

كيف تُغيِّرُ ألعاب الفيديو العالم
مراجعة لكتاب ماريام ديد «كلّ شيء يُلعَبُ من أجلِه»، الذي يقدّم تحليلاً حاداً وشاملاً لعالم ألعاب الفيديو، ويكشف عن ارتباطه العميق بأنظمة العمل الرأسمالية وقضايا الاستعمار والعنف والتمييز. من تاريخ الحوسبة وتمثيل النساء إلى استغلال العمالة العالمية، يناقش الكتاب كيف تُصبح الألعاب منصّات للنشاط السياسي وأدوات لفهم النظام الاجتماعي القائم. ويعد الكتاب ثرياً إذ يفتح نقاشاً ضرورياً عن إمكانات ألعاب الفيديو في إحداث التغيير الجذري.
تنتشر ألعاب الفيديو في كلّ مكان. بالنسبة إلى مثل هذا الشكل الشائع من الوسائط، يعدّ كتاب ماريام ديد مقدمة طال انتظارها عن سياسات الألعاب وإمكاناتها الجذرية. يُقدِّم كتاب «كلّ شيء يُلعَبُ من أجلِه» موجزاً توضيحياً يسهّل فهم الموضوع، فهو عبارة عن أجزاء متنوّعة: رسالة حبّ للوسيط، وتدخّل نظري، وجدل قوي ضد بعض من أكثر المشكلات إلحاحاً في ألعاب الفيديو. أسلوب ديد في الكتابة ثاقب ومتعدّد الأبعاد، مع وجود لمحات تشبه السيرة الذاتية بين الحين والآخر.
في البداية، توضح ديد حجّتها لاستخدام مصطلح «لعبة فيديو» بشكل مختلف عن التعريف الوارد في قاموس أكسفورد الإنكليزي.1 تستخدم هذه المراجعة الصياغة التي اعتمدتها ديد، وحجّتها القائلة إن ألعاب الفيديو «تتجاوز بكثير مجرّد كونها مرتبطة بالفيديو في تقنيتها، وأكثر بكثير من مجرّد كونها ألعاب في محتواها». يقدّم الفصل الأول سرداً تاريخياً لتطوّر الحوسبة، ويحلّل مسألة إقصاء النساء، ولاسيما النساء السود، ويربطها بالميسوجينية (كراهية أو ازدراء النساء) المستمرة في ألعاب الفيديو، من قِبل المستهلكين (اللاعبين) أو المطوّرين على السواء. وهذا التركيز مهم، لأنه يعالج مسألة التمثيل من منظور مناهض للرأسمالية – أي كقضية عمّالية وكعملية إخفاء للاستغلال الرأسمالي. بالإضافة إلى ذلك، فإن انهيار 1983-1985 يُعدّ حدثاً رئيساً في ترسيخ ألعاب الفيديو كسلع موجّهة بشكل شبه حصري للمستهلكين الذكور.2 وبالاستناد إلى عمل الصحافية تريسي لين، تشير ديد إلى أن الانهيار كان مرتبطاً بشركات ألعاب، مثل أتاري، التي أغلقت مصانعها في كاليفورنيا وليمريك لاستغلال اليد العاملة الرخيصة في هونغ كونغ وتايوان. وتواصل ديد تسليط الضوء على ألعاب الفيديو كوسائط معقّدة لها تاريخها الخاص في الإنتاج، وبالتالي مكانتها ضمن سلسلة القيمة العالمية في النظام الرأسمالي.3 وهذا بدوره يؤكّد على ضرورة أخذ ألعاب الفيديو على محمل الجد كمراكز حيوية لصراعات عمّالية محدّدة وسلاسل عالمية للإنتاج والاستخراج والتجارة. كما يتناول الفصل المتعلّق بالتاريخ هيمنة ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول في التسعينيات،4 واستمالة هذا النوع الناشئ للجهات الفاعلة الحكومية. إذ تُشير إلى أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنفقت 150 مليون دولار أميركي في العام 1999 وحده على الألعاب ذات الطابع العسكري (ص. 50). ومن الأمثلة الواضحة على ذلك لعبة America’s Army التي صدرت في العام 2002، ووصفتها وزارة الدفاع بأنها أداة اتصال استراتيجية تهدف بشكل صريح إلى التجنيد في الجيش الأميركي، مع ميزانية تسويقية بلغت 50 مليون دولار أميركي.
