

الحرب تقوّض سبل السكن والعمل في ثلث بلديات لبنان
392 بلدية من أصل 1,059 بلدية، أو 37% من مجمل البلديات في لبنان، تضرّرت بشكل مباشر في الحرب الإسرائيلية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفقاً لبيانات إدارة مخاطر الكوارث لدى الحكومة اللبنانية. تراوحت الاضرار بين التدمير الكامل أو الجزئي لأماكن السكن والعمل والبيئة والبنية التحتية وبين الخسائر البشرية والمادية التي مُنِي بها سكّان هذه البلديات، بما في ذلك جزء مهم من مصادر الدخل والممتلكات، ما ساهم بالمزيد من التدهور في مستوى معيشة هؤلاء السكان.
قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمسح الأضرار في هذه البلديات، ولكنه لم ينجح بجمع إفادات سوى من 135 بلدية لبنانية في 8 محافظات، في الفترة الممتدّة بين 5 و15 كانون الأول/ديسمبر 2024، ونُشر النتائج في تقرير تقييم الأثر السريع صادر في كانون الثاني/يناير 2025.
على الرغم من أن هذا المسح بعيد من الإحاطة والشمول كونه يستند إلى إفادات 34% فقط من البلديات المتضرّرة بالحرب، إلا أنه يكشف شيئاً من هول الضرر الذي أصاب البلد إثر العدوان الإسرائيلي. ففي البلديات الـ 135 التي شملها المسح، بلغ عدد الممتلكات المتضرّرة نحو 90,076 ملكية خاصة أو عامّة، 23,489 منها دُمّرت بشكل كامل. وتوزّعت الأضرار الكلية والجزئية في هذه البلديات بين 59,577 وحدة سكنية، و14,748 مؤسسة تجارية، و14,762 أصلاً زراعياً، فضلاً عن نحو 989 ضرراً في البنى التحتية، بما يشمل الطرقات والمدارس والمراكز الصحية ومحطات وخطوط الكهرباء والمياه والاتصالات.
6% من الوحدات السكنية تضررّت
أفادت البلديات التي شملتها الدراسة أن 59,577 وحدة سكنية تضرّرت كلياً أو جزئياً من أصل 1,024,432 وحدة سكنية في نطاقها، أو 5.8% من المخزون السكني فيها. وتم الإبلاغ عن أكبر عدد من الوحدات السكنية المتضررة في أقضية بعبدا (16,000)، والنبطية (14,667)، وبعلبك (10,274)، وصور (6,415)، وصيدا (4,252)، وبنت جبيل (2,866)، ومرجعيون (2,725).
كانت 63% من الوحدات السكنية المدمّرة بالكامل في قضاء بعبدا، ولا سيما الضاحية الجنوبية لبيروت. وبالاستناد إلى تقييم أجراه اتحاد بلديات الضاحية، تركّز على حارة حريك والغبيري والشياح وبرج البراجنة والحدث والمريجة والشويفات، تكشف البيانات أن ما لا يقل عن 3,713 وحدة (سكنية وغير سكنية) قد دُمرت بالكامل. بالإضافة إلى ذلك، تضرّرت حوالي 2,389 وحدة (سكنية وغير سكنية) بشكل جزئي، كما احترقت حوالي 170 وحدة أخرى.
ترتفع نسب دمار المخزون السكني في القرى الحدودية. في عيترون مثلاً، يتراوح عدد المقيمين فيها بين 10,000 و15,000 نسمة بحسب المواسم. أضرّت الحرب الإسرائيلية بنحو 2,000 وحدة من أصل 2,800 وحدة سكنية فيها، أي نحو 71% من مخزونها السكني.
48% من المؤسسات التجارية تضرّرت
ذكرت البلديات التي شملها المسح عن تضرّر 14,748 من إجمالي 30,685 منشأة تجارية فيها (48%)، علماً أن 26% منها تضرّرت بالكامل. تم الإبلاغ عن أكبر عدد من المنشآت التجارية المتضرّرة في أقضية النبطية (3,420) وبنت جبيل (3,330) وبعبدا (3,000) وصور (2,394) وبعلبك (1,277). من بين هذه الأقضية، كانت أعلى نسبة من المؤسسات التجارية المتضرّرة بالكامل في بعبدا (33%)، تليها بنت جبيل (32%)، ثم النبطية (17%).
في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يتكوّن الاقتصاد من مزيج من الأعمال التجارية الصغيرة وأسواق التجزئة والأنشطة الصناعية والقطاعات غير الرسمية، تتعرّض المصالح لخسائر وأضرار مع عدم قدرتها على إعادة فتح أبوابها.
فضلاً عن ذلك، دمّرت إسرائيل الأعمال الصغيرة في القرى والبلدات. في الجبين، وهي قرية حدودية ضمن قضاء صور، دمّرت الحرب ما يقرب من 95% من مشاريع الأعمال كلّياً أو جزئياً، على الرغم من ضعف القطاع الصناعي في القرية، واعتماده على الحرف والصناعات اليدوية والبناء والمنتجات الغذائية والصناعات التحويلية الخفيفة. وفي عيترون، تعرّض ما يقدّر بنحو 400 إلى 500 مؤسّسة حرفية أو خدمية للتدمير الكامل أو الجزئي، وهو ما يمثل أكثر من 80% من إجمالي عدد المؤسّسات في البلدة.
