معاينة hormuz strait

ماذا يعبر من مضيق هرمز؟

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على إيران، يتزايد الحديث عن إمكانيّة استخدام هذه الأخيرة لورقة مضيق هرمز كإحدى أبرز أسلحتها الاقتصادية، والتي سيكون لها تبعاتٍ غير مسبوقة على حركة التجارة العالمية. وعلى الرّغم من الترّكيز منذ بدء الحرب على تدفّق إمدادات النّفط والغاز فقط، حيث يمرّ أكثر من ثلت حجم النّفط وحوالي 20% من الغاز الطبيعي المسال (LNG) المنقولين عالميّاً عبر المضيق، إلّا أنّ أهميته الاستراتيجية تكمن أيضاً في الدور الذي يؤديه في تصدير سلعٍ حيويّة للاقتصاد العالمي من دول الخليج كالمشتقّات النفطيّة على أنواعها والمواد الكيميائية والأسمدة والإسمنت والمعادن. كما يُستخدم المضيق أيضاً لاستيراد بعض حاجات المنطقة من القمح والسكّر والذرة والزيوت والثروة الحيوانية، ما يعكس التأثير الهائل الذي قد يحدثه أي اضطراب على الأمن الغذائي. فما هي طبيعة وأحجام الصادرات والواردات التي تمرّ عبر مضيق هرمز؟

infographic

النفط الخام

يمر حوالي 34,7% من تدفقات النفط الخام والمكثّفات العالمية المنقولة بحراً عبر مضيق هرمز، بحجم يقارب 14 مليون برميل يومياً في خلال شهر أيار/مايو المنصرم، ويبقى حوالي 88% من هذه الصادرات في منطقة شرقي السويس. تتصدّر السعودية قائمة المصدّرين بحوالي 5,1 مليون برميل في اليوم، يليها العراق بحوالي 3,2 مليون برميل، والإمارات بحوالي 1,9 مليون برميل، فإيران والكويت بحوالي 1،4 مليون برميل لكلّ منهما ومن ثمّ قطر والبحرين.

أمّا بالنسبة لواردات النّفط الخام نحو المنطقة، فهي عبارة عن شحناتٍ متقطّعة من المكثّفات التي تشتريها الإمارات من أستراليا، والتي تستخدمها شركة «اينوك» في عمليّات التكرير في منطقة جبل علي. حتى الآن، طالت الضربات العسكرية الإسرائيلية منشآت إيرانية مرتبطة بالاستهلاك المحلي (مصافي تكرير وتخزين الوقود)، وليس محطات تصدير النفط، ما يُبقي تدفّق الإمدادات مستمرّاً على الرغم من الاضطرابات وارتفاع الأسعار العالمية وتكاليف الشّحن.

المشتقّات النّفطية

يُضاف إلى النّفط الخام المنقول عبر المضيق حوالي 3,4 مليون برميل من المشتقّات النفطية على أنواعها التي تُصدّر من المنطقة بعد تكريرها، وتأتي الكويت في الطليعة بحوالي مليون برميل في اليوم من المشتقّات المكرّرة ، تليها الإمارات بحوالي 800 ألف برميل يوميّاً، ومن ثم السعودية والعراق وإيران وقطر والبحرين بكميّات أقل. منذ العام 2022، أصبحت الكويت مصدراً أساسياً لأوروبا من هذه المشتقات، وذلك بعد تطوير مصفاة «الزور» التي تبلغ طاقتها 600 ألف برميل يومياً.

من جهة أخرى، تُعتبر منطقة الخليج المصدّر الثاني عالميّاً لسوائل الغاز الطبيعي (البروبان، البوتان، الايثان – Natural Gas Liquids) بعد الولايات المتحدة الأميركية، بحوالي 25,7% من الإجمالي العالمي في العام 2024. وتُهيمن قطر والإمارات وإيران على الصّادرات، وتذهب معظمها نحو آسيا، وتحديداً الصين والهند.

أثّرت الهجمات على البنية التحتية لمعالجة الغاز في إيران على نحو 2% من الإنتاج لا أكثر، وفي حال ازدياد هذه النسبة، ستضطر الصين الى الولوج الى الأسواق الأميركية لتعويض حاجاتها.

