خرائط تحويلات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

  • ترسل دول الخليج النفطية 52% من مجمل التحويلات الوافدة إلى البلدان الأخرى في المنطقة، وتبلغ قيمتها نحو 39.5 مليار دولار، تليها أوروبا ومن ثمّ أميركا الشمالية.
     
  • تعبّر حركة التحويلات في المنطقة عن الانقسامات البنيوية ضمنها إذ تضمّ بلداناً غنيّة مُستقبلة للعمّال المهاجرين ومصدّرة للتحويلات، وبلداناً أخرى فقيرة مُصدّرة للعمّال المهاجرين ومتلقّية للتحويلات.

 

استقبلت بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 9.7% من مجمل التحويلات المتداولة عالمياً في العام 2022 بحسب إحصاءات البنك الدولي، وقد بلغت قيمتها 76 مليار دولار. نمت قيمة هذه التحويلات بنحو ربع الزيادة المُحقّقة في العام 2021، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى الركود الذي ترزح تحته الاقتصادات المُتقدّمة في أوروبا وأميركا التي يأتي منها جزء وازن من هذه التحويلات، بالإضافة إلى ارتفاع معدّل التضخّم العالمي ومعه أسعار الطاقة والغذاء الذي أكل من قيمة الأجور الحقيقية للعمّال. في المقابل، صدر من بلدان المنطقة نحو مناطق وبلدان العالم الأخرى نحو 19.7% من مجمل التحويلات، وقد بلغت قيمتها نحو 154 مليار دولار، وهو ما يعدّ مفارقة بالمقارنة مع مناطق أخرى في العالم، كونها تضمّ في الوقت نفسه بلداناً غنيّة مُستقبلة للعمّال المهاجرين ومصدّرة للتحويلات، وبلداناً أخرى فقيرة مُصدّرة للعمّال المهاجرين ومتلقّية للتحويلات.

فمن أين تأتي التحويلات إلى بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ وإلى أين تُرسَل التحويلات الصادرة منها؟

تستحوذ البلدان العشر الأولى الأكثر تلقياً للتحويلات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي على 82% من مجمل التحويلات الوافدة إلى المنطقة

تتلقّى بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحويلاتها من ثلاثة مناطق أساسية تعبّر عن وجهات الهجرة الأساسية لمواطني ومواطنات المنطقة وهي، أولاً بلدان المنطقة نفسها، وبشكل أساسي دول الخليج النفطية، التي ترسل 52% من مجمل التحويلات الوافدة إلى البلدان الأخرى في المنطقة، وتبلغ قيمتها نحو 39.5 مليار دولار، تليها أوروبا التي تأتي منها 29.5% من مجمل التحويلات الوافدة بقيمة 22.5 مليار دولار، ومن ثمّ أميركا الشمالية التي ترسل 13.6% منها بقيمة 10 مليارات دولار أميركية.

remittances 5

إلى ذلك، تخرج التحويلات من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل أساسي إلى مجموعة من البلدان المُتركّزة في منطقتين أساسيتين وهي؛ بلدان آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا التي تتلقّى 68% من مجمل قيمة هذه التحويلات، وتصل إلى نحو 105 مليارات دولارات أميركية، وتليها بلدان المنطقة بنسبة 26% وتصل قيمة التحويلات الوافدة إليها نحو 40 مليار دولار.

remittances 3

الدول الأكثر تلقياً للتحويلات في المنطقة

تستحوذ البلدان العشر الأولى الأكثر تلقياً للتحويلات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي على 82% من مجمل التحويلات الوافدة إلى المنطقة، وهي بمعظمها دول فقيرة أو تنتمي إلى الشريحة الدنيا من البلدان المتوسّطة الدخل، حيث تشكّل التحويلات ركيزة أساسية من ركائز اقتصادها ومصادر دخلها بالعملات الأجنبية.

remittances 4

يحتلّ لبنان المرتبة الأولى بين بلدان المنطقة المتلقّية للتحويلات كنسبة من مجمل الناتج المحلي، إذ تبلغ قيمتها نحو 6.8 مليار دولار في العام 2022 وتشكّل 37.8% من مجمل الناتج المحلّي. يتلقّى لبنان تحويلاته من نحو 867 ألف عامل مهاجر في مختلف أنحاء العالم بحسب قاعدة بيانات الأمم المتّحدة لعام 2021، أي بمعدّل 7382 دولار من كلّ مهاجر. تأتي التحويلات من أربع مناطق أساسية وهي البلدان الخليجية، أميركا الشمالية، أوروبا وأستراليا.

