Preview التطبيع مع إسرائيل

تطبيع دولة المراقبة

في 3 شباط/فبراير 2023، أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية في مؤتمر «سايبرتك» المنعقد في تل أبيب عن توسيع اتفاقيات أبراهام، وأن تشمل اتفاقيات التطبيع اتفاقاً يتعلق بالأمن السيبراني بين إسرائيل والبحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة.

وقد وصف وكيل وزارة الأمن الداخلي الأميركي روبرت سيلفرز الاتفاقية الموسعة بأنها تمثل «جزءاً من التاريخ الدبلوماسي، وجزءاً من تاريخ الأمن السيبراني، وفرصةً رائعة لتعميق الشراكة الأمنية». وأعاد في كلمته التذكير باتفاقيات العام 2020 الأساسية، التي رُوّجَ لها باعتبارها تقدُّماً تاريخياً في مسار تحقيق السلام والرخاء والاستقرار في المنطقة. 

لكن بعد انقضاء ثلاث سنوات على إبرامها، لم تجلب اتفاقيات أبراهام لا السلام ولا الأمن. بل على العكس من ذلك، قادَ الاتفاق إلى تطبيع الاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين، وتوسيع السيطرة الاستبدادية إقليمياً. وتحقق ذلك جزئياً عن طريقِ إضفاء الطابع الرسمي على قنوات التعاون العسكري والاستخباراتي السرية التي كانت قائمة بالفعل بين الدول الموقّعة.

ومن المرجّح أن تُسفر هذه الغزوة المشتركة في مجال الأمن السيبراني عن موجةٍ جديدة من القمع القائم على التكنولوجيا والعابر للحدود باسم الأمن القومي. جمعت اتفاقيات ابراهام الأولى بين أحد أكبر مُصدِّري برامج التجسس في العالم وبين البلدان المعروفة باساءة استخدام الأسلحة السيبرانية وتقنيات المراقبة. ويسهّل التوسيع الأخير للاتفاقية - الذي يفتقر إلى الشفافية والمساءلة والرقابة - العمليات المتعلقة بنقل تقنيات المراقبة والمعرفة عبر سائر أنحاء المنطقة، مما سينتج عنها المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.

التعاون في مجال الأمن السيبراني بين إسرائيل والدول العربية

بعد التوقيع على اتفاقيات ابراهام في 15 أيلول/سبتمبر 2020، تحرّكت إسرائيل والدول العربية المعنية (الإمارات العربية المتحدة والبحرين باديء الأمر) في اتجاه تعزيز تعاونها الأمني والعسكري عبر عددٍ من الاتفاقيات الدبلوماسية الثنائية.

في شباط/فبراير من عام 2022، وقعت كل من إسرائيل والبحرين اتفاقية تعاونٍ أمني، هي الأولى من نوعها بين إسرائيل ودولة خليجية. وقد هدفت الاتفاقية إلى تعزيز التعاون ضمن المجالات العسكرية والصناعية والاستخباراتية على نطاقٍ واسع.

 لم تجلب اتفاقيات أبراهام لا السلام ولا الأمن. بل على العكس من ذلك، قادَ الاتفاق إلى تطبيع الاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين، وتوسيع السيطرة الاستبدادية إقليمياً

وبعد مرور ما يقرب من عام، قام المفوض العام للشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي بزيارة رسمية إلى الإمارات بقصدِ تعزيز التعاون الأمني بين البلدين. وقد تولّت وحدة الشؤون الخارجية في الشرطة الإسرائيلية التنسيق لهذه الزيارة. والتقى شبتاي في خلالها بكبار المسؤولين في وزارة الداخلية الإماراتية وقادة قوات الشرطة في أبو ظبي ودبي، والجدير بالذكر أن كلتا القوتين تمارسان التعذيب والتجاوزات بحق المعتقلين. وبحسب التقارير التي صدرت آنذاك، كان من المُقرّر تعيين مسؤول من الشرطة الإسرائيلية في منصبٍ دائم في السفارة الإسرائيلية لدى الإمارات العربية المتحدة من أجل الاضطلاع بالتنسيق بين «أنشطة الشرطة في الإمارات العربية المتحدة، وأفريقيا، والشرق الأوسط».