يعرّف قاموس أكسفورد الإنكليزي ألعاب الفيديو على أنها تُلعب على جهاز كمبيوتر أو منصة ألعاب، وتتضمن عرضاً مرئياً على الشاشة، وعادةً ما تتضمن رسومات وصوتاً، وتتطلب تفاعل اللاعب عبر وحدات تحكم أو أجهزة إدخال أخرى. وتشمل مجموعة متنوعة من الأنواع، مثل ألعاب تقمص الأدوار (Role-playing)، وألعاب المحاكاة (Simulation)، وألعاب الحركة (Action)، وغيرها. (المترجم)
هذا الانهيار الذي وقع بين عامي 1983 و1985 كان محصوراً في قطاع صناعة ألعاب الفيديو، ويُعرف أيضاً بـ «صدمة أتاري». (المترجم)
سلسلة القيمة العالمية، وتتضمّن جميع عناصر ومراحل إنتاج السلع والخدمات، ويقتضي وجودها سلسلة توريد عالمية. (المترجم)
ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول (المترجم)
وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنفقت 150 مليون دولار أميركي في العام 1999 وحده على الألعاب ذات الطابع العسكري
في الفصل التالي، تتفحّص ديد العلاقة الإشكالية بين إطلاق النار في المدارس وألعاب الفيديو، مع أمثلة مثل لعبة تقمّص الأدوار «Super Columbine Massacre RPG!».5 وتستعرض ديد المعايير المزدوجة في تعامل البيئة الثقافية الأوسع مع ألعاب الفيديو باعتبارها منتجاً حضارياً أقل شأناً، نادراً ما يحظى بمثل الإشادة النقدية التي تُمنح للأفلام السينمائية، مثل الإشادة الواسعة التي حظي بها فيلم «الفيل» للمخرج غاس فان سانت. ثم تتصدّى ديد لمشاكل العنف وكراهية النساء والاستعمار في ألعاب الفيديو، وتتطرّق في الوقت نفسه إلى مسألة ماهية اللعبة السياسية، والمشاكل المتصلة بالسعي لتوجيه السرديات السياسية. وتشدّد على أن العنف غالباً ما يأتي من المجتمعات التي ينتمي اللاعبون إليها، لا من الألعاب نفسها. وتطرَح إشكالية تمثيل النساء في ألعاب الفيديو في سياق التركيز على الشخصيات النسائية المنخرطة في المساعي الاستعمارية (مثل لارا كروفت في سلسلة «Tomb Raider»)، أو التجسّس والإمبريالية (مثل تشون لي في سلسلة «Street Fighter»)، أو كضحايا للعنف (مثل سلسلة «Life is Strange»). ترفض ديد معالجة تمثيل النساء بشكل خالٍ من النقد، وتطرح باستمرار الجدال المهم عن كون ألعاب الفيديو وسائط معقّدة ومتداخلة في مجتمعات وممارسات متعدّدة. لكن العنف في ألعاب الفيديو يطرح إشكالية أخرى أيضاً، إذ تتراوح الأمثلة من كونه نموذجاً للمنافسة إلى رسالة سياسية تهدف إلى التنفيس عن غضب اللاعب من خلال وضعه في خضم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين (Under Ash, 2001 كمثال). وفي الوقت نفسه، ترفض ديد اعتبار ألعاب الفيديو حافزاً أكيداً للعنف، بل ممارسات رمزية معقّدة تُولّد ثقافات فرعية خاصة بها وتخلق معنىً فريداً.
