Preview أوبك

أنغولا رابع منتج صغير للنفط يترك «أوبك» في أقل من عقد

في الوقت الذي تكافح فيه منظّمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) من أجل تدعيم أسعار البترول، التي فقدت نحو 20% من قيمتها في الأشهر الثلاثة الماضية، أعلنت أنغولا إنها سوف تنسحب من المنظّمة وسط خلافات في المجموعة بشأن حصص الإنتاج والتخفيضات المُحتملة، التي يسعى إليها كبار مُنتجي النفط، ولا سيّما المملكة العربية السعودية، والتي تضرّ بمنتج صغير مثل أنغولا.

اوبك

اعتبرت أنغولا أن الوقت قد حان «للتركيز أكثر» على أهدافها الخاصة، مع العلم أن النفط والغاز يشكِّلان حوالى 90% من صادراتها، ويُعدّان شريان حياة اقتصادي رئيسي للبلاد. 

تنتج أنغولا، التي انضمّت إلى «أوبك» في العام 2007، نحو 1.1 مليون برميل من النفط يومياً، أي ما نسبته 3.5% من مجمل إنتاج «أوبك». لذلك، قد لا يؤثّر انسحابها كثيراً على حصّة المجموعة من الإنتاج العالمي. فعلى الرغم من انسحابها، لا تزال «أوبك» تضمّ 12 عضواً، ينتجون نحو 27 مليون برميل من النفط يومياً، أي نحو 26.5% من سوق النفط العالمية البالغة 102 مليون برميل يومياً، كذلك يوجد تعاون بين المنظّمة وروسيا، أحد أكبر مُنتجي النفط، ضمن إطار ما يُسمّى «أوبك بلاس».

مع ذلك، يؤشّر انسحاب أنغولا إلى وجود خلافات في داخل «أوبك»، وعدم توافق مصالح المنتجين الصغار مع المنتجين الكبار فيها. وهذه ليست بخلافات جديدة، فقد شهدت «أوبك» في تاريخها القصير نسبياً انسحاب 4 أعضاء من المنتجين الصغار بالإضافة إلى أنغولا.

تأسّست «أوبك»، وهي منظّمة حكومية-دولية، في مؤتمر بغداد الذي انعقد بين 10 و14 أيلول/سبتمبر 1960، من قبل 5 من مصدّري النفط الكبار وهم إيران والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية وفنزويلا. والهدف بحسب إعلان المنظّمة هو تنسيق السياسات النفطية بين الدول الأعضاء وتوحيدها، من أجل تأمين أسعار عادلة ومستقرّة لمنتجي النفط، وإمدادات فعّالة واقتصادية ومنتظمة من النفط إلى الدول المستهلكة؛ وعائد عادل على رأس المال لأولئك الذين يستثمرون في الصناعة.

شهدت المنظّمة توسّعاً منذ الإعلان عن تأسيسها، وانضمّت إليها 11 دولة مُنتجة للنفط في سنوات متفاوتة. مع ذلك، لم يكن هذا التوسّع مستقرّاً، إذ شهت أيضاً تعليق عضويات وإنهاء بعضها الآخر. ففي العام 1992، علقت الإكوادور عضويتها، ثمّ انضمّت مرّة أخرى في العام 2007، ولكنها عادت وسحبت عضويتها اعتباراً من العام 2020، بسبب قضايا وتحدّيات داخلية متعلقة بالاستدامة المالية على ما أعلنت وزارة الطاقة في الإكوادور. وكانت البلاد تنتج حينها نحو 545 ألف برميل من النفط الخام يومياً، وتعدّ من أصغر الدول الأعضاء في منظّمة البلدان المصدّرة للبترول.

كما علّقت إندونيسيا عضويتها في العام 2009، وأعادت تفعيلها مرّة أخرى في العام 2016، قبل أن تقرّر تعليق عضويتها مرّة أخرى في العام نفسه، بعد أن اقترحت المنظّمة عليها خفض إنتاج النفط بنحو 37 ألف برميل يومياً، أي ما يساوي نحو 5% من إنتاجها وهو ما كان سيؤثر على عائدات النفط المتراجعة بالفعل لدى أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا. 

كذلك، أنهت الغابون عضويتها في العام 199، ثمّ انضمّت مرّة أخرى إلى المنظّمة في العام 2016. وأتي انسحابها بسبب عدم قدرتها على دفع الرسوم السنوية للعضوية والبالغة نحو 2 مليون يورو، علماً أن الغابون أصغر دولة منتجة للنفط في «أوبك»، ولا يتجاوز إنتاجها اليومي 250 ألف برميل.

أما قطر فقد أنهت عضويتها في العام 2019، بعد 60 عاماً من انضمامها إلى «أوبك». وفي حين تعدّ قطر من أكبر منتجي الغاز في العالم، إلا أن إنتاجها النفطي يشكّ أكثر من 2% من إنتاج المنظّمة. تذرّعت قطر للانسحاب من المنظّمة بحاجتها إلى التركيز على الغاز، إلا أن بعض المحلّلين فسَّروا انسحابها في سياق خلافها مع السعودية، القائد الفعلي للمجموعة المصدّرة للنفط.

يظهر من تغيّرات العضوية في «أوبك»، أنها محصورة بالمنتجين الصغار، ولم يكن لها الأثر الكبير على أسواق النفط العالمية، فمثلاً بعد إعلان أنغولا انسحابها انخفضت أسعار النفط الخام بأكثر من 1.5%.

وفقاً لتقديرات 2022، فإن 79.5% (1,243.52 مليار برميل من النفط) من احتياطيات النفط العالمية المؤكّدة تقع في أراضي الدول الأعضاء في منظّمة أوبك، وتقع غالبية احتياطيات «أوبك» النفطية في الشرق الأوسط وتبلغ 67.2% من إجمالي احتياطيات المنظّمة. علماً أن حصّة الدول الخمس المؤسّسة من مجمل احتياطات النفط لدى المنظّمة تشكّل 82.6% بحسب أرقام 2022. أمّا من حيث الإنتاج، ففي العام 2022، كانت السعودية (المنتج الأكبر في المنظمة) تنتج 10,591 ألف برميل في اليوم، بينما وصل إنتاج غينيا الإستوائية (المنتج الأصغر) إلى 81 ألف برميل في اليوم أي 0.76% من إنتاج الأولى، وتنتج 6 دول أقل من 10 بالمئة من إنتاج السعودية، وثمان دول تنتج أقل من 4% من الإنتاج الكلي للمنظّمة.