ووقّعت المغرب اتفاقية أمنية مماثلة مع إسرائيل في العام 2021، ثم أصبحت أول طرفٍ بين الأطراف الموقّعة على اتفاقيات ابراهام يبادر إلى توقيع اتفاقية ثنائية للدفاع السيبراني، في العام نفسه. وتوسَّع التعاون الأمني بين الدولتين ليشمل الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية في كانون الثاني/يناير 2023. وفي المقابل، اعترفت إسرائيل رسمياً بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في تموز/يوليو، وتمّ تعيين أول ملحق عسكري إسرائيلي في المغرب.

بعد إبرام اتفاقيات التطبيع في العام 2020، شهد الاستثمار في تكنولوجيا الأمن السيبراني الإسرائيلي انتعاشاً كبيراً. ووفق إدارة الإنترنت الوطنية الإسرائيلية، جنَتْ صناعة الإنترنت الإسرائيلية ما يقرب من 8.8 مليار دولار عبر أكثر من 100 صفقة في العام 2021، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف المبلغ الذي كسبته عن العام السابق. ربما لم تؤدِ اتفاقيات أبراهام مباشرة إلى هذه الزيادة، إلا أنها فتحت الأبواب بلا ريب أمام شركات الإنترنت الإسرائيلية الحريصة على اقتحام أسواق الخليج ذات الطلب المرتفع. وبالفعل، وصلت التجارة بين إسرائيل والإمارات العربية وحدها إلى 2 مليار دولار في العام 2020، وهي وثبةٌ كبيرة قياساً إلى 250 مليون دولار سنوياً قبل التطبيع.

على سبيل المثال، شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدّمة، وهي شركة إسرائيلية تأسّست في الأصل لتطوير الأسلحة والتقنيات العسكرية الخاصة بالجيش الإسرائيلي، وتقوم الآن بتصديرها إلى الخارج. فهي تترّأس منذ العام 2021 اتحاد شركات الأمن السيبراني الإسرائيلية في دبي للمساعدة في تأمين العقود مع الإمارات العربية المتحدة.

وفي العام نفسه، قامت شركة الإلكترونيات الدفاعية الإسرائيلية «إلبيت سيستمز»- المشهورة بدورها في عسكرة الحدود في كل من أوروبا والولايات المتحدة - بإنشاء فرعاً لها في الإمارات العربية المتّحدة. وفي العام التالي، حصلت على عَقدٍ عام بقيمة 53 مليون دولار لتزويد القوّات الجوية الإماراتية بأنظمة دفاعية. وفي المقابل، استثمر صندوق الثروة السيادية في أبو ظبي، شركة «مبادلة» للاستثمار، ما يصل إلى 20 مليون دولار في سِتٍّ من شركات رأس المال الاستثماري التابعة لقطاع التكنولوجيا في إسرائيل.

وبالإضافة إلى الاتفاقات الثنائية، شارك الموقعون على اتفاقيات ابراهام في اجتماعات استراتيجية وتدريبات مشتركة للأمن السيبراني. ففي العام 2021، على سبيل المثال، شارك المغرب في محاكاة لهجوم الأمن السيبراني نظمته الإدارة الوطنية للأمن السيبراني في جناحها المقام في معرض إكسبو 2020 في دبي. وقدّمت إسرائيل العون إلى الإمارات العربية المتّحدة في التصدّي لهجمات هائلة تهدف إلى حجب الخدمة. وفي العام 2022، عقد قادة الأمن السيبراني من المغرب وإسرائيل والإمارات العربية المتّحدة والبحرين المؤتمر السيبراني الإقليمي الأول في البحرين لمناقشة الاستراتيجيات الدفاعية والتعاون في مواجهة «الأعداء المشتركين» في الشرق الأوسط.

