
الحرب تقوّض فرص العمل في بعلبك - الهرمل والبقاع
لم تتمكّن غالبية الأسر الزراعية في 70% من البلدات الأساسية في محافظتي بعلبك-الهرمل والبقاع وغالبية الأسر غير الزراعية في 72% بلدة من العودة إلى حياتها السابقة ومعاودة أنشطتها السابقة أو الوصول الى فرص عمل جديدة. وبحسب تقرير لمبادرة «ريتش»، شكّلت الأضرار المادية وإغلاق أماكن العمل وانخفاض العمالة اليومية أبرز العوائق أمام استئناف الحياة السابقة السيئة بالأساس، ما أدّى إلى تعميق أزمة البطالة وانخفاض الدخل.
يستند تقرير مراقبة الوضع الإنساني الصادر عن مبادرة «ريتش» إلى استطلاعات جرت في الفترة الممتدّة بين 10 و20 كانون الأول/ديسمبر 2024، في 53 مدينة أو بلدة كبيرة نسبياً في محافظتي بعلبك-الهرمل والبقاع، وشملت مقابلات مع مسؤولين حكوميين وممثلين عن المنظّمات غير الحكومية ومقدّمي خدمات وغيرهم.
يحاول التقرير قياس حجم الضرر الذي أحدثه العدوان الإسرائيلي على لبنان في قطاعات الأعمال وسوق العمل في محافظتي بعلبك - الهرمل والبقاع، بعد أن فتكت هذه الحرب بالمواشي، وأضرّت الحقول والمزارع أو حوّلتها إلى خراب، وأذت المصالح وأماكن العمل أو دمّرتها بشكل كامل. وتتوافق النتائج مع المعطيات المنشورة في تقرير تقييم الأثر السريع الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كانون الثاني/يناير 2025، الذي أشار إلى تضرر 1,277 منشأة أعمال و10,496 أصلاً زراعياً، وفق مسح شمل 117 بلدية في البقاع وبعلبك-الهرمل.
يقيس تقرير «ريتش» أضرار الحرب، التي لحقت بالمصالح والأعمال في محافظتي بعلبك والبقاع، عبر ثلاث نتائج:
أولاً، إن إغلاق أماكن العمل في أثناء الحرب كان عائقاً أساسياً للعودة إلى الأعمال السابقة أو البدء بأعمال جديدة في 10 من البلدات الـ 53 في بعلبك-الهرمل والبقاع.
ثانياً، إن الأضرار المادية التي ألحقتها الحرب بالأصول وأماكن العمل كانت عائقاً أساسياً للعودة إلى الأعمال السابقة أو البدء بأعمال جديدة في 9 من هذه القرى.
ثالثاً: إن انخفاض العمالة اليومية كان عائقاً أساسياً في متابعة سبل العيش في 22 بلدة، وهو النتيجة الطبيعية لتقلّص حجم الاقتصاد نتيجة العدوان الإسرائيلي، إذ تكشف بيانات الاضاءة الليلية أن صدمة الاستهلاك في الربع الرابع من العام 2024 - فترة الحرب الموسّعة - كانت تساوي 206.3 مليون دولار في بعلبك، و809.7 مليون دولار في البقاع.
ما تداعيات توقف الأعمال في بعلبك - الهرمل والبقاع؟ بحسب إدارة الإحصاء المركزي، كانت تعاني محافظة بعلبك - الهرمل من معدّل بطالة بنسبة 40.7% في العام 2022، وهو الأعلى بين كل محافظات لبنان. أما في محافظة البقاع، فوصل معدّل البطالة إلى 35.2% وهو معدل مرتفع للغاية بكل المقاييس، لكن الحرب الإسرائيلية أتت لتستكمل عناصر الواقع المأساوي في قطاع الأعمال وسوق العمل في المحافظتين، وتزيد عدد الوظائف المفقودة، ما يؤدي بلا ريب إلى انحسار إجمالي الدخل في المحافظتين. وتشير أرقام إدارة الإحصاء الى أنه في العام 2022 كان 10.6% من الأسر في بعلبك-الهرمل و10.3% من الأسر في البقاع محرومة من أي دخل. وفي المجمل، كان نصف السكان في بعلبك الهرمل يحصلون على دخل شهري يقل عن مليونين و400 ألف ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى 58.3% من الأشخاص في محافظة البقاع.
مع تدهور الدخل وزيادة البطالة، تتباطىء جهود تعافي الأهالي من الحرب وقدرتهم على الوصول إلى الخدمات الأساسية كالغذاء والدواء والمأوى، يشير تقرير «ريتش» إلى أن الأسواق التجارية لم تكن متاحة بالنسبة إلى سكان 14 بلدة، وكان انخفاض الدخل سبباً لهذا في 11 بلدة، فضلاً عن الأضرار المادية التي لحقت بالبنية التحتية للأسواق. يشير التقرير إلى أن سكان 17 قرية لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الصحّية، وكان انخفاض الدخل سبباً لهذا في 10 منها، علماً أن العوائق شملت زيادة تكلفة خدمات الرعاية الصحّية والدواء. ويشير التقرير إلى معاناة سكان 9 بلدات من عدم القدرة على الوصول إلى المأوى، وأفادت البلديات أن انحسار الدخل وارتفاع الإيجار هو عائق في 6 بلدات.