
العام الأكثر فتكاً بالمدنيين وإسرائيل الأكثر إجراماً في العالم
يعتبر العام 2024 العام الأكثر فتكاً بالمدنيين الذين وقعوا ضحية العنف المسلّح، ولاسيما المقيمين في غزة ولبنان وأوكرانيا. وبحسب دراسة سنوية تعدّها منظّمة العمل ضدّ العنف المُسلّح (AOAV)، وهي مجموعة مراقبة بريطانية، فقد قتل وجرح ما لا يقل عن 61,353 في خلال العام 2024 بسبب العنف المسلّح، بزيادة بنسبة 67% عن العام الماضي، ووصل إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من عقد من الزمان.
تشكّل هذه الإحصاءات تعبيراً واضحاً عن العنف المُمنهج الذي تعرّض له قطاع غزة ولبنان وأوكرانيا على وجه التحديد في خلال العام الماضي، كما يعبّر عن منحى مألوف في استخدام العنف المُسلّح كوسيلة لفرض خيارات وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وقلب موازين قوى.
تستند منظمة AOAV في إحصاءاتها إلى تقارير عن حوادث العنف المسلّح في العالم منشورة باللغة الإنكليزية في نحو 400 مؤسسة إعلامية موثوقة. وهذا ما يجعل إحصاءاتها أقل بكثير من الأعداد الحقيقية للضحايا المدنيين. ومع ذلك، فإن استخدام مجموعة المراقبة للمنهجية نفسها منذ العام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن العنف المسلّح سنوياً ويعطي مؤشراً عن تزايد العنف عالمياً.
الأكثر إجراماً
تم تحديد إسرائيل على أنها الجهة الأكثر إجراماً وتسبّباً بالأذى في العام 2024. والواقع أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تسبّبت بمقتل وإصابة 55% من إجمالي عدد الضحايا المدنيين في خلال العام الماضي، وقد وصل عددهم إلى 33,910 شخص في كل من غزة ولبنان وسوريا. وهو ما يشكّل زيادة بنسبة 139% عن الضحايا المدنيين الذين قتلتهم إسرائيل وتسبّبت بإصابتهم في العام 2023 عندما كانت مسؤولة عن 39% من الضحايا المدنيين على مستوى العالم.
وتليها روسيا التي تسبّبت هجماتها على أوكرانيا في مقتل وإصابة 11,693 مدنياً، وهو ما يشكّل نحو 19% من إجمالي الضحايا المدنيين. فيما شكّلت الصراعات الدائرة في ميانمار 5% من إجمالي الضحايا في العالم، وتلك الدائرة في السودان نحو 3% من إجمالي العدد العالمي، لتشكلاً معاً نحو 8% من الضحايا، أي أقل من نصف النسبة المُسجلة في أوكرانيا.
دبّ العنف المسلّح في نحو 69 دولة ومنطقة في العام 2024، إلا أن غزة كانت المكان الأكثر تأثراً وتضرراً بالعنف، وطبعاً لم يكن ذلك مفاجئاً في ظل وحشية حرب الإبادة التي تخوضها إسرائيل ضد الفلسطينيين والفلسطينيات هناك.
بلغ عدد الضحايا المبلغ عنهم في غزة في وسائل الإعلام المُعتمدة من المنظمة نحو 39% من مجمل الضحايا المدنيين في العالم في خلال العام الماضي، ووصل عددهم إلى 14,435 شهيداً و9,314 جريحًا، بزيادة بنسبة 68% في الضحايا المدنيين المسجّلين في غزة في العام 2023.
مع ذلك، تشير إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إلى مقتل أكثر من 23,600 شخص في خلال العام 2024، وهو دليل على أن التقارير الصحافية المرصودة لا تقدّم مسحاً شاملاً. مع العلم أن تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية هي أيضاً أقل بنسبة 41% من عدد الضحايا الفعليين الذي تمكّنت دراسة أجرتها مجلة لانسيت من تحديد هوياتهم في فترة الأشهر التسعة الأولى من الحرب.
تلا قطاع غزة كلّ من أوكرانيا ولبنان علي التوالي. والواقع شهد لبنان تصعيداً كارثياً في العدوان الإسرائيلي عليه، وزاد عدد الضحايا المدنيين بسبب العنف بنسب غير عادية بلغت 8,456% مقارنة بالعام 2023. وشملت البلدان الأخرى المتضرّرة بشكل كبير السودان وميانمار.
الوسائل العنفية الأكثر فتكاً
تعتبر الغارات الجوية السبب الرئيس للوفاة والإصابة وفقاً لدراسة AOAV، إذ تضاعف عدد الضحايا بسبب الغارات الجوية إلى 30,804 بالمقارنة مع 15,150 ضحية في العام السابق، ويأتي ذلك انعكاساً للاستخدام المكثّف للقوة الجوية من قبل إسرائيل تحديداً. والواقع أن المستوى الأعلى السابق من استخدام الغارات الجوّية سجّل في ذروة الحرب الأهلية السورية وفي خلال الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بين عامي 2013 و2017، ومع ذلك كانت الأرقام أقل من نصف مستوى العام الماضي.
وتشمل الاتجاهات البارزة الأخرى زيادة بنسبة 355% في استخدام القنابل التي يتم إسقاطها جواً، وخصوصاً في أوكرانيا وميانمار. وبالمقارنة بما كانت عليه الحال قبل عقد من الزمان، زادت الغارات الجوية بنسبة 1175%، في حين ارتفعت الخسائر المدنية من مثل هذه الهجمات بنسبة 1145%.
برزت الصواريخ، كثاني أكثر أنواع الأسلحة فتكاً، إذ زادت الخسائر المدنية بنسبة 46%، وأتى ذلك نتيجة استخدام روسيا المكثف لهذا النوع من الأسلحة ضدّ أهداف في أوكرانيا. إلى ذلك، انخفض عدد استخدام العبوات الناسفة بنسبة 27%، ولكن ارتفعت الخسائر الناجمة عن استخدام هذه الأسلحة بنسبة 167%.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتنظيم استخدامها، وخاصة في المناطق المأهولة بالسكان، تظهر البيانات أن الأسلحة المتفجّرة لا تزال تدمر السكان المدنيين على نطاق غير مسبوق.