القليل من العوائق، الكثير من المراقبة

في العام 2016، أعلنت أبوظبي بكل فخر عن إطلاق نظام مراقبة جديد على مستوى الإمارة، يسمى «عين الصقر». بيد أن الإمارة لم تُفصح عن العلاقة التي تربط نظام المراقبة الشامل بإسرائيل. وقد اضطلعت شركة الاستشارات السويسرية AGT International، وهي الشركة التي يترأسها عميل المخابرات الإسرائيلية السابق موتي كوتشافي، بإبرام العقد الخاص بنظام المراقبة. وفي العام 2008، بعد حصولها على عَقد المراقبة المربح الأول من الإمارات العربية المتحدة، أفادت التقارير عن قيام الشركة الإسرائيلية بنقل عشرات المهندسين من إسرائيل إلى أبوظبي أسبوعياً على متن طائرة مستأجرة لا تحمل أية علامات.

إن غياب العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية قبل التطبيع لم يمنع بيع ونقل برامج التجسّس وتقنيات المراقبة الإسرائيلية إلى هذه الأنظمة الاستبدادية. لسنواتٍ عدة، كانت كل من البحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة عملاء لمجموعة NSO السيبرانية الإسرائيلية، وقد استخدمت برنامج التجسس «بيغاسوس» من أجل اختراق الصحافيين والناشطين والمعارضين السياسيين الموجودين في الداخل وفي المنفى.

بعد إبرام اتفاقيات التطبيع في العام 2020، جنَتْ صناعة الإنترنت الإسرائيلية ما يقرب من 8.8 مليار دولار عبر أكثر من 100 صفقة في العام 2021، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف المبلغ الذي كسبته عن العام السابق

وفي استطاعة جهاز استخراج الأدلة الجنائية العالمي (UFED)، الذي تنتجه شركة سيليبريت الإسرائيلية الرائدة المتخصّصة في تكنولوجيا اختراق الهواتف المحمولة، أن يخترق الهاتف المحمول ويستخرج جميع بياناته، بما في ذلك سجّلات المكالمات والرسائل النصّية القصيرة وسجل التصفّح. وقد استُخدمت هذه التقنية في البحرين لاختراق هاتف الناشط السياسي محمد السنكيس، الذي اعتُقل في العام 2013 وعُذّب وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات. وبحسب الوثائق التي نشرتها مؤسسة The Intercept، تضمنت الأدلة التي استُخدمت ضده في خلال المحاكمة، التي جُمعت بواسطة برمجية سيليبريت نحو 20 صفحة من محادثاته الخاصة التي أجراها عبر تطبيق واتساب.

ومع إضفاء الطابع الرسمي على الاتفاقيات الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين إسرائيل والدول العربية، زالت العوائق التي تَحوُل دون تصدير وبيع تقنيات المراقبة الإسرائيلية لتلك الأنظمة. وبينما أشارت بعض التقارير إلى احتمالية تعامل الإمارات العربية المتحدة مع شركة سيليبرَيت في وقتٍ مبكر من العام 2011 عن طريق وزارة الداخلية، وقّعت الشركة في العام 2020 عقداً بقيمة 3 ملايين دولار مع وكالة حكومية في أبو ظبي.

بعبارة بسيطة، تُسهّل اتفاقيات ابراهام على بائعي برامج التجسّس القيام بعملهم. ويمكن العثور على مثال آخر يتجسّد في الشركة الإسرائيلية الإماراتية المشتركة Black Wall Global المتخصّصة في التبادل السِّري للأسلحة السيبرانية بين إسرائيل والدول التي لا يسعها التعامل مع الحكومة أو الشركات الإسرائيلية بصورةٍ رسمية. ويضم مجلس إدارتها عبد الله باقر – الرئيس المشارك لمجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي في دبي – إلى جانب مجموعة من قدامى المحاربين من عملاء المخابرات الإسرائيلية وعلماء الكمبيوتر، ومن بينهم عميل الشاباك السابق آشر بن أرتسي الذي يتولى في مجلس الإدارة منصب رئيس.

