تصفية الأونروا: خطّة إسرائيل لإنهاء قضيّة اللاجئين الفلسطينيين
صادقت الهيئة العامّة للكنيست، مساء أمس (الإثنين)، بالقراءتين الثانية والثالثة، على قانونين يرميان إلى وقف أنشطة وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» (UNRWA) في فلسطين المحتلّة. وبموجب هذين القانونين سوف يتم إلغاء اتفاقية العام 1967 التي سمحت للأونروا بالعمل في «إسرائيل»، وقطع العلاقات معها، وحظر أنشطتها، وبالتالي لن يكون لوكالة «الأونروا» أي تمثيل، ولن تقدّم أي خدمات للاجئين الفلسطينيين في مناطق سيطرة الاحتلال، ولن تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الأراضي المحتلّة. وسوف يتمّ إنهاء أنشطتها في القدس الشرقية ونقل صلاحيّاتها إلى سلطات الاحتلال.
وعلى الرغم من أن أحكام هذا القانون تمثّل انتهاكاً إضافياً لميثاق الأمم المتحدّة وقراراتها الملزمة، إلا أن هناك استبعاد للإجراءات المفترضة في مثل هذه الحالة، ولا سيما تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتّحدة. ويتوقّع مراقبون أن تكتفي الدول الغربية المهيمنة على المنظّمة الدولية بإصدار بيانات التنديد بالقانون الإسرائيلي من دون اتخاذ أي إجراءات عقابية، وهو ما فعلته حتّى الآن الولايات المتّحدة وكندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وبريطانيا وغيرها… التي اكتفت بدعوة إسرائيل إلى وقف تنفيذ القانونين الجديدين، والإعراب عن «القلق البالغ»، لا سيما في ظل الوضع الإنساني الخطير جدّاً في غزة. وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن واشنطن «أوضحت لإسرائيل أنها قلقة للغاية بشأن التشريع الذي يحظر أنشطة الوكالة في قطاع غزّة، لأنها تؤدّي دوراً في تقديم مساعدات إنسانية لا يمكن تعويضها».
أنشأت الجمعية العامة للأمم المتّحدة الأونروا في العام 1949 لتقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئين الفلسطينيين المُسجّلين في منطقة عمليات الوكالة في انتظار حلّ عادل ودائم لمحنتهم. وتعمل الأونروا في الضفّة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزّة والأردن ولبنان وسوريا. وتقدّم خدماتها في مجالات التعليم والرعاية الصحّية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والحماية والبنية الأساسية لمخيّمات اللاجئين وتحسينها والمساعدات الطارئة.
وعلّق فيليب لازاريني، المفوّض العام للأونروا إن خطوة الكنيست الإسرائيلية غير مسبوقة وتشكّل سابقة خطيرة وتتعارض مع ميثاق الأمم المتّحدة وتنتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. وأضاف «هذه هي أحدث حلقة في حملة مستمرّة لتشويه سمعة الأونروا وإلغاء شرعية دورها في تقديم مساعدات وخدمات التنمية البشرية للاجئين الفلسطينيين. وإن الخطوة الاسرائيلية هي بمثابة عقاب جماعي، ولن تؤدّي إلا إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، وخصوصاً في غزة، حيث يعيش الناس منذ أكثر من عام في جحيم».
وأعرب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه العميق إزاء اعتماد الكنيست الإسرائيلي للقانونين، مشيراً إلى أن تنفيذهما «يمنعا الأونروا من مواصلة عملها الأساسي في الأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، خلافاً لقرارات الجمعية العامة للأمم المتّحدة». ودعا إسرائيل إلى «التصرّف بما يتفق مع التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتّحدة والتزاماتها الأخرى بموجب القانون الدولي، بما في ذلك بموجب القانون الإنساني الدولي وتلك المتعلّقة بامتيازات وحصانات الأمم المتّحدة»، وقال «لا يمكن للتشريعات المحلّية أن تغيّر هذه الالتزامات».
تقدّم الأونروا خدماتها لنحو 5.9 ملايين لاجىء فلسطيني، من ضمنهم نحو 1.6 ملايين لاجىء في قطاع غزّة، وأكثر من 900 ألف لاجىء في الضفة الغربية. وتتولّى تعليم أكثر من 540 ألف طفل فلسطيني في نحو 711 مدرسة، معظمها في قطاع غزّة والأردن. كما تتولّى الأونروا إدارة 141 مرفقاً صحّياً، وتقدّم مساعدات غذائية لنحو 1.8 مليون لاجىء فلسطيني، من ضمنهم 1.2 مليون في قطاع غزّة.
وتشنّ إسرائيل حملات متواصلة ضدّ الأونروا بهدف إنهاء أعمالها وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر نزع هذه الصفة عنهم، واشتدّت هذه الحملات بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عبر استهداف مقرّات الأونروا مباشرة ومراكز الإيواء والمرافق الصحّية والتعليمية التي تديرها، كما عمد جيش الاحتلال إلى إعاقة المساعدات الإنسانية التي تتولّاها الأونروا في قطاع غزّة، فضلاً عن قتل أكثر من 200 من موظّفيها في خلال سنة من الحرب، وهذه «أكبر خسارة» في صفوف العاملين في الأمم المتّحدة منذ تأسيسها في العام 1945.