Super Columbine Massacre RPG، هي لعبة فيديو تقمص أدوار مثيرة للجدل صدرت في العام 2005. تُعيد اللعبة تمثيل حادثة إطلاق النار في مدرسة كولومبين الثانوية في العام 1999 في كولورادو. يتولى اللاعبون دور المسلحين إريك هاريس وديلان كليبولد، ويمثلون المذبحة، مع لقطات استرجاعية تروي أجزاءً من تجارب هاريس وكليبولد الماضية. (المترجم)
هذا بدوره يُمهّد للفصل التالي الذي يُركّز على مجتمعات الألعاب، إذ تستعرض ديد الكثير من الأمثلة على اللاعبين الذين يتعاملون مع العوالم الافتراضية كعوالم اجتماعية كاملة. تشمل الأمثلة ألعاب تقمّص الأدوار الجماعية مثل لعبة World of Warcraft وتأثير نظام توزيع الغنائم فيها على آليات التوزيع الاقتصادي التي تتجلّى داخل منظومات التحالف في ألعاب الفيديو. وتشمل الأمثلة الأخرى الانتفاضات الافتراضية في لعبة Ultima Online واستخدام تكتيكات المقاطعة. على سبيل المثال، Hogwarts Legacy هي لعبة حركة وتقمّص الأدوار صدرت في العام 2023، تدور أحداثها في عالم هاري بوتر، وتتمحور قصتها حول محاربة انتفاضة العفاريت (Goblins). أثار هذا الأمر، إلى جانب الانتقادات الموجهة للكاتبة جي كي رولينغ لاستخدامها الاستعارات المعادية للسامية في تصوير العفاريت،6 بالإضافة إلى الترنسفوبيا (رهاب المثلية) الصريحة التي أبدتها، جدلاً كبيراً ودفع الكثير من اللاعبين إلى مقاطعة اللعبة. وهذا شيءٌ مهم، لأنه يُثبت الأهمية السياسية لألعاب الفيديو في تحفيز الفعل السياسي، بينما يُظهِر أيضاً تمايزاً عن تكتيك اليمين المهيمن المتمثل في نشر المراجعات السلبية بشكلٍ تكراري وعشوائي – وهو جهدٌ ممنهج لخفض درجات تقييم أي لعبة. يلخّص الكتاب بشكلٍ مدهش أشكال المعارضة التي تبرز في عوالم الألعاب: «إن الـ Gamergater أقرب إلى مثير شغب في حادثة اقتحام مبنى الكابيتول في العام 2021 منه إلى لاعب ناهب في لعبة Ultima Online، الذي هو أقرب إلى مثير شغب في توتنهام في العام 2011 ومتظاهر مناهض للفاشية» (ص. 117).7 ويتضمن الفصل أيضاً أمثلة على اللاعبين كعملاء (على سبيل المثال، الضغط القصير8 من «غايم ستوب»)9 وكنشطاء (على سبيل المثال، تواجَه شبكات النيونازيين في لعبة Minecraft بمشاريع تشاركية واسعة النطاق تسعى إلى الدفاع عن حرية الصحافة). في المحصلة، تُجيد ديد توضيح الطرق المتعدّدة التي تشكّل فيها ألعاب الفيديو مساحات للتعبير السياسي. ومع ذلك، فهي لا تنسى أبداً أن توضح الطرق التي غالباً ما تعتمدها عوالم الألعاب الحالية لاستغلال العمل غير المادي.