وبعد إبرام اتفاقية التطبيع، راحت الشركة تزهو جهراً بدورها في تعزيز صناعة الدفاع السيبراني في المنطقة بأسرها. وعلى حد تعبير باقر: «هناك الكثير من الدول التي لا تسمح للشركات الإسرائيلية بإنشاء متاجر لها. في وسعهم القدوم إلى الإمارات العربية المتحدة، والدخول في شراكة مع شركة إماراتية، وممارسة أنشطتها كشركة إماراتية».

نقل المعرفة

فضلاً عن بيع تقنيات المراقبة للأنظمة العربية الاستبدادية، تسهّل اتفاقيات الأمن السيبراني نقل المعرفة الخطيرة وبناء القدرات. وتطمح الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص إلى إنتاج تقنيات المراقبة محلياً، وقد سعت في الماضي إلى الاستعانة بضباطٍ سابقين في الجيش والمخابرات الإسرائيلية والأميركية لهذا الغرض.

ومع إضفاء الطابع الرسمي على الاتفاقيات الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين إسرائيل والدول العربية، زالت العوائق التي تَحوُل دون تصدير وبيع تقنيات المراقبة الإسرائيلية لتلك الأنظمة

بعد توقيع اتفاقية التطبيع مباشرة، قامت شركة التكنولوجيا (G42) ومقرها أبوظبي بتأسيس شركة تابعة لها في إسرائيل، مما يجعلها الشركة الإماراتية الأولى التي تُنشئ فرعاً لها في إسرائيل. ويرأس مجموعة الـ42 مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان. ووفقاً لتقارير وكالة أسوشيتد برس، كانت الشركة هي المساهم المسجل الوحيد في تطبيق الهاتف المحمول للمراسلة والفيديو والمكالمات الصوتية، ToTok، الذي ظهر في العام 2019. رُوّج له باعتباره تطبيق مراسلة «سريع وآمن»، وتم تنزيله ملايين المّرات. إلا أنه وبعد أشهر فقط من إطلاقه، قامت شركتيْ غوغل وآبل بحذفه من متْجريهما، وذلك على إثر التحقيق الذي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، الذي كشف عن أن التطبيق ليس إلا أداة مراقبة «تستخدمها حكومة الإمارات العربية المتحدة لمحاولة تتبع كل محادثة وحركة وعلاقة وموعد وصوت وصورة للمستخدم الذي يقوم بتنزيله».

علاوة على ذلك، كان الرئيس التنفيذي لشركة G42، بينغ شياو، يشغل سابقاً منصب الرئيس التنفيذي لشركة بيغاسوس، وهي قسم من شركة المراقبة الإماراتية DarkMatter (يجب عدم الخلط بينه وبين برنامج التجسّس الإسرائيلي NSO الذي يحمل نفس الاسم). ومن بين عدد من أعمال القمع العابرة للحدود، تورّطت شركة DarkMatter في التجسّس على المدافعة السعودية البارزة عن حقوق الإنسان، لجين الهذلول، واستأجرت مسؤولين سابقين في وكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي بغرض التجسّس على الأجانب والمعارضين والمعارضين السياسيين.

كما قامت إدارة المشاريع في الإمارات العربية المتّحدة بإنشاء شركة مشتركة وأكاديمية دفاعية للأمن السيبراني بالشراكة مع زمرة من رجال الأعمال الإسرائيليين الذين خدموا سابقاً في منظومة الاستخبارات ووحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي، الوحدة 8200.

وقد بدأت بعض هذه التعاونات تؤتي ثمارها بالفعل. ففي شباط/فبراير 2023، كشفت الإمارات وإسرائيل عن قيامهمَا معاً بإنتاج أول سفينة من دون ملاّح، تحتوي على أجهزة استشعار وأنظمة تصوير متقدّمة ويمكن استخدامها للمراقبة والاستطلاع والكشف عن الألغام. كما تعمل شركات الدفاع الإماراتية والإسرائيلية على تطوير نظامٍ خاص مضاد للطائرات من دون طيار، مما يثير تساؤلات عن طبيعة شركات أو أدوات المراقبة الجديدة التي سوف تظهر في المستقبل.

