Preview ليس فقط ماكدونالدز شركات التكنولوجيا الفائقة  تخشى من المقاطعة أيضاً

ليس فقط ماكدونالدز
شركات التكنولوجيا الفائقة تخشى من المقاطعة أيضاً

«ليس فقط ماكدونالدز: شركات التكنولوجيا الفائقة أيضاً تخشى من المقاطعة، وتضيف قسماً تحذيرياً في تقاريرها»، هكذا كان عنوان مقال نشر أخيراً في غلوبز، صحيفة الأعمال الإسرائيلية المشهورة، تشير فيه إلى تأثير الحرب والمقاطعة على الشركات الإسرائيلية، التي تمارس عملياتها على نطاق عالمي، ولا سيما تلك العاملة في قطاع التكنولوجيا المتقدّمة، إذ قامت هذه الشركات بإضافة قسم تحذيري في تقاريرها، تنذر فيه من تصعيد محتمل في الرأي العام ضد إسرائيل، ما قد يؤثر على سلوك العملاء إلى حد مقاطعة الشركات أو المنتجات الاسرائيلية، حتى من قبل الدول.

في الوقت الذي ضجّ فيه الإعلام بنجاح حملات المقاطعة في التأثير على ماكدونالدز العالمية، وإجبار شركة ألونيال على بيع امتيازها في إسرائيل للشركة الأم، تحاول شركات التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية التكتم على تأثير المقاطعة على خططها المستقبلية، وتلجأ إلى تحجيم تداول الإعلام بالأمر قدر الإمكان، إلا أنها اضطرت طبعاً إلى إعلام المستثمرين في الأسواق الخارجية في شأن مخاوفها. 

من بين هذه الشركات القلقة: سولار إدج، ونانو دايمنشن، ونوفا، وسكوديكس، وأوتبراين، وويكس، سيزرستون، وأوديوكودز، وأورمات، وتابولا، وغلوبال إي، وليموند، وفيرونيس، وأوديتي تيك.

يشير مقال غلوبز إلى شركة سولار إدج، التي يتم تداولها في بورصة ناسداك، وهي متخصّصة في صناعة أنظمة الطاقة المتجدّدة المعتمدة في أكثر من 140 دولة، إذ أوردت في تقريرها التحذير التالي: «منذ بداية الحرب مع حماس، أصبحنا ندرك الضغوط التي تمارس على عملائنا من أجل عدم التعامل معنا بسبب ارتباطنا بإسرائيل، وإذا ازدادت هذه الضغوط، فقد تؤثّر على علاقتنا مع الموردين والعملاء، ما قد يؤثر بدوره سلباً على سمعتنا أو نتائج عملياتنا أو وضعنا المالي».

وجاء في التقرير السنوي الموجز لشركة نانو دايمنشن: «في الماضي، تعرّضت دولة إسرائيل والشركات الإسرائيلية للمقاطعة الاقتصادية. ولا يزال عدداً من الدول يقيّد الأعمال التجارية بهذا المعنى (...) قد يكون لهذا آثار سلبية على نتائجنا التشغيلية أو وضعنا المالي أو توسّع أعمالنا. ستُشن ضد إسرائيل حملة مقاطعة وفرض عقوبات، الأمر الذي قد يؤثر علينا أيضاً سلباً».

أما شركة «نوفا»، الرائدة في مجال صناعة أشباه الموصلات، فتقول في تقريرها: «ازدادت جهود الدول والنشطاء والمنظّمات لحمل الشركات والمستهلكين على مقاطعة المنتجات والخدمات الإسرائيلية... هناك تخوف من أن توقف الشركات والمؤسسات التجارية بعض العلاقات التجارية مع الشركات الإسرائيلية بعد قرار محكمة العدل الدولية».

وكتبت شركة «سكوديكس» المتداولة أسهمها في بورصة تل أبيب: أن «تدهور الوضع الأمني ​​أو تغييرات كبيرة في الدولة في إسرائيل، قد يؤدي إلى تغيير في المشاعر تجاه الشركات الإسرائيلية ويؤدي أيضاً إلى انخفاض الطلب والاستهلاك». 

وتوضح ميلي بيتسور فارنيس، المديرة التنفيذية ومالكة شركة تيفن الاستشارية، أنه «مع بداية الحرب بدأت الأصوات تُسمع في جميع أنحاء العالم لمقاطعة إسرائيل، والتكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية على وجه الخصوص، والآن نشهد ارتفاع هذه الأصوات (...) حتى أن الشركات العالمية التي تبيع منتجاتها في إسرائيل، مثل إستي لودر وماكدونالدز، قد تعرّضت لخسارة في المبيعات، كوسيلة للضغط عليها للمغادرة».