48% من الأصول الزراعية تعرّضت للضرر
تضرر 14,762 من 30,685 أصلًا زراعيًا في المناطق التي شملها المسح، 19% منها تضررت بالكامل. وتم الإبلاغ عن أكبر قدر من التأثير في أقضية بعلبك (10,496 أصلًا، معظمها تضرر بشكل طفيف)، وبنت جبيل (3,051)، والنبطية (693)، وصور (284). من بين هذه المناطق، سجلت النبطية أعلى نسبة من الأصول الزراعية المتضررة بالكامل بنسبة 58%، تليها صور بنسبة 52%، وبنت جبيل 33%. الضرر الذي ألحقته الحرب بالقطاع الزراعي، في النبطية وبعلبك بشكل خاص، سيكون له عواقب عميقة وطويلة الأمد، نظراً للدور الحيوي الذي تلعبه هذه المناطق المتضرّرة في الزراعة وإنتاج الغذاء.
في الجبين، مجتمع زراعي يعتمد بشكل أساسي على زراعة القمح والأشجار المثمرة وأشجار الزيتون والتبغ والزعتر، إلا أن الحرب الإسرائيلية أدّت إلى حرق عشرات الهكتارات وضياع المواسم الزراعية، وفقدت القرية حوالي 60% من بساتين الزيتون، كما تمّ حرق أكثر من 1,200 دونم و10,000 شجرة زيتون في الجبين، وتأثر حوالي 90% من المزارعين المحلّيين بشكل مباشر وخسروا مواسمهم الزراعية.
أيضاً، أثّرت الحرب بشدة على القطاع الزراعي في عيترون، وهو أساس اقتصاد البلدة، حيث تشكّل الأراضي الصالحة للزراعة حوالي 33% من مساحتها، أي حوالي 6,000 دونم، إلا أن الحرب الإسرائيلية أدّت إلى حرق 60% إلى 70% من هذه الأراضي الزراعية، ما أدّى إلى تدمير معظم المحاصيل. كما دُمرت صناعة الثروة الحيوانية بأكملها، بعد الإضرار بنحو 510 مزرعة، بما في ذلك الماشية والأغنام والدواجن، وتكبّد مربو النحل خسائر فادحة، حيث فُقدت جميع خلايا النحل الخاصة بهم أيضاً.
المشاورات المحلية في القرى، والتي بادر إليها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أثارت مخاوف بشأن الأثر البيئي للحرب، بما في ذلك تلوث المياه، وتضرّر النظم الإيكولوجية، وإدارة النفايات والأنقاض، ومعالجة التربة واستعادتها، بالإضافة إلى استعادة سبل العيش للمزارعين.
دمار في كل البنى التحتية
تضرّر 989 أصلاً من البنية التحتية والمرافق وأصول الخدمات الأساسية بما في ذلك المرافق التعليمية، والمرافق الصحية، والطرق والأرصفة، والاتصالات، ومحطات معالجة المياه والصرف الصحي، والطرق الزراعية، والمولدات الخاصة، ومشاريع الطاقة الشمسية، ومرافق فرز النفايات. وتشمل أيضاً المباني البلدية ومباني اتحاد البلديات، وكذلك الأسواق والمرافق (مثل محطات الوقود والمراكز الرياضية والثقافية). كانت الأضرار في البنى التحتية هي الأكبر في النبطية بتضرّر 202 أصلاً، ثم صيدا (127)، وبيروت (105)، وصور (82).
في قطاع التعليم بشكل خاص، كان الأثر الأكبر في بيروت بتضرّر 27 مؤسسة، أما في القطاع الصحي، كان الرقم الأعلى في النبطية بتضرّر 9 مؤسسات، إلا أن قضاء بنت جبيل يعتبر الأكثر تأثراً مع تضرر نصف المرافق الصحية تقريباً ودمار ثلاث منها. بالنسبة إلى شبكات الكهرباء العامة والمرافق والموارد، فقد أفادت البلديات عن تضرر 34% من المرافق، 60 منها في صيدا فقط، و19 في النبطية، و8 في مرجعيون و6 في بنت جبيل، وتم الإبلاغ عن ما مجموعه 18 ضرراً في 91 من أصول أوجيرو (المرافق والمواقع والمعدات والشبكة) في المناطق التي شملها المسح، 9 منها كانت أضراراً كاملة.
أيضاً، تم الإبلاغ عن وقوع ما مجموعه 86 ضرراً في مباني البلديات و/أو اتحادات البلديات والمرافق المرتبطة بها في المناطق التي شملها المسح. وحدث أكبر عدد من الأضرار المبلغ عنها في النبطية (31)، تليها صور (12)، وصيدا (10)، وبعلبك (9)، ومرجعيون (8)، وتحتاج البلديات المتضرّرة إلى دعم من خلال توفير مواقع بديلة.