جي كي رولينغ هي مؤلفة سلسلة روايات هاري بوتر. (المترجم)
Gamergater أي المشارك في حملة Gamergate الإلكترونية، وهي حملة تحرش واسعة النطاق، مناهضة للنسوية والتنوع والتقدمية في ثقافة ألعاب الفيديو، وقد شُنّت باستخدام وسم #Gamergate بشكل رئيسي في عامي 2014 و2015. (المترجم)
الضغط القصير هو ظاهرة تحدث عندما تفشل شركات البيع على المكشوف الكبيرة في تحقيق هدف التخفيض الإضافي لأسعار أصول معينة كانت قيمتها قد بدأت بالتراجع، عبر بيعها في السوق بدلاً من الاحتفاظ بها، فترتفع أسعار تلك الأصول بشكل حاد يعاكس رغبة تلك الشركات. (المترجم)
غايم ستوب (GameStop) هو سلسلة متاجر أميركية ضخمة متخصصة في بيع ألعاب الفيديو والإلكترونيات الاستهلاكية والألعاب، وهي تعتبر من أكبر تجار التجزئة لألعاب الفيديو في العالم. (المترجم)
تطرَح إشكالية تمثيل النساء في ألعاب الفيديو في سياق التركيز على الشخصيات النسائية المنخرطة في المساعي الاستعمارية أو التجسّس والإمبريالية أو كضحايا للعنف
في الفصل الرابع، تستكشف ديد مكانة ألعاب الفيديو كعامل مؤثر في التغيير الاجتماعي. وتطرح السؤال من منظور الفعالية: كيف تُساهم ألعاب الفيديو في تقويض أو تحدّي النظام الاجتماعي القائم والمشكلات الناتجة عنه؟ لفعل ذلك، تتعامل ديد مع ألعاب الفيديو باعتبارها فناً معاصراً، وتستند إلى مجموعة من المصادر، مثل عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو، وتقوم بإجراء مقارنات مع القيّمة (أو المشرفة) الفنية السويدية ماريا ليند. وتشمل المقارنات الأخرى العمل المُركّب «حقل القمح» (1982) لأغنيس دينيس، و«عبادة الأوثان» (2007) للورا كيبل، و«المراقبة عن كثب» لبيلفي تاكالا الذي أقيم في بينالي البندقية (2022). يتعامل هذا الفصل مع الألعاب كمواد فنية حقيقية، وبذلك يُشبّهها بمشاريع فنية مبهرة تحجب استغلال العمال وتُعزّز مكانة الفنان وثروته المادية. كما تتناول ديد أمثلة على ألعاب فيديو تشكل امتداداً للفن السياسي (مثل Papers, Please or You are Jeff Bezos, 2018). وهذا ما يستثير السؤال المفتوح عن كيف تبدو ألعاب الفيديو التي هي أكثر من مجرد تعبير سياسي. ينتهي الفصل بشكل مؤثر باستدعاء متشائم لثيودور دبليو أدورنو عن مسألة الترفيه – «ألعاب الفيديو تعبيرٌ كلاسيكي عن أسلوب العمل الرأسمالي» (ص. 176). تؤكّد ديد مراراً وتكراراً على تمايزٍ مهم – إن تفكيك سرديات الألعاب يمكن أن يذهب بنا إلى حدٍ معين، والأهم من ذلك هو فهم الوسيط (التفاعلي) كمواقع متعددة الطبقات ومترابطة عالمياً للصراع. تكمن أهمية هذا الجدال في أنه يجعلنا نفكر فيما هو أبعد من تمثيل القضايا في وسائل الإعلام، ونعالج بأسلوب نقدي الأنظمة التي تسمح بإثراء الفنانين ومطوري الألعاب لبناء سمعتهم كمبدعين واعين اجتماعياً من دون فعل شيء يتحدى الحقائق التي يمثلونها في أعمالهم.