يليه جنوب السودان حيث تشكّل التحويلات الوافدة إليه نحو 24.8% من مجمل ناتج المحلّي وبقيمة 1.2 مليار دولار. يتلقّى جنوب السودان تحويلاته من نحو 2.6 مليون عامل مهاجر إلى بلدان أجنبية، أي بمعدّل 480 دولاراً من كلّ مهاجر، علماً أن 87% منها يأتي من البلدان الأفريقية المجاورة وتحديداً السودان وأوغندا وأثيوبيا.

إلى ذلك، تحتلّ الصومال المرتبة الثالثة بين البلدان الأكثر تلقّياً للتحويلات كنسبة من ناتجها المحلّي على مستوى المنطقة. في الواقع، تشكّل التحويلات الوافدة إليها نحو 20.6% من ناتجه المحلّي وتبلغ قيمتها نحو 1.7 مليار دولار. وهي تأتي من نحو مليوني صومالي وصومالية مهاجرين يعملون في خارج بلدهم، أي بمعدل 850 دولاراً من كلّ عامل. تتركّز اتجاهات الهجرة الخاصة بالصومال بشكل أساسي في البلدان الأوروبية، وشمال أفريقيا ووسطها، والولايات المتحدّة.

المرتبة الرابعة هي لجزر القمر التي تشكّل التحويلات الوافدة إليها نحو 20.1% من مجمل ناتجها المحلي، وتبلغ قيمتها نحو 250 مليون دولار يحوّلها نحو 170 ألف عاملاً في الخارج، بمعدل 1411 دولاراً للعامل الواحد. تتدفّق معظم هذه التحويلات من فرنسا التي كانت جزر القمر إحدى مستعمراتها السابقة.

مصادر التحويلات

يحّل قطاع غزة والضفة الغربية في المرتبة الخامسة إذ تشكّل التحويلات نحو 18.6% من ناتجهما المحلي وتبلغ قيمتها 3.5 مليار دولار، ويحوّلها نحو 4 ملايين فلسطينياً في الشتات، بمعدّل 850 دولاراً من كل فرد. يتدفّق نحو 80% من هذه التحويلات من بلدان المشرق العربي المجاورة لفلسطين المحتلّة، وفي مقدّمتها الأردن ومن ثمّ سوريا ولبنان. فيما يأتي القسم الآخر من دول عربية مختلفة ومن الولايات المتحدة.

أما المرتبة السادسة فهي للأردن التي تشكّل التحويلات إليها نحو 9.7% من ناتجها المحلي وتبلغ قيمتها 4.6 مليار دولار، وهي تأتي من نحو 834 ألف عامل وعاملة في الخارج، أي بمعدّل 6235 دولاراً من كلّ فرد. تتركّز العمالة الأردنية بشكل أساسي في بلدان مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى الولايات المتحدّة، وقطاع غزة والضفة الغربية.

بلدان الخليج العربي الغنية بالنفط والغاز التي يتسم معظمها باستثناء السعودية بانخفاض عدد المواطنين من حاملي جنسيتها مما يضطرها لاستقطاب عمالة أجنبية من الخارج

أمّا المرتبة السابعة فتحّل المغرب فيها حيث تشكّل التحويلات نحو 8% من ناتجها المحلي وتبلغ قيمتها نحو 11.4 مليار دولار، وهي تأتي من نحو 3.3 مليون مهاجر أي بمعدّل 3242 دولاراً من الفرد الواحد. تتركّز العمالة المغربية بشكل أساسي في البلدان الأوروبية المقابلة والتي تأتي منها 87% من مجمل التحويلات الوافدة إلى المغرب، تليها أميركا الشمالية.

