبر من أهم مناطق البلاد المنتجة للمحاصيل، شكّل أحد العوامل المؤثرة في زيادة الاحتياجات الإنسانية وخطر المجاعة، لا سيما أنها حصلت في موسم الحصاد (كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير). 

أكبر أزمة نزوح في العالم

بعد سنة كاملة من القتال، نزح أكثر من 6.6 مليون شخص داخل السودان، ونحو 1.8 مليون إلى البلدان المجاورة. تعيش غالبية النازحين الداخليين بشكل رئيسي مع مجتمعات مضيفة في 7,076 موقعاً عبر ولايات السودان الـ18، بحسب المنظّمة الدولية للهجرة. أما الذين فرّوا من البلاد، فقد لجاؤوا إلى البلدان المجاورة مثل جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.

يعاني السودان من أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، حيث أُجبر أكثر من 4 ملايين طفل على ترك منازلهم منذ نيسان/أبريل 2023، من ضمنهم نحو مليون طفل يعبرون إلى البلدان المجاورة، وخصوصاً تشاد ومصر وجنوب السودان. ويصل العديد من اللاجئين إلى مناطق هي بالأساس موطناً لمجتمعات مستضعفة ومحرومة، وتعاني من حالات طوارئ وأزمات متعددة. وفي خضم تشرّدهم داخل البلاد وخارجها، قُتل أو أصيب الآلاف من الأطفال، وتعرّض عدد لا يحصى منهم لعنف جنسي وتجنيد بنسب تضاعفت بنحو 5 مرّات بالمقارنة مع العام 2022. 

تفشّي الأوبئة

تم الإبلاغ عن أكثر من 11,000 حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا، بما في ذلك 305 حالات وفاة في 11 ولاية حتى 8 أبريل/نيسان، وفقاً لوزارة الصحة الاتحادية ومنظمة الصحّة العالمية. ولا تزال حالات تفشي الأمراض الأخرى مستمرّة في ولايات عدة، بما في ذلك الحصبة (4,000 حالة مع 106 حالات وفاة) والملاريا وحمى الضنك. 

مع ذلك، فإن خدمات الصحة العامة الأساسية معطلة، حيث توقفت 70% إلى 80% من المستشفيات في المناطق المتضررة بالنزاع عن العمل. وبالإضافة إلى انعدام الأمن، والنزوح، ومحدودية الوصول إلى الأدوية والإمدادات الطبية والكهرباء والمياه، أدّى ذلك إلى حرمان 65% من السكان من إمكانية الحصول على الرعاية الصحية، علماً أنه يوجد في السودان نحو 167,00 من النازحات الحوامل اللواتي يحتجن إلى خدمات الصحة الإنجابية.

أيضاً، تفاقم تفشي الأمراض بسبب انعدام سبل النظافة الصحية، مع وجود 18.9 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة أساسية  في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة، ويضطر 8 ملايين شخص إلى التغوّط في العراء.

القضاء على مستقبل جيل بأكمله 

لا تتوقف أزمة الأطفال على التشرد والقتل والجوع، فحالياً، يواجه 19 مليون طفل في سن الدراسة خطر فقدان تعليمهم، علماً أن هناك 171 مدرسة مستخدمة كملجىء للنازحين. يعاني السودان حالياً من واحدة من أسوأ الأزمات التعليمية في العالم، حيث لا يستطيع أكثر من 90% من الأطفال في سن المدرسة الوصول إلى التعليم الرسمي، ومن المتوقع أن يؤدي التعطيل المستمر للتعليم إلى أزمة أجيال في السودان.

إلى ذلك، يجعل الجوع وسوء التغذية الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالمرض والموت. ومع الانخفاض الكبير في تغطية التطعيم بسبب القتال، وافتقار مئات الآلاف من الأطفال إلى إمكانية الوصول إلى مياه الشرب المأمونة، ووجود مشكلات كبيرة في الوصول إليها بسبب أعمال العنف، فإن تفشي الأمراض يهدّد حياة مئات آلاف الأطفال. وتعد الزيادات الحادة في معدل الوفيات، وخصوصاً بين الأطفال النازحين داخلياً، بمثابة تحذير مسبق من احتمال وقوع خسائر فادحة في الأرواح. 

انكماش اقتصادي يوازي ضعف الإنكماش في اليمن وسوريا

على سبيل المقارنة، انكمش اقتصاد اليمن وسوريا بنحو 50% على مدى العقد الماضي، أو نحو 5% سنوياً في المتوسط، أما وتيرة الانكماش الاقتصادي في السودان فهي في طريقها إلى أكثر من ضعف هذا التراجع. 

يدمّر الصراع سبل عيش ملايين الأشخاص في السودان. ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسودان بنسبة 18.3% في العام 2024. ووفقاً للبنك الدولي، انكمش الاقتصاد بنسبة 12% في العام 2023 حيث أدى الصراع إلى توقف الإنتاج وتدهور الاقتصاد ،تدمير رأس المال البشري وقدرات الدولة. أيضاً، أدى الصراع المسلح إلى تدمير القاعدة الصناعية والتعليم والمرافق الصحية في البلاد وانهيار النشاط الاقتصادي بما في ذلك الخدمات التجارية والمالية وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.