يركز الفصل الأخير على كيفية صنع ألعاب الفيديو. تناقش ديد هيمنة محركات الألعاب مثل Unreal وUnity، بينما تغطي أيضاً ظروف العمل في ألعاب AAA.10 لا تُهمَل مسألة ممارسات العمل الاستغلالية مثل الضغط النفسي (Crunch)،11 ولكن ديد خصصت أيضاً لحظة للتأكيد على أن العنصرية والتمييز على أساس الجنس، إلى جانب أشكال التمييز الأخرى، من الأسباب المهمة لتدهور ظروف العمل. وهناك جانبٌ آخر يتعلق بعمليات التسريح القسرية المفاجئة والجماعية للعمال، والتي حدث عدد منها منذ نشر الكتاب. تواصل ديد تقديم حجتها في جميع أجزاء الكتاب، مع الانتباه إلى هامش الاقتصاد المتعلق بإنتاج واستهلاك الألعاب في أوروبا الغربية. على سبيل المثال، تسلط الضوء على عمل ضمان الجودة باعتباره مدخلاً إلى المهنة، بالإضافة إلى كونه شيئاً يميل إلى أن يكون مستعاناً به من مصادر خارجية في أوروبا الشرقية والجنوب العالمي. يشير التركيز على ظروف العمل إلى تنامي أهمية النقابات تحت مظلة «يا عمال الألعاب اتحدوا».12 بعد صناعة ألعاب الفيديو، تُحوّل ديد انتباهها إلى التنسيق،13 أو نشر ألعاب الفيديو. يوضح هذا القسم العلاقة بين المطورين والناشرين، بالإضافة إلى نمط الاندماج للشركات الكبرى التي تختار النشر الذاتي. كما تذكر ديد منصات التوزيع مثل Epic وSteam، مُتطرقة إلى ملكيتها وعمولاتها الباهظة (حيث تحصل Steam على 30% من إيرادات أول 10 ملايين دولار من المبيعات). ويغطي القسم الذي يليه مدى انتشار ألعاب الفيديو، حيث تُعدّ الرياضات الإلكترونية14 مثالاً بارزاً مع ما يترافق معها من مخاطر الفساد والمحسوبية واستخدام المنشطات.
مصطلح AAA في صناعة ألعاب الفيديو يشير إلى تصنيف يُستخدم للدلالة على ميزانيتها المرتفعة، إذ عادةً ما تُنتجها وتُوزّعها شركات صناعة ألعاب كبيرة ومعروفة. غالباً ما تُصنّف هذه الألعاب ضمن Blockbusters (أو الألعاب الرائجة) نظراً لشعبيتها الواسعة. (المترجم)
مصطلح Crunch في صناعة ألعاب الفيديو يعبر عن ممارسة عمل ضارة، إذ يُجبر العمال على العمل لساعات إضافية. يحدث هذا عادةً عندما لا يُمكن تأجيل موعد إطلاق لعبة ما. ولا يتعلق الأمر بالإفراط في العمل المُنضبط، بل بفائض العمل المُستمر وما يترتب عليه من عواقب إنسانية. (المترجم)
Game Workers Unite هي منظمة حقوقية عمالية تأسست في آذار/مارس 2018، يديرها عمال في قطاع ألعاب الفيديو وتسعى إلى تنظيم صناعة ألعاب الفيديو. وقد نمت المنظمة لتشمل أكثر من ألف عضو عبر أكثر من 20 فرعاً دولياً، وهدفها هو إنشاء نقابة موحدة. (المترجم)
يشير التنسيق (Curation) في ألعاب الفيديو إلى عملية اختيار وتنظيم وتقديم محتوى الألعاب، سواء كانت الألعاب نفسها أو الوسائط المرتبطة بها أو المحتوى الذي ينشئه المستخدمون. (المترجم)