دور الولايات المتّحدة في القمع العابر للحدود

عندما سُئل عن تاريخ المراقبة في دولة الإمارات العربية المتّحدة بعد الإعلان عن صفقة الأمن السيبراني الجديدة، أجاب وكيل الوزارة سيلفرز: «حين تعترينا المخاوف، فإننا نبادر إلى إجراء محادثات شفافة». ومع ذلك، يستلزم تنظيم ومحاسبة صناعة المراقبة الجامحة والسرية القيام باتخاذ جملة من الإجراءات أكثر صرامةً وحزماً من مجرد «المحادثات الشفافة».

تُسهّل اتفاقيات ابراهام على بائعي برامج التجسّس القيام بعملهم. ويمكن العثور على مثال في شركة Black Wall Global الإسرائيلية الإماراتية المشتركة المتخصّصة في التبادل السِّري للأسلحة السيبرانية بين إسرائيل والدول التي لا يسعها التعامل معها رسمياً

وعلى الرغم من الخطوات الموفقة التي اتُخذت في سبيل مكافحة برامج التجسّس - التي تضمّنت إدراج شركتي برمجة التجسّس الإسرائيليتين NSO Group وCandiru على القائمة السوداء نظراً للدور الذي يؤدّياه في تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان والقمع العابر للحدود - فقد غضّت واشنطن الطرف تاريخياً ومنهجياً عن انتهاكات حقوق الإنسان، والحق أنها أعانت حلفاؤها المقربون على انتهاك حقوق الإنسان. تستمر الولايات المتحدة في مدّ الاحتلال العسكري الإسرائيلي بنحو 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية سنوياً، هذا الاحتلال الذي يستخدم العديد من تقنيات المراقبة الإسرائيلية، بما في ذلك التقنيات الخاصة بمجموعة NSO.

وفي أعقاب قيام الولايات المتحدة بإدراج مجموعة NSO على القائمة السوداء، زعمت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها ألغت ترخيص التصدير الممنوح للشركة إلى العديد من البلدان المدانة بانتهاك حقوق الإنسان. وبحسب التقارير التي صدرت مؤخراً، حُرمت مجموعة NSO من الحصول على الترخيص اللازم لتجديد عقدها مع المغرب.

ولكن، بالنظر إلى الأواصر العميقة التي تربط بين السيبرانيين الإسرائيليين والأنظمة الاستبدادية - حتى قبل التوقيع على اتفاقيات أبراهام - فهناك الكثير من الأسباب التي تدعو للشك في صدق اكتراث الحكومة الإسرائيلية بانتهاكات الحكومة المغربية لحقوق الإنسان. والحق أن توقيت التراجع يشير إلى أن قلق إسرائيل متعلق بإمكانية نشوب أزمة دبلوماسية: ففي العام 2021، تمّ الكشف عن امتلاك المغرب لأرقام هواتف تخصّ كبار المسؤولين الفرنسيين، ومن بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعدد قليل من أعضاء حكومته، ضمن قائمة الأهداف.

الآن، وفي ظل قيام الولايات المتّحدة بإدراج الأمن السيبراني ضمن اتفاقيات ابراهام، من العسير تخيل ما الذي سيمنع الدول الاستبدادية من امتلاك أدوات المراقبة ومن إساءة استخدامها. وبالنظر إلى تاريخ الموقّعين في المراقبة السيبرانية والتجسّس على الصحافيين والمعارضين السياسيين - ناهيك عن انتعاش تجارة التكنولوجيا السيبرانية والاستثمار بين إسرائيل والمغرب والبحرين والإمارات العربية المتحدة - فمن المرجح أن تؤدي اتفاقية الأمن السيبراني إلى تعزيز القمع العابر للحدود، بذريعة الحفاظ على الأمن الوطني ومحاربة الإرهاب.

نشر هذا المقال في MERIP في خريف 2023.