هذا موضوع مصيري بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، فقد استحوذ قطاع التكنولوجيا الفائقة على 18.1% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في العام 2022، ما يجعله أكبر قطاع لجهة المساهمة في الناتج الاقتصادي، وقد نما إنتاجه بأكثر من الضعف في خلال عقد من الزمن، ليصل إلى 290 مليار شيكل في العام 2022. وفي العام نفسه، استحوذ قطاع التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلي على 48.3% من إجمالي صادرات إسرائيل، والتي بلغت 71 مليار دولار، علماً أن 14% من العاملين في الكيان المحتل يشغلون وظائف لها علاقة بالتكنولوجيا بشكل مباشر أو غير مباشر.

تأتي تقارير شركات التكنولوجيا في وقت بدأت بعض الصناديق العالمية تسحب استثماراتها في شركات ومؤسسات إسرائيلية. مؤخراً، أعلن صندوق الثروة النرويجي، أحد أكبر الهيئات الاستثمارية في العالم، برأسمال يقدّر بنحو 1.6 تريليون دولار، أنه «يعيد النظر» في استثماراته في 9  شركات إسرائيلية عقب الحرب على غزة. أيضاً، سيسحب صندوق الاستثمار السيادي الأيرلندي، الذي تبلغ قيمته 15 مليار يورو، استثماراته من 6 شركات إسرائيلية، بسبب أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي شركة رامي ليفي وخمسة بنوك: هبوعليم، لئومي، ديسكونت، مزراحي تفاحوت وفيرست إنترناشيونال. من جهة أخرى، تنقل الفاينانشال تايمز أن إدارة بايدن تضع خططاً للمطالبة بوضع علامة واضحة على البضائع المنتجة في المستوطنات اليهودية في الضفّة الغربية المحتلة، تشير الى أنها آتية من هناك، حيث يعد هذا الأمر علامة أخرى على استياء البيت الأبيض من حكومة بنيامين نتنياهو.

يقول البروفيسور إيال وينتر، من قسم الاقتصاد في الجامعة العبرية، إن الهدف هو دفع إسرائيل إلى النظر في الاعتبار الاقتصادي، والتوصل إلى استنتاج مفاده أن الحرب يجب أن تتوقّف. فصورة إسرائيل في العالم: «إننا في أدنى مستوياتنا التاريخية، وهناك رأي عام مناهض للغاية لإسرائيل نتيجة للحرب (...) هناك دول تقارننا بجنوب أفريقيا، التي كادت أن تنهار اقتصادياً في الثمانينيات. نحن لسنا دولة فصل عنصري، ولكن في العديد من البلدان يُنظر إلينا على هذا النحو. وهذا قد يؤدي إلى سلسلة من الإجراءات المماثلة التي من شأنها أن تضعنا في موقف حرج. الوضع صعب للغاية اقتصادياً».

 بالفعل، لم يكن العام 2023 عاماً سهلاً بالنسبة لصناعة التكنولوجيا الإسرائيلية. وتكشف البيانات أن مجمل الاستثمارات في الربع الأخير من العام 2023 بلغ نحو 1.7 مليار دولار، وبلغ في الربع الأول من هذا العام نحو 1.6 مليار. وتظهر هذه البيانات انخفاضاً بنحو 31% في الاستثمارات بالمقارنة مع الربعين السابقين للحرب، وانخفاضاً بنسبة 34% بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، أي الربع الأخير من العام 2022 والربع الأول من العام 2023. ولم تتمكن سوى 80 شركة فقط من جمع رأس المال بطريقة «تقليدية»، أي من صناديق رأس المال الاستثماري، في ظل الحرب.

وبحسب البيانات، فقد حدث في أشهر الحرب انخفاض بنحو 23% في عدد الكيانات الاستثمارية الأجنبية العاملة في إسرائيل، مقارنة بالأشهر الستة التي سبقت الحرب. وفيما يتعلق بالكيانات الاستثمارية الإسرائيلية، فقد سجّلت انخفاضاً أكبر يصل إلى حوالى 30% بالمقارنة مع نصف العام الذي سبق الحرب.

يقول أوري غاباي، الرئيس التنفيذي لـ RISE Israel، إن «الحرب أدّت إلى تفاقم أزمة التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية، والتي بدأت مع التباطؤ العالمي وتعمّقت مع عدم الاستقرار المحلي. وتشير البيانات إلى استقرار عند مستويات منخفضة للغاية أعادت التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية سنوات إلى الوراء، مع زيادة الاعتماد على الشركات الفردية التي تجمع رأس مال كبير. ومن بين العلامات الرئيسية المثيرة للقلق: الضرر الكبير الذي لحق بصورة إسرائيل، كما ينعكس في انخفاض المعنويات بين العمال والمستثمرين في قطاع التكنولوجيا العالمي بعد عملية طوفان الأقصى. إذ أن التكنولوجيا المتقدّمة الإسرائيلية تعتمد إلى حد كبير على الاستثمارات الأجنبية، وكلما زاد خوف المستثمرين الأجانب من الاستثمار في إسرائيل قد يتدهور الوضع إلى نقطة منخفضة سيكون من الصعب التعافي منها.