الرياضات الإلكترونية Esports المعروفة أيضاً باسم الألعاب التنافسية، وغالباً ما تتخذ شكل مسابقات ألعاب فيديو منظمة ومتعددة اللاعبين، تُلعب فردياً أو كفرق، وخصوصاً بين اللاعبين المحترفين. (المترجم)
ديد تضع ألعاب الفيديو بوضوح كنقطة محورية في الشبكة العالمية للإمبريالية، على الرغم من أنها تبدو وكأنها تستخدم المصطلح نفسه كبديل للاستعمار العسكري فقط
بين الحين والآخر، تُخصص ديد لحظات قصيرة لكي تعارض التطويرات الرأسمالية المفرطة التي تنتقدها، مستخدمة صوراً لما يُمكن أن يصبح مختلفاً. أحد الأمثلة على ذلك يأتي في هذا القسم، حيث تستحضر صورة قاعات الكومبيوتر في جامعات أوروبا الشرقية، التي تُربَط فيها الأجهزة عبر شبكة محلية (LAN)، كمساحاتٍ للمجتمع وإمكاناتٍ جذرية لعالمٍ بديلٍ لألعاب الفيديو. في القسم الأخير من الفصل، تُسلِّط ديد الضوء على المشكلة الناجمة عن النفايات التي تصاحب هذا النطاق الواسع من الإنتاج والاستهلاك. وتُسلّط الضوء أيضاً على آثار هذه الدورة الإنتاجية، خصوصاً فيما يتعلق بالجنوب العالمي، مع أمثلةٍ مثل أنشطة التعدين الاستخراجية في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ومن الجوانب التي غالباً ما يُقلّل من شأنها في صناعة ألعاب الفيديو، ليس النفايات المُنتَجة فحسب، بل أيضاً استهلاك الطاقة التي تتضمنها عملية الإنتاج. تميل مقاربة ديد العامة إلى الاتساع أكثر من العمق. وعلى الرغم من أن هذا لا يُعَدُّ عائقاً، ويتناغم مع الأهداف المفترضة للكتاب، إلا أن هناك الكثير من الفرص لربط هذه القضية بمجموعاتٍ أوسع من الأدبيات. ومن الأمثلة على ذلك، أن ديد تضع ألعاب الفيديو بوضوح كنقطة محورية في الشبكة العالمية للإمبريالية، على الرغم من أنها تبدو وكأنها تستخدم المصطلح نفسه كبديل للاستعمار العسكري فقط.
ينتهي الكتاب بالفصل المعنون ببراعة «الزعيم النهائي: الخاتمة». تطرح ديد تساؤلاً عن شمولية الرأسمالية العالمية في شكل لعبة فيديو – أي كيف يتم إنتاجها. ومن خلال ذلك، تطرح السؤال المهم التالي عن كيفية تصوّر إنتاج ألعاب الفيديو بالنسبة لمطوري الألعاب المنظّمين بشكل مختلف عن النموذج الاستغلالي السائد. وتجادل ديد بأن هناك «جوانب كثيرة يجب تفكيكها، وتوضيحها، وإحداث ثورة فيها» (ص. 233). يصور كتاب «كل شيء يُلعَبُ من أجلِه» بشكل قوي ألعاب الفيديو كمرآة للسياق الاجتماعي الذي تُنتَج فيه وتُختار وتُختبَر وتُشارَك. ويمثل الكتاب تحدياً مفتوحاً للسياسات الراديكالية من خلال تسليط الضوء على الطرق المتعددة التي تُشكِّل بها الألعاب، وألعاب الفيديو، واللاعبون جبهة للنضال من أجل مستقبل أفضل.
نُشِر هذا المقال في 31 آذار/مارس 2025 في Marx & Philosophy Review of Books بموجب رخصة المشاع الإبداعي.