كذلك، تُعدّ منطقة الخليج من اللاعبين الأساسيين في تصدير مشتقّات نفطيّة أخرى كالبنزين والمازوت والغاز أويل وغاز الطيران، وسيطرت على حوالي %13,6 من صادرات هذه المشتقّات في العام 2024. إنّ توقّف إمدادات هذه الأخيرة سيكون له تأثير على دول آسيا وأوروبا على وجه الخصوص، والتي استخدمت هذه المشتقات للاستعاضة عن اعتمادها على روسيا.

الغاز الطبيعي 

في العام 2024، مثّلت صادرات الغاز الطبيعي المسال عبر مضيق هرمز حوالي 19,5% من الصادرات العالمية، وتتوزّع أحجام صادرات بنسبة 93% لقطر و7% للإمارات. حتى الآن، لم تشهد هذه الصادرات أي انقطاع، لا بل قفزت تلك المنطلقة من قطر الى مستوى قياسي في 15 حزيران/يوليو بعد يوم من الهجوم الإسرائيلي على حقل بارس الجنوبي، مع العلم أن إيران لا تصدّر أي كميّات من الغاز الطبيعي المسال.

في حال إغلاق مضيق هرمز، سيتضرّر المشترون الآسيويون حيث أن حوالي 87% من الصادرات تذهب شرقاً. أمّا بالنسبة إلى الواردات نحو الدول الأخرى (غير قطر)، فقد تضطر الكويت والبحرين والإمارات الى الاعتماد أكثر على قطر لتأمين الإمدادات في موسم الذروة للتبريد بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدّة وغيرها. فمنذ بدء الحرب، اضطرت ناقلة قادمة من أميركا نحو الكويت إلى التوقّف في البحر خوفاً من دخول مضيق هرمز.

الأسمدة والإسمنت والمعادن

لعلّ ما لا يعرفه كثيرون هو أن منطقة الخليج تُعدّ مُصدّراً رئيساً للأسمدة، اذ يمرّ حوالي 33% من الأسمدة العالمية عبر مضيق هرمز، وتشمل الكبريت والأمونيا والنيتروجين والفوسفات. وتصدّر هذه المواد إلى الهند والبرازيل والصين. بحسب بيانات منصّة كبلر، صدّرت المنطقة حوالي 1,5 مليون طن منها في خلال شهر حزيران/يوليو هذه العام، فيما الإجمالي الشهري قد يصل إلى ما بين 3 إلى 4 ملايين طن.

كما تُوفّر المنطقة كمياتٍ كبيرة من الأسمنت والكلنكر للهند وبنغلاديش كما إلى أفريقيا، بما يعادل حوالي 7,5% من الصادرات العالمية في العام 2024.

من جهة أخرى، تصدّر المنطقة حوالي 22,4% من المعادن، اذا تعدّ دول الخليج غنيّة بهذه الاحتياطات، وتحديداً السعودية والامارات وقطر والبحرين وعمان. فهذه الدّول تمتلك احتياطات من الذهب والفضة والنحاس والنيكل والألمنيوم والنحاس ​​.

الاستيراد سيتأثر أيضاً

فيما تعتمد دول الخليج على التصدير عبر مضيق هرمز، فانّ وارداتها تمرّ عبر المضيق أيضاً، وترتكز على السّلع الزراعيّة والحبوب والسكّر والقمح. اذ تُعدّ المنطقة مشترٍ أساسي للحبوب والبذور النباتيّة كالذرة والقمح والشعير وفول الصويا، والتي شكّلت 4,2% من إجمالي الواردات العالمية المنقولة بحراً في العام 2024 وتحديداً من الأرجنتين والبرازيل. هذه الأخيرة هي أيضاً مورّد أساسي للسكر إلى الخليج والتي بلغ ما يقارب 9,8% من إجمالي الواردات العالميّة. لذلك، فإن إغلاق المضيق سيشكل اضطراباً على الأمن الغذائي لدول المنطقة، ويضطرهم للبحث عن بدائل أخرى.