تأتي مصر في المرتبة الثامنة وتشكّل التحويلات الوافدة إليها نحو 6.9% من ناتجها المحلّي وتبلغ قيمتها نحو 32.3 مليار دولار، ويحوّلها 3.7 مليون عامل مصري مهاجر، أي بمعدّل 8513 دولاراً من كل عامل. تستحوذ بلدان مجلس التعاون الخليجي على القسم الأكبر من العمالة المصرية التي تأتي منها نحو 74% من مجمل التحويلات، تليها أميركا الشمالية، ومن ثمّ إيطاليا والأردن.

الدول الأكثر إرسالاً للتحويلات

تخرج من البلدان العشر الأولى الأكثر إرسالاً للتحويلات نحو 91% من مجمل التحويلات الخارجة من بلدان في المنطقة. تنقسم هذه البلدان إلى فئتين أساسيتين وهي؛ بلدان الخليج العربي الغنية بالنفط والغاز التي يتسم معظمها باستثناء السعودية بانخفاض عدد المواطنين من حاملي جنسيتها مما يضطرها لاستقطاب عمالة أجنبية من الخارج، وغالبيتها من البلدان الفقيرة والمتوسّطة الدخل. وهناك البلدان المُصدّرة للعمالة في المنطقة مثل لبنان والأردن والعراق الذين يلجؤون إلى استقطاب عمالة أرخص بدلاً من العمالة المحلّية المُهاجرة منها.

remittances 6

تتصدّر الكويت لائحة البلدان المصدّرة للتحويلات من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نسبة إلى حجم اقتصادها، وإذ تشكّل نحو 13.6% من مجم اقتصادها وتبلغ قيمتها نحو 18.5 مليار دولار. تبيِّن خارطة التحويلات الخارجة من الكويت طبيعة العمالة فيها، وهي بغالبيتها عمالة غير ماهرة وافدة من بلدان جنوب غرب آسيا مثل الهند وباكستان وبنغلادش والفلبين التي تستحوذ على 72% منها، بالإضافة إلى بلدان المشرق العربي ومصر التي يخرج إليها نحو 27% من مجمل قيمة هذه التحويلات.

يحلّ لبنان في المرتبة الثانية بين بلدان المنطقة الأكثر تصديراً للتحويلات كنسبة من حجم اقتصاده، بحيث تشكّل نحو 11.6% من الناتج المحلي وتبلغ قيمتها نحو 2.1 مليار دولار. علماً أن هذه تخرج إلى البلدان العريية وبلدان جنوب غرب آسيا.

تحتل الإمارات المرتبة الثالثة في ترتيب المنطقة، إذ تشكّل التحويلات الخارجة منها نحو 11.3% من مجمل الناتج المحلّي وتبلغ قيمتها 47.5 مليار دولار، وبمعظمها تتدفّق نحو بلدان جنوب غرب آسيا بشكل أساسي، وإلى بلدان المشرق العربي ومصر.

يحلّ قطاع غزّة والضفة الغربية في المرتبة الرابعة ويخرج منهما نحو ملياري دولار من التحويلات التي تشكّل نحو 11% من مجمل الناتج المحلّي، ويذهب أكثر من 62% منها إلى أراضي الـ48، و36% إلى البلدان العربية المجاورة مثل الأردن.

remittances2

يحتلّ كلٌّ من البحرين وعمان المراتب  الخامسة والسادسة على التوالي، في مؤشّر حجم التحويلات كنسبة من الناتج المحلي. وتتراوح نسبتها بين 10.8% من مجمل الناتج المحلي للبحرين بقيمة 4.2 مليار دولار، و9.5% لسلطنة عمان بقيمة 8.1 مليار دولار.

إلى ذلك، تحتلّ الأردن المرتبة السابعة، ويخرج منها نحو 3 مليارات دولارات سنوياً وتتجه نحو بلدان جنوب شرق آسيا بشكل أساسي والبلدان العربية المجاورة وأبرزها مصر، علماً أنها تشكّل نحو 6.3% من مجمل ناتجها المحلي.

أمّا قطر فتحتل المرتبة الثامنة بنسبة 6.1% من مجمل الناتج المحلّي لقطر بقيمة 11 مليار دولار، تليها السعودية في المرتبة التاسعة بنسبة 4.9% وقيمة 40 مليار دولار. وتتسمّ العمالة كباقي بلدان الخليج النفطية بلدان بغلبة العمالة غير الماهرة الوافدة من بلدان جنوب شرق آسيا وبلدان المشرق العربي ومصر.