- 1
يعرّف قاموس أكسفورد الإنكليزي ألعاب الفيديو على أنها تُلعب على جهاز كمبيوتر أو منصة ألعاب، وتتضمن عرضاً مرئياً على الشاشة، وعادةً ما تتضمن رسومات وصوتاً، وتتطلب تفاعل اللاعب عبر وحدات تحكم أو أجهزة إدخال أخرى. وتشمل مجموعة متنوعة من الأنواع، مثل ألعاب تقمص الأدوار (Role-playing)، وألعاب المحاكاة (Simulation)، وألعاب الحركة (Action)، وغيرها. (المترجم)
- 2
هذا الانهيار الذي وقع بين عامي 1983 و1985 كان محصوراً في قطاع صناعة ألعاب الفيديو، ويُعرف أيضاً بـ «صدمة أتاري». (المترجم)
- 3
سلسلة القيمة العالمية، وتتضمّن جميع عناصر ومراحل إنتاج السلع والخدمات، ويقتضي وجودها سلسلة توريد عالمية. (المترجم)
- 4
ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول (المترجم)
- 5
Super Columbine Massacre RPG، هي لعبة فيديو تقمص أدوار مثيرة للجدل صدرت في العام 2005. تُعيد اللعبة تمثيل حادثة إطلاق النار في مدرسة كولومبين الثانوية في العام 1999 في كولورادو. يتولى اللاعبون دور المسلحين إريك هاريس وديلان كليبولد، ويمثلون المذبحة، مع لقطات استرجاعية تروي أجزاءً من تجارب هاريس وكليبولد الماضية. (المترجم)
- 6
جي كي رولينغ هي مؤلفة سلسلة روايات هاري بوتر. (المترجم)
- 7
Gamergater أي المشارك في حملة Gamergate الإلكترونية، وهي حملة تحرش واسعة النطاق، مناهضة للنسوية والتنوع والتقدمية في ثقافة ألعاب الفيديو، وقد شُنّت باستخدام وسم #Gamergate بشكل رئيسي في عامي 2014 و2015. (المترجم)
- 8
الضغط القصير هو ظاهرة تحدث عندما تفشل شركات البيع على المكشوف الكبيرة في تحقيق هدف التخفيض الإضافي لأسعار أصول معينة كانت قيمتها قد بدأت بالتراجع، عبر بيعها في السوق بدلاً من الاحتفاظ بها، فترتفع أسعار تلك الأصول بشكل حاد يعاكس رغبة تلك الشركات. (المترجم)
- 9
غايم ستوب (GameStop) هو سلسلة متاجر أميركية ضخمة متخصصة في بيع ألعاب الفيديو والإلكترونيات الاستهلاكية والألعاب، وهي تعتبر من أكبر تجار التجزئة لألعاب الفيديو في العالم. (المترجم)
- 10
مصطلح AAA في صناعة ألعاب الفيديو يشير إلى تصنيف يُستخدم للدلالة على ميزانيتها المرتفعة، إذ عادةً ما تُنتجها وتُوزّعها شركات صناعة ألعاب كبيرة ومعروفة. غالباً ما تُصنّف هذه الألعاب ضمن Blockbusters (أو الألعاب الرائجة) نظراً لشعبيتها الواسعة. (المترجم)
- 11
مصطلح Crunch في صناعة ألعاب الفيديو يعبر عن ممارسة عمل ضارة، إذ يُجبر العمال على العمل لساعات إضافية. يحدث هذا عادةً عندما لا يُمكن تأجيل موعد إطلاق لعبة ما. ولا يتعلق الأمر بالإفراط في العمل المُنضبط، بل بفائض العمل المُستمر وما يترتب عليه من عواقب إنسانية. (المترجم)
- 12
Game Workers Unite هي منظمة حقوقية عمالية تأسست في آذار/مارس 2018، يديرها عمال في قطاع ألعاب الفيديو وتسعى إلى تنظيم صناعة ألعاب الفيديو. وقد نمت المنظمة لتشمل أكثر من ألف عضو عبر أكثر من 20 فرعاً دولياً، وهدفها هو إنشاء نقابة موحدة. (المترجم)
- 13
يشير التنسيق (Curation) في ألعاب الفيديو إلى عملية اختيار وتنظيم وتقديم محتوى الألعاب، سواء كانت الألعاب نفسها أو الوسائط المرتبطة بها أو المحتوى الذي ينشئه المستخدمون. (المترجم)
- 14
الرياضات الإلكترونية Esports المعروفة أيضاً باسم الألعاب التنافسية، وغالباً ما تتخذ شكل مسابقات ألعاب فيديو منظمة ومتعددة اللاعبين، تُلعب فردياً أو كفرق، وخصوصاً بين اللاعبين المحترفين. (المترجم)