Preview العالم يدير ظهره لضحايا الجوع في السودان

الجوع يهدِّد حياة 230,000 طفل وامرأة في السودان

يواجه السودان واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية على مستوى العالم. ويحتاج نحو 25 مليون شخص،  من بينهم أكثر من 14 مليون طفل، إلى المساعدة الغذائية العاجلة. 

ومنذ اندلاع القتال الجاري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، انهار إنتاج الغذاء، وتعطّلت الواردات، وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 45% في أقل من عام. كما تم تقييد نقل المواد الغذائية في جميع أنحاء البلاد، وخصوصاً إلى المناطق الريفية والنائية، ما دفع أكثر من 37% من السكّان إلى مستويات أعلى من الجوع.

العالم يدير ظهره لضحايا الجوع في السودان

وقالت منظمة إنقاذ الطفولة إن نحو 230,000 طفل وامرأة حامل وأم جديدة قد يموتون بسبب الجوع في الأشهر المقبلة، ما لم يتم توفير تمويل عاجل لإنقاذ حياتهم وتوفير الممرّات الآمنة لإيصال المساعدات الغذائية والطبية.

يعاني أكثر من 2.9 مليون طفل في السودان من سوء التغذية الحاد، ويعاني 729,000 طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد الشديد، وهو أخطر أشكال الجوع الشديد وأكثرها فتكاً، وفقاً للأرقام الجديدة الصادرة عن مجموعة التغذية في السودان (وهي شراكة بين المنظمات من ضمنها الأمم المتحدة ووزارة الصحة الاتحادية والمنظمات غير الحكومية).

ومن بين هؤلاء الأطفال، من المحتمل أن يعاني أكثر من 109,000 طفل من مضاعفات صحية مثل الجفاف وانخفاض حرارة الجسم ونقص السكر في الدم، الأمر الذي يتطلّب رعاية مكثفة ومتخصّصة في المستشفى للبقاء على قيد الحياة.

ووفقاً لهذه المجموعة، من المحتمل أن يموت في الأشهر المقبلة نحو 222,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، وأكثر من 7,000 أم جديدة، إذا لم تتم تلبية احتياجاتهم الغذائية والصحية. ويستند هذا التوقع القاتم إلى مستويات التمويل الحالية لبرنامج التغذية الطارئة في السودان، الذي لا يغطّي في الوقت الحالي سوى 5.5% فقط من إجمالي الاحتياجات في البلاد. 

وتعاني نحو 1.2 مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية، وستواجه مضاعفات صحية حادة أثناء الولادة وبعدها. وأفاد خبراء التغذية في منظمة إنقاذ الطفولة عن نساء حوامل يتخطّين وجبات الطعام ويذهبن إلى الفراش جائعات للسماح لأطفالهن بتناول الطعام، مما يحدّ بشدة من العناصر الغذائية المتاحة لأجنتهن النامية ويخلق مخاوف خطيرة على صحة هؤلاء الأطفال عند ولادتهم، كما على صحّة الأمهات.

وتكشف البيانات عن تدهور صارخ في قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى المحتاجين، مع نقص غير مسبوق في التمويل ونقص حاد في إمكانية الوصول. ففي شهر واحد فقط، ارتفع عدد المناطق التي تعتبرها المجموعة «يصعب الوصول إليها بسبب تصاعد القتال» بنسبة 71%، من 47 منطقة في تشرين الثاني/نوفمبر إلى 135 منطقة بحلول نهاية كانون الأول/ديسمبر 2023.

وأدى تدمير سلسلة توريد الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام داخل البلاد، والتي تعدّ ضرورية لعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، إلى إعاقة الاستجابة للأزمة بشدة، ولا سيما أن الشركة المصنعة الوحيدة للأغذية اللازمة لإعادة تأهيل الأطفال والنساء المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم لم تعد تعمل بعد أن دُمّرت في العام الماضي أثناء القتال.

وقال الدكتور عارف نور، المدير القطري لمنظمة إنقاذ الطفولة في السودان: «إن الوضع التغذوي في السودان، أي قدرة الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى على الحصول على الغذاء الذي يحتاجونه من أجل النمو والبقاء على قيد الحياة، هو واحد من أسوأ الأوضاع في العالم. إذ أن تعطيل الزراعة في العام الماضي يعني عدم وجود طعام اليوم. وعدم الزراعة اليوم يعني عدم وجود طعام غداً. إن دورة الجوع تزداد سوءاً من دون أن تلوح لها نهاية في الأفق، بل المزيد من البؤس فقط».

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، شهدت ولاية الجزيرة، التي كانت ذات يوم سلة الخبز للبلاد، قتالاً عنيفاً أدى إلى موجة جديدة من النزوح، إذ فرّ أكثر من نصف مليون شخص من منازلهم بحثاً عن الأمان. وقد أدى ذلك إلى اضطراب غير مسبوق في النظم الغذائية. وقال عارف نور: «إننا نشهد جوعاً ومعاناة وموتاً هائلاً. ومع ذلك فإن العالم ينظر بعيداً. ويجب على المجتمع الدولي أن يجتمع للعمل والحيلولة دون فقدان المزيد من الأرواح. وسيتذكر التاريخ هذا التقاعس».