جوزيف ضاهر

تسود الآمال بمستقبل أفضل بين قطاعات واسعة من الشعب السوري بعد سقوط حكم الأسد. ومع ذلك، تحوم تحديات كثيرة حول المستقبل.

تتلخّص مهمّة القوى اليسارية التقدّمية في المنطقة في بناء استراتيجية تقوم على الصراع الطبقي من الأسفل، وهذا يتطلّب معارضة تحالف القوى الغربية مع إسرائيل، ومعارضة القوى الاستبدادية الإقليمية، وهذه الاستراتيجية هي الوحيدة لتحرير الطبقات العاملة في الشرق الأوسط من الأنظمة التي تدعمها القوى الإمبريالية.

تعود جذور الاحتجاجات في سوريا إلى طبيعة النظام السوري وممارساته وسياساته النيوليبرالية، إلا أن الشرارة وراء التظاهرات الأخيرة مرتبطة بالقرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة، وأدّت إلى تدهور إضافي في الظروف المعيشية.

يأتي التطبيع مع النظام السوري كنتاج لتحوّلات السياسة الخارجية للسعودية، ولكنّها لم تترافق مع أي تنازلات حقيقية من دمشق فيما يتعلّق بعودة اللاجئين ومسار الدمقرطة باستثناء اتخاذ بعض الإجراءات ضدّ تهريب الكابتغون.

عانت السيرورة الثورية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من سلسلة من الهزائم والنكسات بعد بداية واعدة في العام 2011، وفي حين كانت الأنظمة القديمة ولا تزال تشكّل التهديد الرئيسي للانتفاضات، إلّا أنه لا يجب إغفال دور الحركات الأصولية الإسلامية كثورة مضادة.

نعيش في مرحلة تشبه مرحلة صعود «الفاشية» إلى السلطة بين الحربين العالميتين. ولكن مع فارق مهمّ عن بداية العشرينيات من القرن الماضي، فقد كان لدى الناس التي تناضل أفق وهو ثورة أكتوبر 1917. أمّا اليوم فلا يوجد أفق مشترك، وإذا لم نستطع رسم هذا الأفق، لن يكون للنضال ضدّ الفاشية أي تأثير. تُعبّر ستيفاني بريزيوسو في مقابلتها مع «موقع صفر» عن شعورها بأنّنا نفقد الفرصة، إذ يوجد غضب طبقي ولكنّه من دون وعي طبقي، وينتهي بتغذية اليمين المتطرّف.

يتحدّث المهندس الزراعي والمناضل البيئي، دانيال تانورو، عن الكوارث المناخية المُحدقة بالبشرية ربطاً بالنشاط الرأسمالي الممتدّ منذ أكثر من قرنين، والذي لا يزال يتحكّم بمصير البشر، ولا سيّما الأكثر هشاشة وفقراً. بالنسبة لتانورو هناك حراك يحصل في المجمع العلمي المعني بدراسات المناخ ولكنّه غير كافٍ لمواجهة التراكم الرأسمالي والحدّ منه، بل يجب أن يتضافر مع الراديكالية الشبابية التي تبرز في بلدان العالم لتحثّ النقابات العمّالية على التحرّك حول رؤى عالمية ومقاربات اجتماعية تنقذ الكوكب.

لعب استخدام الولاءات السياسية والزبائنية والطائفية والقبلية والتمييز الإثني والمناطقي دوراً رئيسياً في تقسيم القوى العاملة والمجتمع السوري عموماً، وتعزيز قوّة النظام الذي استخدم هذه العوامل لترسيخ سلطته والسيطرة على المجتمع وضمان تراكم رأس المال. يحاول هذا المقال الإحاطة بالأسباب التي منعت نشوء حركة عمّالية أثناء الانتفاضة وبعدها.