Preview ستاركوفيه

كيف حوَّلت روسيا انسحاب الشركات الغربية إلى مكاسب؟

نجحت روسيا في تكبيد الشركات الغربية، التي قرّرت سحب استثماراتها وإقفال فروعها فيها، خسائر ضخمة، قدّرتها صحيفة «نيويورك تايمز» بأكثر من 103 مليارات دولار منذ بداية الحرب في أوكرانيا. وجاء في تحقيق مثير نشرته الصحيفة أن الحكومة الروسية جبت من هذه الشركات ما لا يقل عن 1.25 مليار دولار في العام الماضي لصالح صندوق الحرب الروسي، أي أنها استطاعت تحويل ما يُفترض أنه عقوبات اقتصادية ضدّها بسبب حربها على أوكرانيا إلى مصدر لتمويل هذه الحرب.

اعتمدت الحكومة الروسية خططاً لمواجهة العقوبات، أسفرت عن «واحدة من أكبر عمليات نقل الثروة داخل روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفياتي»، وفق ما جاء في تحقيق «نيويورك تايمز». تضمّنت هذه الخطط تأميم بعض الشركات أو وضع اليد عليها، كما حصل مع شركات مثل «إيكيا» و«تويوتا» و«ستار باكس». أو فرض بيعها لمستثمرين روس بأسعار بخسة، كما حصل مع شركة البيرة الهولندية «هاينكن» ومنافستها «كارلسبرغ» الدنماركية، وشركات صناعية مختلفة في مجالات المصاعد والإطارات والطلاء الصناعي وغير ذلك.

جبت روسيا من الشركات الغربية ما لا يقل عن 1.25 مليار دولار في العام الماضي، واستطاعت بذلك تحويل ما يُفترض أنه عقوبات اقتصادية ضدّها إلى مصدر لتمويل هذه الحرب

هكذا، تم الاستحواذ على أصول «ستار باكس» في روسيا (على سبيل المثال)، وبقيت الأمور على حالها، ولكن مع تعديل اسم العلامة التجارية إلى «ستارز كوفي» وتعديل اللوغو عبر استبدال حورية البحر بالأميرة البجعة الروسية. وكذلك، بقيت منتجات «كريسبي كريم» تُباع بالمواصفات نفسها، ولكن أصبح اسمها الآن «كرانشي دريم». 

بعد أسبوعين من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، تفاخر الرئيس الأميركي جو بايدن بأن الغرب يسحق الاقتصاد الروسي. وقال: «قائمة الشركات والمؤسّسات الدولية التي تغادر روسيا تتزايد يوماً بعد يوم». إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال في تصريح له هذا الشهر: «هل اعتقدوا أن كل شيء سينهار هنا؟ حسناً، لم يحدث شيء من هذا القبيل. تولت الشركات الروسية المسؤولية ثم مضت قدماً».

فرضت الخطط الروسية لمواجهة خروج الشركات الغربية قيوداً على حركة الأموال إلى الخارج، وألزمت الشركات بالحصول على الموافقة قبل بيع أعمالها. 

وصدر في نيسان/أبريل الماضي مرسوماً يجيز للحكومة الروسية الاستيلاء على الأصول الأجنبية ووضعها تحت الإشراف المؤقت لأي جهة تريدها. وهكذا جرى التحكّم بالعملية كلّها. لقد وضعت هذه الخطط الشركات بين خيارين: إمّا تكبّد خسائر فادحة، أو التراجع عن مقاطعة روسيا والبقاء فيها، وهو الخيار الذي اتخذته شركات عدّة، مثل شركة «يونيليفر»، التي أعلنت أنها تفضّل البقاء في روسيا بدلاً من أن تنتهي أصولها في أيدي الحكومة.