81 ألف عامل أجنبي في 2024
إسرائيل تخطِّط للاستغناء عن العمالة الفلسطينية
تدرس الحكومة الإسرائيلية خطّة لاستبدال العمّال الفلسطينيين من الضفّة الغربية وقطاع غزّة بعمّال أجانب من دول آسيوية عدّة. ووفق هذه الخطّة، التي كشفها المدير التنفيذي لوزارة البناء والإسكان، يهودا مورغنسترن، سيتم استقدام نحو 81 ألف عامل في العام 2024 من سريلانكا والصين والهند وتايلاند، بالإضافة إلى مولدوفا في أوروبا الشرقية. وسيتم توظيف هذه العمالة الجديدة الوافدة في قطاعي البناء والزراعة، وهما القطاعين الاقتصاديين الأكثر تضرّراً من الحرب ومن نقص العمّالة بعد إلغاء تصاريح عمل نحو 168,500 عامل فلسطيني، من ضمنهم 80 ألف عامل في قطاع البناء وأكثر من 20 ألف في قطاع الزراعة.
سعت دولة الاحتلال دائماً إلى تقويض فرص نشوء اقتصاد فلسطيني يلبِّي حاجات الفلسطينيين المقيمين في الضفّة الغربية وقطاع غزّة، وذلك في سياق سياساتها الاستعمارية وخططها لبناء الدولة اليهودية والتطهير العرقي للفلسطينيين من كلّ فلسطين التاريخية واعدام احتمالات قيام دولة فلسطينية مستقلّة. وغالباً ما استخدمت إسرائيل حاجة الفلسطينيين إلى العمل لتأمين معيشتهم كسلاح ذو حدّين: لإغرائهم وإخضاعهم أو لمعاقبتهم جماعياً.
في كل الأحوال، لم تسمح إسرائيل للعمّال الفلسطينيين بان يتحوّلوا إلى قوّة ضاغطة في الاقتصاد الإسرائيلي، فعلى الرغم من أن نسبة الفلسطينيين العاملين في الاقتصاد الإسرائيلي يشكّلون نحو ربع القوى العاملة في الضفّة الغربية، إلا أن نسبتهم من مجمل القوى العاملة في إسرائيل لا تتجاوز 5%، حتى بعد احتساب العمّال الفلسطينيين الذي يعملون في المستوطنات وقطاعات الاقتصاد الإسرائيلي من دون تصاريح عمل.
مع إعلان الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، تعالت الأصوات في إسرائيل للمطالبة بإبادة الفلسطينيين وطردهم ومنعهم من العمل وجعل حياتهم جحيماً حتى يضطروا إلى مغادرة بلادهم بحثاً عن الأمان والحدّ الأدنى من مقوِّمات العيش الكريم. إلا أن الإجراءات العقابية التي ينفّذها الجيش وأجهزة الاحتلال والمستوطنيين ضدّ الفلسطينيين، بالإضافة إلى استدعاء جنود الاحتياط ونزوح عشرات آلاف المستوطنين من مستوطنات الجليل وغلاف غزّة، أحدث صدمة في سوق العمل، بسبب نقص العمالة الفادح، لا سيّما في قطاعي البناء والزراعة، حيث الحاجة أكبر من القطاعات الأخرى للعمّال الفلسطينيين والعمّال الأجانب.
بعد عملية «طوفان الأقصى»، غادر الآلاف من العمّال الزراعيين الأجانب، ولا سيما من تايلاند. وأدى منع الفلسطينيين من العمل إلى تعطيل قطاع البناء والتشييد الذي كان يعمل فيه أكثر من 80 ألف عامل فلسطيني من الضفّة الغربية، بالإضافة إلى آلاف الفلسطينيين من أبناء أراضي الـ48 الذي يستنكفون عن العمل بسبب المخاطر المرتفعة التي تهدّدهم. وقد مارس أصحاب العمل في قطاعي الزراعة والبناء ضغوطاً على الحكومة للبدء في السماح بدخول الفلسطينيين أو توظيف المزيد من العمّال الأجانب. وقال راؤول سارجو، رئيس جمعية «بناة إسرائيل»، أمام لجنة في الكنيست في 25 كانون الأول/ ديسمبر: «نحن في حالة يرثى لها للغاية». وأضاف: «الصناعة في حالة جمود تام ولا تنتج سوى 30% من طاقتها فقط. نصف المواقع مغلقة، وهناك تأثير على الاقتصاد الإسرائيلي وسوق الإسكان». وقالت وزارة الزراعة الإسرائيلية إن 10 آلاف من أصل 29,900 عامل زراعي تايلاندي غادروا إسرائيل منذ الحرب، وتم منع ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف عامل زراعي موسمي فلسطيني إضافي من العمل. وقالت الوزارة إن قطاع الزراعة بحاجة لاستقدام ما لا يقل عن 15 ألف عامل زراعي أجنبي لسدّ جزء من الفجوة.
وفق التقديرات الرسمية التي تمّ تداولها في الكنيست، فإن حظر العمّال الفلسطينيين يكلّف الاقتصاد الإسرائيلي ما لا يقل عن 3 مليارات شيكل (830 مليون دولار) شهرياً، ولكنه يحرم العمّال الفلسطينيين من مصدر دخل مهم، يقدّر بنحو 400 مليون دولار شهرياً.